«ليعم السلام بعد الموت وجب العقاب على جرائم القبور»

حيث كثيرا ما تتعرض المقابر للعديد من الانتهاكات، من هدم للقبور أو النبش فيها من قبل المشعوذين وأصحاب النفوس الخبيثة لغرض الإضرار بالغير عن طريق طقوس الشعوذة وما شابه ذلك، وأحيانا يكون هدم القبور أو شواهدها يتم عن طريق أشخاص يكون الهدف بالنسبة لهم مادي، يتمثل في إعادة بناء تلك القبور والشواهد المهدمة، بطلب من أقرباء الموتى، وأحيانا أخرى لا هذا ولا ذاك، يكون الانتهاك من طرف المتشردين والسكارى.
وعموما تبقى الأسباب عديدة، لكن الفعل واحد، وهو الأمر الذي جرّمه القانون، في جميع التشريعات، التي أقرت أن للموتى حرمتهم وكذا أماكن دفنهم، ذلك أنه لا يجوز العبث بالمقابر ولا هدمها أو حفرها أو إعادة استخراج الموتى المدفونين بها من دون إذن تصدره الجهات المختصة. حيث إن هذه العملية الأخيرة، تتم إذا اقتضى البحث القضائي ذلك عن طريق إذن خاص يسلم من طرف النيابة العامة المختصة، ويتم استخراج الجثة بحضور لجنة معدة لذلك، مشكلة من عدة أشخاص يمثلون الضابطة القضائية والطب الشرعي، قصد القيام بالعمليات الضرورية التي يتطلبها البحث.
ونجد أن القانون الجنائي المغربي ومن خلال الفصول 268 إلى 272، قد جرّم الأفعال أعلاه.
حيث إن الفصل 268 من القانون الجنائي ينصّ على أن :» من هدم أو امتهن أو لوث المقابر، بأية وسيلة كانت، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم».
وتقديرا لحرمة القبور والموتى، أضاف القانون الجنائي المغربي عقوبات أخرى، بأن عاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما، كل من ارتكب عملا من شأنه الإخلال بالاحترام الواجب للموتى سواء في مقبرة معدة للدفن أو أي مكان أخر معد بدوره لذلك، وذلك من خلال الفصل 269 من القانون الجنائي.
كما أن الفصل 271 من القانون الجنائي، ينص على أن من لوّث جثة أو مثّل بها أو ارتكب عليها عملا من الأعمال الوحشية أو البذيئة يعاقب بالحبس من سنتين إلي خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
وحيث يستنتج مما سبق أن القانون الجنائي المغربي، كما أعطى للحي حقوقه وحرمانيته، فإنه أعطى للميت بدوره حرمته لا ينبغي انتهاكها، لذلك جرّم الأفعال المذكورة أعلاه، وعاقب مرتكبيها بعقوبات سجنية سالبة للحرية، ولم يكتف بعقوبات مالية، وذلك لردع كل من سوّلت له نفسه العبث بالقبور والموتى ساكنيها احتراما لحرمتهم التي لا ينبغي انتهاكها بأي شكل من الأشكال .
ومن خلال هذا المقال ندعو إلى مراعاة حرمة المقابر، والعناية بها وعدم تعريضها للتهميش وتركها عرضة للتخريب سواء بفعل فاعل أو بعوامل الطبيعة، التي تفتك بقبور المسلمين، ذلك أن مختلف مقابر المملكة ولا سيما مقابر الدار البيضاء، بالخصوص، فإنك بمجرد ولوجها ترى مجموعة من القبور انفجرت من كثرة النباتات العشوائية المنتشرة فوقها وبجناباتها، لدرجة أنه لا يمكنك التحرك بطرقاتها، ولعل السبب الأخر لذلك يرجع لعدم احترام ترقيم القطع الأرضية التي حدد عليها عدد المقابر التي لا ينبغي تجاوزها تفاديا لتهدم تلك القبور والتصاقها ببعضها البعض، ذلك أن المسؤولين عن تلك المقابر يتلاعبون بتلك الأرقام عن طريق إحداث أرقام مكررة على طروقات تلك القبور، وهي معضلة أخرى لا يتسع المقام لتفصيلها.
وفي الأخير ، يجب على الجميع احترام الموتى وقبورهم وتركهم بسلام، وينبغي تكريس هذا المفهوم عند الناشئة سواء من خلال المناهج المدرسية أو البرامج الإذاعية والتلفزية، حتى ينعم القبر وساكنه بسلام ربما لم يعرفه في حياته.

(*) محامي بهيئة الدارالبيضاء


الكاتب : ذ طارق عمر زهير (*)

  

بتاريخ : 30/11/2022