من بين 81 دولة مشاركة: تلاميذ المغرب في المرتبة 71 في الرياضيات، و 76 في العلوم و79 في القراءة

البرنامج الدولي لتقييم التلاميذPISA : نتائج كارثية للتلاميذ المغاربة

 

 

مرة أخرى تظهر نتائج التلاميذ المغاربة الكارثية أن التعليم ببلادنا ليس على ما يرام وأن الوقت حان لإيجاد مخرج ينقذه من عنق الزجاجة ويضعه في مساره الصحيح، لقد احتل المغرب مراتب متأخرة في نتائج دورة 2022 للبرنامج الدولي لتقييم التلاميذ PISA، التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، وهي مشاركته الثانية بعد دورة 2018، وذلك خلال الفترة الممتدة بين شهري أبريل وماي 2022. وتشرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (‏OECD‏)‏ على هذا التقييم الذي يتم إجراؤه كل ثلاث سنوات، علما أن النسخة الثامنة لسنة 2021 لم يتم تنظيمها بفعل جائحة كوفيد-19، ولم تعرف نتائج التلاميذ المغاربة الذين بلغ عدد المشاركين منهم في هذه الدورة 6867 تلميذة وتلميذا بالغين من العمر 15 سنة، وينتمون لما مجموعه 177 مؤسسة تعليمية عمومية بالسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، بالأكاديميات الاثني عشر بالمملكة، أي تحسن في مجالي القراءة والعلوم، مع تسجيل استقرار نسبي في نتائج الرياضيات مكن من تحقيق المرتبة 71من بين81دولة مشاركة، مع تراجع أداء أكثر من نصف الدول المشاركة في الدورة، كما تم تسجيل تراجع ملموس في نتائج العلوم بلغ12نقطة دفع بالمغرب إلى المرتبة 76 من أصل 81 دولة، وعرفت القراءة تراجعا كبيرا بلغ 20 نقطة وضع المغرب في المرتبة 79 من أصل 81 دولة مشاركة. أما بخصوص الفرق في الأداء بين التلاميذ فإن أعلى أداء في المغرب لا يتعدى456نقطة وأقل أداء يبلغ245نقطة لكن الفرق أقل من المتوسط الدولي الذي يبلغ أعلى أداء به 611
نقطة وأقل أداء فيصل إلى342نقطة.
ويتم حساب مؤشر الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بطريقة يمكن من خلالها وضع جميع التلاميذ بغض النظر عن البلد، على نفس المقياس الاجتماعي والاقتصادي، مما يسمح بمقارنة أداء المتعلمين ذوي الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المماثلة في بلدان مختلفة، بالنسبة للمغرب فقد كان51%من التلاميذ في الشريحة الدولية الدنيا من المقياس الاجتماعي والاقتصادي، وكان متوسط أدائهم في الرياضيات354نقطة مقارنة بتركيا وفييتنام حيث يحقق المتعلمون هناك من ذوي الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المماثلة نقطا أعلى بكثير .
وتؤثر الفروق الاجتماعية أيضا في نتائج التلاميذ حيث يتفوق التلاميذ المتميزون اجتماعيًا واقتصاديًا(أعلى25%)من
حيث الوضع الاجتماعي والاقتصادي على التلاميذ المحرومين(أدنى25%)بفارق43نقطة في الرياضيات،
وهذا أقل من متوسط الفرق بين المجموعتين(93نقطة)عبر دول
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتم تسجيل تفوق البنات على الذكور في الرياضيات بأربع نقاط وفي القراءة بـ22 نقطة في المغرب، أما على الصعيد العالمي، فقد تفوق الفتيان في الرياضيات على الفتيات في40 بلدا، وتفوقت الفتيات في17بلدا، ولم يتم العثور على اختلاف كبير في
البلدان 24 المتبقية، وفي القراءة، سجلت الفتيات في المتوسط درجات أعلى من الفتيان في جميع البلدان باستثناء اثنين.
ومن بين العوامل المؤثرة أيضا على نتائج التلاميذ المغاربة غياب الانضباط حيث أكد التقرير أن العديد من التلاميذ المغاربة يدرسون في مناخ انضباطي غير مناسب للتعلم:في عام2022، أفاد
حوالي40٪ من التلاميذ في المغرب أنهم لا يستطيعون العمل بشكل جيد في معظم أو كل الدروس(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:23%) أما 46%منهم فلا يستمعون إلى ما يقوله المدرس(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: 30%)، في حين يتشتت انتباه 39%منهم باستخدام الأجهزة الرقمية(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:30%)، كما أن 36%يتشتت انتباههم بسبب التلاميذ الآخرين الذين يستخدمون الأجهزة الرقمية(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:25 في المئة).
وبخصوص انخراط المدرس فقد أفاد 67%من التلاميذ المغاربة أنه في معظم دروس الرياضيات، يُظهر المدرس اهتمامًا بتعلم كل تلميذ(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:63%)، كما أفاد 67% من التلاميذ أن المدرس يقدم مساعدة إضافية عندما يحتاج التلاميذ إليها(متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:70 %).
من جهة أخرى وفي إطار برنامج «بارومتــر المواطنــة»، أجــرى المركــز المغربــي للمواطنــة استطلاعا لرأي المغاربة بخصوص التعليم العمومي بالمغرب، وهو الاستطلاع الذي تم إجراؤه في سياق وطني يتميز بحالة من الاحتقان غير المسبوق داخل قطاع التعليم نتيجة تراكم المطالب غير المعالجة بشكل نهائي إضافة إلى الحيف الذي يشعر به نساء ورجال التعليم بسبب غياب عدالة أجرية مع باقي الفئات المهنية المماثلة في الوظيفة العمومية …
الاستطلاع شاركت فيه عينة بلغت 39 في المئة من الإناث و61 في المئة من الذكور ، وباستثناء بعض الأسئلة أظهرت نتائج الاستطلاع حول مهنة التعليم عدم وجود فارق معبر بين أراء نساء ورجال التعليم وبين المشاركين حيث يتضح وجود توجه عام مشترك بين المغاربة في ما يتعلق بمجال التعليم، وهكذا رأى
12.6 % فقط مــن المشــاركات والمشــاركين أن َّ الجــودة هــي المحــدد الــذي يدفــع المغاربــة لاختيار القطاع الخاص ذلك أن هناك عوامل أخرى من قبيل التوقيت الذي يناسب انتظارات الأمهات والآباء( 47 في المئة )، إضافة إلى فقدان الثقة في التعليم العمومي 33.8 في المئة، خدمة النقل 31.4 في المئة وهكذا تأتي جودة التعليم الخصوصي في المرتبة الخامسة .
ورأى المشاركون أن التحديات التي تواجه الأسر في التعليم الخصوصي تتمثل في ارتفاع الواجبات الشهرية( 83في المئة من المشاركين)، ارتفاع تكاليف اللوازم والمقررات(77.4 في المئة)، إرهاق التلاميذ بالأعمال المنزلية (56.3 في المئة )، إضافة إلى زيادة الواجبات بشكل أحادي (55.2 في المئة )، قوانين تنظيمية تحمي أصحاب المؤسسات على حساب الأسر (40.7 في المئة )، ضعف المراقبة الإدارية للمؤسسات الخاصة من قبل القطاع الوصي إضافة إلى ضعف تأثير جمعيات أولياء التلاميذ.
أما بخصوص دروس الدعم فأكد 73.1 في المئة أن أبناءهم لا يستفيدون من دروس الدعم و16.5في المئة يستفيدون منها عن طريق اللجوء إلى الخواص في حين أن 3.7 في المئة تقدم لأبنائهم بالمجان.
وبخصوص التعليم العمومي أكد المشاركون أن هناك العديد من الظواهر والممارسات السلبية التي تحد من فعالية ونجاعته منها الاكتظاظ، نقص الوسائل الديداكتيكية، مناهج غير فعالة، فضاءات التدريس غير ملائمة، الغش وضعف المراقبة،عدم إيلاء الاهتمام الكافي للتلاميذ، ضعف المستوى التدريسي للأستاذ.
واعتبر 80.3 في المئة من المشاركين من خارج نساء ورجال التعليم أن مهنة التعليم هي الأكثر أهمية للمجتمع، كما رأى 97.7 من المشاركين أن نساء ورجال التعليم يعانون من الحيف والتمييز بسبب هزالة الأجور، وطالب 94.2 من المشاركين بضرورة تحسين أجور رجال التعليم فيما شدد 88.3 من المشاركين على صعوبة مهنة التدريس وعلى أهمية اختيار الشخص المناسب كخطوة أساسية لنجاح الإصلاح.
أما في ما يتعلق بعدد التلاميذ بالأقسام الدراسية فقد رأى 97.2 في المئة من المشاركين ضرورة احترام الحد الأقصى الممكن لكل فصل دراسي، ويفضل 89.6 من المشاركين اللغة الانجليزية كلغة أجنبية ثانية ثم القرنسية ب6.2 في المئة، وعبر 81.5 من المشاركين عن عدم ثقتهم في الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة ومدى قدرتها على تحقيق النتائج المرجوة لإصلاح التعليم.
وبخصوص الأسباب التي أدت إلى الاحتقان الحالي فأرجعه المشاركون إلى الحيف الذي يعاني منه رجال التعليم في الأجر 96.1في المئة، وإخلال الحكومة بالالتزامات برنامجها الحكومي81.3 في المئة، إدارة غير فعالة للملف من طرف الوزارة الوصية 80.0 في المئة، تدبير غير فعال للحوار الاجتماعي من طرف الحكومة 74.5 في المئة، ضعف التواصل الحكومي 59.2 في المئة، إقرار الحكومة زيادة في أجور التعليم العالي دون نساء ورجال التعليم 42.5في المئة، استغلال بعض الهيئات للتنسيقيات لتعزيز حضورها الميداني10.9 في المئة، فيما يرى 96.6 في المئة من المشاركين أن على الحكومة سحب المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، و 93.9من المشاركين يرون أنه يجب إشراك التنسيقيات في الحوار، و76.6 لايعتقدون بوجود إرادة من طرف الحكومة لإيجاد حل يرضي نساء ورجال التعليم، وتصل نسبة عدم الثقة إلى71.5 لدى المغاربة الذين لا ينتمون إلى نساء ورجال التعليم.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 09/12/2023