3 آلاف طبيب و 11ألف ممرض يواجهون الجائحة بالمراكز الصحية للقرب.. والإنهاك طال المكلفين بكوفيد في المستشفيات
أعلنت وزارة الصحة قبل أيام عن قرارها الاستعانة بالأطباء والممرضين بالمراكز الصحية لمواجهة اتساع رقعة انتشار فيروس كوفيد 19، في محاولة منها لتطويق الجائحة وتمددها، من خلال سنّ مساطر جديدة للتشخيص المبكر، حتى يتسنى التكفل بالمرضى المحتملين في المراحل الأولى للمرض وتفادي تدهور وضعهم الصحي واحتياجهم لسرير بمصالح العناية المركزة والإنعاش.
خطوة وزارة الصحة تعترضها العديد من الصعوبات والإكراهات، للقيام بهذه المهمة الجديدة، إلى جانب باقي المهام الأخرى المتمثلة في التكفل بالبرامج الصحية المتعددة، من تلقيح وتكفّل بالأمراض المزمنة ومراقبة تطور حمل الحوامل وغيرها، خاصة وأن عدد الأطباء العاملين بالمؤسسات الصحية الأولية يبلغ 3321 طبيبا، وفقا لإحصائيات رسمية، أي بمعدل طبيب لكل 11763 نسمة، في حين أن عدد الممرضين وتقنيي الصحة يصل إلى 10 آلاف و 63 مهنيا، أي بمعدل ممرض وتقني صحة لكل 3725 نسمة، وهو ما يبين وبالملموس حجم التحديات التي تواجه منظومة الرعاية الصحية الأولية باعتبارها ركيزة أساسية للنظام الصحي.
بالمقابل تواصل فئة بعينها من مهنيي الصحة التكفل بالمرضى بالمستعجلات ومصالح كوفيد 19 في المستشفيات، منذ مطلع شهر مارس إلى اليوم، مما تسبب في إنهاك الكثيرين وإصابة غيرهم بالعدوى وتفشي موجة من التذمر، بسبب غياب مبدأ التحفيز من جهة، وعدم اعتماد المساواة في المهام من جهة ثانية، وفقا لمجموعة من المهنيين، بالنظر إلى أن هناك من لم يشارك في هذا العمل الوطني إلى غاية اليوم، وكأن هذه المهمة باتت حكرا على فئة دونا عن غيرها، وهو ما يطرح سؤالا عريضا حول الكيفية التي يتم بها تدبير الموارد البشرية المتوفرة في التخفيف من منسوب الضغط على المؤسسات الصحية، سواء في تعاملها مع المرضى المؤكدة إصابتهم أو المحتمل تعرضهم للعدوى أو المصابين بأمراض أخرى وهم في حاجة إلى خدمات صحية مختلفة.
وضع يسائل القائمين على تدبير الشأن الصحي في المديريات الجهوية والإقليمية، خاصة في المناطق التي يتفشى فيها الفيروس بكثرة وترتفع الاحتياجات الصحية المختلفة للمرضى، بعيدا عن الاستثمار الناجع للموارد البشرية المتوفرة، سواء التي تستفيد من التفرغ النقابي، علما بأن عددا كبيرا عبّر عن التحاق تلقائي، أو الموارد الأخرى المنصرفة لتدبير أمور إدارية، في الوقت الحالي الذي تحتاج فيه المنظومة الصحية لكفاءتها وخبرتها الصحية لا الإدارية، التي يمكن لغيرها القيام بها، وهو الأمر الذي يجب تداركه لتقديم الدعم للموارد البشرية المتواجدة في قلب الجائحة وتواجه الفيروس بضراوة منذ أشهر.
وتتطلب مواجهة الجائحة الوبائية التي تتسع رقعتها يوما عن يوم، إلى جانب التدبير السليم والعقلاني للموارد البشرية التي تتوفر عليها وزارة الصحة، الاستعانة بأطباء الطب العام في القطاع الخاص من أجل تجاوز الخصاص، والمساهمة في الفحص والتوجيه والتكفل بالمرضى المصابين الذين يخضعون للعلاج في منازلهم، ومتابعتهم يوما بيوم، بما أن هذه العملية باتت متعذرة على أطر وزارة الصحة وهو ما تؤكده شهادات عدّة لمرضى، الذين منذ تأكدت إصابتهم وتسلموا الدواء لم يستفسر أي مسؤول صحي عن صحتهم ولا عن تطور مرضهم، سواء إيجابا أو سلبا. نقص وخصاص يمكن كذلك تجاوزه من خلال الاستعانة بمهنيي الصحة المتقاعدين لتعزيز جبهة محاربة الجائحة، وتمكين المرضى من التكفل بهم في هامش زمني معقول ومنطقي يجنبهم السقوط في المضاعفات الوخيمة وما يترتب عنها من تعبات وانتكاسات بكلفة صحية واقتصادية واجتماعية وخيمة.
إجراءات قابلة للتحقيق، لكن التأخر في ذلك أو التقاعس عنه، لن يؤدي إلا لمزيد من الضغط على الموارد البشرية المتواجدة في ساحة الحرب ضد الجائحة، وستترتب عنه تبعات متعددة الأبعاد، سيدفع كلفتها المهنيون المجنّدون لتلبية نداء الواجب والمرضى الذين لن يجدوا أمام العبء القائم من يتكفّل بوضعهم الصحي، وسيترتب عنه المزيد من الإصابات والوفيات ونشر أكبر للعدوى؟