ما هي الاستعدادات المتخذة لمواجهة تداعيات الاثنين وتفادي ملء المؤسسات الصحية

 الأنفلونزا الموسمية تطّل من النوافذ بعد أن دخل كوفيد 19 من الأبواب

 

تستعد الأنفلونزا الموسمية للالتحاق بالمشهد الوبائي في بلادنا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لتنضاف إلى الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، مع ما يعني ذلك من أعراض صحية مشابهة، تتمثل في العطاس والسعال وسيلان الأنف والحمى، وتبعات صحية مختلفة كما هو الشأن بالنسبة للتعفن الرئوي والاجتفاف وتفاقم الأمراض المزمنة كالربو والسكري وأمراض القلب، وقد يتطور الأمر فتتسبب في الوفاة، خاصة في صفوف الرضع والأطفال، والحوامل والمصابين بأمراض مزمنة والمسنين.
تحدّ صحي آخر، ستكون بلادنا ومنظومتنا الصحية في مواجهته، في ظل إكراهات وأعطاب متعددة، لوجستيكية وبشرية، ستزيد من تفاقم المعاناة والرفع من حجم الأعباء، وهو ما يتطلب استعدادا فعليا، لكي لا يتيه المواطنون بين الأنفلونزا القادمة وجائحة كوفيد 19 المتواجدة، علما بأن الأعراض والمضاعفات تتشابه في كثير من الحالات، وهو ما سيزيد من حجم الضغط على مستوى التشخيص والتكفل، وسيترتب عنه نشر «فوبيا» خاصة في الفضاءات والمؤسسات المغلقة، في السجون ودور الأيتام والملاجئ والمؤسسات التعليمية وغيرها، حين سيصبح السعال وغيره من الأعراض الأخرى قاسما مشتركا، مع ما يعني ذلك من تحديات، يجب أن يكون الجميع مهيئا للتعامل معها.
وتعتبر الأنفلونزا الموسمية مسؤولة عن حوالي 3 إلى 5 ملايين حالة إصابة خطيرة عالميا، وما بين 250 و 500 ألف حالة وفاة، وهو ما يدفع منظمة الصحة العالمية إلى الحث كل موسم جديد على تلقيح الفئات الهشة صحيا وعمريا باللقاح المضاد لها، خاصة النساء الحوامل، الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 أشهر وخمس سنوات، الأشخاص المسنون البالغون 65 سنة فما فوق، المصابون بأمراض مزمنة، ومهنيو الصحة، فضلا عن الدعوة للتقيد بالسلوكات الوقائية المتمثلة في غسل اليدين بصفة منتظمة، والحد من مخالطة المصابين بمرض الأنفلونزا، والعمل على تغطية الفم عند السعال أو العطس بمنديل ورقي أو بالمرفق، وعدم إعادة استعمال المناديل الورقية إلى جانب تهوية الغرف.
وجدير بالذكر أنه رغم كل الدعوات لتلقيح هذه الفئات لنفسها باللقاح المضاد للأنفلونزا الموسمية إلا أن نسبة الملقّحين تظل ضئيلة جدا في بلادنا، خاصة في صفوف مهنيي الصحة، الذين من المفروض أن يتم تلقيحهم لتفادي انتقال العدوى إليهم وإصابة غيرهم والتسبب في خلل للمنظومة الصحية، إذ تشير الأرقام إلى أن العدد الإجمالي في بلادنا للمستفيدين من اللقاح لا يتجاوز 500 ألف مُلقّح على أحسن تقدير. فهل سيتم تجاوز هذه الأعطاب خلال هذا الموسم، خاصة في ظل استمرار جائحة كوفيد 19 بحصيلتها الثقيلة؟ هل أعدّت وزارة الصحة استراتيحية فعلية ناجعة للتلقيح، سواء للأطفال في المؤسسات التعليمية التي تمارس عملها حضوريا، أو في المراكز الصحية، للراغبين في ذلك؟ هل سيتم توفير اللقاح بشكل مبكّر قبل تسجيل الحالات والمضاعفات؟ وهل سيتم احتواء الوضع والحيلولة دون تفاقمه في زمن الكورونا، أم سيكون مصير هذه الأسئلة وأخرى، نفس مصير سابقاتها التي طرحناها قبل تسجيل أول حالة إصابة بالكوفيد ببلادنا في مارس، وخلال فترات الحجر الصحي وبعد تخفيف حالة الطوارئ الصحية، وما تلاها من تطورات وأحداث، ظلت عالقة بدون جواب، وظل الفيروس ينتشر بيننا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/09/2020