إيفان كليما، أحد أهم كتّاب جمهورية التشيك، وهو كاتب يعرف على المستوى العالمي من خلال أعماله الروائية المتميزة ومنها «الحب والنفايات» و«قاضي يتم استجوابه» و«أيام البهيجة» و«الحميمية المطلقة».
أثناء زيارته الأخيرة لبريطانيا ضمن جولة شملت الولايات المتحدة وبريطانيا للترويج لآخر أعماله الروائية «لا قديسون ولا ملائكة» (التي صدرت منها طبعتان باللغة الانجليزية في كل من لندن ونيويورك) أجرت معه مجلة «آرتس وورلد» هذا الحوار الذي دار حول كتابه الجديد وحول توجهاته الجديدة وتقييمه للأوضاع الحالية في جمهورية التشيك.
في «لا قديسون ولا ملائكة» جان ابنة كرسينا فتاة في الخامسة عشرة كما أنها مدمنة مخدرات في الوقت ذاته، هل واجهت صعوبة في جعلها تتحدث عن نفسها؟
هذا يعتمد على التجربة الشخصية وأنا واحد من الذين توجد في عائلاتهم حالات مماثلة فأنا جد لفتاة كانت قد تورطت في مشكلة الإدمان هذه، وعاشت في الواقع في أحد مراكز اعادة التأهيل التي يعالج فيها المدمنون، واستمر ذلك لمدة عام كامل، وقد قدمت لي مذكراتها لأقرأها، وكنت أستشيرها فيما يتعلق باللغة التي يستخدمها الشباب في هذه المرحلة، كنت صديقاً لها ولعدد من أصدقائها وكنت أقوم بزيارتهم هناك. وفي الوقت ذاته لاحظت رفض ابنتي وزوجها لابنتهما وعدم قبولهما بالأمر الواقع. لقد لاحظت أنها كانت تسرق نقودهما وأنهما لم يصدقا ذلك في البداية، وكانا يجدان لها الأعذار، لكنهما وبمجرد أن تكشفت لهما الحقيقة أسرعا بإرسالها إلى المصحة وهي من أفضل مراكز التأهيل الموجودة لدينا وهذه الفتاة قد شفيت الآن.
إن غالبية شخصياتي مأخوذة من الواقع. وأنا أفضل ان تكون كذلك مع بعض التغيير في تفاصيل حياتها.
قولك بأن جان مدمنة مخدرات وانها كانت تكذب وتسرق وتشعر بأن لا جدوى في الحياة هل يعكس بعض المشكلات التي ظهرت في جمهورية التشيك منذ سنة 1989؟
هذه من المشكلات المستديمة في عدد كبير من دول العالم وبعضها يظهر كمؤشر الى حالة التردي في القيم الدينية وإلى ضعف الايمان لقد أمضيت وقتاً طويلاً في الولايات المتحدة ومع ان الناس يبدون متدينين في ظاهرهم الا انهم غير مؤمنين بشكل عميق وهذا ما يظهر في شخصياتهم فبينما هم يعبرون عن الإيمان بكلامهم تجد أن هذا الشيء ومن جانب آخر لا يظهر في سلوكهم.
إن أزمة الدين ترتبط بشكل واضح بالمرحلة التي نعيشها الآن وبما نملكه من معلومات عن هذا الكون وبفهمنا المعاصر لإشكالية الزمن. ومن الصعب بمكان أن تتصور الآن أن روح الإنسان تخلد إلى الأبد. هذا هو التصور الجديد للإنسان في هذا الكون حيث يسود الاعتقاد بقصر الحياة وبناء عليه الشعور بالخواء واليأس وهو ما نراه مجسداً في طريقة حياتنا في نزعتنا الاستهلاكية في إفراطنا في البحث عن المتعة إلخ.. ومع ذلك فإن هذا الخواء ليس هو النهاية إذ ما زال امامنا الكثير من الوقت من أجل العمل على ايجاد معنى للحياة.
عنوان روايتك هو «لا قديسون ولا ملائكة» هل يعني اختيارك هذا العنوان أن علينا أن نهتم بأنفسنا ونستثمرها بشكل يعطي للحياة معنى؟
لا… هذه العبارة تستخدم مرتين، في المرة الأولى تستخدمها إحدى الشخصيات التي تقوم بمعالجة كرسينا نفسياً بنصحها بعدم توقع حدوث معجزة لأننا بشر ولأننا كلنا نخطئ في آن واحد. وفي المرة الثانية تستخدم في نهاية الرواية تقريباً عندما تدخل كرسينا ومعها جان كنيسة فتكتشفان أن لا أحد فيها لا قديسون ولا ملائكة، ولا شيء سوى إحساس قوي قريب من الإيمان شديد الارتباط بروحهما وبعلاقتهما التي بدأ بنيانها على الثقة المتبادلة.
والواقع أنني لا أحب على الإطلاق أن أربط بين أعمالي الروائية وبين أي معنى فلسفي عظيم.
إنهم يصفونك بقولهم إنك واحد من آخر من بقوا من مفكري منطقة وسط أوروبا، فكرة وسط أوروبا كثقافة أو كيان ثقافي أدبي، هل ما زالت قائمة الى الآن؟
إنني أرفض حتى مجرد الاعتراف بأنها ظهرت في وقت من الأوقات! كما أنني بمقارنتي بين كتّاب منطقة وسط أوروبا وبين الكتّاب البريطانيين كنت أسعى للإشارة إلى أن هذه الارتباطات والخصائص المشتركة كانت موجودة خارج منطقة وسط أوروبا.
أنا أريد أن أقول فقط إنني صنع تجاربي الخاصة التي ترتبط بمنطقة وسط أوروبا، وحتى الكتّاب الذين يتكلمون الألمانية هنا في التشيك هم متأثرون أكثر بالثقافة الفرنسية كما انهم متأثرون أيضاً بالكتّاب الروس من أمثال تولستوي وديستويفسكي وتشيكوف الذين هم بدورهم متأثرون بالثقافة الفرنسية، ومع ذلك فهم نتاج تجربتهم الروسية.