رفض المكتب النقابي للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بجهة الرباط سلا القنيطرة، ما وصفه بـ «التنزيل الأحادي لنظامي الحراسة والإلزامية بالمراكز الصحية»، وحذّر في نفس الوقت من «فداحة القرار وتبعاته على الصحة العمومية».
وأكد مصدر نقابي لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن مجموعة من المسؤولين أقدموا على قرارات ارتجالية، من أجل تفعيل مذكرة وزير الصحة التي تدعو إلى ضمان استمرارية العمل داخل المراكز الصحية الحضرية والقروية، من خلال اعتماد مقاربة تشاركية، وتفعيل هذه الخطوة إذا توفرت لها الشروط بناء على الحاجيات وما هو متوفر من موارد بشرية ولوجستيكية، والعمل على تقديم اقتراحات عملية لتحقيق هذه الغاية، إلا أنه وخلافا لذلك بادر بعض المسؤولين الجهويين والمحليين إلى تطبيق هذا النظام بشكل منفرد دون الرجوع إلى الشركاء الاجتماعيين.
وأوضحت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أنه لا يمكن تطبيق نظام العمل بالإلزامية والحراسة، خاصة في المناطق الحضرية لعدة أسباب، من أبرزها افتقار المراكز الصحية للموارد البشرية الكافية التي يمكنها القيام بضمان استمرارية العمل من 8:30 صباحا إلى 16:30، ثم ضمان الحراسة أو الإلزامية إلى غاية الثامنة مساء أو منتصف الليل، إلى جانب غياب أدوات العمل والمستلزمات الطبية الأساسية واندحار البنية التحتية وعدم تجهيزها بالوسائل اللوجستيكية الطبية قبل الشروع في هذه العملية، مؤكدة أن اعتماد نظام الحراسة والإلزامية بالمراكز الصحية بالمدن سيفقد المستشفيات أدوارها ومهامها العلاجية والاستشفائية.
وبخصوص المراكز الصحية الحضرية والقروية، أكد المصدر النقابي، على أن هذه المؤسسات الصحية هي معنية بتقديم الخدمات الصحية الوقائية والسهر على تنزيل البرامج الصحية التي تعد بالعشرات، ومنها صحة الأم والطفل والصحة الإنجابية وبرامج اليقظة الوبائية والتطعيم والكشف الطبي، مما يستحيل معه الجمع بين المهمتين معا في نفس الوقت وبذات الأطر الصحية. ولفت المتحدث الانتباه إلى معضلة أخرى تتمثل في ارتفاع المعدل العمري للعاملين بالمراكز الصحية الحضرية الذين يتجاوز أغلبهم الخمسين سنة، وهو ما يشكّل عبئا إضافيا، فضلا عن ظهور العديد من الأمراض المهنية، مما سيزيد بالضرورة من سخط المواطنين على تدني الخدمات الصحية ويؤدي بالمقابل إلى استمرار ظاهرة العنف بأوساط العمل نتيجة افتقار المراكز الصحية لوسائل العمل الضرورية والأطر الكافية للقيام بالإلزامية والحراسة.
بدوره أكد مصدر من النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن بعض المناديب اجتهدوا بكيفية غير عقلانية من أجل توسيع نظام الحراسة الإلزامية وجعلوا منه نظام حراسة فعلية، في غياب أي حوار أو توافق مع المهنيين، الذين وجدوا أنفسهم مطالبين بتنفيذ الأمر مما خلّف حالة من السخط والتذمر. وأوضح المتحدث أن الطبيب أصبح مطالبا بالتوجه بعد انقضاء ساعات العمل اليومية في المستشفى إلى مستوصف غير مؤهل لاستقبال الحالات المستعجلية، بهدف تخفيف الضغط عن أقسام المستعجلات، والحال أنه لتحقيق هذا الهدف يجب خلق مستعجلات للقرب، وإزالة العمل بالشواهد الطبية في المستعجلات وإحداث مصلحة مختصة بها، لأنها تستحوذ على وقت كثير من الأطباء.
وأكد المصدر النقابي أن إقرار حراسة فعلية يقتضي توفير عدد معين من الأطباء يتمثل في 4 أطباء فما فوق، وأن يتواجد أطباء التخدير والإنعاش والمتخصصين في أمراض النساء والتوليد وأطباء الجراحة في المستشفيات فعلا، وهو الأمر الذي يعتبر صعب التحقيق في ظل الظروف الحالية المزرية للمستشفيات العمومية التي تفتقر للعديد من الحاجيات، إن على مستوى الموارد البشرية من أطباء وممرضين وغيرهم، أو على المستوى اللوجستيكي والتقني. ونبّه المتحدث من أن إقدام بعض المديريات، كما هو الشأن بالنسبة للمديرية الجهوية لوزارة لصحة بجهة الدارالبيضاء سطات على خطوة مماثلة يمكنها أن تضع الطبيب والممرض معا في موضوع مساءلة قانونية، إذا وقع ما لايحمد عقباه بالنسبة لمريض معين، كأن يفارق الحياة بسبب المضاعفات داخل مركز صحي، أو حين تحويله من المركز إلى المستشفى، وهو ما قد يعتبر تأخرا في التدخل وتقديم المساعدة، في الوقت الذي كان من الممكن أن يتوجه مباشرة إلى المستعجلات؟