مجموعة «بيتلز» رمز وحشية تنظيم الدولة الإسلامية

صارت مجموعة “بيتلز” التي عرفت بوحشيتها رمزا للجهادية المعولمة، وقد أ طلق عليها هذا الاسم الرهائن التي أمسكتهم بسبب اللكنة الإنكليزية لأعضائها الأربعة الذين نقل اثنان منهم للولايات المتحدة حيث ستجري محاكمتهما.
وما زالت تطرح أسئلة كثيرة حول مساراتهم. لكن شهرتهم تعود أساسا لجرائم ارتكبوها باسم تنظيم الدولة الإسلامية.
كيف أمكن لهؤلاء العناصر الذين نشروا الرعب حمل اسم ودود كهذا؟ يقول نيكولا هينين لوكالة فرانس برس إنه جاء نتيجة رد فعل تلقائي لدى الرهائن، وقد وقع هو نفسه رهينة في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية لمدة عشرة أشهر، ووضع خاصة تحت مراقبة هذه المجموعة.
وأضاف أنه “منذ اليوم الأول، وحيدا في الزنزانة، منحت سجاني ألقابا. إنها طريقة للالتفاف على إخفائهم هوياتهم، للاستهزاء بهم. أطلقت على السجان المفضل لدي لقب ‘كريتينو’… هذا جزء من ردود فعل الرهينة من أجل البقاء”.
اللكنة البريطانية كان لها الدور الأكبر. وفق الصحافي الفرنسي السابق الذي صار مستشارا في مكافحة الإرهاب، يعود أصل التسمية إلى الرهينة جان كانتلي، المراسل الحربي و”المعجب بشدة بموسيقى الروك أند رول”.
الوجه الأشهر في مجموعة “بيتلز” هو محمد إموازي المعروف بلقب “جون الجهادي” الذي قتل في ضربة لطائرة مسيرة أمريكية في سوريا خلال نوفمبر 2015. وقد ظهر في عدة أشرطة ذبح مصورة.
أما إين ليسلي ديفيز (المعروف بلقب “بول”، وهو الأقل بروزا) فقد أوقف في تركيا بتاريخ 13 نوفمبر 2015. وأدانته محكمة تركية بالسجن سبعة أعوام ونصف على خلفية تهم إرهابية.
ورحل للتو ألكسندا آمون كوتي (المعروف باسم “رينغو”) والشافعي الشيخ (المعروف بـ”جورج”) إلى الولايات المتحدة بعد أن كانا محتجزين في العراق. ويتهم كلاهما بالمسؤولية عن احتجاز وقتل أكثر من 27 رهينة، وفق مراكز أبحاث أميركية.
وأكدت تانيا مهرا الباحثة في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي أن “بعض الجرائم التي ارتكبتها مجموعة بيتلز ترقى لجرائم الحرب، خاصة احتجاز الرهائن والتعذيب والاغتصاب وعمليات قطع الرؤوس المصورة في أشرطة فيديو”. وكوتي والشيخ “متورطان في بعض هذه الجرائم”.
في أوج شهرتها، اكتسبت مجموعة “بيتلز” سمعة متينة في أوساط “الخلافة”. قالت آن سبيكارد وأدريان شايكوفشي عقب لقائهما كوتي في زنزانة بسجن المنطقة الكردية (روج آفا) في شمال وشرق سوريا إن “طرقهم السادية لم يكن لها حدود، وشملت الصلب والإغراق وعمليات الإعدام الوهمية”.
وأضاف الباحثان في دراسة نشرها المركز الدولي لدراسات التطرف العنيف أن الناجين تحدثوا عن “تصويب مسدسات إلى الرؤوس، ووضع سيوف على الرقاب، والضرب والتعذيب بالصعق” وجلسات إعدام مصورة.
ساهمت تلك الوحشية في تكوين هيبة للمجموعة في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية. يؤكد نيكولا هينين أنهم “كانوا يعتبرون أنفسهم قوات خاصة للخلافة”، ولديهم “مستوى عال من الغرور، وقناعة عالية بأنفسهم وازدراء بالوقائع”.
وفر لهم ذلك صلة مباشرة مع المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني، و”الخليفة” العراقي أبو بكر البغدادي. في تصريح لفرانس برس، شدد دان بايمان الأستاذ والخبير في الحركات الجهادية بجامعة جورج تاون أن عناصر المجموعة “استفادوا من شهرتهم”. وأضاف أنه “كانت لهم مسحة ‘صلابة’ سحرية شجعت بعض الأفراد على الأقل للالتحاق بالجماعة”.
وذكر بيار كونيسا الموظف الكبير السابق في وزارة الدفاع الفرنسية ومؤلف كتاب حول الموضوع، أن استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية ارتكزت على إطلاق حملات اتصالية متعددة اللغات، عبر أشرطة فيديو بمعايير هوليودية تحمل رموزا مفهومة لدى الأجيال الشابة.
وأضاف أن “إحدى أفضل الطرق للوصل إلى مناصب عليا هي تولي مسؤولية التجنيد عبر اللقطات جيدة الإخراج”، فتلك “طريقة أفضل للحصول على مكانة تميزهم عن المقاتل القاعدي”.
حاليا، صار الملف في أيدي القضاء الأمريكي. وعب ر مايك هاينز، شقيق ديفيد هاينز الذي قتلته مجموعة “بيتلز” عام 2014، ومؤسس جمعية “غلوبال أكتس أوف يونيتي”، عن ارتياحه لانتهاء نزاع قضائي طويل من أجل ترحيلهما من العراق.
وقال لفرانس برس “لقد كانت معاناتنا مؤلمة، وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية انتظارا طويلا”. واستدرك “لكن لدي ثقة في العدالة ولا يمكنني سوى مواصلة تحديهم (…) عبر تشجيع التسامح وإبراز مخاطر وتداعيات سلوكياتهم الوحشية”.

جهاديان ينكران

أنكر جهادي أن من خلية “بيتلز” في تنظيم الدولة الإسلامية تهم احتجاز رهائن أميركيين وقتلهم، وذلك في أولى مراحل محاكمتهما الجمعة في الولايات المتحدة.
وعرض ألكسندا كوتي (36 عاما) والشافعي الشيخ (32 عاما)، عبر الفيديو، على محكمة في الإسكندرية قرب واشنطن.
ورفض الرجلان، عن طريق دفاعهما، الإقرار بارتكاب الجرائم المنسوبة إليهما، وطلبا أن يحاكما من طرف هيئة محلفين، كما تنازلا عن حقهما في محاكمة سريعة خلال 90 يوما، وهو أمر غير ممكن وفق كل الأطراف المعنية نظرا لتعقيد الملف.
وقال القاضي تي. إس. إليس “آمل في تنظيم أسرع محاكمة ممكنة” لكن “الوقت ضروري لتحقيق العدالة في هذه القضية”، وحدد 15 يناير موعدا لجلسة الاستماع المقبلة.
وسيتم نقل أدلة الإدانة التي تحوي معلومات سرية إلى محاميي المتهمين اللذين تم ترحيلهما الأربعاء من العراق إلى الولايات المتحدة ووضعا في الحجز في مكان سري بفرجينيا.
وقبل يوم، وجهت إليهما هيئة محلفين كبرى تهم خطف أربعة أمريكيين وقتلهم، هم الصحافيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف والعاملان في المجال الإنساني كايلا مولر وبيتر كاسينغ.
نشأ الرجلان في المملكة المتحدة وصارا متطرفين هناك، قبل انضمامهما إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عام 2012، وقد أسقطت عنهما لاحقا الجنسية البريطانية.
وهما عضوان في خلية من أربعة أشخاص، تقول مراكز دراسات أمريكية إنها مسؤولة عن خطف وقتل 27 شخصا بينهم مدنيون سوريون.
وقال الباحثان آن سبيكارد وأدريان شايكوفشي عقب لقائهما كوتي في زنزانة بسجن المنطقة الكردية (روج آفا) في شمال سوريا إن “طرقهم السادية لم تكن لها حدود، وشملت الصلب والإغراق وعمليات إعدام وهمية”.
وقتل أبرز وجوه مجموعة “بيتلز” محمد إموازي الذي عرف بكنية “جون الجهادي” خلال غارة أميركية في سوريا في 25 نوفمبر 2015.
وقبض على كوتي والشيخ في يناير 2018 من طرف قوات سوريا الديمقراطية، ثم وضعا تحت رقابة الجيش الأمريكي في العراق في أكتوبر 2019 أثناء الهجوم التركي على شمال سوريا.
أما رابع المجموعة، آين ديفيز، فهو مسجون في تركيا على خلفية تهم إرهابية.
كانت الولايات المتحدة تقدمت اعتبارا من 2015 بطلب إعانة قضائية لدى السلطات البريطانية للحصول على أدلة ضد الرجلين.
لكن لندن “علقت” التعاون عام 2018. وجاء ذلك بعد تلقي الحكومة البريطانية وابلا من الانتقادات لإحجامها عن المطالبة بعدم إنزال عقوبة الإعدام بحقهما في حال محاكمتهما، ما عد خروجا عن معارضتها المبدئية لعقوبة الإعدام.
والتزمت الولايات المتحدة نهاية غشت بعدم الحكم بالإعدام على الرجلين. في أعقاب ذلك استأنف القضاء البريطاني التعاون القضائي، ما سمح بتقديم أدلة مهدت لتوجيه تهم للرجلين وترحيلهما.
وأشادت عائلات الضحايا الأمريكيين في بيان بـ”الخطوة الأولى في مسعى لتحقيق العدالة”.
وقالت ديان فولي، والدة الصحافي جيمس فولي، لوكالة فرانس برس “آمل أن يؤدي ذلك لمحاكمة آخرين لايزالون مختبئين ربما في مناطق أخرى من أوروبا أو في مخيمات للاجئين”.


بتاريخ : 13/10/2020

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *