أثارت تصريحات وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التي وجّه خلالها لوما شديدا لعدد من مديري المؤسسات التعليمية بسبب ما وصفه بـ «التقصير» أو «غياب المبادرة» في حلّ ما اعتبره «مشاكل صغيرة»، موجة من ردود الفعل داخل صفوف هيئات الإدارة التربوية. وعبّر العديد من المديرين عن استيائهم مما اعتبروه تعميما لـ «الإدانة وإهانةً لمجهوداتهم» في سياق مهني يزداد تعقيدا سنة بعد أخرى.
وفي تصريحات للجريدة أكد عدد من المدراء أن ما جاء على لسان الوزير كان قاسيا وغير منصف، مشيرين إلى أن الإدارة التربوية تعاني من خصاص في الموارد البشرية، وتشتغل في كثير من المؤسسات وسط ضغوط كبيرة، مع مسؤوليات متعددة تتجاوز أحيانا مهام المدير الأصلية. وأوضح أحد المديرين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بأن «تحميل المدراء مسؤولية كل المشاكل هو اختزال غير دقيق للواقع»، مشيفا بالقول «نحن نشتغل بإمكانات محدودة جدًا، ونقوم بأدوار بيداغوجية وتقنية ومالية، وأحيانًا حتى أمنية». ويرى عدد من المسؤولين الآخرين بأن تصريحات الوزير لم تُبرز الجوانب الإيجابية والجهود المبذولة في مؤسسات تعرف ظروفا صعبة، معتبرين أنها تمسّ من صورة وهيبة الإدارة التربوية بدل دعمها.
من جهة أخرى، يؤكد مقربون من الوزارة أن تصريحات الوزير جاءت في سياق دعوة إلى مزيد من الفعالية، وأن المقصود ليس إهانة المديرين بل تشجيعهم على المبادرة واتخاذ القرار وعدم انتظار الحلول الجاهزة في كل مرة، باعتبار أن ذلك هو جزء من سياسة تهدف إلى رفع مستوى الحكامة داخل المؤسسات التعليمية وتقريب القرار من الميدان.
ويشير متابعون للشأن التربوي إلى أن هذا الجدل يعكس التوتر القائم منذ سنوات حول مهام المدير وضرورة إعادة تعريفها وتوفير الإمكانيات المناسبة لممارستها، حيث يطالب المديرون بتحسين وضعيتهم القانونية والاعتبارية، بينما ترى الوزارة أن الإصلاح يتطلب مسؤولية مشتركة وانخراطًا أكبر من مختلف المتدخلين.
وسواء اعتُبرت تصريحات الوزير إهانة أو تنبيها ضروريا، فإن النقاش الذي رافقها يكشف الحاجة إلى فتح حوار واضح بين الوزارة والإدارة التربوية ويُعيد الثقة ويضمن شروط العمل اللائقة، حتى يتمكن المديرون من أداء مهامهم في أفضل الظروف وتتحقق في النهاية أهداف الإصلاح التربوي.
مديرون اعتبروا الأمر «إهانة»… والوزارة تتحدث عن «تحمّل المسؤولية» .. جدل داخل المؤسسات التعليمية بعد «تصريحات مسيئة» لوزير التربية الوطنية
الكاتب : محمد تامر
بتاريخ : 17/11/2025