تواصلت أشغال الندوة الوطنية حول «حظ الثقافة في الإعلام المغربي اليوم» التي عقدت بطنجة بشراكة بين المركز الإعلامي المتوسطي ووزارة الثقافة والاتصال ، في يومها الثاني السبت 22 دجنبر الجاري، بتنظيم مائدة مستديرة بسط خلالها الزملاء الصحافيون من مختلف المنابر الإعلامية، مكتوبة وسمعية بصرية وإلكترونية، إكراهات المهنة التي تعترض الصحافي المشتغل على المادة الثقافية والتي يتداخل فيها الموضوعي بالذاتي، والخاص بالعام.
المائدة المستديرة كانت مناسبة للاطلاع على تجارب الزملاء المختلفة باختلاف طبيعة المنابر الإعلامية التي يمثلونها، إلا أن المشترك فيها كان هو وضع الثقافة والبرنامج الثقافي ضمن توزيع باقي المواد الصادرة عن هذه المؤسسات. فكل التدخلات أجمعت على احتلال المادة الثقافية أسفل سلم الترتيب، وإمكانية حذفها في كل مناسبة طارئة، يستوي في ذلك الورقي والسمعي البصري.
وقد أرجع المتدخلون عدم الاهتمام بالمادة الثقافية داخل المؤسسات الاعلامية الى غياب سياسة ثقافية رسمية تسعى الى بناء الانسان المغربي المتسلح بالمعرفة، بالإضافة إلى تأثير الحوامل الجديدة للثقافة أي التكنولوجيات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تميل الى الفرجة والإثارة أو تدعو الى التطرف، فيما ذهب البعض الى أن أي إشعاع للثقافة بالاعلام المغربي رهين بالتقاء ثلاث إرادات أولها: إرادة المؤسسات الصحافية، ثم إرادة الصحفي المشتغل بالمجال وإرادة الإدارات المؤسساتية الثقافية.
وتطرق الزملاء، وهم يشخصون واقع الثقافة اليوم بالإعلام، الى أن الأزمة مركبة ولا تعدو كونها انعكاسا للخطاب السياسي والثقافي للاحزاب، بالإضافة الى أزمات المؤسسات الصحفية نفسها التي أنتج بعضها وشجع ثقافة الريع والإشاعة والإثارة دون عمق مضموني، بعد أن كانت في وقت سابق مؤطرة للوعي ومنتجة لثقافة وقيم معينة، داعين الى التوجه نحو التدبير الثقافي والسياسة الثقافية أو ما يصطلح عليه اليوم بالصناعات الثقافية من أجل إعلام ثقافي هادف وناجح.
تنوع المنابر الحاضرة للقاء، مكن الزملاء شفيق الزكاري عن جريدة «المساء»،ياسين عدنان عن «قناة الاولى»، محمد جليد عن «أخبار اليوم»،وفاء بناني عن lematin، الطاهر الطويل عن القناة الثانية 2M، سعيد الرفاعي عن وكالة المغرب العربي للانباء، حفيظة الفارسي عن جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، سليمة غويسر عن aujourd’hui le maroc، محمد علوط عن «الصحراء» عبد الله ورياش عن «النهار المغربية»، عبد العالي الدمياني عن «الاحداث المغربية»، مصطفى الصوفي عن «الحركة «، عبد الواحد ستيتو عن موقع «هسبريس»، خالد اشطيبات عن إذاعة طنجة، محمد بلمو مكلف بالصحافة بوزارة الاتصال، من مقاربة الموضوع من زوايا مختلفة لكن بهدف واحد هو خلق إعلام ثقافي جاد يواجه الركاكة والإسفاف الذي يحدث اليوم.
المتدخلون لم يقفوا عند تشخيص ملامح الأزمة، بل قدموا مجموعة من الاقتراحات كمخارج من وضعية الجمود والتردي نذكر منها:
– وضع إستراتيجية للنهوض بالإعلام الثقافي – تشكيل إطار جمعوي يضم الصحافيين الفاعلين في الإعلام الثقافي- ترافع المجتمع المدني لدى المؤسسات الإعلامية، بالأخص الهيئات الفاعلة في الحقل الثقافي، من أجل النهوض بالشأن الثقافي- تنظيم مسابقات إعلامية/ثقافية وأدبية بإشراك المؤسسات الإعلامية والملاحق والمنابر الإلكترونية والهيئات والوزارة- احتضان وزارة الثقافة والاتصال لصفحات ثقافية خاصة خلال مناسبات معينة- تحيين وملاءمة المواقع الإلكترونية المؤسساتية في قطاع الثقافة- التفكير في شراكات مؤسساتية ومهنية للنهوض بالإعلام الثقافي.كما أصدروا في نهاية اللقاء نداء أعربوا فيه عن رغبتهم في ايلاء الثقافة ما يليق بها من اهتمام لأنها المرآة الوحيدة لحضارة الشعوب والوسيلة الآمنة لبناء الانسان.
نداء طنجة
خرج الاعلاميون المغاربة المشتغلون في المجال الثقافي بعد اختتام لقائهم الى:
– الانخراط الجدي في عصر الصناعات الثقافية.
– تكثيف مناسبات الحوار والإنصات المتبادل بين الفاعلين المهنيين والمؤسساتيين.
– الحرص على استقلالية الثقافة والنشاط الإعلامي/الثقافي.
– استغلال الإمكانيات التي تتيحها تكنولوجيا الإعلام للنهوض بالمادة الثقافية.
– حق الصحف في الدفاع عن مبيعاتها.