لماذا تراجع البانتاغون عن خطط إرسال جنود أمريكيين لتدريب القوات الأوكرانية؟ .. لماذا تحاول واشنطن جر الصين إلى المواجهة؟

 

نشرت مجلة «بوليتكو» تقريرا، قالت فيه إن البنتاغون تراجع عن خطط إرسال جنود أمريكيين لتدريب القوات الأوكرانية في ديسمبر، وسط المخاوف الأمريكية من أن تؤدي هذه إلى استفزاز روسيا.
وأخبر مسؤولون عسكريون أمريكيون، في ديسمبر 2021، المشرعين في الكونغرس أنهم أرادوا إرسال «عدد من مئات» الجنود الأمريكيين إضافة لقوات العمليات الخاصة، من أجل تدريب القوات الأوكرانية، والنصيحة في الحروب غير التقليدية.
وفي ذلك الوقت، كان عدد القوات الروسية التي نشرت على حدود أوكرانيا قد وصل إلى 100.000 جندي تقريبا، في وقت كانت هناك مظاهر قلق لدى الأمريكيين والأوروبيين بشأن توسع الغزو.
ولم يتم إرسال القوات أبدا، نظرا للمخاوف من نشر القوات الأمريكية والتطورات على الحدود.
ونقلت المجلة عن شخصين على معرفة بالنقاش قولهما، إن وزير الدفاع لويد أوستن ضغط على الرئيس جوي بايدن للمصادقة على المهمة. وأخبر مسؤول عسكري بارز المشرعين في مجلس النواب أن البيت الأبيض قلق من إرسال قوات قد تزيد من زيادة الوضع السيئ مع روسيا.
ونقلت المجلة عن مسؤول ثالث في الكونغرس قوله إن مسؤولا في البنتاغون قدم إيجازا للجنة القوات المسلحة، وسبب إلغاء الخطط بناء على مظاهر القلق هذه.
وكانت إدارة بايدن تأمل بأن تؤتي الدبلوماسية أكلها وتمنع الغزو، وخشيت من أن يؤدي تدفق مئات الجنود الأمريكيين إلى وقف هذه الجهود.
وتعلق المجلة بأن النقاشات جاءت في مرحلة تحد خارقة للولايات المتحدة وأوكرانيا، في وقت بدأ فيه المسؤولون الأمريكيون بمشاركة ما لديهم من معلومات استخباراتية حول التحركات الروسية وخطط موسكو لغزو أوكرانيا.
ونفى مسؤول في البيت الأبيض «وجود خطط كهذه»، وأنه «لم يتم تقديم» مقترحات للبيت الأبيض أو مجلس الأمن القومي عن مزيد من القوات لدعم القوات الأوكرانية. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن بايدن أو البيت الأبيض لم «يلغيا أي خطط للتدريب لأوكرانيا إلا لحين إعادة تمركز القوات الأمريكية في فبراير».
ولم يعلق أي من مسؤولي البيت الأبيض مناقشة خطط داخلية بهذا الشأن، أو أنها نوقشت بطريقة غير رسمية، ولم ترق إلى المعايير المطلوبة.
ولم ترد لا القيادة المركزية الأمريكية في أوروبا ولا قوات العمليات الخاصة على طلب للتعليق.
وعلق إيلان بيرمان، نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية، والذي استشارته المخابرات الأمريكية ووزارة الخارجية، بأن قرار عدم إرسال القوات هو جزء من عدد من الأنماط، و»هذا هو جزء من قصة أكبر، والتي قاوم فيها البيت الأبيض الرغبات في التحضيرات للنزاع، وعندما شاهدنا الروس يحشدون قواتهم»، و»بناء على الافتراضات الخاطئة حول ما يريد فلاديمير بوتين عمله أو المخاوف من ما سيعمله، فلم تكن هناك حاجة لاستفزازه أكثر.
«وواحد من هذه الحسابات التي قادت لنهج مسالم كان بإمكاننا عملها». وكان الغرض من إرسال القوات هو تدريب الأوكرانيين على حرب العصابات وأساليب الحرب غير التقليدية، وبطريقة منفصلة عن عمليات التدريب الأمريكية الرسمية في مركز يافوريف للتدريب القتالي، غرب أوكرانيا، حسب ثلاثة مصادر. وأرسلت أمريكا ولعدة سنوات صواريخ جافلين المضادة للدبابات، وساعدت الأوكرانيين على التعامل معها.
ومنذ عام 2015، درب أصحاب القبعات الخضر والحرس الوطني الأمريكي القوات الأوكرانية في مركز يافوريف. وشاركت القوات الأوكرانية الخاصة في تدريبات مكثفة وفي مناورات عسكرية، إلى جانب القوات الأمريكية والناتو، وبعمليات مشتركة مع بريطانيا والنرويج وعدة دول من البلطيق.
وسافرت إلى دول أوروبية عدة للمشاركة في مناورات الناتو، بما في ذلك مناورة العزيمة المشتركة في ألمانيا، إلى جانب القوات الأمريكية التقليدية وقوات العمليات الخاصة في ديسمبر.
وركزت هذه المناورات على الإدخال السريع للوحدات الصغيرة من خلال المروحيات والعربات الصغيرة وأساليب «اضرب واهرب»، التي كانت حاضرة مع توسيع روسيا غزوها لأوكرانيا في نهاية فبراير.
وفي منتصف فبراير، كشف البنتاغون عن أن أوستن سيقوم «بإعادة تمركز 160 من قوات فلوريدا للحرس الوطني التي تدرب القوات الأوكرانية إلى خارج البلاد». وتم إرسال هذه القوات إلى أوكرانيا في نوفمبر 2021.
وغادرت قوات الحرس الوطني والقبعات الخضر البلاد بالإضافة لطاقم السفارة الأمريكية. وقبل عام من الغزو، ضغط الجمهوريون في الكونغرس على بايدن لتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وفي نهاية عام 2021 أرسلت إدارة بايدن شحنات من صواريخ ستينغر المضادة للطائرات وجافلين.
وزادت الإدارة من شحنات الأسلحة منذ الغزو في 24 فبراير، مع أن استمرار القتال زاد من صعوبات إيصال الشحنات. وكانت مخاوف التصعيد عاملا مهما في تشكيل إدارة بايدن سياستها من النزاع الحالي، ففي الأسبوع الماضي، ألغت محاولة لبولندا كي ترسل طائرات ميغ إلى أوكرانيا عبر قاعدة عسكرية أمريكية في ألمانيا؛ لخوفها من موقف روسيا.
ورفض بايدن فكرة إقامة منطقة حظر جوي في أوكرانيا، وهو موقف يشاركه فيه معظم المشرعين الجمهوريين.
وكشفت التقارير من أوكرانيا أن القوات هناك باتت تعتمد على الوحدات الصغيرة لمواجهة القوافل العسكرية الروسية، ومع دخول الحرب أسبوعها الثالث، يحضر الجنود الأوكرانيون أنفسهم لحرب طويلة.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية مزاعم أمريكية، متعلقة بـ»طلب روسيا من الصين معدات عسكرية لدعم غزوها لأوكرانيا».
وقالت في تقرير لها إن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن هذه المعلومة «أثارت مخاوف في البيت الأبيض، من أن بكين قد تقوض الجهود الغربية لمساعدة القوات الأوكرانية في الدفاع عن بلادهم».
وقال المسؤولون الأمريكيون للصحيفة، إن روسيا طلبت معدات عسكرية ومساعدات أخرى منذ بدء الغزو. ورفضوا الإدلاء بتفاصيل أخرى.
وأفاد شخص آخر مطلع على الوضع، بأن الولايات المتحدة تعتزم تحذير حلفائها، من أن بعض المؤشرات تدل على أن الصين ربما تستعد لمساعدة روسيا بالفعل.
وقال مسؤولون أمريكيون آخرون للصحيفة، إن هناك مؤشرات على نفاد بعض أنواع الأسلحة من روسيا، مع استمرار الحرب في أوكرانيا لأسبوعها الثالث.
ولم يرد البيت الأبيض على طلب الصحيفة التعليق. ولم ترد كذلك السفارة الصينية في واشنطن.
ويأتي هذا الكشف بينما يتوجه مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى روما، لإجراء محادثات، الاثنين، مع يانغ جيتشي، كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الصين.
وقبل مغادرة واشنطن، الأحد، حذر سوليفان الصين من محاولة «إنقاذ» روسيا من خلال مساعدة موسكو على الالتفاف على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على الرئيس فلاديمير بوتين ونظامه.
وقال سوليفان لتلفزيون «إن بي سي» الأحد: «سنضمن ألا تتمكن الصين ولا أي شخص آخر من تعويض روسيا عن هذه الخسائر. وسنقوم بإبلاغ الصين بذلك بشكل خاص، كما فعلنا بالفعل، وسنواصل القيام بذلك».
ويأتي طلب المعدات وأنواع أخرى من المساعدة العسكرية غير المحددة في الوقت الذي يكافح فيه الجيش الروسي لإحراز تقدم كبير في أوكرانيا، كما تعتقد المخابرات الغربية.
ويثير الأمر تساؤلات جديدة حول العلاقة بين الصين وروسيا، والتي نمت بشكل متزايد، حيث يعرب البلدان عن معارضتهما للولايات المتحدة بشأن كل شيء، من الناتو إلى العقوبات.
وصورت الصين نفسها على أنها طرف محايد في أزمة أوكرانيا، ورفضت إدانة روسيا لغزوها البلاد. كما لم تر الولايات المتحدة أي مؤشر على استعداد الرئيس الصيني شي لممارسة أي ضغط على بوتين.
ووقع الزعيمان بيانا مشتركا في بكين الشهر الماضي، وصفا فيه الشراكة بين بكين وموسكو بأنها «لا حدود لها»، في إشارة أخرى إلى أن العاصمتين تقتربان من بعضهما البعض بشكل أوثق، بحسب الصحيفة.
من جهة أخرى، كشف تقرير لمجلة «إيكونوميست» أنه من المتوقع أن تقدم الصين يد العون في روسيا، التي تعاني من العقوبات الغربية، لكن هذه المساعدة ستكون «فاترة»، واضعة في الاعتبار بعض «الأولويات»، كما أنها ستستهدف في الغالب «التعلم من أخطاء» موسكو.
وقالت الصحيفة؛ إن بكين ستحاول التوفيق بين أولويات عدة، عند مساعدة حليفتها، مشيرة إلى أن العقوبات الغربية سوف تضع «العلاقات المتينة» والصداقة التي «لا حدود لها» بين الرئيس الصيني، شي جينبينغ، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين «على المحك».
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات على موسكو منذ اليوم الأول من غزوها أوكرانيا، شملت حظر أو تقليص واردات الطاقة من روسيا، وفصل بنوك روسية عن نظام «سويفت» للمدفوعات، وتجميد أصول رجال أعمال ومسؤولين مقربين من بوتين، فضلا عن مغادرة عديد الشركات العالمية لروسيا.
ويسعى مجلس النواب الأمريكي إلى مراجعة مشاركة روسيا في بعض برامج التجارة الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، وهو ما سيكون إجراء غير مسبوق لو تم إقراره.
وفي الوقت ذاته، تواصل الدول الأوروبية التنسيق مع بريطانيا والولايات المتحدة من أجل فرض عقوبات جديدة على موسكو، تقول واشنطن إنها تهدف إلى منع تمويل الحرب في أوكرانيا.
وعرقل البلدان طلبا من واشنطن بأن تفرض الأمم المتحدة عقوبات إضافية على كوريا الشمالية بسبب تجارب صاروخية جديدة، رغم أن البلدين اتفقا على فرض عقوبات مماثلة من قبل.
وأعلن البلدان أنهما سيعملان مع دول أخرى من أجل «تعزيز الديمقراطية الحقيقية ومواجهة الأيديولوجية والمؤسسات التي تقودها الولايات المتحدة»، أي بناء نظام عالمي جديد لا تواجه فيه الأنظمة الاستبدادية أي اعتراض.
وقال تقرير «إيكونوميست»؛ إن روسيا التي «تحتاج إلى شريان حياة اقتصادي ومالي، تود استخدام الصين كقناة لمواصلة التجارة مع بقية العالم، لكن سيتعين على بكين أن تحقق توازنا دقيقا بين مساعدة بوتين في الوقوف ضد منافستهما المشتركة مع الولايات المتحدة، والاحتفاظ بوصول روسيا إلى النظام المالي العالمي».
وأشار التقرير إلى تحديات ستواجه بكين، أولها أن القدرات الفنية للصين لا تغني عن الغرب، باعتبار أن الدولة الآسوية تعتمد بدورها على نظام «سويفت»، نظرا لكون نظام المدفوعات الخاص بها «CIPS» ليس منتشرا بقوة في العالم.
كما ستكون الشركات متعددة الجنسيات الصينية، التي لها وجود قانوني في الغرب، معرضة لنظام العقوبات الحالي، فيما البنوك الدولية في الصين تتعامل بحذر مع العقوبات.
ولن تكون الشركات الصينية التي ليس لها وجود قانوني في الغرب بمأمن عن «عقوبات ثانوية» إذا تم استهداف دول الطرف الثالث التي قد تساعدها، على غرار ما حدث مع البنوك الصينية التي تعاملت مع إيران وكوريا الشمالية.
وتوقعت المجلة أن تكون مساعدة الصين لروسيا «فاترة»، فهي قد تتمسك بترتيباتها التجارية الروسية الحالية، على أمل أن تتسامح الولايات المتحدة معها، وأهمها فيما يخص الطاقة، مع العلم أن الصين تلقت 32 بالمئة من إجمالي صادرات الخام الروسية، و17 بالمئة من صادراتها من الغاز الطبيعي في عام 2020.
وقد تلجأ الصين لإجراء المعاملات التجارية والمالية من خلال البنوك الصغيرة التي ليس لها وجود قانوني في الغرب، باستخدام الروبل واليوان بدلا من الدولار، ما قد يمنح البنك المركزي الروسي حق الوصول إلى عملاته من اليوان.
في المقابل، توقعت المجلة أن تحاول الصين تقليل حجم التجارة وتدفقات المدفوعات؛ لتجنب إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
واختتمت المجلة المقال بالقول؛ إن الصين تريد أن تنجو روسيا من العقوبات، لكنها حريصة أيضا على الحد من الأضرار الجانبية لمصالحها. وستكون أولوية الصين في الأغلب التعلم من «أخطاء» روسيا، في حال وقوعها هي في مواجهة مع واشنطن، إذ ستتعلم على سبيل المثال كيفية حماية نظامها المالي وتحسين نظام المدفوعات، وتنويع احتياطاتها البالغة 3.2 تريليون دولار.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 15/03/2022