مركز الإسعاف الاجتماعي للأشخاص بدون مأوى بخنيفرة .. إقبال كبير وخصاص مالي يحدّ من أدواره : يواجه تحديات يومية لتوفير الإيواء، التغذية، والرعاية الصحية والنفسية للمشردين والنزلاء

 

في ظل موجة البرد القارس التي تعيشها العديد من مناطق المغرب، يشهد إقليم خنيفرة حملات إنسانية تهدف إلى جمع وإيواء المشردين والأشخاص بدون مأوى، ونقلهم إلى المراكز الاجتماعية، لضمان بيئة آمنة ودافئة لهم في مواجهة الظروف المناخية الصعبة، وذلك من طرف السلطات المحلية وأعوانها، والتعاون الوطني والقوات العمومية، بمشاركة الفاعلين الاجتماعيين والمجتمع المدني، حيث استقبل «مركز الإسعاف الاجتماعي للأشخاص بدون مأوى» في خنيفرة، لمدة أسبوعين فقط حوالي 58 حالة، انضافت لـ 11 شخصا قارا بهذا المركز الذي سجل استقبال العشرات خلال شهر واحد، بينهم ثلاثة مهاجرين أفارقة.
وفي كل حملة لإيواء المشردين والأشخاص بدون مأوى، تطفو على السطح وضعية «مركز الإسعاف الاجتماعي للأشخاص بدون مأوى» بخنيفرة، مقارنة مع ما يقدمه من خدمات إنسانية ضرورية، مقابل ما يواجهه من تحديات مالية وإدارية، إذ منذ افتتاحه رسميا عام 2021، على مساحة تبلغ حوالي 400 متر مربع، ضمن المرحلة الثالثة من «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، بات هذا المركز ملاذا لفئات تعاني من الهشاشة الاجتماعية، كالمسنين، النساء، الشباب، وحتى الأمهات العازبات، ورغم أن طاقته الاستيعابية محدودة بأربع غرف وسبعة وثلاثين سريرا، إلا أنه يعكس الحاجة الماسة لمثل هذه المؤسسات في المدينة.
المركز، الذي يقع بجوار «دار الطالب موحى وحمو الزياني»، في حي القروية، لم يعد بعيدا عن دوامة الأزمات، حيث يعاني من نقص في الدعم المالي لضمان استمراريته وخدماته الإنسانية، إذ في الوقت الذي تساهم فيه «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» بمبلغ 4 ملايين سنتيم فقط، تغيب مساهمات الجهات المنتخبة، بما فيها المجلس البلدي والإقليمي والجهوي، ومؤسسة التعاون الوطني، وبعضها يبرر تقاعسه بعدم حصول هذا المركز على «رخصة الرعاية الاجتماعية» وكأنه خارج هذه الخدمة، هذا النقص المالي يضع عبئا إضافيا على «الجمعية الخيرية الإسلامية موحى وحمو الزياني»، التي تتحمل مسؤولية دعم مؤسستين في وقت واحد، مما يزيد من تعقيد الوضع.
ولا أدنى جدال في ما يؤكد أن مدينة خنيفرة، كغيرها من المدن المغربية، تعرف تزايدا في أعداد المشردين والأشخاص بدون مأوى، سواء المقيمين أو الوافدين إليها، والذين يعانون ظروفا اجتماعية قاسية، ومع برودة الطقس أو المناسبات الرسمية، تنشط الحملات الجمعوية والسلطات المحلية لرصد الحالات المحتاجة وتقديم الرعاية اللازمة، لكن تلك الجهود غالبا ما تكون محدودة وغير مستدامة، هذه الأوضاع تؤدي إلى ضغط إضافي على أطر المركز المشار إليه، الذين يواجهون تحديات يومية في توفير الإيواء، التغذية، والرعاية الصحية والنفسية، ما يجدد الأمل في تفعيل شراكات أكثر فعالية، وضمان تمويل مستدام يمكن المركز من مواصلة تقديم خدماته.
وعلى العموم، يعيش المركز المعني بالأمر وضعية صعبة تعكس هشاشة بنيته التحتية وغياب الدعم المالي القار، ما يجعله في مواجهة مستمرة مع تحديات يومية تفاقم معاناة النزلاء، ليس فقط في انعدام المداخيل الثابتة، بل في حاجته الملحة لآليات أخرى لا تقل عن توفير سيارة إسعاف لنقل المرضى من نزلائه إلى المستشفيات، ولطبيب مفوض، وكم يجد القائمون على هذا المركز أنفسهم مضطرين للاستنجاد بالمحسنين وأعضاء الجمعية الخيرية لاقتناء الأدوية اللازمة، هذا الواقع زاد سوء بسبب تراكم ديون «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، التي بلغت 23 مليون سنتيم، وتأخر صرف مستحقات الموظفين والمستخدمين لمدة تصل إلى أربعة أشهر.
وليس غريبا أن يعيش هذا المركز تجربة مأساوية العام الماضي من خلال نزع عداد الكهرباء منه بسبب عدم تسوية الفواتير، ولم تتم إعادة تركيبه إلا بتدخلات مسؤولة، علما أن إحداثه تم بفضل «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، وتجهيزه ببعض الوسائل والأسرة والأفرشة الأساسية، إلا أن غياب الشركاء والجهات المعنية لدعم برامجه ومبادراته يجعل استمراريته مهددة، وعلى الرغم من مرور ما يتجاوز ثلاث سنوات على تأسيسه، لم يتم إدراجه ضمن المؤسسات المرخصة من قبل «وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة»، مما يزيد من تعقيد وضعيته، ويعرف زيارات لجن مختلطة وإعداد تقارير بشأن حالته، إلا أن الخطوات العملية لإصلاح الوضع ما زالت عالقة.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 13/01/2025