متابعات : مركز روافد بخنيفرة يستأنف نشاطه بحفل توقيع كتاب «نهر أم الربيع: الذاكرة والتاريخ»

 

ترسيخا لقاعدة النقاش حول مختلف المواضيع والمجالات التي تستدعي تعميق الرؤى حولها، وانسجاما مع أهدافه الرامية إلى التعريف بالتراث المحلي وتثمينه، عاد «مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام» بخنيفرة، بعد جائحة كورونا، لاستئناف نشاطه بلقاء علمي حول كتاب «نهر أم الربيع: الذاكرة والتاريخ»، لكاتبه ذ. لحسن رهوان، وذلك بمشاركة الباحثين د. إدريس أقبوش، د. جواد التباعي، ذ. حوسى جبور، فيما اختير لمهمة تسيير وإدارة هذه المحطة، ذ. جواد صابر، وقد عرف اللقاء حضورا نوعيا متميزا من المهتمين والجمعويين والمبدعين والباحثين والفاعلين المدنيين في المجالات الثقافية والتاريخية والفنية والإعلامية
. تزامنت أشغال «ندوة أم الربيع» مع «اليوم العالمي للماء»، افتتحت ب «كلمة مركز روافد»، على لسان أيقونة المركز، الشاعرة نعيمة قصباوي، التي استهلتها بمدخل حول «دور العمل الجمعوي الجاد في ربط جسور التواصل بالمهتمين في مختلف حقول المعرفة»، لتتطرق للطابع الخاص الذي يحمله اللقاء، باعتباره «يدخل أساسا ضمن خانة الاحتفاء بإصدارات مركز روافد»، ومنها باكورة عضو المركز، الباحث ذ. لحسن رهوان، حول نهر أم الربيع العظيم، و»الذي قلما نعثر على شبيه له في مقاربات أكاديمية، لما تميز به من جدة وسبق، تجعل منه عملا مؤسسا في مجال تخصصه›.
ولم يفت كلمة المركز التذكير بتزامن اللقاء مع «الحملة الوطنية لاحتجاج المثقفين»، والتي أطلقها الكاتب شعيب حليفي، وانخرط فيها العديد من الكتاب والمبدعين والأكاديميين، لـ «إبراز أدوارهم في الدفاع عن الثقافة والمثقفين» و»في الحق في التعبير الفني والفكري» والدعوة للاحتجاج بهذا المعنى، هي «تعبير عن الحق في الحياة، والنقد، والإبداع، ودفاعا عن المجتمع المغربي، وقيمه الثقافية، وتماسكه الاجتماعي»، حيث لم يفت مركز روافد الإعلان عن انضمامه لباقي الأصوات التي تطالب بجعل يوم 26 مارس من كل سنة، يوما وطنيا لاحتجاج المثقفين المغاربة.
ومن جهته تقدم عضو مركز روافد، ذ. جواد صابر، بتلاوة أرضية اللقاء، واضعا الحضور، من خلالها، في سياق «التطورات التي عرفتها العلوم بمختلف فروعها، وما برز من اتجاهات تحاول تجاوز التاريخ العام لتركز على التاريخ بكل تمفصلاته»، لينطلق من «دور التاريخ المحلي في إبراز ما تزخر به مختلف مناطق المغرب من تراث عريق وأصيل متعدد الروافد»، واستضافة المركز لأحد أعضائه لتقديم باكورة أعماله التي تتناول أحد المكونات الرئيسية للتراث الطبيعي للمنطقة، نهر أم الربيع»، وهو الباحث لحسن رهوان وكتابه الذي قدم له الباحث والروائي عبد الكريم جويطي .
بعد ذلك، انطلق د. إدريس أقبوش، في مداخلته العميقة، من الجانب الشكلي، وغلاف كتاب «نهر أم الربيع: الذاكرة والتاريخ» من خلال محاولة قراءة أبعاد الصور والألوان المعتمدة، قبل انتقاله إلى «أهمية هذا الكتاب، كمساهمة في التاريخ المحلي لأحد المنتمين لمجال الدراسة»، ما يعطي للموضوع «مكانة علمية متميزة»، فيما تناول د. أقبوش مضامين الكتاب من خلال «تقديم ملخص حول مضمون الكتاب».ولم يفت الباحث التأكيد بأن عمل ذ. لحسن رهوان «سيشكل بدون جدال ولا شك مرجعا للأجيال الصاعدة، ومصدرا لا غنى عنه لمن أراد أن يتعرف على تاريخ نهر أم الربيع ومكانته منذ القدم».
أما د. جواد التباعي، فاستهل ورقته القيمة بما ذكره المؤلف ذ. لحسن رهوان حول «الصعوبات التي واجهها في التاريخ المحلي الزياني، والتهميش الذي عاناه مجال الدراسة بغاية إبراز غنى الموروث الثقافي للنهر»، قبل الانتقال بتحليله العميق لفصول الكتاب انطلاقا من «قراءة الفصل المتعلق بتسمية النهر، من خلال الأبحاث والدراسات والروايات الشفهية، العربية والأمازيغية، واختلافها من قرن لآخر، والأكثر استعمالا عبر التاريخ»، ومعانيها بين «بوانسيفن» أو بويسافن، اسيف ن ايسافن» إلى تسمية «مُربيع» التي تعني صاحب الخير، وتعريبها ب «أم الربيع» الجاري حاليا على الألسن عامة.
ولم يفت د. التباعي القول ب «أن لو سلمنا بأن أصل التسمية هو «م ربيع» فإننا نعتقد أن الأصل فيها مُ ربيع أي منطقة «اجتماع القبائل» عند رأس النهر، حيث الماء والخضرة والوجه الحسن التي يتطلبها فض النزاعات القبيلة، خاصة خلال فصل الربيع، وهو الأمر الذي تجسده احتفالات «تيفسا» و»أجموع إعريمن»، ومن ذلك تطرق المتدخل لمرحلة نشأة التجمعات البشرية على ضفاف النهر، من خنيفرة وتادلا وأزمور، وموقفه من الروايات المتسلسلة، منذ القدم، حول اسم «خنيفرة».
وبدوره، لم يفت ذ. حوسى جبور، ضمن مداخلته المائزة، اعتبار الكتاب «إضافة تاريخية ونوعية للخزانة المحلية والمغربية، ومساهمة قيمة في سد النقص الحاصل، وخاصة في التاريخ المحلي لإقليم خنيفرة»، حيث سعى الكاتب من خلال هذا الإصدار إلى «المساهمة في إحياء تراث المنطقة، عبر النبش في التراث المحلي المرتبط بنهر ام الربيع»، مبرزا «أهمية وضرورة العناية بالبحث في هذا التراث الذي يعد جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للتجمعات المحلية، فضلا على اقترانه بتشكيل مكونات الهوية التي تعكس مختلف الخبرات والممارسات التي مرت بها التجمعات البشرية التي استوطنت المجال الجغرافي لنهر أم الربيع». ومن هنا، أكد ذ. جبور أن عمل ذ. رهوان «يسائل التراث وجوانبه المختلفة، الطبيعية والتاريخية والتراثية غير المادية، رغم الصعوبات التي تكتنف الكتابة التاريخية المحلية بسبب ندرة المصادر وغياب البحث الاركيولوجي»، ورغم ذلك فقد اتبع الباحث «المنهج الوصفي التحليلي، بعمل توثيقي لجوانب من التراث المائي لمجال نهر أم الربيع من خلال استثمار الكثير من الوثائق التي استثمرها في تسليط الضوء على النماذج المختلفة للتُراث العُمراني والتي تزخر بها منطقة».
وقد توقف ذ. جبور لقراءة فصول الكتاب، انطلاقا من الأدوار التي لعبها نهر ام الربيع في تاريخ المجال الوطني والمجال الزياني، وأشكال العمارات الدينية والعسكرية والمواصلات، والمزارات والأضرحة والزوايا، المشيدة على طول مجراه، ثم المناطق المحاذية له، ومنها الزوايا، الدلائية، تامسكورت، الامرانية، سيدي علي أمهاوش وغيرها، ومن ذلك إلى قراءة في الأهمية الاقتصادية لهذا النهر، قبل استعراض المتدخل لما استقاه من الكتاب، كصيحة لصون التراث المحلي والمائي، والضرورة لنشر الوعي الاثري بتوجيه المجتمع نحو أهمية هذا التراث في غياب مؤسسة عمومية بالإقليم تعنى به.
وعلى هامش اللقاء، تقدم القاص والناقد، ذ. حميد ركاطة، بشهادة في حق الباحث ذ. لحسن رهوان، كإنسان، وكمربي، وفاعل جمعوي وباحث رصين، وكرجل متميز بصدقه وجرأته وأنفته، وشخص مسالم وهادئ وحكيم، وكأستاذ صانع الأجيال، إلى حين كان من مؤسسي مركز روافد، وطرحه لمشروع «ملتقى التراث» الذي نظمه هذا المركز، وخروجه بكتاب ينتصر للبحث الأكاديمي بالكشف عن أسرار نهر أم الربيع، دون أن يفوت ذ. ركاطة الإشارة لإشراف ذ. رهوان على نادي التربية على التسامح بإعدادية م. عبدالله، رفقة أطر آخرين، ولكتيب «جوانب من تاريخ مدينة خنيفرة « الذي أصدره هذا النادي.
وقبل إسدال الستار على أشغال اللقاء تم فتح باب المناقشة للحضور الذي ساهموا في إغناء اللقاء بنقاشاتهم الهادفة وتفاعلهم العميق وأسئلتهم العلمية، ثم تسليم شهادات تقديرية على المشاركين وثلة من الفاعلين، دون أن يفوت عريس اللقاء، ذ. لحسن رهوان، التقدم بكلمة مؤثرة قام فيها بتوجيه تشكراته وامتنانه لمنظمي اللقاء، والمشاركين والحاضرين في حفل توقيع كتابه، كما شكر بحرارة كل من ساعده في إنجاز عمله من قريب أو بعيد.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 07/04/2022