منذ اليوم الأخير من أكتوبرالمنصرم، الذي عادوا فيه من جديد، إلى تنظيم مسيرتهم على الأقدام باتجاه كهف النسور، يتطلع سكان منطقة تاقبالت بإقليم خنيفرة، إلى التخلص من مشكلة الطريق التي عمرت طويلا، وذلك بناء على ما تم توزيعه عليهم من وعود مقابل التوقف عن مواصلة شكلهم الاحتجاجي،ب عد قطعهم لمسافة 10 كيلومترات، والجلوس إلى طاولة حوار تم فيه التأكيد على انفراج الأمر، ذلك قبل دخول عامل الإقليم، محمد عادل إهوران، على الخط في أخذه لموضوع بعين الاعتبار، حيث كشفت مصادر متطابقة عن ربطهالاتصال بمدير وكالة تنفيذ المشاريع ببني ملال، وحثه على الإسراع في إعلان طلبات عروض صفقة أشغال الطريق المذكورة.
والمؤكد أن تدخل عامل الإقليم (الجديد) كان له الدور الحاسم في تحقيق الانفراج، وفي الحد من الخلافات القائمة بين العامل السابق وأطراف مسؤولة بالجهة، إذ أعلنت وكالة تنفيذ المشاريع بالجهة، يوم الخميس 21 نونبر 2024، عن طلب العروض حول أشغال الطريق المذكورة، على أن تفتح الأظرفة الخاصة بطلبات عروض الصفقة صباح يوم 18 دجنبر 2024، علما أن أهمية هذه الطريق تكمن في ربطها مركز كهف النسور بمنطقة تاقبالت، عبر قبيلة آيت عمو عيسى، وصولا إلى قصبة تادلة بإقليم بني ملال، على طول 22,5 كلم، وستمكن من اختصار مسافة كبيرة، تصل إلى 40 كلم لولوج إقليم بني ملال، دون الاضطرار إلى استعمال الطريق الوطنية رقم 8.
وكان تعثر مشروع الطريق المعلومة قد أثار الكثير من الجدل والامتعاض بين أوساط الساكنة ومكونات المجتمع المدني، رغم كل النداءات والمراسلات الموجهة للجهات المسؤولة، علما أن هذه الطريق لها أهميتها الكبيرة والحيوية في ربط اقليم خنيفرة بإقليم بني ملال، وإلى نحو إقليم خريبكة، وكم كبر تخوف المتتبعين للشأن العام أن يكون المشروع، الذي رصد له مبلغ مليار و800 مليون سنتيم، قد تعرض للإقبار والالغاء في ظروف مجهولة، فيما أفادت حينها إحدى الجمعيات المحلية (جمعية آيت عمو عيسى للتنمية والتعاون) أن الطريق المذكورة قد أنجزت دراستها التقنية ورصدت لها اعتمادات مالية تخوف الجميع من تحويلها لمشروع آخر.
وصلة بالموضوع، سبق لعدد من الفاعلين المحليين، عام 2018، أن بادروا إلى تكوين «لجنة تقديم عريضة» لمجلس جهة بني ملال خنيفرة، من أجل إدراج موضوع الطريق بجدول أعمال دوراته، دون أن يفوت المجتمعون التذكير وقتها بنتائج لقاء جمع رئيس مجلس الجهة ووفد من ساكنة آيت عمو عيسى وآيتبوحدو، من جماعة سيدي لامين، بينما جرى التذكير بالمقتضيات القانونية والدستورية التي تنظم الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية ومجالس الجماعات الترابية، من طرف المواطنات والمواطنين، وحينها تم انتداب وكيل العريضة ونائبه لمتابعة ملف الطريق الذي ظلمبهما في ظروف مستفهمة.
ولم يفت «لجنة العريضة» الإسراع وقتها بإيداع العريضة المطلبية لدى رئاسة مجلس الجهة (وهي مذيلة بأزيد من 420 توقيعا)، وتضمنت في طياتها أهمية إنجاز الطريق في «تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ومحاربة الهشاشة والتهميش والاقصاء»، ثم «فك العزلة وتحقيق تنمية مستدامة للأهالي والأقاليم الثلاث التي تجمعها هذه الطريق جغرافيا (خنيفرة، بني ملال وخريبكة)، مع تقليص المسافة لبلوغ المراكز الاستشفائية والمؤسسات الإدارية المتواجدة بعاصمة الجهة»، علاوة على تقليص المسافة وربح الوقت بالنسبة للعمال والموظفين والطلبة المنحدرين من كهف النسور، أجلموس، حد بوحسوسن، سيدي احساين، سيدي اعمرو، سيدي بوعباد..
ومن بين أدوار الطريق المطلوب إنجازها، بحسب مضمون العريضة، «تسهيل عمل التعاونيات والجمعيات لتطوير أدائها للنهوض بالمنطقة في المجال الفلاحي وتيسير سبل بناء مرافق أخرى، فضلا عن تحقيق هجرة عكسية لبعض شباب المنطقة ممن هاجروا نحو المدن والمناطق الأخرى، والعودة للاستثمار في أراضي أجدادهم»، دون أن يفوت أصحاب العريضة إبراز مدى مساهمة «لعنة العزلة» في «صعوبة إيصال المنتوجات الفلاحية للأسواق الأسبوعية المجاورة، وغلاء نقلها، مع ما يترتب عن ذلك من معاناة للفلاحين، مع استحالة ولوج المركبات الفلاحية وغيرها للمنطقة في الأيام الماطرة»، وما ينجم عنها من أوحال وفيضانات الأودية والشعاب.
وفي ذات السياق، أكد نص العريضة على ما يسببه انعدام الطريق من «ارتفاع نسبة الهدر المدرسي بين أوساط أبناء الأسر الفقيرة بالنظر لاستحالة الاستفادة من النقل المدرسي جراء رداءة الطريق، علاوة على معاناة النساء الحوامل، خصوصا منهن اللائي يكن مخاضهن عسيرا ويحتاج لتدخلات طبية أو لعمليات قيصرية مستعجلة»، ذلك إلى جانب مشكل صعوبة ولوج سيارة الاسعاف للمنطقة، وتأخرها في الحالات المستعجلة والإصابات الطارئة، فيما أكدت مصادر سكانية ما للطريق من أدوار في تسريع عجلة التنمية المحلية، وفي فتحهالآفاق جديدة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياحية للساكنة.
وسبق لوكيل العريضة أن توصل برد من رئيس مجلس الجهة، تحت رقم 1174/19، يؤكد فيها «أنه تم عرض هذه العريضة على أنظار مكتب المجلس، خلال اجتماعه في 10 يونيو 2019، وتقرر عدم إدراج موضوعها كنقطة ضمن جدول أعمال المجلس لكون الطريق «من المشاريع المبرمجة ببرنامج العمل التنفيذي للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وأن إنجازها رهين بتوصل الوكالة بالدراسة الجيوتقنية اللازمة من لدن الجماعة الترابية المعنية»، وهذا الرد اعتبره وكيل العريضة، إدريس مزال، عبارة عن «مزاعم لتبرير التملص من تحقيق مطالب ساكنة الهامش»، سيما أنه كان قد تلقى وعودا من مسؤول بالإدارة العامة للمصالح بالمجلس دون جدوى.
وعلى إثرها، قام وكيل العريضة بالتقدم للعامل السابق على إقليم خنيفرة، يشعره فيها برد رئيس جهة بني ملال خنيفرة، وكيف فات لمدير وكالة تنفيذ المشاريع أن «أبلغه بأمر غلاف مالي قدره 18 مليون درهم قال بأنه خصص كمبلغ أولي في انتظار توصل الوكالة بالدراسة الجيوتقنية اللازمة من الجماعة الترابية لمباشرة اجراءات بناء الطريق»، حيث طالب وكيل العريضة من العامل التدخل لتسريع إتمام هذه الدراسة، كما راسل رئيس الجماعة حول مآل الدراسة التي قيل ب «أن مجموعة الجماعات الأطلس هي من تكلفت بها»، لتتم مراسلة هذه الأخيرة أيضا ومساءلتها بخصوص مصير هذه الدراسة التي ظلت طي علامات استفهام متعددة.
وعلاقة بالموضوع، جرى الاتصال وقتها برئيس الجماعة الترابية لسيدي لامين، حيث لم يخالف تطلعات موقعي العريضة بخصوص أهمية الطريق التي وصفها ب «المكسب المنتظر»، وبينما كشف عما قامت به جماعته من مراسلات واتصالات للمجلس الجهوي لأجل إخراج المشروع لحيز الوجود، أكد أن دراسة المشروع الحيوي جاهزة والاعتمادات مرصودة، والملف بيد الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وكادت الاجراءات أن تتحرك غير أنها عادت فتعطلت بدعوى ظروف تفشي كورونا، ليتواصل الترافع على المشروع من قبل الساكنة في كل الاتجاهات، فيما بلغ ملفه لمراكز القرار ولقبة البرلمان.
ملفها أثار الكثير من الجدل وبلغ مجلس الجهة وقبة البرلمان:غضب سكاني يدفع عامل خنيفرة الجديد للتدخل لإنهاء تعثر مشروع طريق كهف النسور- تاقبالت
الكاتب : أحمد بيضي
بتاريخ : 28/11/2024