بعد الانطلاقة المبهرة للمنتخب المغربي لأقل من 20 سنة في نهائيات كأس العالم الجارية حاليا بالشيلي، بفوزه التاريخي والمستحق على المنتخب الإسباني بهدفين دون رد، تتجه الأنظار إلى المواجهة المرتقبة أمام المنتخب البرازيلي، أحد أكبر الأسماء في عالم كرة القدم، ضمن الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة. هذه المباراة ليست فقط فرصة لأشبال الأطلس لتأكيد صدارتهم، بل أيضا لاختبار مدى نضجهم التكتيكي والذهني أمام منتخب له باع طويل في هذه الفئة.
المنتخب المغربي، تحت قيادة المدرب محمد وهبي، دخل المنافسات بثقة عالية ورغبة صريحة في الذهاب بعيدا في هذه البطولة، وهو ما تجسد في طريقة اللعب المنظمة والانضباط الكبير الذي أبداه اللاعبون أمام إسبانيا، أحد المرشحين الدائمين للظفر باللقب. الأداء الدفاعي الصلب، إلى جانب الفعالية الهجومية، عكس مستوى التحضير الجيد والعمل القاعدي الذي بدأ يؤتي أكله في مختلف الفئات السنية المغربية، خصوصا في ظل دعم متواصل من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بقيادة فوزي لقجع، الذي جعل من التكوين والبنية التحتية أولويتين رئيسيتين في مشروع تطوير الكرة الوطنية.
وبينما يدخل المنتخب البرازيلي اللقاء بعد تعادل مخيب أمام المكسيك (2-2)، فإن الضغط سيكون مضاعفا على كتيبة المدرب رامون مينيزيس، الساعية إلى تدارك تعثرها الأول والعودة إلى سكة الانتصارات. ورغم ذلك، فإن الأرقام المسجلة في اللقاء الأول للبرازيل تُبرز مدى خطورة هذا المنتخب، إذ قام لاعبوه بـ75 محاولة هجومية، ما يؤكد أنهم يملكون نزعة هجومية شرسة تتطلب من المنتخب المغربي يقظة تكتيكية وانضباطا كبيرا، خصوصا في الشق الدفاعي.
نجوم المنتخب البرازيلي يضمون أسماء لامعة في سماء الكرة الشابة، أبرزهم الجناح الأيسر بيدرو، الذي توج مرتين ببطولة أمريكا الجنوبية لأقل من 20 سنة، وهو لاعب يتميز بسرعته ومهاراته العالية في المراوغة والتمرير، مما يجعله أحد أبرز مفاتيح اللعب في كتيبة السيليساو. إلى جانبه، يبرز اسم المهاجم الشاب لويغي، لاعب ساو باولو، الذي تألق في منافسات أقل من 17 سنة، مسجلا 21 هدفا في 22 مباراة دولية، وهو رقم يضعه ضمن المواهب الواعدة في كرة القدم البرازيلية.
في المقابل، لا يفتقر المنتخب المغربي لمواهب من الطراز الرفيع، حيث أبان لاعبوه في اللقاء الأول عن جاهزية بدنية وتكتيكية كبيرة. ومن بين الأسماء التي لفتت الأنظار نجد المهاجم أيمن الزهراوي، الذي سجل الهدف الأول في مرمى إسبانيا، والحارس المهدي الراجي الذي كان سدا منيعا أمام محاولات لاروخا، إلى جانب القائد عبد الرحمان بوزريد، الذي أظهر نضجا تكتيكيا في وسط الميدان، ساعد الفريق على فرض الإيقاع طوال مجريات المباراة.
المنتخب المغربي يبدو اليوم مختلفا عن النسخة التي انهزمت أمام البرازيل في كأس العالم 2005 بهولندا، حيث تغيرت العقلية والمنظومة الكروية، وأصبح اللاعب المغربي يتمتع بالثقة والتكوين العالي، مدعوما بمشروع وطني متكامل أطلق منذ سنوات، هدفه إنتاج أجيال قادرة على حمل راية الكرة الوطنية في المحافل الدولية. ويكفي أن نذكر أن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم صارت اليوم واحدة من أبرز مراكز التكوين على مستوى القارة الإفريقية، حيث صدّرت عددا من اللاعبين نحو الدوريات الأوروبية.
في حال تمكن أشبال الأطلس من تحقيق نتيجة إيجابية أمام البرازيل، سواء بالفوز أو التعادل، فإنهم سيضعون قدما أولى في الدور الثاني، ويؤكدون أن الانتصار على إسبانيا لم يكن ضربة حظ، بل نتيجة عمل ومجهود جماعي متواصل. وستكون المباراة بمثابة فرصة لإرسال رسالة قوية للعالم مفادها أن المغرب لم يعد رقما هامشيا في كرة القدم الشابة، بل منافسا جديا وطموحا، قادر على مقارعة الكبار بندية، وربما الذهاب بعيدا في هذه التظاهرة العالمية، في انتظار كتابة فصل جديد من الإنجازات المغربية على الساحة الدولية.
مونديال الشيلي: أشبال الأطلس في مهمة إثبات الذات أمام العملاق البرازيلي

الكاتب : n الاتحاد الاشتراكي
بتاريخ : 01/10/2025