بعد عدة جلسات انطلقت منذ 2014، قضت محكمة جنايات هيرولت الفرنسية، يوم السبت 16 يناير2021، بالسجن النافذ لمدة 30 عامًا في حق المواطن المغربي ش. عبدالنبي، بتهمة قتل زوجته «خديجة .ز»، يوم 17 شتنبر 2014، عندما عُثر عليها مقتولة في مطبخ البيت بمدينة مونبلييه، وقد سبقت النطق بالحكم مرافعات ومداولات ماراطونية، فيما ظل الزوج المتهم، منذ اعتقاله، ينفي بشدة وقوفه وراء الجريمة رغم مواجهته بنتائج التحريات والتحقيقات الأمنية.
وقد ظلت أصابع الاتهام تحاصر الزوج باعتباره المشتبه الرئيسي، حيث كان شارع دو بونت دي لافيرون بمنطقة لامارتيل ، ومعه أرجاء مدينة مونبلييه، يعيش على وقع الجريمة التي أثارت اهتمام وسائل الإعلام بهذه المدينة الجنوبية، وتكثفت التحقيقات مع المتهم بكونه الواقف وراء قتل زوجته منذ العثور على جثتها غارقة في بركة من الدماء، وعليها أثار ضرب وخنق بالقصبة الهوائية وكسر عميق على مستوى الرأس وتلف للمخ، ما أكد بقوة تعرض الهالكة لضرب مبرح قبل أن تقضي نحبها.
وفي اتصال وقتها بأسرة القتيلة المنحدرة من مدينة مكناس، أكدت لجريدتنا الفعل الإجرامي الذي أودى بحياة المسماة «خديجة .ز»، وعمرها آنذاك 32 سنة، وهي أم لطفلين، ياسمين وآدم لا يتجاوزان وقتها سن 4 و9 سنوات، ولم يفت شقيقها، «عبدالرحيم ز.»، التحدث لنا بألم وحزن عميقين عن الأيام الأخيرة لشقيقته وزوجها اللذين قضيا عطلتهما الصيفية بمكناس قبل عودتهما للديار الفرنسية خلال نفس الشهر الذي وقعت فيه الجريمة، حيث حدث ما حدث بعد أيام قليلة من العودة، وبالضبط صباح يوم الأربعاء 17 شتنبر 2014، عندما قام الزوج بأخذ طفليه إلى مدرستهما والعودة إلى البيت بصورة غير مألوفة.
وكانت إدارة المدرسة قد لاحظت يومها تأخر مجيء لا الوالد ولا الوالدة لأخذ الطفلين بعد خروج جميع التلاميذ، فاتصلت هاتفيا بالبيت دون مجيب، ثم اتصلت بالأب الذي حل بالمدرسة فعلا وأخذ طفليه، وبالبيت تظاهر أمام بعض الجيران أن الباب مغلق من الداخل، ليدخل من النافذة ويخرج منها كما دخلها وهو يصرخ مستنجدا على أساس أن مجهولا دخل بيته وقتل زوجته، مما جعله «يغمى» عليه لينقل للمستشفى في الوقت الذي انتقلت الشرطة لمكان الحادث الذي كانت فيه جثة الضحية غارقة في دمائها بمطبخ البيت .
وسجلت الشرطة عدم تعرض أي شيء للسرقة، وأن الأمور طبيعية في البيت، بما في ذلك «طنجرة الضغط» الموضوعة فوق النار بالمطبخ مسرح الجريمة، إلى غير ذلك من الملاحظات التي حملت المحققين إلى التوجه بنظراتهم إلى الزوج باعتبار أن كل أدلة الاتهام تحوم حوله، سيما أن بعض الجيران أكدوا أنهم سمعوا أصوات شجار عنيف طيلة الليل وأولى ساعات الصباح، إضافة إلى خدوش على وجه الزوج المتهم، وانتظر المحققون ما ستسفر عنه نتائج تحليل الحمض النووي لتأكيد مصدر الأظافر المخدشة لوجه المتهم، وكذلك تحليل الدماء الموجودة على جدران مسرح الواقعة والملابس والغسالة.
وبعد إحالة الجثة على الطب الشرعي لتشريحها وإصدار تقرير بتفاصيل الحادث، تم اعتقال الزوج واقتياده للتحقيق قبل قرار التحفظ عليه رهن الاعتقال بسجن» فيلنوف ليماكيلون» لحين انتهاء التحقيقات، وفي كل مرة يصر المتهم على براءته من المنسوب إليه،ويقسم بعدم قتل زوجته، محاولا توجيه المحققين إلى عدة فرضيات أخرى، منها أن مبلغا سرق من الخزنة، وتارة قال إنه كان في مهمة ببريد المدينة قبل تأكد المحققين من عدم صحة أقواله، ولا حتى قوله بأنه كان وقتها في متجره، حيث صرح ستة شهود، من أصل سبعة، بأن متجره كان مغلقًا في ذلك الصباح.
وفي السياق ذاته، أسرع المحققون إلى تشميع البيت بعد حملهم لأشياء خاصة منه، كما تم تشميع المحل التجاري للزوج في إطار التحقيقات الجارية ، وإيداع الطفلين بأحد الملاجئ قبل تقدم شقيق الضحية بملتمس تسليمهما إليه في انتظار ما ستنطق به العدالة في ملف القضية، وقد اجتهد دفاع المتهم من أجل تمتيع موكله بالسراح المؤقت أكثر من مرة، بحسب أسرة الضحية التي ذكَّرتها الفاجعة بابنها المهندس الذي توفي قبل سنوات قليلة بالديار الألمانية. وبينما لم تتوقف أسرة الضحية حينها عن أمل الحسم الجنائي في ملف الجريمة، ظلت في انتظار استكمال إجراءات المعمل الجنائي والطبيب الشرعي، والإعلان عن قرار يرفع الحصار عن جثة ابنتها لدفنها.
وفي موكب جنائزي حاشد، تم، ظهر يوم 31 ماي 2015، تشييع جثمان المواطنة المغربية، خديجة.ز بمدينة مكناس، انطلاقا من بيت أسرتها بحي سيدي اعمرو،وذلك بعد أن ظلت جثتها، منذ 8 أشهر ونصف، بمستودع الأموات في إطار التحقيقات المعقدة، قبل القبول بقرار نقلها إلى المغرب لدفنها، ويومها رأى شقيقها أن «السماح بنقل الجثة إلى المغرب يعني وقوف المحققين والفرق الأمنية على ضلوع الزوج في الجريمة»، وهو من مكناس أيضا؟
وارتباطا بحياة الضحية، أفادت أسرتها أنها عقدت قرانها بالمتهم (ش. عبدالنبي – 48 سنة) عام 2003، وهذا الأخير يملك محلا بحي باياد بقلب مدينة مونبلييه يمارس فيه تجارة الأجهزة الالكترونية والهاتفية، ووكالة لتحويل الأموال، ولم يفت الأسرة الإشارة إلى ما كانت تعانيه الضحية من مشاجرات وخلافات مع المتهم الذي كان يمنعها من العمل، ويعمد إلى تعنيفها بين الفينة والأخرى، علما أن مستواها الدراسي الباكالوريا، وحاصلة على ديبلوم في مجال الإعلاميات، وأنها شاركت، ما قبل وفاتها بأسابيع قليلة، في دورة تكوينية، وهي الحاملة للجنسية الفرنسية، لتتم المناداة عليها لأجل العمل كمربية أطفال، فعمد زوجها إلى منعها كالعادة.
مكثت جثتها بمستودع الأموات لمدة 8 أشهر ونصف: القضاء الفرنسي يدين مغربيا ب 30 سنة سجنا لاتهامه بقتل زوجته

الكاتب : أحمد بيضي
بتاريخ : 26/01/2021