تعتبر مقبرة سيدي محمد بلمليح واحدة من أماكن تجمعهم الكثيرة
أضحت ظاهرة التسول أو ما يطلق عليها بـ «السعايا» بمدينة المحمدية، مثلها كمثل العديد من المدن المغربية، تتزايد بشكل كبير وملحوظ في الآونة الأخيرة في أغلب شوارع وأزقة المدينة، خصوصا في الأسواق الشعبية والساحات العمومية وفي الشوارع الرئيسية، فعندما تجوب مثلا بين دروب «القصبة» وهي المدينة القديمة لمدينة الزهور، المعروفة برواجها وحركيتها التجارية، تصطدم بأعداد هائلة من المتسولين من مختلف الفئات العمرية من أطفال صغار، نساء، رجال وشيوخ، إذ اتخذ الكثير منهم التسول «مهنة» يومية لجمع المال بطريقة سهلة دون تعب، فمنهم من يلجأ إلى استخدام الأطفال أو ادعاء المرض أو الإعاقة، ومنهم من يستعمل الدين لجذب عطف الناس، ومنهم من يستعمل «التمثيل» لدفع الناس إلى التصدق عليهم .
ظاهرة، تعرف انتشارا كبيرا يوما عن يوم، إذ أصبح المواطنون يصادفون بشكل يومي جميع أنواع التسول، فهذا يستجدي المارة رفقة أطفال أو أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والآخر يعرض على الناس وثائق طبية يدّعي من خلالها إصابته بمرض مزمن، وذاك يقصد راكبي حافلات النقل بدعوى أنه له ديون، فيما أحدهم يطرق أبواب المنازل بدعوى جمع المال اللازم لاقتناء مستلزمات دفن أحد الموتى المفترضين، لتتعدد بذلك الأشكال لكن المضمون واحد وهو التسول.
تسول بصيغ متعددة، بات يشكّل إزعاجا كبيرا للمواطنين، حيث عبّر عدد من سكان المحمدية في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، عن الاستياء الكبير والغضب العارم من هذا الوضع الذي يقتحم الحياة والمساحات الخاصة للأشخاص، وفي هذا الإطار أوضح «عبد الإله»، وهو من ساكنة «لاكولين»، بأن أعداد المتسولين بشوارع المدينة، خاصة في الأحياء الشعبية، تزايد بشكل كبير، مضيفا بأن الفقر يدفع عددا من الأشخاص إلى التسول، دون أن ينفي وجود محتالين يفسدون على المحتاج الحصول على صدقة، بعد أن أصبح المواطن لا يعرف من هو الفقير الحقيقي ومن هو المزيف؟
ولأن المتسولين المحترفين يبحثون عن كل الظروف التي تساعدهم على استجداء عطف الناس، فقد انتقلت «الاتحاد الاشتراكي»، إلى مقبرة سيدي محمد بلمليح بالمحمدية المعروفة بمقبرة النسيم، هناك وقفت الجريدة على أن هذا الفضاء أصبح نقطة تجمع لعدد كبير للمتسولين والمتشردين، خاصة في يوم الجمعة المعروف بزيارة المواطنين لقبور أحبتهم، وتبين بأن المتسولين المتواجدين من بينهم أشخاص ينحدرون من دول جنوب الصحراء، ومغاربة من مناطق مختلفة، فمنهم من جاء من مدن ودواوير مجاورة للمدينة، الذين يقفون عند مدخل المقبرة مشكلين عرقلة وإزعاجا، الأمر الذي أغضب الكثير من رواد المقبرة، وفقا لتصريحات استقتها الجريدة من عدد منهم، الذين لم يفوتوا الفرصة لتوجيه مناشدة للمسؤولين من أجل التدخل العاجل، وللعمل على الاعتناء بهذه المقبرة، وإزالة كل ما يمسّ بحرمة الموتى .
وعلاقة بالموضوع، فقد عاقب المشرّع على جريمة التسول في الفصل 326، كل من كانت لديه وسائل العيش أو كان بالإمكان الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة لكنه اعتاد ممارسة التسول، بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر، ليأتي في الفصل 327 ويشدد العقوبة حيث رفعها إلى الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة في حق كل متسول ولو كان ذا عاهة أو معدوما لكنه استعمل وسائل التهديد أو التظاهر بالمرض أو تعود اصطحاب طفل من غير فروعه أو التسول جماعة.
بدوره كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد نشر نتائج استشارة مواطنة التي تم إنجازها عبر المنصة التفاعلية للمجلس «أشارك»، في إطار إعداده لرأي حول «ممارسة التسول بالمغرب»، بيّنت بأن 99 في المائة من المشاركات والمشاركين اعتبروا التسول «ظاهرة اجتماعية خطيرة»، وربطوا أسباب هذه الخطورة بكون التسول يؤثر في اتساع رقعة الفقر ويمس كرامة الشخص ويهدد النظام العام. من جهتها كشفت وزارة الداخلية السنة الماضية، خلال الفترة ما بين شهر يناير وماي، عن تسجيل 14324 قضية متعلقة بظاهرة التسول، تم بموجبها توقيف 15908 أشخاص.
صحافي متدرب