منظمة النساء الاتحاديات بأكَادير تتدارس التحديات القانونية والاجتماعية للعنف اللغوي بالنسبة للنساء الناطقات بالأمازيغية

نظم المكتب الإقليمي لمنظمة النساء الاتحاديات بأكَادير، زوال يوم الأحد 15دجنبر2024، ندوة حول»التحديات القانونية والاجتماعية للعنف اللغوي بالنسبة للنساء الناطقات بالأمازيغية نموذجا»، وذلك بمشاركة ثلة من الباحثين قاربوا الموضوع من زوايا نظر مختلفة وسلطوا الضوء على ما تعانيه النساء الناطقات بالأمازيغية فقط من عنف لغوي في الميدان الصحي والإجتماعي والقانوني معززين تدخلاتهم بأمثلة واقعية وحية.
وكان اللقاء الذي سيّرته عضو المكتب الإقليمي للشبيبة الاتحادية»سميرة جركش»، قد افتتحته الكاتبة الإقليمية لمنظمة النساء الاتحاديات بأكَادير، رجاء مسو، بكلمة أكدت فيها أن اللقاء ينعقد بمناسبة الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، ولذلك تخلد كل المنظمات النسائية الأيام الأممية لمناهضة العنف.
وأوضحت أن منظمة النساء الاتحاديات تعتبر هذه المناسبة فرصة لمواصلة التأكيد على المطالب النسائية المشروعة في العديد من المناسبات، والتي تنادي بضرورة تحيين جميع القوانين، في اتجاه حماية النساء من العنف بشتى أنواعه والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.
وحددت الكاتبة الإقليمية أشكال العنف التقليدي المسلط على النساء عامة في بعض النماذج كالحرمان من التعليم والاغتصاب،والتحرش،والاعتداءات في الفضاء العام،زيادة على العنف اللغوي الذي يمارس على فئة من النساء ممن يعجزن عن التواصل داخل المؤسسات التي من حقهن ولوجها كمرفق أساسي لخدمتهن كمواطنات، مما يشكل في نظر منظمة النساء الاتحاديات بيئة مضادة لتحقيق المساواة والإنصاف.
وختمت المتحدثة كلمتها بقولها إن منظمة النساء الاتحاديات، وإن كانت تقر بالتقدم الحاصل على مستوى احترام الحقوق الدنيا للنساء، فإنها تعتبر أن ذلك غير كاف وجزئي في ظل استمرار ممارسات العنف بشتى أنواعه ضد النساء.
مضيفة أنه وفي سياق الحديث عن المرأة الناطقة بالأمازيغية، يصبح هذا العنف أكثر حدة، حيث تواجه النساء تحديات مزدوجة ناتجة عن التهميش اللغوي لهذا يعتبر تسليط الضوء على هذا الموضوع وتحديد أبعاده القانونية والاجتماعية خطوة ضرورية لفهم التحديات التي تواجه هذه الفئة.
بل يستدعي الأمر، في ظل هذه الوضعية تقول رجاء مسو، العمل على توفير الحلول التي تضمن لهن العدالة والمساواة، وتعزيز التعددية الثقافية كقيمة أساسية في بناء المجتمع وتنظيم لقاءات تحسيسية وورشات من أجل تسليط الضوء على هذه القضية بهدف الدفاع عن حقوق النساء الناطقات بالأمازيغية، ولهذه الأسباب اختارت الكتابة الإقليمية لمنظمة النساء الاتحاديات باكَاديراداوتنان هذا الموضوع نظرا لأهميته وراهنيته. وفي تدخله،تحدث الأستاذ الباحث في الثقافة الأمازيغية الدكتور»الحسين بويعقوبي»،عما يميز العنف اللغوي عن باقي الأنواع التقليدية التي عرفتها المرأة عموما داخل المجتمع، معتبرا العنف اللغوي ذا حمولة نفسية قاسية لايمكن رؤيتها خلافا لندوب العنف الجسدي مثلا، لكنه مع ذلك يترك أثرا نفسيا باطنيا يجعل المرأة الناطقة بالأمازيغية فقط تشعر أحيانا بالدونية والاحتقار والاقصاء لا لشيء إلا لكونها لا تتقن غير لغتها الأصلية.
واعتبر الباحث من خلال تطرقه لعدة أمثلة حية من الواقع،أن العنف اللغوي لايقل قساوة وظلما من العنف الجسدي والعنف اللفظي والعنف الجنسي، ذلك أن النساء الناطقات بالأمازيغية فقط يشعرن بأنهن مقصيات في المجتمع نتيجة صراع لغوي وإيديولوجي أدى إلى إقصاء لغة شفهية غيرمكتوبة وأقل قيمة من اللغة المكتوبة.
ورفض بويعقوبي تقبل الفكرة السالفة لكون سكان العالم يتكلمون اليوم حوالي 7000 لغة لكن المكتوب منها لايتعدى فقط 200لغة مكتوبة، ومعنى ذلك، يضيف الباحث، أن إقصاء أية لغة أخرى بدعوى أنها شفهية فكرة مغلوطة ينبغي تصحيحها.
ودعا إلى عدم الانسياق وراء هذه الفكرة الأخيرة لأنها تحمل في طياتها عنفا رمزيا يقوم إما على الاستعلاء والهيمنة، وإما بسبب الدين أو الجنس أو اللغة المهيمنة أو اللون أو المجال الجغرافي(قرية،مدينة،سهل،جبل،جنوب،شمال)أوالهيمنة الذكورية أو بسبب الإقصاء من المشاركة في الحياة الثقافية داخل المجتمع بالنسبة للنساء الناطقات بالأمازيغية فقط…
ومن جهتها تطرقت الطبيبة فاطمة الزهراء بليليض إلى الحواجز اللغوية والتواصل بين الطبيب والمريض، حيث أكدت في مداخلتها أن العنف اللغوي في مجال الصحة كان له تأثير سلبي على صحة النساء الأمازيغيات اللواتي لا يتقن غير لغتهن الأصلية بحيث يجدن صعوبة في فهم وصفات الطبيب. ويجدن أيضا صعوبة في ولوج الخدمات الصحية،تقول الطبيبة،بسبب هذا الحاجز اللغوي بسبب عدم نطق بعض النساء الأمازيغيات للغة العربية أو بسبب عدم التكلم بها بطريقة سليمة وخاصة عندما يسألهن الطبيب عن نوعية المرض الذي يحسسن به أو عن أوراق التغطية الصحية،أوعدم إدراكهن ومعرفتهن لوسائل منع الحمل أوعدم معرفتهن وإدراكهن للصحة الوقائية.
وأعطت الدكتورة أمثلة حية من الواقع الصحي استنتجتها من عملها اليومي الميداني عند استضافتها للنساء الناطقات بالأمازيغية فقط للكشف عن داء السكري وسرطان الثدي، حيث سجلت في هذا الشأن حالات كثيرة منها عدم قدرة النساء الناطقات بالأمازيغية فقط على الذهاب إلى الطبيب لعدم قدرتهن على النطق باللغة العربية.
ولهذه الأسباب اعتبرت المتحدثة،الحاجز اللغوي عنفا لغويا قاسيا لايقل أهمية عن أنواع العنف المسلط على النساء عامة، ودعت في ختام مداخلتها إلى ضرورة إيجاد الحلول الكفيلة برفع الظلم عن هذه الفئة بالنساء اللواتي لا ينطقن باللهجة العربية حتى لا يكون هناك نقص في جودة الرعاية الصحية والصحة الإنجابية بسبب عدم فهمهن للوصفات الطبيب وإرشاداته الصحية.
ومن جانبه،دعا الباحث في الشأن الأمازيغي الأستاذ مصطفى الز، في مداخلته، إلى محاربة العنف ضد النساء عامة والنساء الناطقات بالأمازيغية فقط،لأن هناك حقوقا قانونية واجتماعية أقرها المغرب،وذكرها الباحث بالتفصيل معطيا أمثلة استخلصها من جلسات المحاكم ومن محاضر الضابطة القضائية التي تبين من خلالها أن العديد من النساء الناطقات بالأمازيغية فقط لا يستطعن تتبع مجريات ذلك لعدم نطقهن وفهمن للغة العربية.
وشدد الباحث على ضرورة توفير الحماية القانونية بالتنصيص على تجريم العنف اللغوي مثل أشكال العنف الأخرى التي تم التنصيص عليها في القانون الجنائي المغربي، وعلى ضرورة إحضار مترجم في المحاكم ولدى النيابة العامة والضابطة القضائية بمراكز الشرطة والدرك الملكي.
وذكرالمتدخل أن المشرع المغربي لم يسن بعد قانونا خاصا بالعنف اللغوي مما يدعو إلى استدراك الموقف لإزالة هذا العنف من جهة وتمكين النساء الناطقات بالأمازيغية من حقوقهن اللغوية إما بتوفير خدمات الترجمة أو تدريب القضاة على تعلم اللغة الأمازيغية خاتما مداخلته بأن العنف اللغوي لايتميز من حيث الأثر السلبي الذي يخلفه عن العنف اللفظي والعنف الاقتصادي والعنف السياسي والعنف الرقمي….


الكاتب : عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 24/12/2024