لتتبع مراحل الحمل والوضع في ظروف مناسبة: حوامل القرى والجبال في حاجة إلى رعاية صحية أكبر

تواجه النساء الحوامل في المناطق القروية المعزولة تحديات كبيرة وصعوبات في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة خلال فترة الحمل، من أجل تتبع مراحله قبل الوصول إلى مرحلة الوضع، التي لا تكون دائما هي الأخرى سهلة وسلسة. فبينما يتمتع السكان في المناطق الحضرية بـ «سهولة» نوعا ما للوصول إلى المرافق الصحية والخدمات الطبية، يجد غيرهم في المناطق القروية صعوبة للوصول إلى المرافق الصحية والمستشفيات، مما يؤدي إلى تعرض بعضهم في بعض الحالات لمخاطر صحية وتداعيات خطيرة قد تهدّد حياتهم وسلامتهم، كما هو الحال بالنسبة للحوامل ولأجنّتهن.
وإذا كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تؤكد من خلال تقارير متعددة على تمكّنها خلال السنوات الأخيرة من تقليص نسبة وفيات النساء الحوامل والأمهات والأطفال دون سن الخامسة، فإن هناك معطيات أخرى بالمقابل تبين على أن هناك العديد من المشاكل التي تستمر في اعتراض سبيل الحوامل، حيث كشف تقرير في هذا الصدد أن 11.5 في المئة من النساء الحوامل لا يتمتعن بالرعاية الطبية اللازمة خلال فترة الحمل، مع الإشارة إلى أن هذه النسبة قد تصل إلى 20.4 في المئة في المناطق القروية والجبلية النائية. وتشير بيانات رسمية أخرى إلى أن 25.8 في المئة من عمليات الولادة في المناطق القروية تتم دون وجود موارد بشرية مؤهلة، وهو ما يعني أن النساء القرويات يواجهن صعوبة في الحصول على الرعاية اللازمة والدعم المتخصص أثناء عملية الولادة، وما يزيد الأمر تعقيدا هو أن 78 في المئة من النساء اللواتي يلدن في القرى يجدن صعوبة في الحصول على استشارة طبية.
وتعكس هذه الأرقام الواقع القاسي الذي تعاني منه النساء في المناطق القروية بشكل عام، فالنقص في الرعاية الصحية والموارد البشرية المؤهلة قد يعرّض حياة الأمهات والأطفال للمخاطر، وهو ما يتطلب تعزيز الجهود لتحسين الوضع، وضمان توافر الرعاية الصحية الملائمة والمتخصصة للنساء الحوامل في القرى، وذلك من خلال تعزيز التوعية وتحسين البنية التحتية الصحية في هذه المناطق.
وعلاقة بالموضوع، أكدت «حليمة» وهي سيدة تنحدر من جماعة تافجيغت نواحي صفرو، التي تبعد عن المدينة بـ 95 كيلومترا، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، «أنها واجهت صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة منذ بداية حملها، حيث يكون الانتقال إلى المرافق الصحية البعيدة أمرا صعبا ومكلفا بسبب المسافات الطويلة وندرة وسائل النقل». وأضافت المتحدثة في تصريحها للجريدة بأنها «لم تكن على دراية بالعديد من الأمور المتعلقة بالحمل والتي تدخل في نطاق الثقافة الصحية بالصحة الحملية»، مشيرة إلى أن «تلك المنطقة القروية التي تعيش فيها تفتقر إلى الرعاية الصحية المناسبة وهو ما تسبب في صعوبة تلقي الرعاية الدورية والفحوصات الطبية اللازمة للحفاظ على صحة الجنين خلال مراحل الحمل».
من جهتها، تحدثت «نبيلة» للجريدة عن تجربتها الصعبة خلال فترة الولادة قائلة أنها «كانت مليئة بالتحديات والمعاناة، فقد تعرضت خلال فترة حملها لمعاناة شديدة بسبب عدم قدرتها على الوصول إلى الطبيب بسبب بُعدها عن المستشفى»، مضيفة بأن «كونها لم تمر من تجربة حمل وولادة من قبل فقد كان الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لها»، مبرزة أن «زوجها لم يكن متواجدا حين شعرت بالمخاض فاتصلت به عبر الهاتف لتخبره بالأمر وانتظرت حتى عودته لنقلها إلى المستشفى عبر سيارته، لكنها في الطريق وبشكل غير منتظر أنجبت طفلها، وتطورت الأمور بعدما تعرضت لنزيف بسبب التأخر».
تجارب وقصص مختلفة، لنساء عشن صعوبات في تتبع الحمل وفي الولادة بسبب إكراهات تتعلق بالبنيات التحتية، والطرق الوعرة، والعزلة، وغياب وسائل للنقل، وحضور منعدم أو ضعيف لأطر صحية، في مرافق بعضها قد يكون مهجورا في غياب تأمين يومي للخدمات الصحية بسبب عوامل متعددة، والتي تؤكد كلها على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتوفير رعاية صحية قوية وفعالة لساكنة العالم القروي والجبال بشكل عام وللحوامل والأطفال بشكل خاص، حفاظا على الصحة العامة للجميع.

صحفية متدربة


الكاتب : مريم خدو

  

بتاريخ : 12/07/2023