بانعقاد المؤتمر الإقليمي الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالناظور، يكون قد مر شهران على إسدال الستار على أشغال المجلس الوطني الذي انعقد في دورته العادية في 17 مايو 2025، وهو محطة يمكن اعتبارها أهم الحلقات التنظيمية، بعد المؤتمر، الذي مر في أجواء من الانضباط وروح المسؤولية، والذي كان تبعا للأجواء النضالية والرفاقية التي مر فيها، أقرب ما تكون إلى العائلية، والذي أكدنا من خلاله للرأي العام الوطني إصرارنا الكبير على المضي قدما نحو تجديد هياكلنا الحزبية، وزرع روح الفاعلية والديناميكية في مختلف قطاعاتنا وتنظيماتنا .
جاء في بيان المجلس الوطني « إن المجلس الوطني واحتراما للقوانين المنظمة للحياة السياسية بالبلاد، والتزاما بانتظام حياته التنظيمية الداخلية، وهو يبارك الدينامية الحزبية الشاملة للقيادة ومختلف التنظيمات القطاعية و المجالية، وخاصة الفريقين الاشتراكيين بغرفتي البرلمان، فإنه يثمن دعوة قيادة الحزب إلى عقد المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب أيام 17 و 18 و19 أكتوبر 2025 ويدعو كافة المناضلات والمناضلين إلى جعل هذا الموعد النضالي محطة جديرة بتاريخ حزبنا وهو يستعد للاحتفال باليوبيل الذهبي للمؤتمر الاستثنائي للحزب الذي أعلن ميلاد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. «
وإذا كانت هناك من دلالة رمزية تذكر بخصوص هذا الحدث التنظيمي والسياسي الوطني، يمكن القول إننا بصدد التأسيس لقيم ولسلوك نضالي جديدين يستمدان قوتهما من تراثنا الحزبي الغني، ويستشرفان المستقبل بكل تقلباته ورهاناته واستحقاقاته الملحة، مستحضرين في ذلك مختلف محطات تاريخ حزبنا، التي تراهن على تقوية آلياتنا التنظيمية، وانفتاحنا، أكثر من أي وقت مضى، على مختلف مكونات وطاقات مجتمعنا الحية، بما يجعل جسمنا التنظيمي كذلك قويا ومعافى من كل ما يمكن أن يؤثر سلبا على إحقاق أفكارنا وطموحنا الكبير والملح في بناء مجتمع حداثي، متضامن قوي ومساهم بفاعلية في الحركية التي تعرفها بلادنا .
ولعل أهم ما خلصت إليه أشغال المجلس الوطني الأخير لحزبنا، هو كون هذه المؤسسة التنظيمية – برلمان الحزب ، تثار فيها مختلف القضايا والاشكاليات والتصورات، ليست فقط تلك التي تمس مباشرة سياستنا وتوجهاتنا الحزبية، ولكن وأساسا ما له ارتباط مباشر بمستقبل بلادنا وعلى كافة الأصعدة والمستويات .
من هنا كانت دعوة القيادة الحزبية، ولا تزال، إلى ضرورة فتح قنوات للنقاش الجدي والحوار الصريح والشفاف مع مختلف مكونات المجتمع المغربي وطاقاته الحية، من أجل إشراك الجميع في بلورة تصورات عامة، طبعا لكل جهة وإقليم على حدة، تكون محفزا على ملامسة المشاكل الحقيقية التي تحتاج إلى مقاربات نوعية جديدة .
ولعل الروح البناءة والديناميكية الجادة التي عبر عنها مناضلو إقليم الناظور من الاتحاديين والاتحاديات ، وهم يهيئون لمحطة مؤتمرهم الإقليمي الخامس لتؤكد مدى روح الانضباط والمسؤولية والجدية التي تميزهم، وكذا الدور الكبير الذي لعبته مدينة الناظور، سواء بالنظر إلى موقعها كنقطة وصل رابطة بين أقصى الريف ومختلف مناطق جهة الشرق لبلادنا، أو باعتبارها خزانا لمناضلي الصف الوطني الديموقراطي، الذين لم يدخروا جهدا في الإسهام في اغناء وتطوير الحقل السياسي الوطني .
إن الموقع الاستراتيجي للناظور، يعتبر عنصرا أساسيا، لا سيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار خاصيته المتوسطية المنفتحة، سواء في علاقته مع جيراننا بالجنوب الأوروبي ، أو في امتداداته الاستراتيجية نحو أشقائنا في دول المغرب الكبير، الأمر الذي يحتم ضرورة استثمار هذا المعطى الاستراتيجي، بما يجعل من إقليم الناظور نافذة للتقارب وجسرا للاتصال والتواصل .
استحضارا لهذا المعطى المتوسطي الاستراتيجي كذلك للبعد التاريخي والحضاري للمنطقة ، الذي رغم الوعي الجديد الذي بات يكتسيه هذا العنصر على مستوى الخطاب والمتمنيات، إلا أننا نأسف لكون قوة المغرب المتوسطية ما زالت مبتورة وغير ذات فاعلية، ولم توضع بعد على السكة التنموية، التي كان من المفروض أن توضع عليها منذ عقود من الزمن .
لقد كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومنذ اعتماد مخرجات الحوار الوطني حول إعداد التراب، الذي قادته حكومة التناوب التوافقي بقيادة حزبنا، يُراهن على اقتصاد خاص بالمناطق الحدودية، ويجعلها منطلقا لتنمية شاملة ومُستدامة، قائمة على دراسات ومخططات وتصاميم وطنية وجهوية حقيقية، ومؤطرة بالتوجيهات الملكية السامية الواردة بخطاب 18 مارس 2003، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أن تعاقب المجالس المنتَخَبة لم يساهم في الدفع نحو هذا التوجه، بل ابتعد عن هموم الساكنة .
إن تظافر هذه العوامل السلبية، الوطنية، الجهوية والمحلية، قد تعمقت بسبب عجز المسؤولين والمنتخبين المحليين والجهويين عن رفع وتيرة النمو، أو على الأقل المحافظة على المكتسبات السابقة.
لقد انعكس النمو الاقتصادي الضعيف على المستوى الوطني، على جهة الشرق بشكل جلي، ذلك أنه خلال السنوات الأخيرة، احتلت جهة الشرق المرتبة الأخيرة في المساهمة في الناتج الداخلي الخام حيث لم تبلغ نسبة المساهمة إلا 3,8 في المائة مقارنة مع جهات بلغت مساهماتها 32,2 في المائة، كما أنه خلال سنة 2022، ورغم تراجع معدل البطالة على المستوى الوطني، عرفت فيه نسبة البطالة بجهة الشرق ارتفاعا مقارنة مع سنة 2021، حيث ارتفع معدل البطالة إلى نسبة 20,1% مقابل 18,7% خلال الفصل الأول من سنة 2021.
وقد سجلت جهة الشرق أعلى معدلات البطالة خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2024، نسبة معدل بطالة قياسي بلغ 21,4 في المائة، مقارنة بجهات أخرى انخفض فيها معدل البطالة، وذلك نتيجة ارتفاع نسبة البطالة التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط إلى 13.7 بالمائة وطنيا، حيث يصف الخبراء هذا المنحنى بـ»المعدل التاريخي الذي لم يسبق أن سجله المغرب، وإن إبان أزمة كورونا والذي اقتصر في حدود 12 بالمائة».
يسجل المؤتمر الإقليمي الخامس بأن هناك شبه قطيعة بين المنطقة الشرقية وأقرب منطقة لها وهي جهة فاس مكناس ! كان من الضروري أن نعي بأن المخطط الذي يمكن أن يقوي هذه المنطقة ويخلق فيها اقتصادا قويا هو الذي يقوي المطارات، وهو الذي يقوي الموانئ وهو الذي يقيم البنيات التحتية. وبالرجوع للمخططات التنموية لهذه الجهة، نسجل بأن المخطط التنموي 2023/2027 خصصت له 13 مليار درهم على الرغم من أن الوضعية صعبة وتتطلب مجهودا مضاعفا، ولا نفهم كيف أن هذه المنطقة الصامدة «وصل فيها السكين للعظم» لا تستفيد من المخططات التنموية الناجعة. هذه مناطق حباها الله بما يمكن أن يجعلها جديرة باستراتيجية سياحية كبرى: هناك مشروعان سياحيان ، أحدهما في الناظور مارتشيكا والثاني في السعيدية، فما هو المآل؟ !!!
يسجل المؤتمر الإقليمي الخامس التفاوت الصارخ بين الجهات في ما يخص المجهود المالي المبذول يجعل جهة الشرق في أسفل الترتيب . الشيء الذي يؤثر سلبا على الأنشطة الاقتصادية . فقطاع صيد الأسماك ليس فيه تطوير ولا تنمية بل هناك تراجع ، ونلاحظ بأن أغلب مراكب الصيد بهذه المنطقة تحولت جنوبا حيث إمكانيات الاشتغال أكثر في المحيط الأطلسي.
يتساءل المؤتمرالإقليمي الخامس :لماذا مدن الشمال تعرف نشاطا مهما وكيف المنازل مغلقة بدون بيعها؟ ونعرف بأن العقارات مازالت تنتظر الترخيص وأحيانا الجماعات لا تيسر هذا الأمر وأن العقود تتم وتنتظر لسنين، و نحن لا نفهم وضع العراقيل في وجه الاستثمار .هناك استثمار كبير في مارتشيكا وفيه رأسمال وطني وفيه المؤسسات العمومية الوطنية ، فإلى متى سيبقى يكلف الخزينة في الوقت الذي يمكن أن يمثل قاعدة حقيقية للتنمية الاقتصادية في هذه المنطقة.
إن النشاط السياحي الحقيقي في هذه المناطق، يستلزم توفير النقل بكل أشكاله؛ القطارات، الطائرات ، الموانئ لوفرنا لباقي ساكنة المغرب فرصة للتنمية السياحية، وأمام هذه الأوضاع أليس من حق جهة الشرق على الحكومة أن يترأس رئيسها اجتماعا خاصا بالجهة و استدعاء تنسيق قطاعي وزاري بين مجموعة من القطاعات على رأسها التجهيز والنقل( لاحظنا ميزانية الطرقات، فخارج الرومبوانات وتزيينها، لا يوجد في ميزانية 13 مليار درهم أي مجهود من أجل التطوير، نفس الشيء بالنسبة للسياحة يجب الوقوف على المشاريع المتوقفة نفس الشيء بالنسبة للتجارة …فإلى متى سنجعل الناس في انتظار الذي يأتي ولا يأتي! ).
لذلك يدعو المؤتمر الإقليمي الخامس الحكومة للتفكير في المخططات التنموية التي يجب أن تستفيد من باقي جهات المملكة وتجعل العلاقة معها والتنسيق يكون معها والتجارة تكون معها .وتقوية التعاون معها والانفتاح عليها في العلم وفي المعرفة وفي الثقافة وفي الموسيقى… فلا يمكن أن يكون نشاط سياحي في غياب الترفيه وفي غياب النشاط الثقافي وفي غياب الموسيقى وفي غياب الحرية وغياب الانفتاح.
إن كل المؤهلات التي يتميز بها إقليم الناظور، تصطدم بمجموعة من الاكراهات والاختلالات تجعله غير قادر على استغلالها بالشكل المطلوب لتحقيق تنمية مستدامة شاملة .
إن الأزمة التي تعيشها جهة الشرق، انعكست بشكل جلي على اقليم الناظور، الذي كان من المفترض أن يكون قاطرة للتنمية، وبشكل متواز مع عمالة وجدة.
مظاهر الأزمة على مستوى مختلف الفئات الاجتماعية، وسائر القطاعات الإنتاجية والخدماتية
فعلى مستوى الفئات الاجتماعية، يُسجل المؤتمر الإقليمي الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اعتماد الفئات الفقيرة والهشة والمعدمة، على الاقتصاد المعاشي المتمثل في الانتشار المهول للباعة الجائلين، الذين يعرضون سلعا لا تكفي لسد رمق أسرة صغيرة، وانتشار «مهن» غير منظمة من قبيل حراس السيارات، وماسحي الأحذية، وبائعي التقسيط … والتي بدأت تطال حاملي الشهادات بمختلف أسلاكها.
لقد أدى تقاعس المسؤولين إلى إفراغ الأوراش الملكية الكبرى من الأهداف التي وضعها صاحب الجلالة، لجعل اقليم الناظور، قطبا اقتصاديا بعنوان الانصاف المجالي والعدالة الترابية والاجتماعية . وها هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعتمد هذه الأهداف، ويجعل منها مطلبا رئيسيا، وشعارا مركزيا لمؤتمره الإقليمي الخامس (الرهان على الموقع الاستراتيجي للناظور ، بوابة متوسطية منفتحة وقاطرة السكة التنموية) .
أما على صعيد مختلف القطاعات، فإن المتتبع لتطور الاستثمار على مستوى إقليم الناظور ، يُلاحظ أن القطاعات الإنتاجية ضعيفة نتيجة انعدام أو تدني القدرة على جلب الاستثمار. ومع انتشار البطالة، عرف قطاع التجارة ركودا لم يسبق له مثيل نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين الذين أصبحوا يعيشون على الكفاف. وقد زاد إغلاق الحدود والقضاء على أنشطة التهريب من حدة أزمة التجارة، بشكل جعل فئة التجار الصغار يلتحقون بالفئات التي تُعاني من صعوبات العيش الكريم.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعتبر أن الدور المركزي الذي ينبغي أن يكون لإقليم الناظور داخل جهة الشرق، يتطلب اعتماد منهجيتين متكاملتين للعمل:
فمن ناحية أولى، يجب العمل على المزيد من إدراج إقليم الناظور ضمن المخططات الاستراتيجية الوطنية بما يتلاءم مع وضعية الجهة ككل. فإذا كانت جهة الشرق جهة حدودية (طبيعية ووهمية)، فإن ذلك عامل لرفع كل التحديات بما يُحقق تطلع الساكنة من جهة، واكتساب القدرة التنافسية اللازمة لمنطقة حدودية من جهة أخرى؛
ومن جهة ثانية، فإنه ينبغي اعتماد برامج ومشاريع تراعي وضعية إقليم الناظور ضمن عمالات وأقاليم جهة الشرق حتى يتم تفادي استفحال ظاهرة التفاوتات الإقليمية بما يُحقق سياسة تنموية مُنسجمة.
وهكذا، سيعمل الاتحاد الاشتراكي أساسا على محور تحقيق المزيد من المكتسبات على صعيد التنمية البشرية وفق برنامج متعدد السنوات يشمل فترة 5 سنوات (مرحلة 2021-2026)، مع تحقيق الانسجام الكامل مع أهداف التنمية المستدامة سنة 2030. ومن خلال هذا المحور، فإنه سيتم اعتماد المشاريع والبرامج اللازمة. ويتطلب هذا العمل بالموازاة مع ذلك على الرفع من مستوى النسق الحضري لمدينة الناظور ، ليس بشكل منفصل، وإنما مع الاهتمام اللازم بالمراكز القروية قصد خلق نمط جديد للتعمير بها، في إطار سياسة إقليمية للسكن تُخفف العبء عن حاضرة مدينة الناظور ، وتخلق نوعا من التوازن الديمغرافي بالإقليم .
إن الرهان الأساسي للاتحاد الاشتراكي على المسألة الاجتماعية، سيجعل اهتمامنا يُراعي في كل التدخلات ضمان توفير البنيات والخدمات الأساسية لكل الفئات الاجتماعية، وخاصة منها الفئة الهشة والمعوزة، وذلك قصد دعم الرأسمال البشري الذي هو الرأسمال الحقيقي. ويُمكننا تحقيق هذه الأهداف من خلال سياسات وتدخلات تستهدف التقليص من الفوارق الاجتماعية بخلق المزيد من فرص الشغل، وإيجاد البنيات اللازمة لمساهمة أفضل لجاليتنا بالخارج.
إن تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، يفرض أيضا الاهتمام بالبنيات التحتية للنقل والتنقل، سواء داخل المدن أو بينها وبين المراكز القروية. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعي جيدا أن حركية نقل البضائع وتنقل الأشخاص تُعطي دينامية إيجابية لتحقيق الأهداف التنموية.
وبهذا الخصوص، فإن العمل التنموي، وقد وجد في النموذج التنموي الجديد المرتكزات والتوجهات الأساسية، فإن إقليم الناظور ينبغي أن يعمل على تنويع أشكال التنمية من خلال الاندماج بشكل أوسع في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والذي سيُمكن جهة الشرق ككل من ولوج مجال الاقتصاد الأخضر الذي تمنحه بلادنا مكانة متزايدة. إن هذا المحور ينبغي أن يسير بشكل متواز مع كل السياسات الهادفة لجعل بلادنا بصفة عامة، وجهتنا بصفة خاصة، جهة إيكولوجية تتطلب تنمية الطاقات المتجددة والخضراء قصد المساهمة في المجهود الوطني.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعي جيدا، أن تحقيق الأهداف التنموية يتطلب أيضا حكامة جيدة ورشيدة. وبهذا الخصوص، فإن المقاربة التشاركية حول الاستراتيجيات والمشاريع الكبرى ينبغي أن تكون هي الوسيلة وهي الغاية. ونقترح إشراك المجتمع المدني، كل في مجال تخصصه واهتماماته، حتى يتم خلق دينامية اجتماعية، تٌحفز الساكنة على الاندماج في إنجاح المشاريع والبرامج، وتجعل المؤسسات المنتَخَبة تعمل مع الساكنة وليس بعيدا عنها.
وبهذا الصدد فإنه ينبغي التسريع بإصدار كل الوثائق والتصاميم والمخططات التي تهم جهة الشرق ككل، والتي تهم العمالات والأقاليم، باعتبار أنها تُشكل منارة ينبغي الاسترشاد بها.
أما على صعيد مختلف القطاعات، فإن المتتبع لتطور الاستثمار على مستوى الاقليم، يُلاحظ أن القطاعات الإنتاجية ضعيفة نتيجة انعدام أو تدني القدرة على جلب الاستثمار، إضافة لعدم تَمَكُّن المسؤولين من القيام بمبادرات في هذا الاتجاه وتحقيق تنافسية مناسبة مع باقي جهات المملكة. ومع انتشار البطالة، عرف قطاع التجارة ركودا لم يسبق له مثيل نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين الذين أصبحوا يعيشون على الكفاف. وقد زاد إغلاق الحدود والقضاء على أنشطة التهريب من حدة أزمة التجارة، بشكل جعل فئة التجار الصغار يلتحقون بالفئات التي تُعاني من صعوبات العيش الكريم.
فعلى صعيد العنصر البشري:
فإن الميزة الديمغرافية للجهة ستؤثر على مستقبل الحواضر الكبرى، ومنها مدينة الناظور ، نظرا لما هو حاصل وما يُرتقب من هجرات موسعة من البوادي للحواضر، وهذا ما سينعكس سلبا على الإمكانيات والموارد المتوفرة بإقليم الناظور .
لذا، فإننا نعتبر أنه من المستعجل وضع الموارد البشرية في صلب العملية التنموية من أجل الحد من التزايد المضطرد للأنشطة غير المهيكلة لتسريع الانتقال من الاقتصاد المرتكز على الأنشطة الحدودية إلى أنشطة منظمة، كما أن الوضع أصبح يتطلب، أكثر من أي وقت مضى، تحقيق أهداف التنمية البشرية من خلال الاهتمام بالساكنة القروية، وساكنة أحياء الضواحي، ومحاربة كل أصناف الفقر والهشاشة.
إن بلوغ هذه الأهداف، يتطلب أن يتم وضع النساء والشباب في قلب التنمية، وفسح المجال للمغاربة القاطنين بالخارج لتوطين مشاريعهم في ظروف مريحة. إن هذه الجوانب من التنمية، القائمة على تثمين الرأس مال البشري، هي الكفيلة بتحريك عملية التنمية الشاملة، وبالتالي تحويل مدينة الناظور لقاطرة تنموية تساهم في اقلاع جهة الشرق.
أما على مستوى تأهيل الحواضر والقرى:
فإن تحقيق الأهداف التنموية، يتطلب، إلى جانب ما سبق، العناية بإعادة تهيئة المدينة من خلال تعميم هذه السياسة على كل أطرافها، ووضع برامج إسكان متنوعة تتماشى مع وضعية الساكنة وخصوصية المدينة، وبنفس القدر القيام بعمليات استباقية بالمناطق المحيطة بالمدار الحضري، خاصة أن نسبة التمدن قد تجاوزت 65 %؛
كما أن عملية التأهيل هذه، تتطلب الاهتمام بالنقل، سواء تعلق الأمر بالنقل الحضري أو النقل بين مختلف أرجاء الاقليم .
وأما بخصوص القطاعات الاجتماعية الأساسية؛
فإن المؤتمر الإقليمي الخامس ، يُسجل أن اهتمام تصميم التنمية لإقليم الناظور بكل من قطاع التعليم والصحة والتشغيل والماء، دليل على أن ما تم تحقيقه يُعد دون مستوى تطلعات الساكنة، وأن الجهات المعنية من معينين ومُنتَخَبين مدعوين لبذل المزيد من الجهود، خاصة وأن فلسفة التنمية البشرية تقوم على هذه الأسس.
إن الاهتمام بهذه القطاعات داخل الحواضر، ينبغي أن يُواكبه بنفس الحدة اهتمام بالمجالات القروية المكونة للإقليم، والمتمثلة في مجموعة من المجالات القروية التي ما زالت في حاجة للخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها ضرورة القضاء على الأمية، وتعميم التمدرس بكل ما يتطلبه ذلك من نقل مدرسي ومطاعم مدرسية وداخليات وإقامات للتلميذات والتلاميذ، وخدمات صحية بمستشفيات ومستوصفات للقرب،
أما على صعيد
توفير الخدمات المرفقية:
فإنه رغم المجهودات المبذولة، لا يزال الإقليم في حاجة لتوفير البنيات الإدارية اللازمة لتسريع عملية تسلم مختلف الوثائق الإدارية، وتعميم التزود بالكهرباء القروية، والماء الصالح للشرب، وشبكة التطهير، ومختلف وسائل نقل الأشخاص والبضائع.
ويُسجل المؤتمر الإقليمي الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأهمية الكبرى اللازمة للتدبير العقلاني لقطاع الماء الصالح للشرب، ذلك أن التغيرات المناخية، وتأثيرها على الموارد المائية بجهة الشرق بصفة عامة، واقليم الناظور بصفة خاصة، أصبحت تطرح إيجاد سياسات جديدة، قائمة على ترشيد استعمال المياه، واعتماد التدبير العقلاني، وإشراك الساكنة في اتخاذ القرارات الكبرى بهذا الخصوص.
وأخيرا، فإنه ينبغي اعتماد آليات الديمقراطية التشاركية على مستوى اتخاذ القرارات الكبرى:
وذلك بإشراك الساكنة، بكل الأشكال الممكنة، في التحضير للمخططات والتصاميم والوثائق التوجيهية للتنمية وإعداد التراب. وبهذا الخصوص، فإن إقليم الناظور يتوفر على مجتمع مدني ديناميكي ينبغي استثماره في عملية التشاور والتعاون وإبداء الرأي في كل ما يرتبط بالتصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة الشرق، ومخطط تنمية إقليم الناظور، وباقي وثائق التعمير والتهيئة والتنمية.
ولبلوغ هذه الأهداف وغيرها، يلزم العمل على هدفين رئيسيين:
أولا: إدماج المجالات القروية
في مشروع إقليم منسجم
إن إقليم الناظور يتكون من 23 جماعة، منها 7 مدن هي :الناظور ،العروي ، بني أنصار ،زايو ،أزغنغان ، رأس الماء وسلوان . و16 جماعة قروية ،هي : بني بويفرور ، بني شيكر ، بني سيدال الجبل ، بني سيدال لوطا ،بوعرك ،فرخانة ،اعزانن ،احدادن ،أكسان ،أفسو ،البركانيين ،أركمان ، بني وكيل .
إن الاتحاد الاشتراكي في التجربة الجماعية الحالية يترأس 4 جماعات بنزاهة واقتدار وخدمة الساكنة، ويتعلق الأمر بجماعة الناظور، جماعة رأس الماء، جماعة البركانين وجماعة اعزانن.
إن الاتحاديات والاتحاديين الذين واكبوا أوضاع مدينة الناظور من خلال التجارب الجماعية، السابقة على التجربة الحالية، ومن خلال ست رؤساء، ومن انتماءات سياسية مختلفة . سجلوا أن المدينة توسعت، وبشكل عمراني عشوائي، وكأنه ليس هناك هندسة معمارية، أو تصميم أو مخطط للتعمير، أو مراقبة لممثلي السلطة المركزية، والأنشطة التجارية تضخمت، وبشكل لم يكن من الممكن التحكم فيها، استثمار عائدات التوسع العمراني وأنشطة التهريب تم في اتجاه واحد، العقار ثم العقار، لا مشاريع صناعية أو خدماتية، بل فقط مركبات تجارية .
تطورت المدينة على هامش كل قوانين الدولة
انتشرت الفوضى المعمارية، ولم يهتم أي مجلس إلى نادرا، بالبنيات التحتية، ولا بالخدمات المرفقية الواجب توفيرها، ولا بتنمية الممتلكات العقارية للجماعة، ولا مداخيلها الجبائية ..
عم عدم الاهتمام من قبل رؤساء الجماعات المتعاقبين، إلى أن حدث التحول الكبير؛ وصول الاتحادي، سليمان أزواغ رئيسا للجماعة الحضرية بعد استحقاقات 8 شتنبر 2021 ، وحصول المجلس على أحسن جماعة ، ولم يكن ذلك صدفة بل نتيجة عدة أسباب منها جدية الرئيس وفريقه بعنوانين بارزين : المعقول والنزاهة، وهذا ما يميز الرئيس الحالي عن الرؤساء السابقين الذين عاثوا في مدينة الناظور فسادا .
إن الأمر يتطلب الاشتغال بشكل شمولي، مُتعدد الأبعاد، قصد جعل الإقليم مجالا مُتكاملا ومُنسجما.
ولبلوغ هذا الهدف، فإن مُختلف التصاميم والبرامج ينبغي أن تسير في نفس الخيارات الكبرى حتى لا يحدث تضارب في المصالح الترابية بين الجماعات.
وإذا كان الدستور والقوانين، قد منعت وصاية أي جماعة ترابية على جماعة ترابية أخرى، فإنها مع ذلك منحت الجهة، تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، فإن المؤتمر الإقليمي الخامس للاتحاد الاشتراكي، يدعو المنتَخَبين والمنتَخَبات بمجلس الجهة، إلى تحمل مسؤوليتهم في تحضير التصاميم والبرامج التي تراعي مكانة اقليم الناظور ، كرافعة للتنمية بالجهة.
ثانيا: إنعاش الاستثمار والتشغيل
وذلك بجلب المزيد من المشاريع الكبرى للمنطقة الصناعية ،والتسريع بخلق المناطق الصناعية المبرمجة في كل محيط اقليم الناظور، وتحضير برامج للأنشطة الاقتصادية بباقي الجماعات الترابية.
إن الرهان على إقليم الناظور كبوابة متوسطية منفتحة، ورافعة محورية للتنمية بجهة الشرق، مشروط بالتأهيل السياسي لهذا الإقليم، وهذه مهمة منوطة بالقوى الحية، الوطنية والديموقراطية والحداثية، وفي طليعتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
بكل الحب للوطن ولإقليم الناظور.
عاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .