للعام الرابع على التوالي.. الحكومة مازالت عاجزة عن رفع النمو الاقتصادي إلى 4 %

مندوبية التخطيط تتوقع أن ينمو الناتج المحلي بنسبة 3.8 % في عام 2025

تفاقم طفيف في عجز الميزانية عند 4.3 % من الناتج الداخلي الإجمالي

الطلب الخارجي يواصل تسجيل مساهمة سالبة
في النمو الاقتصادي

 

عند عرض برنامجه الحكومي على ممثلي الأمة في أكتوبر 2021 كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد وعد المغاربة بأن هذا البرنامج الحكومي 2021-2026 يهدف إلى تحقيق نسبة نمو في الاقتصاد الوطني المغربي لا تقل عن 4 في المائة، يومها أكد أخنوش بالحرف في كلمته أن “تحقيق النمو مرتبط بالإرادة، وأنا أقول يمكن أن نبلغ نسبة 4 في المائة وليس 6 أو أرقام أخرى، نظرا لأننا في منطقة عدم اليقين في ظل هذا الوباء ونهار نخرجو من إشكالية الوباء، لا يمكن إلا أن يرتفع النمو”، غير أنه بعد 4 سنوات من هذا الخطاب ما زالت الحكومة عاجزة حتى الآن عن بلوغ ال 4 في المائة التي وعدت بها وظلت مستعصية حتى الآن ( ولم يتعد النمو 1.3 ٪ سنة 2022 و 2.9 ٪ سنة 2023 و 3.2 ٪ سنة 2024 . وتشير التوقعات الأكثر تفاؤلا بأنه لن يتعدى 3.8 ٪ هذا العام ) .
ويواجه الاقتصاد الوطني سنة 2025 مجموعة من التحديات التي يمكن فهمها في سياق التغيرات الاقتصادية والمالية المرتبطة بمختلف القطاعات الإنتاجية. ورغم المؤشرات الإيجابية التي يشير إليها التقرير الاقتصادي الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، إلا أن هناك معطيات دقيقة تظهر نقاط القوة والضعف في الأداء الاقتصادي المتوقع.
ومن المنتظر أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي المغربي بنسبة 3.8٪ في عام 2025، بعد نمو متوقع بنسبة 3٪ في عام 2024، بدعم من التعافي المعتدل في القطاع الزراعي واستمرار الأداء الجيد للأنشطة غير الزراعية، وفقا لتوقعات من المندوبية السامية للتخطيط.
وتتضمن هذه التوقعات أيضا الزيادة المتوقعة في الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الدعم، والتي من المنتظر أن ترتفع بنسبة 5% في عام 2025، بعد زيادة قدرها 5,7% في عام 2024، حسبما تشير المندوبية السامية للتخطيط في ميزانيتها الاقتصادية المتوقعة لعام 2025.
ومن حيث القيمة، يرتقب أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي من 4,5% في عام 2024 إلى 5,9% في عام 2025، مما يؤدي إلى تسجيل تضخم مقاس بمؤشر الناتج المحلي الإجمالي الضمني بنسبة 2,1% في عام 2025، مقارنة بـ 1,5% متوقعة لعام 2024، حسب المصدر نفسه.
في القطاع الأولي، يُتوقع أن يشهد انتعاشا سنة 2025 بعد التراجع الذي عرفه سنة 2024، مدفوعًا بظروف مناخية أكثر ملاءمة ساهمت في تحسن إنتاج الحبوب من مستوى منخفض بلغ 31.2 مليون قنطار خلال الموسم الماضي. من المنتظر أن تنمو القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 4.1% بعد انخفاض بنسبة 5% سنة 2024. وعلى مستوى قطاع الصيد البحري، يُتوقع أن ترتفع قيمته المضافة بنسبة 6.5% مقابل 3.8% سنة 2024. هذه الدينامية ستساهم في تسجيل القطاع الأولي نموا إيجابيا بنسبة 4.2%، ليضيف 0.4 نقطة إلى الناتج الداخلي الإجمالي بعدما ساهم بشكل سلبي ب‎ 0.5 نقطة سنة 2024.
أما الأنشطة غير الفلاحية، فستواصل نموها المستقر، حيث يُتوقع أن تسجل زيادة بنسبة 3.6% سنة 2025 مقارنة بـ 3.8% سنة 2024. وستقود هذا النمو قطاعات البناء والأشغال العمومية، المعادن، والصناعات التحويلية. على سبيل المثال، ستعرف الصناعات الكيماوية نموا معتدلا بنسبة 12.9% سنة 2024، لكن مع تباطؤ طفيف بنسبة 9.6% سنة 2025 نتيجة لتحسن الطلب الخارجي. كما يُتوقع أن تنمو صناعات معدات النقل بنسبة 9.6%، مستفيدة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في صناعة السيارات وتطوير البطاريات الكهربائية.
في المقابل، يظل قطاع النسيج يعاني من ضعف تنافسيته وارتفاع تكاليف الطاقة، مما سيؤدي إلى نمو ضعيف بنسبة 1.7% سنة 2025. وعلى صعيد آخر، ستشهد الصناعات الغذائية تحسنًا بنسبة 1.3% نتيجة الانتعاش النسبي للقطاع الفلاحي. أما قطاع البناء والأشغال العمومية، فسيواصل أداءه الجيد مسجلًا نموًا بنسبة 3.8%، مدعومًا بتراجع أسعار مواد البناء وتسارع مشاريع البنية التحتية.
القطاع الثالثي سيساهم بدوره في دعم الاقتصاد الوطني بفضل نموه المتوقع بنسبة 3.5% سنة 2025، مقارنة بـ 3.2% سنة 2024. ومن بين العوامل الرئيسية وراء هذا التطور ارتفاع الخدمات التسويقية وغير التسويقية على حد سواء. يُتوقع أن تنمو القيمة المضافة لقطاع التجارة بنسبة 2.5%، بينما ستسجل الخدمات العقارية نموًا بنسبة 2.2%. أما القطاع السياحي، فسيحافظ على زخمه الإيجابي بنمو متوقع بنسبة 7.4% سنة 2025، مستفيدًا من الترويج الفعال للمغرب كوجهة سياحية وتنظيم الفعاليات الدولية. كما ستتحسن خدمات النقل والتخزين بنسبة 5.9% نتيجة النمو المستمر في النقل الجوي والبحري.
على مستوى الطلب الداخلي، سيواصل دعمه للنمو الاقتصادي، حيث يُتوقع أن يسجل ارتفاعًا بنسبة 4.2% سنة 2025. سيكون لهذا التحسن تأثير إيجابي على استهلاك الأسر الذي سيرتفع بنسبة 3% مدعومًا بتحسن المداخيل بفضل زيادات الأجور المقررة واستمرار تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. في نفس السياق، سيشهد الاستثمار الإجمالي نموًا بنسبة 6.7%، مما سيعزز مساهمته في الناتج الداخلي الإجمالي بمقدار نقطتين.
على الصعيد الخارجي، ستستمر الصادرات المغربية في التحسن نتيجة الطلب القوي على المهن العالمية مثل صناعة السيارات والطائرات والفوسفاط ومشتقاته. ومن المتوقع أن ترتفع الصادرات بنسبة 7.4% سنة 2025. بالمقابل، ستعرف الواردات نموًا بنسبة 7.9%، مدفوعة بزيادة الطلب على المنتجات الغذائية وسلع التجهيز. في ظل هذه الظروف، سيواصل صافي الطلب الخارجي تسجيل مساهمة سالبة في النمو الاقتصادي بواقع 0.8 نقطة سنة 2025 مقارنة مع -2.3 نقطة سنة 2024.
أما على مستوى المالية العمومية، فمن المتوقع أن تشهد المداخيل الجارية ارتفاعًا بنسبة 7.5%، مما سيعزز حصتها من الناتج الداخلي الإجمالي لتصل إلى 24.5%. غير أن النفقات الإجمالية ستواصل هي الأخرى منحاها التصاعدي لتصل إلى 28.8% من الناتج الداخلي الإجمالي، مما سيؤدي إلى تفاقم طفيف في عجز الميزانية الذي سيستقر عند 4.3% من الناتج الداخلي الإجمالي.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الاقتصاد الوطني سنة 2025 سيستفيد من مجموعة من الديناميات الإيجابية، إلا أن استمرار التحديات المرتبطة بالطلب الخارجي والعجز التجاري يفرض ضرورة اتخاذ إجراءات لتعزيز تنافسية القطاعات الإنتاجية ودعم الابتكار والاستثمار المحلي.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 21/01/2025