موضوع تطلعات الملتقى الوطني للتكوين والتشغيل وريادة الأعمال والاقتصاد الاجتماعي

تطوير المهارات وتبادل الخبرات لتيسير سبل الإدماج الاقتصادي بإقليم تطوان

 

تنظم جماعة تطوان، بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة تطوان الحسيمة، والوكالة الوطنية للتشغيل بإقليم تطوان، وتحت إشراف السلطات الإقليمية بتطوان، النسخة الأولى لملتقى التكوين والتشغيل بإقليم تطوان. وستُعقد هذه الفعالية الهامة في الأسبوع الاول لشهر يوليوز 2024 بتطوان، بهدف تعزيز فرص العمل وتحسين المهارات المهنية
للشباب، وتشجيع المبادرات المحلية وتطوير الاقتصاد المحلي.
ويهدف هذا الملتقى إلى جمع الفاعلين في مجالات التكوين، الوساطة في التشغيل، إنشاء المقاولات، والإدماج في سوق الشغل، حيث سيضم الملتقى مجموعة واسعة من الفاعلين في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى المجتمع المدني. ومن شأن إشراك فاعلين متعددين يمثلون مؤسسات مختلفة توفير فضاء يساهم في إثراء النقاش وفي تحقيق التكامل في تحليل واستقراء الوضع الحالي، مما من شأنه تعزيز فرص العمل والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

 

يعد ملتقى التكوين والتشغيل بإقليم تطوان خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق التنمية المستدامة من خلال التركيز على التكوين المهني، الوساطة في التشغيل، إنشاء المقاولات، والإدماج في سوق الشغل. ومساهمة منا في خلق نقاش واعٍ ومسؤول حول إشكالية التكوين والتشغيل في إقليم تطوان، سنحاول تقديم تشخيص مقتضب عن واقع التحديات والفرص في هذا المجال.

تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي لإقليم تطوان: تحديات وحلول

إقليم تطوان، الذي يضم جماعتين حضريتين و20 جماعة قروية، يشكل 15.5% من سكان جهة طنجة تطوان الحسيمة و1.6% من سكان المغرب بإجمالي يصل إلى 516,277 نسمة في عام 2024. يواجه الإقليم تحديات ديمغرافية مع نسبة كبيرة من السكان في سن العمل، حيث يشكلون حوالي 60٪ من إجمالي السكان، مما يفرض تحديات في توفير فرص الشغل ومعالجة معدلات الأمية العالية، التي تصل إلى 30٪ بين النساء في المناطق القروية. يؤدي ذلك إلى انتشار البطالة بشكل يؤثر على الذكور والإناث على حد سواء، مع معدلات أعلى في الحواضر.
يمثل إقليم تطوان أحد الأقاليم الهامة في شمال المغرب، ويواجه تحديات كبيرة في مجالات الاقتصاد والتنمية الاجتماعية والبيئية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة سكانه. ويشكل تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي لإقليم تطوان أساسا هاما لفهم السياق الذي يواجه فيه الشباب التحديات والفرص على حد سواء، وخصوصا في مجال التشغيل، فالشباب المغربي يمثل أكثر من 30٪ من السكان ويواجه تحديات متعددة تعيق استفادتهم الكاملة ومساهمتهم الفعّالة في التنمية المجتمعية.
في إقليم تطوان، كما في بقية الأقاليم المغربية، هناك تحديات كبيرة في مجال التشغيل وتنمية الاقتصاد المحلي لخلق فرص قارة للشغل. وتعتبر ملتقيات التكوين والتشغيل وريادة الأعمال والاقتصاد الاجتماعي فرصة مهمة لتطوير المهارات وتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف تسهيل إدماج الشباب اقتصاديا واجتماعيا في إقليم معظم مجالاته قروية بامتياز. ويمكن تقديم حلول بناءة لهذه التحديات استنادا إلى أمثلة ناجحة من خارج المغرب، مثل تعزيز التعليم المهني والفني لتلبية احتياجات سوق العمل المحلي، وتشجيع ريادة الأعمال بواسطة دعم الشباب في إنشاء وإدارة مشاريعهم الخاصة. كما يمكن اعتماد استراتيجيات لتعزيز التعاون بين السلطات المحلية والاقليمية والمجالس المنتخبة والقطاع العام والخاص والمجتمع المدني وساكنة الاقليم لدعم الابتكار وتعزيز الاستثمارات في كل ربوع الإقليم.
يستعرض هذا المقال تشخيصا للوضع الاقتصادي والاجتماعي لإقليم تطوان وأهم التحديات التي تواجه خلق فرص الشغل، مع التذكير بفشل الحكومة في تنزيل البرامج الموجهة للشباب ودور مبادرات المجتمع المدني في بلورة السياسات الحكومية والبرلمانية المتبعة في ميدان التكوين والتشغيل. وأخيرا، سنعرج على بسط الحلول المقترحة والتجارب المقارنة في دول أجنبية.

تشخيص سوق العمل وتحديات إدماج الشباب في سوق الشغل: حلول ومقاربات مستوحاة من التجارب الأجنبية

سوق العمل في المغرب، كما هو الحال في إقليم تطوان، يتميز بخصائص معينة تؤثر بشكل مباشر على إدماج الشباب في الحياة المهنية. مع ارتفاع معدل البطالة، خاصة بين الخريجين الحاصلين على شواهد عليا، يواجه الشباب تحديات كبيرة في ظل اقتصاد يشهد تحولات مستمرة وتقلبات موسمية.
وبخصوص هيكلة سوق الشغل، يتسم هذا الأخير بسيطرة القطاعات غير المهيكلة، حيث يمثل القطاع غير المهيكل حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل نحو 40% من اليد العاملة. هذا الوضع يعوق مسار الشباب في الحصول على وظائف مستقرة وذات أجور مناسبة.
ومن الأسباب الرئيسية لبطالة الشباب عدم توافق المهارات المكتسبة في الجامعات مع متطلبات الشركات والمقاولات. غالبًا ما تكون البرامج التعليمية نظرية صرفه ولا تلبي الاحتياجات العملية لأرباب العمل. النظام التعليمي في المغرب يواجه تحديات في تقديم برامج تدريبية تتماشى مع تطورات سوق العمل، مما يجعل الخريجين يفتقرون إلى المهارات العملية الضرورية.
ويرى المختصون في مجال التشغيل ان الانتقال من التعليم إلى سوق العمل غالبًا ما يكون صعبًا بسبب نقص برامج التدريب المهني والتدريب بالتناوب، مما يعقد اكتساب الخبرة المهنية الأولى للشباب، ناهيك عن أن الفرص الوظيفية تظل محدودة، خاصة في المناطق القروية والمهمشة، مما يزيد من الفوارق الإقليمية بين الحواضر والقرى.

البرامج الحكومية والخاصة لدعم الشباب والاقتصاد المحلي

برنامج «مقاولتي» أنشأته الحكومة لدعم الشباب الراغبين في إنشاء مشاريعهم الخاصة من خلال توفير التمويل والتدريب، ويقدم البرنامج قروض بفوائد منخفضة ودورات تدريبية في إدارة الأعمال، مما يساعد الشباب على بدء مشاريعهم الخاصة..
وبخصوص برنامج «انطلاقة» فانه يهدف إلى تعزيز ريادة الأعمال من خلال تقديم قروض بفوائد منخفضة ومساعدة تقنية للشباب والشركات الصغيرة. كما يوفر البرنامج دعمًا شاملاً للمشاريع الناشئة، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد المحلي.
الملاحظ، وعلى الرغم من الأهداف الطموحة لهذه البرامج، فإنها عانت من إخفاقات متفاوتة من برنامج لآخر، ولم يتم تنفيذها بطريقة صحيحة وشفافة دائمًا، مما أدى إلى نتائج أقل من المتوقع. وتشير التقييمات إلى أن هناك حاجة ملحة لإعادة النطر في هذه البرامج وتحسينها لتتوافق بشكل أفضل مع متطلبات سوق الشغل وتطلعات الشباب. ومن الضروري اعتماد منهجيات جديدة تضمن تحقيق الأهداف المحددة بشكل أكثر فعالية واستدامة وشفافية.
ومن أهم التوصيات العملية لتحويل العقبات الى فرص يجب إجراء تقييم شامل للبرامج الحالية لتحديد نقاط الضعف والمجالات التي تحتاج إلى تحسين. والمطلوب أيضا تعزيز الشفافية في تنفيذ البرامج لضمان وصول الدعم إلى المستفيدين الفعليين، عبر تعديل البرامج لتكون أكثر توافقًا مع احتياجات سوق العمل المحلي ومتطلبات الشباب، وهذا لن يتحقق إلا بضمان دعم مستمر للشباب من خلال مراحل تنفيذ مشاريعهم، وليس فقط في بداية المشروع كما هو الحال اليوم.

التحديات الاقتصادية في إقليم تطوان: عقبات أمام التنمية المستدامة

إقليم تطوان يواجه مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق التنمية المتوازنة والمستدامة:
يبلغ معدل البطالة في إقليم تطوان حوالي 15٪، وهو أعلى من المتوسط الوطني البالغ 12.4٪. وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى 29٪، مما يعكس ارتفاعا كبيرا مقارنة بالمعدل الوطني. علاوة على ذلك، يعمل حوالي 40٪ من الشباب في وظائف غير مستقرة أو مؤقتة تفتقر إلى الضمانات الاجتماعية. وعلى المستوى الوطني، تظل نسبة بطالة الشباب، خصوصا بين الخريجين، مثيرة للقلق. ففي عام 2023، بلغ معدل بطالة الشباب الخريجين حوالي 26٪، مما يبرز فجوة كبيرة بين التعليم الأكاديمي واحتياجات سوق العمل.
يشهد الإقليم معدلات نمو اقتصادي منخفضة تتراوح بين 2٪ و3٪، مقارنةً بالمتوسط الوطني البالغ 4.1٪. وتعاني المناطق القروية من نقص في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والنقل والسكن، حيث تصل نسبة الأسر التي لا تتوفر على خدمات الصحة الأساسية إلى 30٪. كما أن حوالي 20٪ من الشباب في إقليم تطوان يسعون للهجرة بحثا عن فرص أفضل، مما يؤدي إلى فقدان الكفاءات المحلية، بالإضافة إلى أن النظام التعليمي يعاني من فجوة كبيرة بين المهارات المكتسبة واحتياجات سوق العمل، حيث إن 60٪ من الخريجين لا يجدون وظائف تتناسب مع تخصصاتهم.
اقليم تطوان في حاجة إلى تقوية شبكة الطرق والمواصلات والخدمات الأساسية لجذب الاستثمارات، حيث إن 50٪ من الطرق في المناطق القروية غير معبدة وغالبية الطرق المعبدة تحتاج الى الصيانة. كما تشكّل البيروقراطية وتعقيد الإجراءات عائقا إضافيا عند إنشاء وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إقليم تطوان بسبب التعقيدات الإدارية، حيث يستغرق الحصول على تراخيص المشاريع أكثر من 6 أشهر، على الرغم من تدخل المركز الجهوي للاستثمارات، أخذا بعين الاعتبار أن حوالي 40٪ من الشباب يعملون في وظائف غير مستقرة أو مؤقتة دون ضمانات اجتماعية.
ورغم الموقع الاستراتيجي للإقليم، إلا أن هناك نقصا في الفرص الاستثمارية، مما يقيد إمكانية جذب رؤوس الأموال والتنمية الاقتصادية. حيث أن نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الإقليم لا تتجاوز 5٪ من إجمالي الاستثمارات في المغرب. كما يسجل قلة الشركات والمؤسسات التي توفر فرص عمل مستدامة، حيث إن 70٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في التوسع والاستدامة.
هذه التحديات تتطلب جهودا متكاملة لتحسين فرص العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم.

التحديات الاجتماعية في إقليم تطوان: التعليم والصحة والسكن

إلى جانب التحديات الاقتصادية، يواجه سكان إقليم تطوان تحديات اجتماعية تتعلق بالتعليم والصحة والسكن.
التعليم: تطوير المهارات وتلبية احتياجات سوق العمل المحلي
هناك حاجة ماسة إلى تحسين جودة التعليم والوصول إليه، لأن من شأن ذلك أن يساهم في تمكين الشباب وزيادة فرص اندماجهم في سوق العمل المحلي. حاليًا، ما زلنا نسجل حوالي 20٪ من التلاميذ الذين يتركون الدراسة في الإقليم وينضمون إلى كوكبة العاطلين عن العمل. لذلك، يعد تحسين التعليم المهني والفني أمرًا حيويًا لخفض نسبة الهدر المدرسي وتمكين الشباب من اكتساب المهارات التي يحتاجونها للنجاح في سوق العمل.
التكوين المهني: مدخل إلى إيجاد فرص حقيقية للشغل
التكوين المهني يركز على تحسين المهارات وزيادة جاهزية الشباب لدخول سوق العمل، مما يعزز من فرصهم في الحصول على وظائف ملائمة. يعد التكوين المهني أداة أساسية في تمكين الشباب من المهارات الضرورية التي تساعدهم في الحصول على فرص عمل حقيقية، مما يجعلهم أكثر استعدادًا لمتطلبات سوق العمل ويساعدهم في العثور على وظائف تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم.
إضافة إلى ذلك، تُظهر الإحصائيات أن التكوين المهني يسهم في تقليل معدلات البطالة بين الشباب بنسب تصل إلى 15٪. هذه الأرقام تعكس أهمية التكوين المهني كوسيلة فعالة لمواجهة البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية في الإقليم.
الصحة: نقص الرعاية والبنية التحتية والحماية الاجتماعية
تعاني المنطقة من تحديات كبيرة في توفير خدمات الرعاية الصحية بشكل كافٍ وبجودة عالية. تصل نسبة الأسر التي لا تتوفر على خدمات الصحة الأساسية إلى ما يفوق 30٪. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الإقليم من نقص في عدد الأطباء والممرضين، حيث تصل الكثافة الطبية إلى أقل من 1 طبيب لكل 1000 نسمة، ونقص في التجهيزات الطبية والمرافق الصحية المتطورة، مما يزيد من العبء على المستشفيات العمومية والمصحات الخصوصية ويؤدي إلى طول فترات الانتظار للمرضى.
السكن: نقص المساكن الملائمة وارتفاع تكلفة اقتناء السكن والإيجار
يعيش العديد من الأسر في ظروف سكنية غير ملائمة، مما يؤثر على رفاهيتهم واستقرارهم الاجتماعي. وتعاني المنطقة من نقص في المساكن المجهزة، وارتفاع تكلفة الإيجارات، مما يضطر العديد من الأسر إلى العيش في مساكن غير مناسبة وغير صحية، حيث يعيش 25٪ من السكان في مساكن غير لائقة، مما يؤثر سلبًا على جودة حياتهم واستقرارهم.

التفاوتات التنموية بين المجالين القروي والحضري في إقليم تطوان

على الرغم من الجهود المبذولة، لم تعطِ السياسات العمرانية والاستثمارية والاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الكافي للعالم القروي ولهوامش المدن. ومن هنا تبرز الأهمية القصوى للمشروع التنموي الذي قدم لجلالة الملك محمد السادس في 2015 والذي يهدف إلى تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين جودة الحياة، مع التركيز على تحسين البنية التحتية والمرافق العامة والتنمية العمرانية والسكن ودعم القطاع السياحي والتعليم والتدريب المهني، بما في ذلك تهيئة ضفاف واد مرتيل كمشروع استراتيجي للمدينة والإقليم.
وتعاني 20 جماعة قروية في الإقليم من نقص في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والنقل والسكن والبنيات السياحية والثقافية، مما يعكس تفاوتات كبيرة بين المجالين القروي والحضري. ويسجل ان المدينتان الحضريتان تستحوذان على 80٪ من الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع المهيكلة، مما يترك الجماعات القروية في وضع غير متوازن ويعيق تحقيق التنمية المستدامة والشاملة بهما.

الحلول المقترحة لتعزيز دينامية التشغيل والتطور الاقتصادي والاجتماعي في إقليم تطوان

إقليم تطوان يواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب استراتيجيات فعالة لتعزيز التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للسكان. من خلال تبني سياسات وإجراءات مبتكرة، يمكن للإقليم تحقيق تقدم ملموس في مجالات التشغيل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فيما يلي بعض الحلول المقترحة التي يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف والتي ستشكل لا محالة العمود الفقري لمخرجات الملتقى الوطني للتكوين والتشغيل: الوساطة في التشغيل، إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة، الإدماج في سوق الشغل، وريادة الأعمال والتعاون بين القطاعات الإنتاجية والاجتماعية، والتحديات البيئية ومبادرات المجتمع المدني.
الوساطة في التشغيل: جسر لربط الباحثين عن العمل بالفرص المتاحة
الوساطة في التشغيل هي أداة أساسية لربط الباحثين عن العمل بالفرص المتاحة في سوق الشغل. توفر هذه الوساطة للشباب فرصة التواصل المباشر مع ممثلي الشركات والمؤسسات المختلفة، مما يمكنهم من عرض مؤهلاتهم ومهاراتهم والتعرف على متطلبات سوق العمل.
تتم الوساطة عبر تنظيم معارض توظيف حيث يمكن للشركات عرض فرص العمل المتاحة، وسيكون بإمكان الشباب تقديم طلبات العمل مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تمكين الشباب من كيفية البحث عن الوظائف واستخدام الشبكات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية الخاصة بالتوظيف بفعالية.
وقد تساهم هذه المبادرات في تسهيل عملية البحث عن العمل وتعزيز فرص التوظيف للشباب، مما يساعدهم على تحقيق أهدافهم المهنية والدخول في سوق العمل بكفاءة وفعالية.
إنشاء المقاولات: محور هام في تطوير الاقتصاد المحلي
إن إنشاء المقاولات يلعب دورا حيويا في تطوير الاقتصاد المحلي من خلال دعم ريادة الأعمال وتعزيز المقاولات الصغيرة والمتوسطة. يتطلب نجاح المقاولات تخطيطا دقيقا للأعمال، إدارة فعالة للمشاريع، وتسويق مبتكر للمنتوج.
لتحقيق هذا النجاح، من الضروري توفير التمويل والدعم اللازمين لإطلاق المشاريع الجديدة. ويجب أن تشارك البنوك والمؤسسات المالية في تقديم القروض والخدمات المالية لدعم رواد الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يعد تعزيز العلاقات بين رواد الأعمال الناجحين والموجهين خطوة مهمة، حيث يمكنهم تقديم المشورة والدعم للشباب الذين يرغبون في بدء مشاريعهم الخاصة. تساهم هذه الجهود في تعزيز ريادة الأعمال وتوفير بيئة مناسبة لنمو المقاولات الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز التنمية الاقتصادية المحلية ويخلق فرص عمل جديدة للشباب.
الإدماج في سوق الشغل: تعزيز فرص الشغل وتحقيق الإدماج المهني والاقتصادي للشباب
الإدماج في سوق الشغل يهدف إلى تقديم مبادرات وبرامج تساعد الشباب والباحثين عن العمل في العثور على فرص عمل مناسبة. يجب التركيز على تقديم الدعم من خلال برامج التوجيه والإرشاد المهني، بما في ذلك ورشات عمل حول كيفية البحث عن فرص الشغل واستخدام الأدوات المتاحة بشكل فعال.
كما يجب إنشاء بنك للمعلومات يضم المشاريع المتاحة في القطاعين العام والخاص، لتشجيع المقاولين الجدد على استكشاف مختلف المجالات والقطاعات المولدة للدخل. ينبغي أيضًا إيلاء اهتمام خاص للأشخاص ذوي الإعاقة أو الذين يواجهون تحديات خاصة في دخول سوق العمل، لضمان حصولهم على الدعم اللازم والفرص المناسبة. ومن المؤكد أن هذه الجهود ستساعد في تسهيل عملية البحث عن العمل وتعزيز فرص التوظيف، مما يساهم في تحقيق الإدماج المهني والاقتصادي للشباب. ويمكن تقديم منح وحوافز ضريبية للشركات التي توظف الخريجين الشباب.

ريادة الأعمال: دعم الشباب وتعزيز الاقتصاد المحلي

تشجيع ريادة الأعمال يعد خطوة أساسية في تعزيز الاقتصاد المحلي ودعم الشباب في إنشاء وإدارة مشاريعهم الخاصة. يمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم التمويل والتدريب والاستشارات اللازمة. ينبغي أن يتم تخصيص 25٪ من ميزانية التنمية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يسهم في توفير فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة. ومن الحلول المستوحاة من التجارب الأجنبية، نفذت الصين سياسات لتشجيع ريادة الأعمال بين الشباب من خلال برامج تمويل، حاضنات أعمال، وتدريبات خاصة. تهدف هذه السياسات إلى دعم الشباب في إنشاء مشاريعهم الخاصة وتوفير البيئة المناسبة لنموها وازدهارها.
ويمكن للمغرب تبني تدابير مشابهة لتعزيز ريادة الأعمال بين الشباب من خلال: تأسيس حاضنات أعمال في مختلف الجماعات لدعم الشباب من خلال تقديم المشورة، الموارد، والتمويل الأولي، وتوفير منح وقروض بفوائد منخفضة لدعم الشباب في بدء مشاريعهم الخاصة، وتقديم تسهيلات ضريبية للمشاريع الناشئة لتخفيف العبء المالي وتشجيع الشباب على بدء مشاريعهم، وتطوير المناهج الدراسية لتشمل تدريبات متخصصة في إدارة الأعمال والابتكار، مما يزود الطلاب بالمهارات اللازمة لريادة الأعمال، كما يمكن إنشاء معسكرات تدريب في تكنولوجيا المعلومات وبرامج إعادة تأهيل مهني للشباب، بالإضافة إلى شراكات مع الشركات التكنولوجية لتقديم تدريبات عملية تماشيا مع تجارب كل من فرنسا وفنلندا والسويد والولايات المتحدة الامريكية.
من خلال تبني هذه الإجراءات، يمكن للمغرب تحسين بيئة ريادة الأعمال وتعزيز قدرة الشباب على إنشاء وإدارة مشاريعهم الخاصة، مما يسهم في تقليل البطالة وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي.

التعاون بين القطاعات: شراكات استراتيجية لدعم الابتكار والاستثمار

تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني يعد أمرا حيويا لدعم الابتكار وتعزيز الاستثمارات في الإقليم. يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء شراكات استراتيجية بين هذه القطاعات. يجب أن يتم توجيه 15٪ من الاستثمارات إلى مشاريع مشتركة، مما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة وفعالة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة.
التحديات البيئية والحفاظ على الموارد الطبيعية
يواجه إقليم تطوان تحديات بيئية كبيرة تتطلب إجراءات فعالة للحفاظ على الموارد الطبيعية. يجب تطوير أنظمة النقل وتوسيع المناطق الحضرية بطريقة مدروسة تراعي التضاريس الجغرافية وتضمن توفير مساحات خضراء كافية.
تعزيز السياسات البيئية يمكن أن يسهم بشكل كبير في حماية الموارد الطبيعية من الاستغلال الجائر. من الضروري أن تغطي المساحات الخضراء 15٪ من إجمالي المساحة العمرانية، مما يعزز من جودة الحياة ويساعد في تحقيق تنمية مستدامة تحافظ على البيئة وتدعم التنوع البيولوجي في المنطقة.

مبادرات المجتمع المدني: دعم التنمية المحلية وتمكين الشباب من المساهمة الفعالة في بناء الذات والمجتمع

يلعب المجتمع المدني دورا رئيسيا في تكميل الجهود الحكومية، من خلال تقديم برامج تدريب وتأهيل للشباب، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحسين البنية التحتية في المناطق النائية. تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز القدرات المحلية وتمكين الأفراد من المساهمة بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يجب أن تستهدف برامج المجتمع المدني زيادة عدد المستفيدين بنسبة 30٪ سنويا، مما يسهم في توسيع نطاق الفائدة وتعزيز التنمية الشاملة. من خلال هذه الجهود، يمكن تحقيق تحسين ملموس في جودة الحياة وتعزيز الفرص الاقتصادية والاجتماعية لساكنة الإقليم.
بتنفيذ هذه الاستراتيجيات المتكاملة، يمكن لإقليم تطوان تحقيق نقلة نوعية في مجالات التشغيل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز من جودة الحياة للسكان ويجعل الإقليم وجهة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية.
ومن الجدير بالذكر أنه في ظل فشل الحكومة في تنزيل البرامج الموجهة لخلق فرص الشغل مثل برنامج مقاولاتي، وبرنامج انطلاقة، وبرنامج أوراش، يلاحظ أن المجتمع المدني هو الذي يعوض هذا النقص بنشاطه التطوعي والملحوظ، حيث تسعى العديد من الجمعيات والمبادرات المحلية إلى ملء الفراغ الذي تتركه السياسات الحكومية غير الفعالة من خلال تقديم برامج تدريب وتأهيل للشباب، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تحسين البنية التحتية في المناطق النائية، من خلال خلق برامج مخصصة لصالح الشباب والمقاولين الجدد.

الحلول المقترحة والتجارب المقارنة في ريادة الاعمال وخلق فرص الشغل

يمكن تقديم حلول بناءة للتحديات التي يواجهها إقليم تطوان استنادا إلى أمثلة ناجحة من خارج المغرب، مثل: تعزيز التعليم المهني والفني:لتلبية احتياجات سوق العمل المحلي، مما يمكن الشباب من اكتساب المهارات الضرورية. تشجيع ريادة الأعمال بدعم الشباب في إنشاء وإدارة مشاريعهم الخاصة من خلال تقديم التمويل والتدريب. تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني لدعم الابتكار وتعزيز الاستثمارات في الإقليم، مما يمكن من توفير بيئة أكثر ملائمة للتنمية الاقتصادية.
لتنزيل هذه المقترحات، يتعين على الحكومة والبرلمان تبني سياسات داعمة وموجهة نحو تعزيز فرص التشغيل وتحسين البنية التحتية ودعم التعليم والتدريب المهني. يمكن أن تشمل هذه السياسات تقديم حوافز للشركات للاستثمار في الإقليم، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتطوير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة.
وبالوقوف على كل هذه الجوانب، يمكن تحقيق تقدم ملحوظ في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في إقليم تطوان. على الرغم من التحديات الكبيرة، يمكن للعمل المشترك بين الحكومة والمجالس المنتخبة والسلطات المحلية والإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص أن يفتح آفاقا جديدة للشباب ويمكّنهم من تحقيق إمكاناتهم والمساهمة في التنمية الشاملة والمستدامة للإقليم.

* عضو اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية


الكاتب : محمد السوعلي

  

بتاريخ : 03/07/2024