متابعات .. دار الشعر بمراكش تستقصي صورة «الآخر في الترجمة»

نقاد وشعراء يقاربون حيوات النص وترحاله

 

واصلت دار الشعر بمراكش سلسلة ندواتها ومحاوراتها حول قضايا وأسئلة مركزية تهم الخطاب الشعري، ضمن برنامج ندوات، والذي ينفتح من خلال منتدياته الحوارية، على مسارات الأسئلة والتمحيص النظري والنقدي. واحتضن مقر الدار يوم الأربعاء 25 يونيو لحظة معرفية جديدة قاربت موضوع «الآخر في الترجمة»، في مواصلة لسلسلة من النقاشات والمطارحات التي تبلورت ضمن أسئلة تهم موضوع الترجمة وتقاطعاتها. وشارك كل من الناقد والشاعر والمترجم نورالدين الزويتني والباحثة والشاعرة ثريا وقاص، في الجزء الأول من اللقاء، والذي شهد تقديم العديد من المداخلات في لحظة معرفية مائزة، شهدت نقاشا سعيا للإنصات البليغ لنبض النصوص، للاقتراب أكثر من نبض أسئلة النقد الشعري وقضاياه المحورية.
الشاعر والمترجم والباحث نورالدين الزويتني جدد تأكيده على أهمية الأسئلة التي تطرحها دار الشعر بمراكش، سواء في علاقتها بسؤال الترجمة أو المواضيع المركزية التي تهم الخطاب الشعري والأدبي في علاقتها بالفنون وتقاطعها مع خطابات أخرى، معتبرا تدرج سؤال الترجمة في مقاربات الدار، وضمن سلسلة ندوات والدرس الافتتاحي الفارط، ينم عن استراتيجية معرفية تواصل من خلالها هذه المؤسسة الانفتاح على القضايا المركزية الراهنة التي تهم أسئلة الشعر والأدب. فيما أكدت الباحثة والشاعرة ثريا وقاص أن سياق النقاش الراهني، حول موضوع الآخر في الترجمة، وضمن منتدى حواري يشهد قراءات شعرية وأيضا تقديم ترجمات آنية، لجيل جديد من شباب مشتل الورشات، هو درس عميق من مؤسسة تراهن على المستقبل.
وشاركت الشاعرة والمترجمة مريم إتجو، من مشتل دار الشعر بمراكش، في برنامج ندوات ضمن سلسلة ضفاف، بنص شعري باللغة الانجليزية، كما قدمت ترجمة لقصيدتين لكل من الشاعرة خديجة السعيدي والشاعر اسماعيل آيت إيدار. كانت لحظة انتقال لسياق الجزء التطبيقي، وهو القسم الثاني من اللقاء، لتمثل موضوع الندوة وأيضا لانفتاح أكثر على الجهد الذي بلورته استراتيجية ورشات الكتابة الشعرية لدار الشعر بمراكش والخاصة ب(الأطفال واليافعين والشباب والمهتمين).
تحدث الزويتني عن الترجمة المرتبطة بالنص القانوني، والتي تحضر اليوم في المغرب بشكل لافت، عكس الترجمة المرتبطة بالنص الأدبي والتي تظل اجتهادات فردية، وتعوزها أحيانا الكثير من المهنية. وقللت الباحثة والمترجمة ثريا وقاص من سؤال الانتقال الى سياق لغوي آخر، في حديثها عن الأمور التقنية المرتبطة بفعل الترجمة، إذ تظل المهنية والدراية اللغوية، وهي تنضاف الى المعرفة بآليات النص وبالسياق الإبداعي، تكاملا خلاقا لتفعيل ترجمة أكثر إخصابا.
ضمن سياق المحاورات، والتي لخصتها دار الشعر بمراكش في أقانيم محددة، استقصت أسئلة الترجمة والسياسات اللغوية في المغرب والعالم العربي.. في سؤال يهم امتلاك وعي نقدي ومعرفي بل واستراتيجية لترسيخ ومأسسة فعل الترجمة اليوم. وأيضا انتقالا الى النص المترجم، بما يؤشر على سؤال يهم سفر النص من سياق لغة الى لغة ثانية أو ثالثة أو أحيانا الى سياق سفر داخلي للنص الإبداعي.. في قدرتنا على التحكم في سياق الانتقال عندما يتعلق الأمر بتلمس حضور الآخر في النص المترجم. كما تناول النقاش، وعلاقة بتجسير الهوة ومسألة الأنا والآخر في علاقة بقضايا الترجمة الأدبية (النص الشعري)، تضيق المسافة بالإشارة الى الآخر في الترجمة، أو بمعنى أدق محاولة تحديد سمات الآخر في الترجمة، خصوصا لحظة الانتقال من سياق أول (هنا النص الإبداعي كما كتب وتم تأليفه بلغته الأصلية) والنص المترجم (النص الثاني)، انتهاء باليوم، في ظل ما نشهده من انمحاء كلي لهذه «الفوبيا» القبلية من «الآخر»، في مقابل صور تشظي والتباساته، نظرا لهذا الحضور اللافت للنصوص بين نصوص في لعبة تناصية تجاوزت الحدود، بحيث أصبحنا لا نميز بين الأصل والفرع، كما أشار ذات يوم الباحث عبدالسلام بنعبدالعالي، فهل أصبح «الآخر» هو من يحدد أفق كتابتنا، وغدت الترجمة نمط وجود لا حركة تأليف فقط.
خص الشاعر والمترجم والباحث نورالدين الزويتني، رواد دار الشعر بمراكش، بنص شعري جديد قرأ جزء منه يلامس هذا الترحال الأبدي للكينونة بين أقاصي «المجهول»، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالشعر ورغبته في تأمل مسارات أرواحه الداخلية. فيما قدمت الشاعرة والمترجمة ثريا وقاص نصوصا شعرية شذرية قصيرة، في مقولة الوفاء تقول وقاص: «هل تعرف لماذا يشبه الوفاء القمر؟/ لأنه يبقى/ حين تنطفئ كل الأضواء حولك»..


بتاريخ : 02/07/2025