مسيرة بالسيارات في مخيمات تندوف للتنديد بالقمع والتنكيل الذي تمارسه البوليساريو

شهدت مخيمات تندوف، أول أمس الأحد، مسيرة بالسيارات ضمت 24 سيارة، شارك فيها حوالي 60 شخصا، ينتمون لقبيلة الركيبات سواعد، باتجاه مقر المفوضية السامية للاجئين، مطالبين بحمايتهم من قمع وتعسف الميليشيا الانفصالية، والإفراج عن المعتقل سالم ماء العينين السويد، الذي يوجد قيد الاعتقال منذ 30 أبريل الماضي، في سجن “الذهيبية” الرهيب.
وذكرت مصادر بعين المكان أن عناصر القمع التابعة للميليشيا الانفصالية، منعت المحتجين من الاقتراب من مقر المفوضية السامية للاجئين، ليتوجهوا بعدها صوب ما يسمى ب»مقر الأمانة العامة»، حيث تم تنظيم وقفة احتجاجية رفع خلالها المحتجون شعارات باللغة العربية والإسبانية، تدين الاستبداد والتعسف الذي تشهده مخيمات المحتجزين الصحراويين، مطالبين بحقهم في التنقل، وهو الحق الذي تكفله لهم المواثيق الدولية، وتمنعه عنهم الجزائر والميليشيا الانفصالية.
وتتواصل هذه الاحتجاجات منذ عدة أسابيع، حيث سبق للعديد من المحتجزين الصحراويين أن نظموا اعتصامات أمام مقر قيادة الجبهة الانفصالية، المسمى بالرابوني، احتجاجا على عمليات القمع والاعتقال التي تعرض لها شبان صحراويون، ومن بينهم سالم ماء العينين اسويد، الذي اعتقل قرب بوابة تندوف، وتم اقتياده شبه عار، بالإضافة إلى التنكيل بأخته وتهشيم أسنانها، وتعريضها للضرب والركل، بعد تصديهم لعمليات تهريب الوقود إلى موريتانيا عبر شاحنات لفائدة زعماء الميليشيا الانفصالية، التي تتاجر باسمهم وتغتني على حسابهم منذ عقود.
وأدى القمع الذي جابهت به الميليشيا الانفصالية، جموع المحتجين، إلى اتساع دائرة السخط على قيادة البوليساريو، حيث عمم المحتجون نداءات إلى كل الصحراويين يطالبون فيها بالوقوف في وجه الظلم، وبأن يهب الجميع لنصرة النساء المعنفات والمعتقلات، والقصاص من المعتدين.
وكانت مصادر إعلامية إسبانية، ذكرت أن الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، الموجود مقرها بمدريد، راسلت وزارة الخارجية الإسبانية وقنصل إسبانيا في وهران قصد التدخل لإنقاذ المعتقل محمد سالم ماء العينين اسويد، الذي يحمل الجنسية الإسبانية، وأوضحت الرسالة أن المعتقل تعرض للاختطاف عند مدخل تندوف على يد عناصر تابعة للدرك الجزائري، التي سلمته إلى ميليشيا البوليساريو، ومنذ ذلك الوقت يجهل مصيره.
كما تم التنديد، أمام أعضاء لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة في نيويورك، بالانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف حيث تم تقديم ملتمس لوضع حد لهذه الانتهاكات
وقالت تورية حميين، التي تقدمت بالملتمس خلال الاجتماع السنوي للجنة الـ24، إنه و»على مدى ما يقارب خمسة عقود، أدى استمرار إخفاق الدولة الحاضنة لمخيمات تندوف في احترام التزاماتها الدولية في الحفاظ على الطابع الإنساني والمدني للمخيمات، إلى انبثاق وضع يتسم بانتهاكات فردية وجماعية لحقوق الإنسان».
وفي هذا السياق، شددت مقدمة الملتمس على ضرورة إجراء تحقيق مستقل من طرف الأمم المتحدة لضمان احترام الحقوق المعترف بها دوليا لسكان مخيمات تندوف، بما في ذلك حقوق النساء والأطفال، وحمايتها من الانتهاكات المستمرة من قبل انفصاليي «البوليساريو» والدولة الحاضنة، الجزائر.
كما أن» الجمعية الصحراوية لمكافحة الإفلات من العقاب بمخيمات تندوف» أصدرت بيانا حملت فيه المسؤولية للدولة الجزائرية «، المسؤولة عن كل ما يقع من انتهاكات ضد الصحراويين بمخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، بحكم تواجد هذه المخيمات على ترابها»، وذلك في ظل « غياب تام لأطقم المفوضية السامية لغوث اللاجئين، التي لا تقوم مكاتبها الموجودة بالمخيمات، بأي دور في حماية ساكنة هاته المخيمات، ضدا على ما تنص عليه المواثيق التي تؤطر ولايتها الحمائية إزاء ما يفترض أنها مخيمات للاجئين»، كما أكد البيان.
وسجلت الجمعية في بيانها، بكثير من القلق، التصعيد الخطير الذي تشهده مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، جنوب غرب الجزائر، من خلال حملات اعتقال وقمع واسعة وممنهجة من طرف عناصر البوليساريو ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكل الأصوات التي تظهر رأيا مخالفا لخطها السياسي، أو تنتقد الوضعية الحقوقية الكارثية والمتفاقمة داخل هذه المخيمات، التي تخضع بشكل متصاعد لحصار مطبق على الحقوق والحريات.
وطالبت الجمعية بـ»ضرورة إطلاق سراح كل السجناء المحتجزين بالمراكز السرية لدى البوليساريو، والوقف الفوري لحملات القمع والتنكيل التي تستهدف المناضلات والمناضلين الصحراويين بمخيمات تندوف، ورفع حظر التجوال وكل التدابير التي تقيد الحقوق والحريات بهذه المخيمات».
كما طالبت الجمعية بـ»ضمان احترام الدولة الجزائرية لجميع التزاماتها الدولية المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي تعد طرفا فيها، وتنفيذ كل المقررات الأممية الصادرة في شأنها في ما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، خصوصا تلك الصادرة عن اللجنة الأممية لحقوق الإنسان، والتي دعت فيها الجزائر إلى إنهاء التفويض غير القانوني لسلطاتها لفائدة جبهة بوليساريو» .
وحثت الجمعية أيضا «المفوضية السامية لغوث اللاجئين على تفعيل ولايتها الحمائية لفائدة ساكنة مخيمات تندوف، وتوفير كل الضمانات التي تمكنهم من التمتع بحقوقهم التي يكفلها لهم القانون الدولي، وعدم تعرضهم لأي شكل من أشكال المعاملة المهينة أو الحاطة من الكرامة»، داعية « المنتظم الحقوقي الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل وضع حد لمأساة الصحراويين بالمخيمات، ومتابعة كل الجهات المتورطة في الانتهاكات التي تطالهم خارج نطاق القانون».


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 27/06/2023