«من على شرفة العمر»: الخطيب يحكي» مأساة الدم والرحيل»

الروائي الفلسطيني إبراهيم الخطيب يوجه رسالة لاتحاد كتاب المغرب

 

 

صدر للكاتب والروائي ابراهيم عبد الرحمن الخطيب بداية هذه السنة 2023، عملان أدبيان الأول موسوم بـ” من على شرفة العمر” وهو عبارة عن محكي ذاتي ورواية بعنوان “الدوري (مأساة الدم والرحيل).للإشارة فالروائي إبراهيم عبد الرحمن الخطيب استقر بالمغرب وبالضبط في مدينة مكناس لسنين عديدة اشتغل خلالها أستاذا بثانوية مولاي اسماعيل.

تعرض رواية”الدوري (مأساة الدم والرحيل) لمأساة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لأطماع عديدة عبر التاريخ من أجل بسط النفوذ على هذه الأرض منذ مرحلة العثمانيين وحملات نابليون وتحالف هؤلاء مع زعماء الصهيونية العالمية في أوربا والذي نتج عنه بلفور المشؤوم الذى أهدى فلسطين لليهود، واقترف جرما تاريخيا في حق شعب أنهكته السيطرة العثمانية ودمرت مكوناته العلمية والاقتصادية، وهي خطوة كانت بداية فقط لمخطط توسعي في منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج العربي لتبسط القوى العظمى نفوذها على مصادر الذهب الأسود ولزرع التفرقة بين العرب عبر اختلاق مشاكل الحدود.
الرواية تعود للبدايات الاستيطانية وهجرة يهود العالم القادمين من دول الشتات كما تتطرق لدور الدول العظمى في الأحداث التي عرفتها المنطقة وما نتج عن ذلك من ارتكابها للمجازر بحق الفلسطينيين وعمليات المقاومة وصدور قرارات كثيرة للأمم المتحدة، كان بعضها تاريخيا؛ كالقرار رقم 194 والقرار رقم 242.
إن قرارات الاستيطان الأولى والحالية تؤكد تورط العديد من الأطراف الدولية لأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لايتم ضمن رقعة جغرافية محددة فقط ، بل يمتد الى كونه صراعا عربيا – إسرائيليا وفي منطقة حساسة من العالم ويرتبط بقضايا إشكالية تشكل ذروة أزمات العالم المعاصر، مثل الصراع بين الشرق والغرب، علاقة الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام في ما بينها، علاقات العرب مع الغرب وأهمية النفط العربي للدول الغربية، أهمية وحساسية القضية اليهودية في الحضارة الغربية خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية والهولوكوست اليهودي وقضايا معاداة السامية وقوى ضغط اللوبيات اليهودية في العالم الغربي. كما أن هذه القضية المركزية التي عمرت لعقود تعتبر على الصعيد العربي أم القضايا لفرملتها، حسب عدد من المفكرين والسياسيين، لأي مشروع نهضوي بالمنطقة العربية ولمشروع الديمقراطية أساسا.
تتبع الرواية خطا كرونولوجيا يوثق … للمأساة في فلسطين مع زعماء الصهيونية العالمية (الدوق روتشيلد ومنتفيوري اللذين قادا عملية شراء الأراضي من بعض العائلات العربية (عائلات سرسق، سلام، آل قباني، آل خوري، آل الصباغ وخير الدين الأحدب في لبنان وآل القوتلي وآل يوسف في سوريا الذين باعوا الجولان رغم إفتاء المفتين الفلسطينيين بتحريم البيع للأجانب. ولم تكن هذه الخطوة إلا بداية للاستيطان البطيء الذي واجهه الشعب عبر ثورات نذكر منها ثورة البراق بالخليل، والحركة الثورية للشيخ عز الدين القسام التي خفت مقاومتها بعد استشهاده قبل أن تنبعث كتائبها بعد ذلك إلى جانب حركات ومنظمات اختارت النضال والمقاومة لعقود ولم تكل أو يضعف إيمانها بعدالة قضيتها، وحقها في وطن وأرض لن تفرط فيه للغرباء، مثل عصفور الدوري الأصيل الذي لا يترك وطنه حتى يموت.
وفي عمل آخر ينتمي إلى جنس السيرة واليوميات موسوم بـ »”من على شرفة العمر«”، يدون إبراهيم عبد الرحمن الخطيب يوميات ما تبقى من قرية زكريا المدمرة، ذكريات محفورة في أوراق الزمن عن شعب لا يستطيع أن ييأس أو يموت.
الكتاب / السيرة احتفاء بالأماكن (النهر المقدس، قيامة يسوع، كنيسة المغارة) واحتفاء بالزمن الهارب ) سنوات التكوين الفكري والانتماء السياسي / الطفولة البعيدة، المخيمات العنيدة).
يقول الخطيب عن هذه الذكريات:
“من على شرفة العمر…” محاولة لإحياء ذكريات تعايشك، بل تتقمصك.. تخاف أن يطويها العمر.. بدخولك شتاء فتسجلها خوفا من الضياع. إنه واجب الوطن على الابن، حاولت أن أكون حياديا.. لكني أعترف بفشلي.. فلي قطع من روح تستقر هنا وهناك.. هي أنفاس حياة آمل من القارى أن يعذرني.. لأنني أتكلم عن وطن معتقل.. يسام العذاب كل يوم وفي كل ساعة ليس من الدخيل فقط.. وإنما من كثيرين بينهم بعض ممن يدعون القرابة. ليكون الظلم الأشد مضاضة.. على النفس.
أضع ما استطعت من جهد بين يدي قارئ ليحكم له.. أو عليه.”..

 

*****************

في زيارة ودية قام بها نضال الخطيب، شقيق الروائي والكاتب الفلسطيني إبراهيم عبد الرحمن الخطيب، لهيئة التحرير بجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، سلمنا نضال الخطيب، آخر إصدارات ابراهيم الخطيب لهذه السنة عربون محبة ووفاء للشعب المغربي الذي استضافه طيلة سنوات بكل المحبة الواجبة للشخص، والوفاء لقضية عادلة يعتبرها المغاربة قضيتهم بعد القضية الوطنية. كما بعث رسالة خص بها اتحاد الكتاب المغرب ننشرها استجابة لطلبه :

«الإخوة  في اتحاد أدباءالمغرب الشقيق
تحية أخوية حارة لكم، وللشعب الذي أحببت
هاهي أربعون عاما مضت بعد أن تركت المغرب جسمانيا، لكن جزءا من القلب والوجدان بقي هناك عند الشعب الذي أحبني وأحببته، ولم أشعر يوما بأنني غريب بين أهلي هناك. لقد غمرني الناس والطلبة بكل الود والمحبة خلال عملي أستاذا في ثانوية مولاي اسماعيل بمكناس.
خمس سنوات قضيتها بينكم،وتجولت في أرجاء وطنكم الجميل، صادفت الحب والاحترام أينما ارتحلت في تلك الأرض الحية بجمال طبيعتها، ونقاء سريرة أهلها، وبحبهم العميق لوطني»فلسطين»التي تحتل قلوب الملايين في واحد من أجمل بقاع الأرض، طبيعة وروحا.
في بلدكم لم أحس بأية غربة ­ كان هناك الأهل والأحبة الذين يغمرونك دفئا وحنانا بمجرد أن يعرفوا من أي وطن أنت سعدت بطلبتي الذين غمروني بأدبهم وتعاطفهم مع كل ما يحصل في وطني، كما وقفوا بجانبي عندما تلحق المحن بوطني أو بمقاومته.
تركتكم جسما ­ نعم لكن بقايا من روحي تحوم في وهاد المغرب وشطآنه وجباله الشماء، وبين «زنقاته» الكثيرة، وتسكن غاباته المتعددة التي منحها الخالق لأناس يستحقونها.
تعلمت ..وعلمت ورجعت وقلبي متعلق بكل ما في بلدكم من أصالة ووطن وكرم..
كنت حريصا على زيارة والتعرف على ما في هذا البلد المعطاء أشبعت بنظرات الناس الودودة والتي تغمرك حبا وتقديرا والتي ستبقى معي ما حييت.
أهديكم كتابين من مؤلفاتي الأول: . «من على شرفة العمر». خصصت لكم فيه فصلا طويلا آمل أن يعجبكم، وهو عبارة عن سردية نقدية لوقفات مر بها عمري الذي تجاوز الثمانين، هو بين أيديكم احكموا له أو عليه.
الثاني: رواية تحت عنوان»الدوري»عصفور وطني في بلدي فلسطين، أصيل يأبى الرحيل حمل معه «مأساة الدم والرحيل «التي تعرض لها شعبي، وهو كسابقه.. عاملوه بما يستحق واكتوى راضيا.
سلام لكم وسلام عليكم
الحب والصمود للمغرب الذي لا يبرح ذاكرتي، شعبا ووطنا.
والسلام مع كل التحايا التي يحملها عاشق لوطن أحبه على مدى العمر.»

إبراهيم الخطيب
2023/5/24


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 08/07/2023