تسعى كل من الرباط والجزائر إلى توطيد علاقاتهما الاقتصادية خاصة مع الحليف الأسيوي الصين، وتهدف الجزائر من خلال ذلك إلى التخفيف من حدة ووقع الاختناق الاقتصادي الذي تعيشه، بسبب النقص في عائدات الدولة من الغاز والبترول، أما بالنسبة للرباط فهي تسعى عن طريق شراكتها التي انطلقت مع بكين في سنة 2016، وحسبما أوضحت مجلة «جون أفريك» الناطقة بالفرنسية في عددها الأخير، إلى خلق موطئ قدم لها في الصين من خلال تقوية الرابط الاقتصادي. ورغم تعدد الأسباب التي يمكن حصرها في النطاق الاقتصادي، إلا أن الجارين المغاربيين يسعيان كل من جهته، إلى استقطاب أكبر عدد من الاتفاقيات مع التنين الصيني.
وقالت الاسبوعية في مقال لها تحت عنوان «الجزائر المغرب: تصوران للفرصة الأسيوية» إن الشراكة الصينية المغربية حديثة العهد، حيث شكلت الزيارة الملكية لبكين سنة 2016 ولقاء جلالته مع رئيس وزراء الصين نقطة التحول الحقيقية في العلاقات بين البلدين. وقد ساهمت مجموعة من العوامل في الإعداد لهذا التعاون الثنائي وتعبيد الطريق لتحقيقه، من قبيل اللقاء الذي نظمته المجموعة البنكية «البنك المغربي للتجارة الخارجية» الذي حضره السفير الصيني في الرباط إلى جانب مستشار جلالة الملك، فؤاد عالي الهمة.
وعلى العكس من الجارة الجزائر، ترى الرباط في الصين شريكا اقتصاديا قادرا على تعزيز وجودها في القارة السمراء من خلال تمكينها من قوة في استراتيجيتها كمنصة إفريقية وليس فقط مجرد «موفر للخدمات». وقال ثيري بيرولت المتخصص في الشؤون الصينية : «إن المملكة المغربية لا تمكن الصين من دور محدد للشريك الصيني، لكنها تقترح عليه أن ينخرط ضمن استراتيجيتها الصناعية».
وهكذا، اختار كل من بنك الصين والمتخصص في التجهيز الاتصالاتي «هواوي»، الانضمام الى المنصة المالية لمدينة الدارالبيضاء «كازابلانكا فايننس سيتي» بهدف تطوير عملياتهما القارية، ويظهر الحضور الصيني في الاقتصاد المغربي عبر شركات غربية متواجدة في المغرب، ونهاية شهر يوليوز الماضي وقعت المجموعة الصينية المتخصصة في صنع إطارات الألمنيوم للسيارات «سيتيك ديكاستال»، التي تقدم خدمات مناولة بمعية مجموعتي «رونو و «بي إس أ» للسيارات، اتفاقا مع وزارة الصناعة، من أجل إحداث منشأة للإنتاج بالمنطقة الحرة بمدينة القنيطرة بقيمة استثمار ناهزت 350 مليون أورو، مقابل 2 مليون أورو خلال سنة 2011، حيث ناهز مجموع الاستثمارات الصينية 582 مليون درهم خلال الربع الأول من سنة 2017.
وتجسيدا لاهتمام الرباط بشريكه الجديد، كان المغرب البلد المغاربي الأول الذي أعلن مشاركته في مشروع «طرق الحرير الجديدة»، مقارنة بالجزائر التي لم تجعل مشاركتها رسمية بعد.
وفي أعقاب هذا الاتفاق تقدم البنك المغربي للتجارة الخارجية، بطلب فتح فرع له بالصين وتحديدا بمحافظة شنغهاي، وتمت الموافقة عليه بداية شهر يونيو الماضي.
هذا وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، الاثنين، أن بلاده ستقدم تمويلا بقيمة إجمالية قدرها 60 مليار دولار، وستنفذ مع الدول الإفريقية ثماني مبادرات كبرى خلال السنوات الثلاث المقبلة وما بعدها.
وقال الرئيس شي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لقمة بكين 2018 لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، التي يشارك فيها المغرب، إن التمويل يشمل منحا، وقروضا بلا فائدة وقروضا ميسرة بقيمة 15 مليار دولار، وخطوط ائتمان بقيمة 20 مليار دولار، وإحداث صندوق خاص لتمويل التنمية بقيمة 10 مليارات دولار، وصندوقا خاصا لتمويل الاستيراد من إفريقيا بقيمة 5 مليارات دولار، وتشجيع الشركات الصينية على تنفيذ استثمارات في إفريقيا بقيمة لا تقل عن 10 مليارات دولار، مضيفا أن الثماني مبادرات الكبرى ستغطي مجالات مثل التعزيز الصناعي وربط البنية التحتية وتيسير التجارة والتنمية الخضراء.
مجلة «جون أفريك»: المغرب يسعى إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين
الكاتب : المهدي المقدمي (صحافي متدرب)
بتاريخ : 05/09/2018