«مسلسل معاوية»: ملحمة تاريخية تثير الجدل وتعيد كتابة التاريخ على الشاشة

بعد تأجيل دام عامين، يعود مسلسل “معاوية” ليحتل الواجهة من جديد، معلنا عن عرضه في الموسم الرمضاني لعام 2025.
هذا العمل الضخم، الذي يعد أحد أكبر الإنتاجات الدرامية العربية من حيث الميزانية التي تقدر بنحو 100 مليون دولار، يروي قصة تأسيس الدولة الأموية من خلال شخصية معاوية بن أبي سفيان، أحد أكثر الشخصيات التاريخية إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي.
تدور أحداث المسلسل، الذي يقدم باللغة العربية الفصحى بشكل كامل، حول الفترة التي تلت مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، مرورا بتولي علي بن أبي طالب الخلافة، وصولا إلى تأسيس الدولة الأموية بقيادة معاوية.
العمل لا يكتفي بسرد الأحداث التاريخية، بل يغوص في تفاصيل الصراعات السياسية والدينية التي شكلت تلك الحقبة، والتي تعرف في كتب التاريخ بـ”الفتنة الكبرى”.
المسلسل من إخراج طارق العريان، الذي واجه تحديات كبيرة خلال تصوير العمل، مما أدى إلى استبداله لاحقا بالمخرج أحمد مدحت لإكمال المهمة،أما السيناريو، فقد كتبه الصحفي والسيناريست المصري خالد صلاح، الذي عمل على تقديم رواية درامية تعكس تعقيدات تلك الفترة التاريخية.
يضم المسلسل نخبة من نجوم الدراما العربية، حيث يجسد الممثل السوري لجين إسماعيل دور معاوية بن أبي سفيان، بينما يؤدي الممثل الأردني إياد نصار دور علي بن أبي طالب، كما يشارك في العمل أسماء لامعة أخرى مثل أيمن زيدان في دور عمرو بن العاص، وسامر المصري، وسهير بن عمارة في دور هند بنت عتبة، والدة معاوية،بالإضافة إلى ذلك، يظهر في العمل الممثلة عائشة بن أحمد، والممثلة جميلة الشيحي، والممثل وائل شرف، والممثلة أسماء جلال في دور زوجة معاوية، وغيرهم من الممثلين الذين يضيفون عمقا إلى الشخصيات والأحداث.
منذ الإعلان عن المسلسل لأول مرة في عام 2023، أثار العمل موجة عارمة من الجدل، خاصة في ظل الحساسيات التاريخية والدينية المرتبطة بشخصية معاوية بن أبي سفيان.
فبينما يرى البعض أن المسلسل يمثل فرصة لإعادة قراءة التاريخ بعين نقدية، يعتبر آخرون أن تقديم شخصية مثيرة للانقسام مثل معاوية في عمل درامي قد يزيد من التوترات الطائفية.
وقد تصدر زعيم التيار الصدري في العراق،آنذاك، مقتدى الصدر، قائمة المعترضين على المسلسل، حيث وصف معاوية بأنه “رأس الفتنة الطائفية”، ودعا إلى منع عرض العمل،كما أعلنت هيئة الإعلام العراقية عن قرارها بمنع المسلسل داخل العراق، مما أضاف بعدا سياسيا إلى الجدل القائم كما ذهب إلى ذلك بعض القراءات المعارضة.
من جهة أخرى، دافع بعض المثقفين والباحثين عن حق الدراما في تناول الشخصيات التاريخية بحرية، مؤكدين أن الأعمال الفنية يجب أن تكون منصة للحوار والنقاش بدلا من أن تكون أداة لتعميق الانقسامات.
يتميز مسلسل “معاوية” بإنتاج ضخم يعكس طموح صناعه في تقديم عمل درامي يليق بحجم الأحداث التاريخية التي يتناولها، فقد تم استخدام تقنيات متطورة في التصوير والغرافيكس، بالإضافة إلى تصميم أزياء وديكورات تعكس الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، كما أن الإعلان الترويجي للمسلسل، الذي تم طرحه ، أظهر مشاهد ملحمية من الحروب والصراعات، مما زاد من الترقب حول كيفية معالجة العمل لتلك الأحداث الحساسة.
يعرض مسلسل “معاوية” حصريا على مجموعة قنوات MBC، كما سيكون متاحا للمشاهدة عبر منصة “شاهد” الرقمية، مما يضمن وصول العمل إلى جمهور واسع في مختلف أنحاء العالم العربي.
وتتساءل متتبعون :،هل سيتمكن مسلسل “معاوية” من تقديم رواية تاريخية متوازنة تفتح الباب لحوار بناء حول أحد أكثر الفترات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي؟ أم أن الجدل المحيط به سيحول دون تحقيق هذا الهدف؟
مسلسل “معاوية” كما يقول عدد من النقاد، ليس مجرد عمل درامي، بل هو محاولة جريئة لإعادة قراءة التاريخ بعيون معاصرة، مما يجعله واحدا من أكثر الأعمال المنتظرة في الموسم الرمضاني لعام 2025.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 03/03/2025