لستُ نُوحاً

 
وأنا أحْمِلُ اليابسةَ
على كتفي ،
من شِدَّةِ الرُّطوبَةِ :
صِرْتُ أنْزَعُ قَميصيَ المُلوَّنَ ،
وأقذفُ حجراً
في الماءِ ،
أرشُّ به على السُّمَّاقِ ،
والحَبَقِ ،
وصائِدَةِ الفَراشَاتِ
الوَسِيمَة .

وأنا أحْملُ المَنازِلَ
والمَقَاهي .
وسورَ المَدْرسَةِ القديمة ، والمَقابِر .
تذكَّرتُ من كان قبلي
يحْملُ الأرضَ
بين المَفاصِل :
هيرودوت ،
وشجرةَ الدُّر .
صامويل بيكيت ،
ولوتريامون .
عبدالله راجع ،
وسعدي يوسف .

تذكَّرْتُ صرْخةَ صائدِ السَّلاحِفِ
في الحُقولِ ،
حين اشْتعلتِ النّيرانُ
في الأصابعِ .
وسائقَ العربةِ
الذي يجُرُّ العاصفةَ إلى النَّهْرِ
فتسْبقُهُ السُّيولُ ،
والخُيولُ .

تَذكَّرْتُ اليابسةَ
و البحرَ ،
و النجمةَ التي كانت تَحُطُّ
على كتفي ،
في آخر اللَّيْل .

كُلَّما صفَّرَتِ الريحُ
في القَصَباتِ
بكيتُ ، أنا ،
من فَرْطِ المُلوحةِ
وسَالَ دمٌ غزيرٌ
فوْقَ الرَّصيفِ .

أنا مثلاً ،
لستُ دييغو ريفيرا
أرْسُمُ بالصَّمْغ :
وجه آدمَ ،
وحوَّاءَ
والتفاحةَ المقضومةَ .

أو أرْسمُ بالسُّخامِ :
يداً فارغةً على وشْكِ
أنْ تصيرَ سحابةً .

وأنا أَحْملُ اليابسةَ
عاريةً
سوى مِنْ عِظامٍ
وبَقايا فاكهةٍ ،
فَكَّرْتُ في كتفي
كَيفَ يَرْفعُ الظِّلالَ
و الأشْجارَ ،
وأَعْمِدَةَ الكَهْرَباءِ ،
ويَبْقَى كتفي .

كيف يَحْملُ المُدَنَ
وتَاجَ مَحَلٍّ ،
ويبقى خَفِيفاً
مِثْلَ رِيشَةٍ.
مصطفى لفطيمي
وأنا أحْمِلُ اليابسةَ
على كتفي ،
من شِدَّةِ الرُّطوبَةِ :
صِرْتُ أنْزَعُ قَميصيَ المُلوَّنَ ،
وأقذفُ حجراً
في الماءِ ،
أرشُّ به على السُّمَّاقِ ،
والحَبَقِ ،
وصائِدَةِ الفَراشَاتِ
الوَسِيمَة .

وأنا أحْملُ المَنازِلَ
والمَقَاهي .
وسورَ المَدْرسَةِ القديمة ، والمَقابِر .
تذكَّرتُ من كان قبلي
يحْملُ الأرضَ
بين المَفاصِل :
هيرودوت ،
وشجرةَ الدُّر .
صامويل بيكيت ،
ولوتريامون .
عبدالله راجع ،
وسعدي يوسف .

تذكَّرْتُ صرْخةَ صائدِ السَّلاحِفِ
في الحُقولِ ،
حين اشْتعلتِ النّيرانُ
في الأصابعِ .
وسائقَ العربةِ
الذي يجُرُّ العاصفةَ إلى النَّهْرِ
فتسْبقُهُ السُّيولُ ،
والخُيولُ .

تَذكَّرْتُ اليابسةَ
و البحرَ ،
و النجمةَ التي كانت تَحُطُّ
على كتفي ،
في آخر اللَّيْل .

كُلَّما صفَّرَتِ الريحُ
في القَصَباتِ
بكيتُ ، أنا ،
من فَرْطِ المُلوحةِ
وسَالَ دمٌ غزيرٌ
فوْقَ الرَّصيفِ .

أنا مثلاً ،
لستُ دييغو ريفيرا
أرْسُمُ بالصَّمْغ :
وجه آدمَ ،
وحوَّاءَ
والتفاحةَ المقضومةَ .

أو أرْسمُ بالسُّخامِ :
يداً فارغةً على وشْكِ
أنْ تصيرَ سحابةً .

وأنا أَحْملُ اليابسةَ
عاريةً
سوى مِنْ عِظامٍ
وبَقايا فاكهةٍ ،
فَكَّرْتُ في كتفي
كَيفَ يَرْفعُ الظِّلالَ
و الأشْجارَ ،
وأَعْمِدَةَ الكَهْرَباءِ ،
ويَبْقَى كتفي .

كيف يَحْملُ المُدَنَ
وتَاجَ مَحَلٍّ ،
ويبقى خَفِيفاً
مِثْلَ رِيشَةٍ.


الكاتب : مصطفى لفطيمي

  

بتاريخ : 27/09/2019

أخبار مرتبطة

من الواضح أن العلاقة بين القارئ والكاتب شديدة التعقيد؛ ذلك أن لا أحد منهما يثق في الآخر ثقة سميكة، وما

  وُلِدَت الشخصيةُ الأساسيةُ في روايةِ علي بدر (الزعيم) في العامِ الذي بدأت فيه الحملة البريطانية على العراق، وبعد أكثر

  يقول دوستويفسكي: «الجحيم هو عدم قدرة الإنسان على أن يحبّ». هذا ما يعبّر عنه الشاعر طه عدنان في ديوانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *