قام أطفال القدس المشاركون في الدورة السادسة عشرة للمخيم الصيفي، دورة “حارة المغاربة”، يوم السبت بزيارة إلى مدينة تطوان، حيث أتيح لهم الاطلاع على تجربة البعثة التعليمية الأولى التي قادت تلاميذ مغاربة إلى مدرسة النجاح في نابلس عام 1928. وقدمت لهم خلال هذه الزيارة صورا لهذه البعثة عبر شاشة تفاعلية نصبت في مدرسة الصنائع والفنون الوطنية في تطوان، محاكاةً لرحلة الطلاب المغاربة إلى فلسطين، وتوضيح أثرها في تعزيز العلاقات بين الشعبين المغربي والفلسطيني من خلال الرواية الشفوية والوثائق التاريخية.
وتعكس هذه المبادرة، التي أشرفت عليها جمعية تطوان أسمير بشراكة مع مؤسسة محمد داوود للتاريخ والثقافة وبتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة بتطوان، معاني وقيم الحضور المغربي في فلسطين، وهو نفس المعنى الذي يحمل اسم “حارة المغاربة” الذي اختير للدورة الحالية للمخيم الصيفي. ويعود المشروع التربوي الذي قاد هذه البعثات، إلى الحاج عبد السلام بنونة (1888–1935)، أحد أبرز رواد الحركة الوطنية في شمال المغرب، حيث أرسلت أول بعثة مغربية إلى نابلس عام 1928، وتمكن العديد من هؤلاء الطلاب لاحقاً من ترك بصمات متميزة في المشهد السياسي والثقافي والإعلامي بعد استقلال المغرب.
وفي إطار البرنامج الثقافي للمخيم الصيفي، تجول أطفال القدس في دروب أزقة مدينة تطوان العتيقة، وتعرفوا على سمات العمارة المغربية الفريدة، وعلى المنتجات التقليدية المصنوعة يدويا، كما لمسوا من خلال كرم الضيافة مدى تعلق المغاربة بالقدس الشريف وحضور فلسطين في وجدانهم. وتأتي هذه الزيارة ضمن برنامج المخيم الصيفي الذي يستمر إلى غاية 26 غشت بمشاركة 50 طفلا وطفلة من القدس الشريف، وقد انطلقت فعالياته يوم 12 غشت بمدينة طنجة، بفعالية “المدرسة الصيفية” التي تنظمها وكالة بيت مال القدس الشريف، لفائدة أطفال مغاربة وفلسطينيين حول موضوع “لنجعل الألعاب الإلكترونية وسيلة للتربية والتعليم والترفيه”.
كما شملت الدورة زيارات لأطفال القدس إلى مدينة شفشاون يوم الخميس، إحدى المحطات المهمة في برنامج “حارة المغاربة”، حيث تعرفوا على تاريخ المدينة وامتدادها الطبيعي الجبلي الخلاب، وانطبعت في أذهانهم صورة الأزقة الزرقاء والمساحات التاريخية، كما لمسوا مشاعر التضامن والتعاطف التي يكنها المغاربة لأشقائهم الفلسطينيين. وتتيح هذه الزيارة للأطفال فرصة استكشاف التراث المغربي عن قرب، بما في ذلك المعالم التاريخية والمشاريع التنموية التي تعرفها المملكة، إضافة إلى الانخراط في مسابقات فنية ورياضية تجمعهم بأقرانهم المغاربة.
ويستفيد الأطفال المشاركون في الدورة من ورشات موضوعاتية متنوعة، تشمل التربية على وسائل الحماية، والتعرف على الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتطوير المعارف، واستكشاف حدود الترفيه المسؤول عبر الألعاب الإلكترونية. كما يشمل البرنامج زيارات سياحية لمدن الدار البيضاء والرباط وطنجة وتطوان والمضيق، بما يمكنهم من الاطلاع على المشاريع الهامة التي تشهدها المملكة، وتجربة التبادل الثقافي المباشر مع أقرانهم المغاربة.
ويؤكد المخيم الصيفي لأطفال القدس، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التزام المملكة بتقوية أواصر الصداقة والتضامن بين الشعبين المغربي والفلسطيني، من خلال التعريف بتاريخ المغرب وتراثه الثقافي والفني، ونقل تجربة الحضور المغربي في فلسطين للأجيال الجديدة من الأطفال، بما يعزز قيم الانتماء المشترك والحوار الحضاري بين الشعوب.