مهرجان تطوان الدولي لمدارس السينما يحتفي بالسينما وصعود جيل جديد من المبدعين

شهد مسرح سينما إسبانيول بمدينة تطوان، مساء الأحد الماضي افتتاح فعاليات الدورة العاشرة من مهرجان تطوان الدولي لمدارس السينما (FIDEC)، في احتفاء مهيب جمع بين وهج الإبداع الطلابي وعمق البحث الأكاديمي، مؤكدا مرة أخرى مكانة المهرجان كإحدى أهم المنصات الدولية الداعمة للمواهب السينمائية الشابة ومشاريعها الطموحة.
وعلى امتداد عشر سنوات، رسخ المهرجان حضوره كجسر حقيقي بين التكوين الأكاديمي والممارسة الاحترافية، وفضاء للحوار الخلّاق بين الطلبة والأساتذة والباحثين والمخرجين، مما جعله موعدا سنويا ينتظره عشاق السينما محليا ودوليا.
وافتتح الحفل بتكريم مدرسة La Poudrière الفرنسية المتخصصة في سينما التحريك، في لحظة رمزية تؤكد حرص المهرجان على الاحتفاء بالمؤسسات التعليمية التي أسهمت في تطوير لغة الصورة ورسالة الفن. وتزامن التكريم مع احتفال المدرسة بمرور 25 سنة على تأسيسها، حيث يقدم المهرجان بهذه المناسبة برنامجين غير مسبوقين من أفلام الطلبة يعكسان مستوى عاليا من التجريب والابتكار.
ومثل المدرسة في الحفل السيد Fabrice Fouquet الذي عبّر عن امتنانه لهذا التكريم قائلا: «تشريف La Poudrière اليوم في تطوان ليس احتفاء بماضينا فحسب، بل اعتراف أيضا بجيل جديد من الطلبة الذين يوسعون أفق التحريك كل يوم. يسعدنا أن نتقاسم خبراتنا مع طلبة المغرب، لأن الإبداع حين يُتقاسم ينمو ويتجدد.»
وفي التفاتة تعكس روح المهرجان المنفتحة على السينما بوصفها معرفة وممارسة، تم تكريم الباحثة والمبرمجة السينمائية ليا موران، المعروفة بانخراطها في مشاريع تجمع بين البحث الأكاديمي والعمل الفني، خاصة في مجالات الأرشيف والنشر والمعارض والترميم.
وتُعنى موران في أعمالها بأرشيفات السينمات الهشة، تلك التي أُعيقت أو ظلت غير مكتملة أو تمرّدت على القوالب السائدة، وهي عضو في مشاريع رائدة من ضمنها أرشيف بوعناني: تاريخ للسينما في المغرب. وقالت موران في كلمتها: «هذا التكريم من تطوان يلامس شيئا عميقا في مساري، فالمهرجان يسلط الضوء على المشاريع السينمائية والأرشيفية التي لم تنل ما تستحقه من اهتمام. السينما ذاكرة، وحين نحفظ الذاكرة نمنح المستقبل فرصة للتنفس.»
ومن روح الاعتراف نفسها، احتفى المهرجان بمخرجين شابين من خريجي ماستر السينما الوثائقية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، هما محمد رضا كزناي ومحمد أكرم النماسي، تقديرا لفوزهما بجوائز في المهرجان الوطني بطنجة، في تأكيد جديد على قدرة الجامعة المغربية على إنتاج طاقات إبداعية قادرة على المنافسة والتميز.
كما قدم المهرجان لجنة تحكيم دورته العاشرة، برئاسة المخرجة المصرية هالة جلال، وتضم كلا من المخرجة والكاتبة Violaine Harchin، والمتخصص في سينما التحريك Jean-Michel Kibushi Ndjate Wooto، والسوبرانو المغربية سميرة القادري، في تركيبة تجمع بين الحس الفني والخبرة الأكاديمية والرؤية الموسيقية، بما يضمن قراءة متعددة الزوايا للأفلام المشاركة.
وفي كلمته الافتتاحية، أشاد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، الدكتور يوسف العلمي، بدور المهرجان، مؤكدا أنه ليس مجرد تظاهرة فنية، بل رؤية متجددة تعلي من شأن الجامعة كفضاء لإنتاج المعرفة وصقل المواهب.
كما اعتبر الدكتور حميد العيدوني أن الدورة العاشرة محطة مفصلية، قائلا: «هدفنا هو بناء فضاء يلتقي فيه الطلبة والمخرجون والباحثون في تجربة فريدة تغني معارفهم وتفتح لهم أفقا جديدا في فهم السينما وتطوير لغتها. الحوار الثقافي هو قلب هذا المهرجان.»


بتاريخ : 28/11/2025