وكالات
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن تقدم البناء في الحاجز البحري الذي تجري إقامته شمال قطاع غزة، وقد بُدئ العمل فيه في مايو الماضي.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” في تقرير لها، أن إعلان الجيش جاء “في ضوء المحادثات حول التهدئة في غزة ومناقشة مجلس الوزراء السياسي والأمني (الكابينيت) لهذا الموضوع”، مؤكدة أن “الجيش راض عن وتيرة التقدم في البناء”.
وزعمت الصحيفة أن “إسرائيل أقامت هذا الحاجز بعد أن تسلل عناصر حركة حماس إلى شاطئ زيكيم خلال عملية الجرف الصامد (حرب 2014)، حيث تمكن عدد من مسلحي الحركة من الدخول إلى إسرائيل، ومهاجمة دبابة إسرائيلية قبل قتلهم”، وفقا لتعبير الصحيفة.
ونوهت الصحيفة، إلى أنه “من شأن بناء الحاجز البري على طول قطاع غزة وتطوير أنظمة الدفاع الجوي أن يجعل من الصعب على حماس مهاجمة إسرائيل، ولذلك فإنه يسود التقدير بأن حماس ستحاول الهجوم بواسطة الكوماندوز (الضفادع البشرية) البحري”.
وذكرت أنه “يجري بناء الحاجز شمال قطاع غزة؛ على طول 200 متر في البحر وبعرض 50 مترا، كما أنه سيتم فوقه بناء سور على ارتفاع ستة أمتار، سيشمل وسائل مختلفة لتغطية المنطقة فوق سطح البحر وتحته”.
وأشارت إلى أن “الحاجز البحري سيتكون من ثلاث طبقات، ستكون إحداها تحت مستوى سطح البحر، وفوقها طبقة من الحجر ومن ثم تأتي الطبقة الثالثة التي ستبنى من الأسلاك الشائكة، وسيحيط سياج آخر بالحاجز”.
ووصفت وزارة الحرب الإسرائيلية الحاجز؛ بأنه “كاسر أمواج غير قابل للاختراق”، وفق الصحيفة التي لفتت إلى أن “الحاجز البحري سينضم إلى الحاجز الأرضي” الذي بُدئ في بنائه في العام الماضي حول قطاع غزة.
وكجزء من العمل، “يقوم الجيش بنقل كامل المنطقة الحدودية القائمة، إلى مسافة بضع مئات من الأمتار شرقا، داخل الأراضي الإسرائيلية (المحتلة)، وسيتم تحسين السياج القائم وتعزيزه، بينما سيقام على الجانب الشرقي منه سياج ضخم بارتفاع ستة أمتار، على غرار الجدار على الحدود المصرية”، وفق الصحيفة.
وكشفت “هآرتس”، أنه سيتم “بناء تلال ترابية بين السياج القديم والسياج الجديد، والتي ستسمح للجيش بوضع دبابات عليها، كما أنه سيتم شق عدة طرق ستمكن الجيش من القيام بجولات إلى الغرب من السياج الجديد”، منوهة إلى أنه سيتم “بناء الطرق على الجانب الشرقي من السياج الجديد، لتحريك القوات وصيانة السياج”.
ميناء التهدئة
قال دبلوماسي إسرائيلي إن “فكرة إقامة ميناء لقطاع غزة مرتبط مع قبرص تبدو حلا منطقيا كفيلا لإبعاد شبح الحرب التي تلوح في الأفق مع حركة حماس، لأن جولة القتال الأخيرة في 2014، وسلسلة التصعيد العسكري في الأسابيع الماضية، والتي باتت حدثا شبه يومي، تؤكد أن العلاقة بين الجانبين مرشحة للانفجار في أي لحظة”.
وأضاف ميخائيل هراري السفير الإسرائيلي السابق في قبرص، أن “فكرة إقامة ميناء قبرص كفيلة بإرجاء المواجهة القادمة التي تبدو أنها واقعة لا محالة، لأن غزة باتت تشكل تحديا جديا أمام إسرائيل، خاصة في ظل الوضع الإنساني السيئ هناك، ما يجعل القطاع موجودا على طاولة صناع القرار في تل أبيب بصورة دائمة”.
وأوضح في مقاله بصحيفة “معاريف” أن “مفردة الخيار القبرصي تتردد في الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة من خلال مبادرة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان بعد لقائه الأخير مع نظيريه اليوناني والقبرصي في يونيو الماضي بنيقوسيا، وتتركز بإقامة ميناء، أو أرصفة بحرية، تستخدم لنقل البضائع التجارية لقطاع غزة برقابة أمنية إسرائيلية”.
وأكد أن “الفكرة ليست جديدة، والرد القبرصي كان حذرا بصورة عامة، وإن كان إيجابيا من الناحية الإجمالية، فقد حاول الاتحاد الأوروبي في الماضي منح غطاء سياسي لهذا المقترح، وقد يوفرها اليوم أيضا، مع العلم أن القبارصة سيرحبون بهذا المقترح بصورة جدية، إن تقدم بشكل رسمي من إسرائيل نظرا لحجم علاقاتهما الوثيقة، فالاقتراح كفيل بمنحهم دورا إقليميا بارزا، لاسيما في الموضوع الفلسطيني، مع أنهم يدركون أن السلطة الفلسطينية غير متحمسة لهذه الفكرة، في ظل الانقسام السائد بين الفلسطينيين، وربما يخشون من الاستدراج إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهم لا يريدون ذلك”.
وأشار إلى أن “القبارصة، كما الاتحاد الأوروبي، لديهم تفهم للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، ويمكن توقع أن تطلب إسرائيل رقابة أمنية كاملة على البضائع المتجهة من قبرص إلى غزة بموافقة قبرصية تلقائية”.
الكاتب الذي يعمل اليوم باحثا في معهد ميتافيم الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، قال إن “فكرة ميناء قبرص تقوم على جملة محددات: أولها تفاهمات بين قبرص وإسرائيل، وربما مع اليونان، ثانيها الاتفاق مع مصر، ثالثها قيام مظلة سياسية دولية بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول العربية ذات العلاقة كالسعودية، ورابعها جهد إسرائيلي داخلي لتحشيد الرأي العام الإسرائيلي لدعمها، بما في ذلك المؤسسة الأمنية التي تحذر من استمرار الأزمة الإنسانية في القطاع”.
وأوضح هراري، المحاضر في كلية عيمك يزرعئيل، أن “إقامة الميناء في غزة لا تشترط قيام عملية سياسية كاملة مع الفلسطينيين، فليس هناك جاهزية بين الجانبين، لانطلاق مفاوضات سياسية بينهما، رغم ضرورة التنسيق مع السلطة الفلسطينية لفكرة الميناء لتحييد معارضتها، لأنها ترى في المشروع تقوية لحماس، مع ضرورة قيام تنسيق غير مباشر مع حماس بوساطة مصرية لتأمين الاحتياجات الأمنية لإسرائيل”.
وختم بالقول إنه “بالرغم من وجود حالة العداء بين إسرائيل وحماس فإن الأخيرة تعتبره الخيار الأقل سوءا بالنظر لبدائل إسلامية أكثر تطرفا، ما قد يسرع بإقامة خطة مارشال خاصة بغزة، تفسح المجال لتقديم مساهمات وتبرعات عربية ودولية لتغيير الوضع في القطاع، لأن وقف إطلاق النار السائد اليوم بين حماس وإسرائيل مؤقت، وقد ينفجر في أي لحظة، وقد لا يستمر أياما معدودة، ولذلك يجب على إسرائيل الدفع للأمام بالخيار القبرصي قبيل فوات الأوان”.
الخيار الصعب
اعتبر وزير البُنى التحتية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أن قطاع غزة يتجه إما إلى “الهدوء أو إلى عملية عسكرية واسعة النطاق”.
وقال شتاينتس، وهو عضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”، إن “وقف إطلاق النار في قطاع غزة غير مستقر”.
وأضاف في حديث للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “في تقديري، قد تكون هناك جولات أكثر عنفا، حتى نصل إلى أحد طريقين، إما وقف لإطلاق النار وترتيب اقتصادي إنساني، أو حريق هائل وعملية عسكرية واسعة”.
وتابع شتاينتس: “على الرغم من الهدوء في الساعات القليلة الماضية، فأنا ما زلت غير متأكد إلى أين نحن ذاهبون”.
وأضاف: “نحن لسنا معنيين بحرب، لكننا بالطبع لن نرتدع عن فعل كل ما في وسعنا”.
وأصاب قناص فلسطيني ضابطا في الجيش بجروح متوسطة إلى خطيرة، أمس، وتأتي العملية بعد عدة أيام من عملية مشابهة قتل فيها جندي قرب السياج المحيط بقطاع غزة.
وتعرضت عدة مواقع تابعة لـ”كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس، لقصف مدفعي إسرائيلي، ما أسفر عن استشهاد 3 من عناصرها، بحسب بيان لوزارة الصحة الفلسطينية.
التصعيد: لصالح من؟
عقب التصعيد العسكري على الحدود مع قطاع غزة، والقصف الذي قام به سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف للمقاومة الفلسطينية، التي ردت عليه بإطلاق قذائف صاروخية على المستوطنات الجنوبية، تزايدت التقديرات الإسرائيلية حول مستقبل هذا التصعيد، والمدى الذي قد يصل إليه.
الخبير العسكري الإسرائيلي بصحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي قال إن “فرص التصعيد تتزايد بين حماس وإسرائيل، وفي حال اندلعت جولة جديدة من المواجهة في غزة، فقد لا يكتفي الجيش الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة فحسب، وإنما البقاء فيه حتى إسقاط سلطة حماس كليا هناك”.
وأضاف في مقال مطول أن “الجانبين، حماس وإسرائيل، ليستا معنيتين بالمواجهة الشاملة حالياً، خشية أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في غزة، فمصالحهما واضحة من عدم الدخول في معركة ستسفر عنها ضحايا وخسائر كبيرة في صفوفهما، حماس تدرك أنها ستتلقى ضربة موجعة من الناحية العسكرية، وربما تفقد حكمها نهائيا في غزة، وإسرائيل تعرف جيدا أن أي حرب ستخوضها في غزة، ستكون نتيجتها هزيمة، وإن سجلت فيها انتصارا عسكريا بفضل استعداد الجيش لها، لأنها ستضطر في هذه الحالة أن تتحمل أعباء إدارة شؤون مليوني نسمة هم سكان القطاع”.
وأوضح أن “السؤال اليوم هو طالما أن الجانبين يعتقدان أنهما لا يريدان حربا حاليا، لماذا تواصل أجهزة الأمن الإسرائيلية في الآونة الأخيرة إصدار التحذيرات من أن فرص اندلاع هذه المواجهة تزداد مع مرور الوقت أكثر فأكثر؟”.
يجيب بن يشاي عن هذا السؤال قائلا: “السبب في ذلك أن حماس تعتقد أنها قد تحقق أهدافها من خلال الطائرات الورقية والبالونات الحارقة أكثر مما حققته عبر القذائف الصاروخية والعمليات التفجيرية، وأن هذا السلاح الجديد كفيل بإقناع مستوطني غلاف غزة للضغط على حكومتهم، أو إجبارهم على ترك منازلهم”.
وختم بالقول إن “حماس تسعى من خلال طائراتها الورقية هذه لتسجيل انتصار في معركة الوعي، وإيصال معاناة سكان غزة للمجتمع الدولي، لأنها وسيلة غير عسكرية، وقادرة على استقطاب تعاطف العالم مع غزة، وقد تكون المرة الأولى التي يواجه فيها الجيش الإسرائيلي معركة من هذا النوع”.
الخبير العسكري بموقع ويلا أمير بوخبوط قال إن “الجيش قد يضطر لزيادة ضرباته العسكرية ضد حماس في حال واصلت إطلاق هذه الطائرات، ولم تتوقف، من أجل زيادة قوة ردعه العسكرية”.
وأضاف في تقرير مطول ترجمته “عربي21” أن “الجيش الإسرائيلي يستعد لإمكانية حصول تدهور في الوضع الأمني مع غزة، مما جعله ينصب منظومات القبة الحديدية، بجانب التأهب لإمكانية اندلاع حرب شاملة، رغم أن السلاح الاستراتيجي الذي أعدته الحركة لمثل هذه الحرب، وهو الأنفاق، بدأ بالتبدد مع مرور الوقت عقب بناء إسرائيل للجدار التحت أرضي على حدود غزة”.
وأشار إلى أن “الجيش دأب في الشهور الأخيرة على استهداف مقدرات حماس العسكرية في غزة، خاصة البنى التحتية ومخازن السلاح وتصنيع الوسائل القتالية، وهي السياسة التي أقرتها هيئة الأركان العامة في الجيش، لأنها وفقا لتقدير الأوساط الأمنية الإسرائيلية تضرب في المنظومة العملياتية للحركة، ما يصعب عليها إنتاج المزيد من الأسلحة، وترميم الخراب الذي لحق بها، والنتيجة تتمثل بأن تخسر المزيد من إمكانياته الهجومية”.
وأوضح أن “أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية حذرت في الآونة الأخيرة من أن عدم معالجة الأزمة الإنسانية في غزة ستؤدي لزيادة التدهور الأمني، وصولا للانفجار الشامل الذي سيؤدي لاندلاع مواجهة عسكرية مع حماس، رغم أن فرص اندلاعها متواضعة لعدم رغبة الجانبين فيها”.
وختم بالقول إن “استمرار الحرائق بفعل الطائرات الورقية يشكل ضغطا على دوائر صنع القرار الإسرائيلي، مع أن نتائجها لا تشبه إطلاقا عمليات أخرى أكثر خطورة مثل تسلل مسلحين للمستوطنات الجنوبية، أو إطلاق قذائف صاروخية، لذلك تقتصر الردود حاليا على أهداف محددة موضعية، وليست حربا شاملة، خشية الذهاب لتلك المواجهة التي قد تنفق فيها ما قيمته ثمانية مليارات شيكل، وفي النهاية تعود إسرائيل للنقطة التي كانت عندها”.