افتتح عبد الحميد جماهري، نائب رئيس جهة الدارالبيضاء سطات، أمس الثلاثاء 25 شتنبر، أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته الجهة حول «الجهوية المتقدمة بالمغرب الواقع والآفاق»، بالتأكيد على أن هذا الموضوع يعتبر ملتقى الأسئلة الكبرى في بلادنا، مذكرا بالخطاب المرجعي ليناير 2010 الذي نصّب به جلالة الملك محمد السادس اللجنة الملكية الاستشارية حول الجهوية، والتأسيس لمرتكزات هذه الخطوة الجبارة، مشددا على أن الجميع اليوم أمام مغرب جديد هو مغرب الجهات الذي يجب أن تسهم فيه كل الطاقات والفعاليات ومعها الإدارة الترابية التي توجد في صلب هذا التحول، لما تكتسيه الجهوية من أهمية باعتبارها تدبيرا حكيما، وطنيا ترابيا وسياسيا، وعلى كافة الأصعدة.
جماهري الذي رحب، باسم الجهة، بالمشاركين وبضيوف هذه التظاهرة البالغة الأهمية، استعرض التطور الذي عرفه موضوع الجهوية منذ دستور 1996 وصولا إلى المكانة التي تم تخصيصها لها في دستور 2011، ووقف كذلك خلال كلمته الافتتاحية عند التجارب الانتخابية والتدبيرية التي تمت، مبرزا أن المناسبة تفتح الباب لتقييم مسافة نصف ولاية للنظر في ما تحقق وفي الانتظارات.
والي جهة الدارالبيضاء -سطات، عبد الكبير زهود، أكد في كلمة له بالمناسبة أن دستور المملكة خص الجهات بمكانة متميزة، سواء بين باقي المؤسسات الدستورية الأخرى أو بين باقي الجماعات الترابية، مشيرا إلى أن الجهوية في المغرب مرت بعدة مراحل وبأنها ليست غاية في حد ذاتها وإنما وسيلة تمكن الجهة من القيام بالدور المنوط بها من حيث القيام بمهام النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة، مشددا على أن الجهة أنيطت بها مهمة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب وإعداد برنامج التنمية الجهوية الذي يتعين أن يواكب التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة ويعمل على بلورتها على المستوى الجهوي، مؤكدا أن من أهم ركائز إنجاح ورش الجهوية المتقدمة تجاوز الرؤية القطاعية والعمل على تحسين تنسيق السياسات العمومية الوطنية والترابية على المستوى المحلي، في إطار من التكامل والالتقائية، مذكرا بمضامين الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في أشغال المنتدى البرلماني الثاني للجهات.
وأكد والي الجهة، كذلك، أن جهة الدارالبيضاء – سطات تعد الشريان الاقتصادي للمغرب بامتياز، بالنظر إلى مؤهلاتها الاقتصادية والفلاحية، وهي التي تمثل 32.2 في المئة من الناتج الداخلي الخام الوطني، وتتوفر على 40 في المئة من المؤسسات الصناعية وعلى 46 في المئة من اليد العاملة المؤهلة، فضلا عن كونها تساهم ب 62 في المئة في الإنتاج الصناعي الوطني و80 في المئة من المبادلات التجارية الوطنية، مبرزا أن كل هذا لا يلغي كونها تعاني من بعض المشاكل في الصحة والسكن والتشغيل والتعليم ومشاكل اجتماعية وبيئية على غرار باقي الجهات، مشددا على أن تنزيل ورش الجهوية المتقدمة على أرض الواقع يقتضي وضع آليات للتنسيق بين مختلف الفاعلين على مستوى الجهة، تفاديا لتشتيت الجهود وهدر الموارد، من أجل نهج سياسة عمومية وبلورة رؤية استراتيجية للتنمية المستدامة والمندمجة للجهة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها ومؤهلاتها وضرورة محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية، انطلاقا من دراسة دقيقة للحاجيات والأولويات في إطار الانسجام والالتقائية بين السياسات العمومية الوطنية والخصوصيات الجهوية.
من جهته، أكد رئيس جهة الدارالبيضاء- سطات، مصطفى بكوري، أن اليوم الدراسي هو لقاء يرتقب منه المساهمة في إعطاء دفعة قوية للورش الاستراتيجي للجهوية المتقدمة الذي توج بتواجده في مطلع دستور 2011 في أول فقرة منه، وحظي بنصيب بالغ الأهمية في الخطابات الملكية السامية منذ اعتلاء جلالة الملك العرش، التي أكدت على اللامركزية باعتبارها رافعة أساسية للانتقال إلى مرحلة جديدة، منذ أول خطاب ملكي سنة 1999، مشيرا إلى أنه ما لايقل عن 10خطب تطرقت لموضوع اللامركزية بصفة عامة واللاتمركز اللذين يعتبران وجهين لعملة واحدة، يجب أن يتقدما في نسق مشترك حتى يكون هذا الورش أساسيا لتحقيق الانتقال الديمقراطي والتنموي، مؤكدا أن دسترته فتحت أبواب الأمل لتحقيق الانتظارات بانخراط جماعي لكل المتدخلين، محليا ومركزيا، والحرص على التنسيق والتكامل والتجاوب للوصول إلى هذه الغاية.
رئيس جهة الدارالبيضاء- سطات أكد في مداخلته، التي تضمنت كذلك تقييما لمرحلة 3 سنوات من عمل الجهة، على وجود تعثرات ونواقص لم يتم التمكن من معالجتها، فرديا
أو جماعيا، وهو ما يفترض، بحسبه، التطرق للإيجابيات التي تحققت بدافع تطويرها وما تعذر تحقيقه لتجاوز النواقص الممكن تجاوزها، وتلك التي تتسم بعسر أيضا من أجل استخلاص النتائج.
واستعرض بكوري أشواط المراحل الزمنية التي قطعتها جهة الدارالبيضاء -سطات وكذا عدد من الإشكالات التي اعترضت سبيلها، كالتأخر في إخراج عدد من المراسيم التطبيقية، وتجميع المعلومات المتعلقة بالجهة، وغيرها من العثرات التي لم تحل دون القيام بعدد من الخطوات العملية، مؤكدا أن برنامج التنمية بالجهة، الذي يروم خلق دينامية جهوية مع كل الفاعلين تنمويا، يرتكز على محاور أساسية تتمثل في الاهتمام بالبنية التحتية لاسيما النقل والتنقل، والحد من الفوارق المجالية، خاصة على مستوى العالم القروي، والاهتمام بالمقاولة والاستثمار وتحفيز مناطق الأنشطة بمختلف أقاليم الجهة، فضلا عن الاهتمام بالشرائح الاجتماعية المختلفة وتنمية المناطق الهشة إلى جانب الأجيال الصاعدة وإيلاء الأهمية الخاصة للماء والبعد البيئي بشكل عام، مشددا على أنه في 2019 ستظهر ثمار الأوراش التي أطلقتها الجهة التي منها ما تم إنجازه ومنها ما هو في طور الإنجاز.
الجلسة الافتتاحية عرفت كذلك تناول رؤساء جامعات الجهة أو من ينوب عنهم الكلمة التي استعرضت مسارات الجهوية في المغرب وسياقاتها التاريخية والسياسية، ووقفت عند أهمية تفعيل الحكامة الترابية والتنمية المستدامة مع ضرورة الاعتماد على المقاربة التشاركية، إلى جانب التأكيد على دور الجامعة في الانخراط في هذا الورش والقيمة التي يشكلها البحث العلمي في إنجاحه.
كما تناول الكلمة الإعلامي محمد برادة، الذي خصصها لسؤال الجهوية المتقدمة، والدور الذي لعبه الإعلام سعيا منه لمواكبة هذه الحكامة الجديدة، مستعرضا، في هذا الصدد، ما تضمنته الموسوعة التي تم إنجازها والتي قدمت بين يدي جلالة الملك، والتي تضمنت أجزاؤها الاثنا عشر معلومات عن الجهات وخصوصيتها المختلفة، والتأكيد على المعطيات الرقمية، كتلك التي استدل بها والتي تخص جهة الدارالبيضاء- سطات، مشيدا بتنظيم اليوم الدراسي وبطبيعة المداخلات وقيمة المتدخلين وكفاءتهم.
مسؤولون ومنتخبون يناقشون سؤال الجهوية المتقدمة في أشغال يوم دراسي نظمته جهة الدارالبيضاء – سطات
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 26/09/2018