عرفت السنوات الأخيرة انتشارا واسعا لبعض أنواع «الدراجات الكهربائية» المعروفة بـ «التروتينيت»، لسهولة استعمالها من أجل التنقل، خاصة في مدن كبرى تعرف شوارعها ومحاورها الطرقية المختلفة اكتظاظا متواصلا، كما هو الحال بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء، التي صارت ساعات اليوم كلها لحظات للذروة دون استثناء.
هذا المعطى جعل طلبة وموظفين ومستخدمين وغيرهم، إناثا وذكورا، يقتنون هذه الآليات ويسخّرونها لتنقلاتهم، عدد منهم يستعملونها بشكل عقلاني في ظل احترام للمقتضيات القانونية المتعلقة بالسير والجولان، فمنهم من يضع صدرية واضحة خاصة بالليل، وخوذة، ويحترم الإشارات الضوئية والمسالك التي يجب المرور منها، في حين أن البعض الآخر جعل منها آلية جديدة تعزز مشاهد الفوضى التي تعرفها شوارع العاصمة الاقتصادية، التي يُحدثها بعض أصحاب الدراجات النارية، والدراجات ثلاثية العجلات، وحتى سائقي سيارات أو شاحنات كذلك.
هذه الوضعية، السليمة في شقّ منها، والمعتلة في الشق الآخر، باتت في ظل ارتفاع أعداد مستعملي «التروتينات» تطرح علامات استفهام متعددة متعلقة بأسئلة السلامة، ويكفي الوقوف على امتداد شارع عبد المومن في تراب العاصمة الاقتصادية، على سبيل المثال لا الحصر، الذي تحضر فيه عناصر المرور بقوة مشكورة، صباح كل يوم للحرص على تيسير المرور وضمان انسيابية في هذا الشريان المروري الهام، لمشاهدة بعض أصحاب «التروتينيت»، الذين ينتمي عدد منهم للفئة «المنظّمة»، والبعض الآخر من المحسوبين على فئة «غير مصنفة» بالنظر للسلوكات المسجلة، خاصة حين يكون «السائق» مقنّعا، ويقوم بحركات خطيرة تعرض سلامة الغير للخطر، سواء كان راجلا أو صاحب مركبة، فتراه ينعطف يمينا يسارا بكل حرية غير عابئ بمن هم حوله، وبشكل مفاجئ، تارة يستعمل الشارع وتارة أخرى سكة الترامواي؟
سلوكات تجعل عددا من المواطنين قلقين مما يرونه أمامهم، فحضور وسائل للنقل بدون «هويّات» بشكل عام، يقودها أشخاص مقنّعون، يمرون بكل سلاسة من أمام عناصر الأمن، لا يمكن إلا أن يكون غريبا وغير مطمئن، لأنه يمكن للمعنيين بالأمر أن يقترفوا سرقات بالخطف، مستغلين وضعيات الاختناق المروري وبالتالي الفرار بكل سهولة، أو ممارسة البلطجة ضد غيرهم في حال تسجيل ملاحظات حول السلوكات المرورية، هذا العنف الذي قد يطال الأشخاص أو الممتلكات، في غياب أي وسيلة يمكن من خلالها الاهتداء إلى المعتدي، وغيرها من السلوكات المختلفة التي قد تقع في كل وقت وحين، والتي لا يمكن إلا أن تصنّف ضمن خانة «الإخلال بالنظام العام»، وفقا لشهادات استقتها الجريدة من عدد من المتضررين.
إن تعدد وسائل النقل في مدينة كبيرة كالدارالبيضاء هو أمر محمود، لكن استغلال الابتكارات الجديدة في الفوضى عوض أن تساهم في العقلنة، هو أمر يستدعي تدخل الجهات المختصة للحرص على النظام وعلى الأمن والأمان، وضمان أن تكون هويات كل من يتواجد في الشارع العام معلومة لا مجهولة، حتى يكون بالإمكان العودة إلى تفاصيلها في حال وقوع أي حادث يتطلب ذلك.
ممارسات تسيء لمن يستخدمونها بشكل عقلاني: «التروتينيت» .. بلطجة، سرقات، وفوضى مرورية عارمة

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 27/05/2025