مسيرة الغضب المغربي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتأكيد على أن القدس خط أحمر
حشود غفيرة حجت للرباط من كل أنحاء المغرب
للتنديد بالسياسة الأمريكية والغطرسة الصهيونية
يوم موشوم في ذاكرة الشعب المغربي وتاريخه بوقوفه وقفة كيان واحد، بكل مكوناته وطيفه السياسي والنقابي والجمعوي، إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
يوم سيبقى مسجلا في تاريخ المسيرات التضامنية التي نظمها المغرب في إطار التضامن العربي والقومي والدفاع عن القضية الفلسطينية، خاصة أن كل مسيرات المغرب التضامنية كان صداها يصل إلى كل أرجاء الوطن العربي والدولي قياسا بعدد المشاركين فيها والشعارات التي ترفعها ودقة تنظيمها.
في هذا اليوم، الأحد 10 دجنبر، الذي يتزامن مع ذكرى الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، تقاطرت على الرباط عاصمة المغرب حشود من الجماهير الغاضبة من أجل التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني البطل والتنديد بالقرار الطائش للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف اعترافا بالكيان الإسرائيلي.
هذه المسيرة المليونية التي شاركت فيها كل قيادات الهيئات السياسية والمركزيات النقابية والمنظمات الحقوقية والجمعيات الثقافية والتربوية والتنموية والاجتماعية، من كل أنحاء المغرب، وردد كل هؤلاء شعارات تندد بالسياسة الأمريكية كدولة راعية لمسلسل السلام كما استنكرت أيضا هذا القرار الجائر للرئيس الأمريكي الذي يعمق الصراع العربي الإسرائيلي.
وكان في مقدمة المسيرة القيادات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية، ورفع المحتجون والمشاركون لافتات وأعلاما فلسطينية ولوحات كتب فيها عبارات التضامن كالقدس خط أحمر، والشعب يريد تحرير فلسطين، فلسطين عربية فلتسقط الرجعية، القدس عاصمة فلسطين…
وشارك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذه المسيرة، مسيرة الغضب المغربي، بوفد وازن من المكتب السياسي والمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات والشبيبة الاتحادية، فضلا عن القطاعات الحزبية، حيث تجمعت حشود الاتحاديات والاتحاديين بساحة البريد بشارع محمد الخامس، وانطلقوا على رأس المسيرة مرددين شعارات تشجب قرار الرئيس الأمريكي وتدينه.
واعتبر خالد السفياني، منسق مجموعة العمل من أجل فلسطين، في تصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، أن هذه المسيرة مسيرة كل الشعب المغربي بكل أطيافه وألوانه السياسية والحقوقية والثقافية، مضيفا أن الشعب المغربي اليوم موجود للتعبير عن سخطه العارم جراء قرار ترامب الذي أهان الأمة العربية والحكام العرب، بقراره هذا.
وأكد السفياني أن المسيرة تعبيرعن حقنا في المقدسات وتعبيرعن حقنا في الكرامة، وللوقوف سدا منيعا ضد قرار الرئيس الأمريكي الذي يدعم الكيان الصهيوني لأغراض سياسية تخصه.
ومن جهته أكد محمد بن جلون الأندلسي، رئيس الجمعية المغربية للكفاح الفلسطيني، أن هذه المسيرة هي مسيرة وطنية مليونية تعبر عن غضب الشعب المغربي بكل مكوناته وألوانه السياسية والنقابية والجمعوية، مضيفا في نفس الوقت أنها عبارة عن رسالة واضحة للرئيس الأمريكي وكل أعداء القضية الفلسطينية، وهي تؤكد أن القدس خط أحمر وأن القضية الفلسطينية قضيتنا جميعا.
وشدد بنجلون على أن هذا القرار الجائر للرئيس الأمريكي قد أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وتحرير فلسطين وعاصمتها القدس حتمية تاريخية، مؤكدا أن المعركة ستستمر إلى أن ينتصر الشعب الفلسطيني البطل.
يذكر أن هذه المسيرة المليونية عرفت تغطية إعلامية كبيرة من قبل وسائل الإعلام والصحافة الوطنية والعربية.
المغرب يدعو إلى تحركات عملية مكثفة لمواجهة القرار الأمريكي بشأن القدس
دعت المملكة المغربية إلى تبني تحركات عملية مكثفة لمواجهة القرار الأمريكي بشأن القدس، واستنفاد كل الأدوات الدبلوماسية والقانونية للدفاع عن هذه المدينة المقدسة.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، أول أمس السبت بالقاهرة، على «ضرورة تبني تحركات عملية مكثفة لمواجهة القرار الأمريكي واستنفاد كل الأدوات الدبلوماسية والقانونية التي بيدنا للدفاع عن حقوقنا، مضيفا أنه «ينبغي علينا أن نؤسس على الحملة المشرفة والرافضة لهذا القرار لنعزز مستوى التضامن والتأييد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».
وقال إن «قراراتنا يجب أن تكون في مستوى اللحظة وفي مستوى حالة الغضب ومستوى الإحباط الذي خلفه هذا القرار لدى الأمة العربية والإسلامية»، مبرزا أنه من «واجبنا أن نتعامل بمسؤولية وألا نقرر ما لا يمكن تنزيله أو تطبيقه حفاظا على مصداقيتنا».
وذكر بوريطة أن جلالة الملك محمد السادس، وجه من هذا المنطلق، بصفته رئيسا للجنة القدس، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعرب فيها جلالته عن انشغاله الشخصي العميق والقلق البالغ الذي ينتاب الدول والشعوب العربية والإسلامية إزاء هذه الخطوات، ورسالة ثانية إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة في الموضوع ذاته.
وأضاف أن جلالته أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، عبر فيه عن تضامنه المطلق مع القيادة والشعب الفلسطيني ورفضه القوي لكل ما من شأنه المساس بالخصوصية الدينية والوضع القانوني والسياسي للقدس الشريف.
وبتعليمات من جلالته، يضيف بوريطة، «استدعيت القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالرباط، وسفراء باقي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بحضور سفير دولة فلسطين بالمغرب، وطالبتهم باضطلاع دولهم بكامل مسؤولياتهم في الحفاظ على الوضع القانوني والسياسي للقدس وتفادي كل ما من شأنه تأجيج الصراعات والمس باستقرار المنطقة الهش أصلا في ظل الاضطرابات التي أصبحت تعيش على وقعها عدد من الدول العربية.
وقال الوزير إن «الوضع سيء ومن واجبنا تفادي المزايدات في الإعلانات أو الاندفاع أو التعامل بالديماغوجية، لكي لا يزيد الأمر سوءا، لأن الظرف يقتضي منا تحديد الأهداف وإحكام الأساليب والمسالك السياسية والقانونية التي سننهجها».
وأضاف بوريطة قائلا «إننا اليوم وأمام هذا التطور السلبي والاستثنائي الخطير، مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن نتحمل مسؤوليتنا بكل حزم ونعبئ طاقاتنا بشكل فاعل وعملي لمجابهة هذا التحدي بكل الوسائل القانونية والدبلوماسية المتاحة من أجل الدفاع عن مدينة القدس الشريف والحفاظ على وضعها القانوني والسياسي كمدينة للسلام مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية».
وأشار إلى أن الأمة العربية الإسلامية دأبت أن تتجند كلما طرأ مستجد يحمل في طياته أذى بالمسجد الأقصى أو تهديدا للقدس الشرقية أو انتهاكا لوضعها القانوني، كما حددته قرارات هيئة الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، استحضر الوزير الظرفية المؤلمة التي أدت إلى إنشاء منظمة التعاون الإسلامي في مدينة الرباط بتاريخ 25 شتنبر 1969 والقمم العربية وغيرها من المؤتمرات التي تعبأ فيها الجميع لنصرة القضية الفلسطينية العادلة وحماية القدس الشريف.
وقال إن «اجتماعنا اليوم ينعقد في ظروف مماثلة من حيث خطورتها التي تستلزم مواصلة هذا النهج النبيل وتلكم الروح النضالية للإبقاء على القدس مهد الديانات السماوية ورمز التعايش بين الثقافات».
وأكد الوزير أن القرار الأمريكي يعد بحق «تحولا خطيرا في الوضع السياسي والقانوني لهذه المدينة المقدسة وتجاوزا مرفوضا لنتائج مفاوضات السلام التي جعلت ملف القدس من قضايا الوضع النهائي في إطار حل الدولتين».
كما أكد أن هذا القرار الذي يتناقض في جوهره مع ما دأبت عليه الإدارات الأمريكية السابقة من مراعاة لخصوصية المدينة المقدسة، من شأنه أن «يعطي ذريعة أخرى للسلطات الإسرائيلية للمضي قدما في سياسة التهويد الممنهج للمدينة المقدسة وطمس معالمها الدينية والروحية وأن يقوض ما تبقى من فرص السلام بل ويجر المنطقة برمتها إلى مزيد من التوتر والاحتقان وتأجيج مشاعر الإحباط والغضب وتغذية كل أشكال العنف والتطرف».
وفي هذا الصدد، تساءل الوزير «إذا كان المجتمع الدولي برمته ومن ضمنه الولايات المتحدة يتعبأ بجدية وحزم للقضاء على الإرهاب، وإذا كان المنتظم الدولي يعترف بأن التأخر غير الطبيعي في التسوية العادلة للقضية الفلسطينية من بين الأسباب الرئيسية التي تولد التوتر في المنطقة العربية، فكيف يعقل أن يعبث بالوضع القانوني للقدس وهي صلب القضية الفلسطينية، والمساس بها يعني الخدش في الجذور والعقيدة، وهو ما سيعطي ذريعة لقوى التطرف والإرهاب لحشد الأتباع وتبرير أعمالهم الإجرامية والانتقال بنا إلى صراع ديني مجهول المعالم».
ويبحث وزراء الخارجية العرب، خلال هذا الاجتماع الطارئ، الذي ينعقد بطلب من الأردن وفلسطين، بلورة صيغ تحرك عربي على المستوى الدولي، للتعبير عن رفض وإدانة قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتشكيل موقف دولي رافض لهذا القرار، والحيلولة دون المساس بالوضع القانوني للمدينة المقدسة، فضلا عن تحصين العمل العربي الجماعي تجاه القرار.
فلسطين تشكر المغرب
أعربت دولة فلسطين، عن شكرها للمغرب على موقفه بخصوص قرار الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
جاء ذلك على لسان وزير خارجية فلسطين، رياض المالكي، في الكلمة التي ألقاها خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، لبحث تداعيات الخطوة الأمريكية بشأن القدس..
وقال رياض المالكي، إن دولة فلسطين لتقدر، وبشدة، الرفض والمعارضة المدوية عالميا لهذا القرار غير القانوني، وتشكر شقيقاتها الدول العربية على هذا الموقف المشرف واتصالاتها مع دولة فلسطين، لتأكيد دعمها وتضامنها وتحركها السريع في عديد المستويات دعما للموقف الفلسطيني.
وخص وزير الخارجية الفلسطيني، بالذكر، كلا من المملكة المغربية، والمملكة الأردنية، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، ودولة الكويت، ودولة قطر، وتونس.
وقال في هذا الصدد، «نتابع في دولة فلسطين ردود فعل العواصم في كافة أنحاء العالم، ونرحب بالتزام المجتمع الدولي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة في القانون الدولي، ونؤكد أنه يقع التزاما قانونيا وسياسيا على كافة الدول برفض قرار الإدارة الأمريكية غير القانوني، وفي حماية حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير غير القابل للتصرف، وسيادته على الأرض التي تحتلها إسرائيل بشكل غير قانوني منذ عام 1967، بما في ذلك قلبها العاصمة الأبدية القدس».
واعتبر رياض المالكي، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، جعل أمريكا «طرفا في النزاع» الفلسطيني – الإسرائيلي، وأدخلها ضمن «الأقلية المارقة» على القانون الدولي، وقال «نتوقع من الدول الصديقة التي تعترف بدولة فلسطين، أن تؤكد على اعترافها بالدولة وعاصمتها القدس الشرقية، علاوة على رفضها وإدانتها لهذا القرار غير القانوني، ومطالبة كافة الدول تحديد موقفها من قضية القدس بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية».
كما أعرب عن أمل بلاده «بتكليف وزاري عربي» للتحرك السريع تجاه عواصم الدول بما فيها الأوروبية، ومطالبتها بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتباره الوقت الأنسب لحماية حل الدولتين ولحماية فرصة السلام، وتعبيرا عن موقفهم الرافض لأي تغيير على حدود العام 1967، بما في ذلك ما يخص القدس، عملا بقرارات الأمم المتحدة ومبادئ هذه الدول.
الجامعة العربية تنوه بمساعي المملكة
نوهت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، خلال اجتماع للجنة مبادرة السلام العربية على المستوى الوزاري، أول أمس السبت في القاهرة، بالمساعي التي بذلتها المملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، بشأن مدينة القدس.
وأبرزت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في مذكرة حول التطورات المتعلقة بقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، أن جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بعث رسالة إلى الرئيس ترامب يوم الخامس من دجنبر الجاري، أكد فيها جلالته أن القدس تقع في صلب قضايا الوضع النهائي، وهو ما يقتضي الحفاظ على مركزها القانوني.
وأضافت مذكرة الأمانة العامة، التي وزعت على وفود البلدان الأعضاء في لجنة مبادرة السلام العربية على المستوى الوزاري، خلال الاجتماع الذي عقدته قبل بدء الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب، بشأن القدس، أن جلالة الملك، أكد في رسالته إلى الرئيس ترامب، أن من شأن خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، أن يؤثر سلبا على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشددا جلالته على أن ما تعيشه المنطقة من أزمات يقضي بتفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الإحباط التي تغذي الإرهاب والتطرف.
كما أشارت مذكرة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى الرسالة التي أرسلها جلالة الملك في ذات التاريخ إلى أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، واستدعاء المملكة المغربية للقائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وسفراء روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا بالرباط، احتجاجا على القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وتجدر الإشارة إلى أن (لجنة مبادرة السلام العربية) عقدت اجتماعا طارئا، مساء السبت، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك للنظر في التطورات الخاصة بالقدس في ضوء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
ومثل المغرب في هذا الاجتماع، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مرفوقا بسفير جلالة الملك في القاهرة المندوب الدائم للمملكة لدى جامعة الدول العربية، أحمد التازي.
وتضم لجنة مبادرة السلام العربية، كلا من الأردن (رئيسا)، والمغرب، ومصر، والبحرين، وتونس، والجزائر، والسعودية، والسودان، والعراق، وفلسطين، وقطر، ولبنان، واليمن، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وانعقد اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية قبيل الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الذي يبحث تداعيات الخطوة الأمريكية بشأن القدس.