لبؤات الأطلس يغادرن المونديال برؤوس مرفوعة

مغامرة تتوقف، لكن ليس الحلم

 

لئن كانت مغامرة المنتخب الوطني المغربي للسيدات في كأس العالم للعبة، المقامة بأستراليا ونيوزيلاندا، انتهت، أول أمس الثلاثاء، في دور ثمن النهاية، عقب هزيمته أمام نظيره الفرنسي بأربعة أهداف لصفر، فقد تمكن من انتزاع احترام وإعجاب الجميع في أول مشاركة له في هذا المحفل الكبير لكرة القدم العالمية.
وستظل مشاركة لبؤات الأطلس في هذه الكأس راسخة إلى الأبد في الذاكرة الجماعية للمغاربة، باعتبارها ملحمة ملهمة، حيث مكنت المملكة من الدخول بشكل متميز إلى نادي الأمم الكبيرة في كرة القدم النسائية.وعلى الرغم من أن زميلات العميدة غزلان الشباك لم يتمكن من تجاوز عتبة دور الـ16، فإنهن غادرن المنافسة برؤوس مرفوعة بعدما بصمن، بكل شجاعة وإقدام، على مسار مشرف جدا خلال هذه المنافسة العالمية. وسيحتفظ التاريخ، بكثير من التقدير والإعجاب، أنهن كتبن أسماءهن بأحرف من ذهب في سجلات كرة القدم العالمية، بعدما نجحن في تحقيق إنجاز مزدوج، وغير مسبوق، وآمن في مواهبهن وقدراتهن إلى آخر نفس وإلى أقصى حدود الحلم. وبفضل إنجازهن، يحق للمغرب أن يفتخر بكونه أول بلد عربي وشمال إفريقي يتأهل إلى كأس العالم للسيدات، ويتخطى مرحلة المجموعات.
صحيح أن المغامرة المثيرة للبؤات الأطلس في كأس العالم قد انتهت، لكن المغرب يخرج منها مرفوع الرأس، بعدما حقق اختراقا مذهلا بفضل عمل طويل الأمد وجهود متواصلة مطبوعة بالجدية ونكران الذات والتضحية، وذلك تماشيا مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
يعكس الإنجاز المتميز المحقق أمام منتخبات من العيار الثقيل، مثل كوريا الجنوبية وكولومبيا، اللذين يحتلان، على التوالي، المركزين 17 و 25 في تصنيف الفيفا، من جهة، على الصعود السريع لكرة القدم المغربية، ومن جهة أخرى، على إرادة لبؤات الأطلس في انتزاع احترام منافساتهن، وكذا إلهام الأجيال الصاعدة لفرض نفسها في المجال الرياضي، ورفع سقف الطموحات من أجل بلوغ النجاح. وبهذا الأداء المذهل، الذي تحقق بفضل رباطة الجأش، أصبحت لبؤات الأطلس مصدر إلهام للرياضيات المغربيات الشابات، اللواتي يحق لهن أن يحلمن، وينمين شغفهن بالمستديرة من أجل رفع العلم الوطني في أعرق وأكبر المحافل الدولية.
وتمثل ملحمة لبؤات الأطلس المفعمة بالدلالات بداية فصل جديد بالنسبة لكرة القدم الوطنية النسائية. وقد عرف إنجازهن، الذي يشكل مصدر فخر للأمة جمعاء، والذي جاء مخالفا لكافة التكهنات، كيف ينتزع إعجاب الخصوم والأصدقاء، على حد سواء، ليجسد بذلك العبقرية المغربية بنون النسوة، في أبهى تجلياتها. وعلى غرار الإنجاز الذي حققه أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، أثبتت لبؤات الأطلس، مرة أخرى، أن المستحيل ليس مغربيا، وأنه «على قدر أهل العزم تأتي العزائم».
فخر واحترام لـ»لبؤات الأطلس» في المغرب رغم الإقصاء
رغم خروجهن من ثمن نهائي مونديال السيدات بعد هزيمة قاسية أمام فرنسا 0-4 الثلاثاء أديليد بأستراليا، خلقت سيدات المنتخب المغربي شعورا «بالفخر» و»الاحترام»، خلال تلك المغامرة الأولى من نوعها عربيا .
استطاعت «لبؤات الأطلس» خلق المفاجأة بتأهلهن إلى ثمن النهائي في أول مشاركة لهن بالمونديال، وهو ما غذى شغف وآمال الجماهير ووسائل الإعلام المحلية. ورغم الهزيمة الثقيلة الثلاثاء، تقول ريم بن لغماري «إنه فخر لنا أن نصل إلى هذا المستوى من المنافسة، مسارهن إنجاز في حد ذاته».وتضيف الطالبة (24 عاما ) لوكالة فرانس برس بعيد انتهاء المباراة في أحد مقاهي الدار البيضاء «إنها رياضة يسيطر عليها الرجال تقليديا، لكنهن أثبتن أن للنساء أيضا مكانتهن فيها».
وتجمع مشجعون في هذا المقهى الواقع في وسط العاصمة الاقتصادية للمغرب صباح يوم صيفي ساخن، على أمل تكرار اللحظات المجنونة التي عاشتها الجماهير المغربية أواخر العام الماضي مع ملحمة منتخب الرجال في مونديال قطر. لكن الصدفة شاءت أن تنتهي مغامرة «لبؤات الأطلس» على يد فرنسا في ثمن النهائي، كما انتهت مغامرة «الأسود» في نصف النهائي بقطر على يد «الديوك»، لتتراجع الحماسة مع توالي أهداف الفرنسيات.
بمعزل عن إحباط الإقصاء، يقول المشجع يونس واشمي (37 عاما ) «أشعر بكثير من الاحترام إزاء ما استطعن إنجازه.. ما يزال أمامهن الكثير من العمل هذا مؤكد، لكنها أول مشاركة لهن في المونديال». واعتبر تأهل سيدات المغرب لثمن النهائي نجاحا فعليا في مشواره بالمسابقة، فهي أول نهائيات كأس عالم للسيدات يخضنها في تاريخهن.
رغم الصفعة الكبيرة التي وجهتها سيدات ألمانيا بالفوز على «لبؤات الأطلس» افتتاحا بسداسية نظيفة، استطعن العودة للمنافسة بانتصارين على كوريا الجنوبية (1-0) وكولومبيا بالنتيجة ذاتها.
اكتست المواجهة أمام فرنسا طابعا خاصا ، حيث أن مدرب المنتخب المغربي هو اللاعب الدولي الفرنسي سابقا رينالد بيدروس. بينما يقود المنتخب الفرنسي المدرب السابق لـ»أسود الأطلس» هيرفيه رونار، فضلا عن الروابط الوثيقة بين البلدين. كما جاءت أيضا في سياق توتر دبلوماسي مستمر بين باريس والرباط منذ أشهر بسبب خلافات عدة، أبرزها ضغط الأخيرة من أجل موقف فرنسي أكثر تأييدا للمغرب في النزاع حول الصحراء الغربية. يضاف إلى ذلك الجدل الذي أثارته تعليقات فرنسية ضد ارتداء اللاعبة المغربية نهيلة بنزينة الحجاب، في سابقة مونديالية، على مواقع التواصل الاجتماعي.
نجحت المغربيات في خطف قلوب الجماهير وإذكاء شغف المولعين بالكرة. وهو الشغف الذي بدأ منذ تحقيقهن مفاجأة الوصول إلى نهائي بطولة أمم إفريقيا التي أقيمت في المملكة العام الماضي، رغم الهزيمة أمام جنوب إفريقيا 1-2، في نهائي حطم رقما قياسيا من حيث إقبال الجماهير على مباراة لكرة القدم النسوية.
وتتذكر الصحافية المغربية عزيزة نايت سيباها الإقبال الكبير على مباريات المغرب في تلك البطولة «كان الملعب يمتلئ بنحو 50 ألف متفرج، وهو أمر غير مسبوق».وترى الصحافية التي أسست موقعا متخصصا في الرياضة النسوية، أن هؤلاء اللاعبات «يغيرن العقليات في بلدهن، إنه أمر استثنائي».
وتستطرد: «بفضل اللبؤات، فهم المغرب أن الكرة مثل كل الرياضات الأخرى لا جنس لها».
فخارج رقعة الملاعب استطاع المنتخب المغربي تحطيم بعض الأفكار النمطية، التي لا تزال صامدة، إزاء مكانة المرأة في الفضاء العام. وهو ما تؤكده الطالبة الشابة غيثة بدير (23 عاما ) قائلة «لقد نجحن في تكسير الأفكار المسبقة حول كرة القدم النسائية»، معربة عن «تأثرها» بالنموذج الذي تمثله بالنسبة إليها لاعبات المنتخب.
وعمل الاتحاد المغربي لكرة القدم منذ ثلاثة أعوام على تطوير كرة القدم النسائية من خلال استراتيجية طموحة، لدعم الأندية والتكوين. إضافة إلى إنشاء بطولة احترافية من قسمين، يلتزم أعضاؤها وهم 42 ناديا في المجموع، بتوفير فرق للفئات العمرية الصغرى لأقل من 15 و17 عاما .
وتعرب لمغاري عن أملها في المستقبل قائلة إن «المنتخب النسائي صنع التاريخ، وهو أمر ليس هينا . الآن المستقبل أمامه، هذا ما يجب أن نستخلص» من مغامرة المونديال.
ميري كريمو¡áÇÚÈ ÇáãäÊÎÈ ÇáæØäí ÇáÓÇÈÞ: حق للبؤات الأطلس أن يفخرن بمسارهن في المونديال
قال اللاعب المغربي الدولي السابق، عبد الكريم ميري، الملقب بـ «كريمو»، أول الثلاثاء، إنه من حق لبؤات الأطلس أن يفخرن بالمسار الذي بصمن عليه خلال النسخة التاسعة من مسابقة كأس العالم للسيدات، المقامة حاليا في أستراليا ونيوزيلندا.
وأوضح كريمو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب انتهاء المباراة التي جمعت المنتخب المغربي بنظيره الفرنسي، أنه «حتى ولو لم يحالفهن الحظ في التأهل إلى ربع النهائي، يجب على لبؤات الأطلس الافتخار بما قدمنه من أجل بلدهن، ومن أجل القميص والمنتخب الوطني».
وأضاف «تهانينا للجهاز الفني وللمنتخب الوطني النسوي، الذي نتمنى له كل التوفيق في قادم الاستحقاقات»، مشيرا إلى أن المغرب له اليوم لاعبات محترفات لديهن التجربة وخبرة التنافس في كأس العالم.
وأبرز كريمو أن لبؤات الأطلس «قمن بما كان عليهن القيام به»، دون أن يحالفهن الحظ في هذه المواجهة، نظرا لجودة المنتخب الفرنسي، أحد المرشحين للظفر باللقب، بعد إقصاء المنتخب الأمريكي.
وتابع قائلا: «الآن علينا الانكباب والعمل على تطوير البطولة الوطنية، من حيث التكوين والعديد من الأمور المتعلقة بكرة القدم النسوية المغربية».
من جهته،قال عبد الله هيدامو ، مدرب فريق الجيش الملكي لكرة القدم النسوية سابقا ، إن لبؤات الأطلس حققن أداء مميزا في كأس العالم للسيدات 2023 ، على الرغم من الإقصاء من ثمن النهاية.
وأكد اللاعب السابق للجيش الملكي أن إنجاز لبؤات الأطلس خلال كأس العالم، يشكل مصدر فخر وتحفيز لتطوير كرة القدم النسوية بالمغرب.
وأشار إلى أن تأهل المغرب إلى ثمن النهاية لم يكن بمحض الصدفة بعدما قدم كل ما لديه خلال مشاركته الأولى في المونديال وكان مصدر فرح للشعب المغربي.
كما شدد على أن مختلف الأندية المغربية مدعوة للعمل الجاد للنهوض بكرة القدم النسوية.
ونال المغرب ، وهو أول منتخب عربي يشارك في المونديال ويصل إلى الدور الثاني ، إشادة كبيرة خلال هذا الحدث العالمي ، بعدما تألق وقدم مستويات جيدة.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي – وكالات

  

بتاريخ : 10/08/2023