كَكُلِّ صَباحْ
فَتَحْتُ مَرَافِئاً خَلْفَ انْكِساراتي الْكَثيفَةِ
كَيْ تُداريها الرِّيَاحُ
اسْتَيْقَظَتْ ناري الرَّفيقَةُ
أحْرَقتْ وَجْهَ الْحَياةِ،
تَساقَطَتْ أَوْراقُها خَيْباتْ
مَدَدْتُ يَدِي
لِأقْطِفَ مِنْ سَماءِ الْعِشْقِ
ذِكْرَى أَوْغَلَتْ فِي الصَّمْتِ
مِنْ فَرْطِ السُّبَاتِ
فَلَمْ تَقُمْ مُقَلِي بِمَا يَكْفِي
مِنَ الثَّوَرَاتْ.
بِلاَ صَوْتٍ، بِلَا قَلْبٍ، بِلاَ حُلْمٍ
عَبَرْتُ جُسُورَ لَيْلٍ رَاجِفٍ نَحْوَ الْبَيَاضِ
وَفِي فَمِي تَسْبيحَةُ الْأفْقِ الْمُكَبِّلِ لِلظَّلامِ
أَصَخْتُ سَمْعِيَ لِلصَّدَى الْمُنْسَابِ
إِرْتَعَشَ النِّدَاءُ،
تَهَاوَتِ الْخُطُوَاتْ،
عَمِيقًا فِي الثَّرَى
حَيْثُ انْتَهَى السَّفَرُ الطَّوِيلُ
إِلَى رُكَامٍ
وَالطَّرِيقُ جَثَا عَلَيْهَا الْقَفْرُ
وَالظُّلُمَاتْ.
نَظَرْتُ إلَى مَلامِحَ شِبْهِ بَاهِثَةٍ
بِلاَ وَجْهٍ
تُدَارِي كِبْرِيَاءً،
تَخْتَفِي خَلْفَ الْفَرَاغِ هُناَكْ:
صُرَاخٌ صَامِتٌ،
مَوْتٌ بَطِئٌ،
حَسْرَةٌ تَتَنَفَّسُ الْحَسَرَاتْ.
تُرَى هَلْ تُبْحِرً الْأَحْلامُ
فِي صَحْراءِ ذاتٍ،
فِي لَيالٍ حَالِكاتٍ،
فِي عُيونٍ كَالصُّخُورِ رُمُوشُهَا،
لا تَنْتَهِي مِنْ فَيْضِهَا الْعَبَرَاتْ؟
دَلَفْتُ إلَى جَوَابٍ صَاخِبٍ
ذَاكَ الْمَدَى جَفَّتْ مِيَاهُ رُؤاهْ
وَهَا هِيَ ذِي الْأَمَاسِي مُنْهَكَاتٌ
وَالنُّجُومُ كَئِيبَةٌ خَلْفَ الْمَرَايَا
خَبَّأتْ فِي ضَوْئِهَا الْعَثَرَاتْ
وَهَاهِيَ ذِي الصَّبَاحَاتُ
اشْتَهَتْ طَعْمَ الْكَيَانِ الْبِكْرِ
سَالَ رُضَابُهَا مُتَعَفِّنًا كَالْغَدْرِ
مِنْ ثَدْيِ الْحَيَاةِ،
تَحَجَّرَتْ فِي صَدْرِهَا الْكَلِمَاتْ
وَهَا هِيَ ذِي بَقايَا الشِّعْرِ
قَصِيدَةٌ ثَكْلَى
مُكَثّفَةٌ ثَنَايَاهَا بِأوْجَاعِ الصِّبَا
تِلْكَ الَّتِي تَعْلُو عَلَى قِمَمِ الْجِرَاحِ
لِيَصْعَدَ الْمَعْنَى
بَعيدًا عَنْ ثَرَاهُ،
عَنْ صَدَى السَّنَوَاتْ،
لَعَلِّي أُصْبِحُ امْرَأَةً
يَفِيضُ الْحُزْنُ مِنْ وِدْيَانِهَا دُرَرًا
تُظَلِّلُ تِيهَهَا غَيْمَاتْ..
لَعَلِّي أُصْبِحُ امْرَأةً
خَرَائِطُهَا لَهَا قَسَمَاتْ