انفراد الحكومة بصياغة وتنزيل إصلاح منظومة التقاعد وقانون الإضراب،
سيزيد من مستويات الاحتقان
سجل مرصد العمل الحكومي في ورقة رصدية حول الحوار الاجتماعي، سلبية التأخير في التوافق على إخراج قانون النقابات باعتبارها الحاضنة الأساسية والشرعية لمختلف العاملين، وتحصين الشرعية التمثيلية لهذه المؤسسات وتكريس المعطى الديمقراطي داخلها وجعلها قادرة على لعب أدوارها كشريك أساسي في البناء الديمقراطي الوطني، خاصة في ظل ظهور بعض الأشكال الجديدة لتمثيل العاملين بدون أي سند قانون أو تأطير تنظيميي.
ورأى مرصد العمل الحكومي، أن الاتفاق بين الحكومة وباقي مكونات، وإن كان له أثر إيجابي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، لكن في نفس الوقت فإن تنزيل مقتضيات هذا الاتفاق تحيط به مجموعة من المخاوف، التي قد تعصف به وقد تزيد من منسوب الاحتقان الاجتماعي.
وعبر المرصد في هذا الاتجاه عن مخاوفه الكبرى التي
قد تعيق التطبيق السليم لهذا الاتفاق، مسجلا في هذا المجال، المقاربات الانفرادية، منها انفراد الحكومة بصياغة وتنزيل إصلاح منظومة التقاعد وقانون الإضراب، خارج منطق الإشراك والانفتاح على كل المكونات المعنية بالأمر، وهو ما قد يوسع دائرة الرفض لهذه الإصلاحات ويزيد من مستويات الاحتقان ويكرس لضعف النقابات كهيئات تمثيلية شرعية لعموم العاملين، ويدفع نحو هيمنة الأشكال الجديدة لتمثيل العاملين على المشهد الاجتماعي، ما قد يهدد تنزيل وتطبيق هذه الإصلاحات الاستراتيجية .
وأوضح المرصد أن توقيع اتفاق دورة أبريل 2024 لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن يشكل شيكا على بياض لتنزيل إصلاحات مصيرية بدون تبني مقاربة تشاركية، تزيد من تقوية موقع الشركاء المؤسساتيين داخل منظومة الحوار الاجتماعي، وتخلق الإجماع الوطني المطلوب لتمرير هذه الإصلاحات الاستراتيجية والاستعجالية.
وبخصوص الإخلال بتوازن الحقوق والواجبات، يقول مرصد العمل الحكومي، إن طبيعة الإصلاحات التي تضمنها اتفاق جولة أبريل 2024 ، تمتاز بحساسية اجتماعية كبرى ، يتوجب معها خلق شروط التوازن بين الحقوق والواجبات التي تتضمنها ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز التراكم الديمقراطي والحقوقي والمكتسبات العمالية، في صياغة هذه القوانين ، وخاصة قانون الإضراب لارتباطه الوثيق بالجانب الحقوقي ، فهذا القانون يجب أن يشكل منطلقا للتحفيز الإنتاجي على المستوى الاقتصادي ، لا لتقييد الحريات النقابية ، فهذا القانون لا يجب أن ينتصر لطرف على حساب طرف آخر، بل يجب إن يكرس لمنطق التوازن الديمقراطي ما بين الحقوق والواجبات.
أما بالنسبة لتحميل تكلفة إصلاح منظومة التقاعد للعاملين، يؤكد المرصد أن الإصلاحات التي تضمنها اتفاق جولة أبريل 2024، تحمل طابع الاستعجال، وخاصة ما يتعلق بمنظومة التقاعد التي وصلت إلى مستويات خطيرة، لا تقبل أي تأخير أو تلكأ في إنجاز الإصلاحات الضرورية، لكن تكلفة هذا الإصلاح لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحملها العاملون فقط، فمسؤولية ما وقع في منظومة التقاعد ،يجب أن يتحملها الجميع بدون استثناء، فالحكومة مطالبة بإخراج إصلاح عادل اجتماعيا وماليا، وأن تبتعد عن المنطق الرائج حاليا « ما تعطيه الحكومة باليمين تأخذه بالشمال» ، فتكلفة إصلاح التقاعد، وفق المرصد، يجب أن تتحملها الحكومة
والعاملون و المشغلون، في أفق إخراج إصلاح دائم ومتوازن ومقبول من طرف الجميع.