مُتْعَبٌ أَنَا لَا ثَمِلٌ

لَمْ أَسْتَيْقِظْ بَعْدُ.
حُلُمٌ يَدْعُوني لِلِاستِرسَال.
يَسْتَشيرُني عَنْكَبُوتٌ مُنْزَوٍ، يَرقُبُ كَسَلِي.
مَا كَانَ أمامي إلاَّ بقايَا عِنَبٍ وَحَبَّاتُ طَمَاطِمَ. أَذْكُرُ أَنِّي خَمَرْتُنِي لَيْلَةَ أَمْسٍ حَتَّى سَكِرْتُ، وَ أَنِّي شَرِبْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُ فَدَاحَةَ النَّازِلَةِ. عَيْنَايَ، مَا أَغْمَضْتُ خَلْفَ كِسْرَةِ خُبْزٍ مُسَمَّدٍ وَجُبْنَةِ التَّاجِ. أَمَّا نَوَى الزَّيْتُونِ، فَقَدْ أَحْصَيْتُهُ… خَمْسُونَ حَبَّةً !
أَتَاهَنِي الْحُلُمُ.
لَمْ تَحْتَضِنِّي كَوَابِيسُهُ كَمَا اشْتَهَيْتُ.
اَلْخَدَرُ يَدْهَمُ، يَزْحَفُ، يَجُوبُ خَلَايَا الدَّمِ.
لَعَنْتُ فَوْضَايَ الْهَجِينَةَ الَّتِي اخْتَفَتْ سِنِينَ، لِتَبْزَغَ وَسَطَ دُخَانِ سِيجَارَتِي، وَتَرْقُصَ كَطَيْفٍ مَجْنُونٍ.
مَا اشْتَهَيْتُ أَطْبَاقاً وَ لَا مَوَائِدَ.
اِنْتَصَرَتْ رَغْبَتِي لِسَفَرٍ فِي رُبُوعِ قَصِيدَةٍ، تُحَاوِرُ فِي عَوَالِمِي مَنَاطِقَ ظَلِيلَةً، خَائِفَةً مِنَ الْعَلَنِ وَالْفَضِيحَة! تُنَادِمُ وَجْهاً فَقَدَ خُطُوطَهُ.
اِشْتَهَيْتُ سُلَالَةَ بَشَرٍ خَبَرَ الْعِلَلَ، وَلَمْ يَتَغَاضَ عَنْ تَفَاصِيلِ دُورِيٍّ؛ حَزِيناً حَامَ، حَوْلَ عُشِّهِ الْمَبْتُورِ!
اَلْأَشْجَارُ الْعَارِيَةُ الَّتِي صَفَّفَتْ غُرْبَةَ الْقَوَارِضِ؛
رَأيْتُهَا سَكْرَى، في رِحلَتِها الْأَخِيرةِ صَوْبَ الْمُنْعَطفِ الْفَريدِ الَّذِي زَيَّنَ أَعمَارَ الطَّريقِ. سَعِدْتُ لِأَنَّهَا تُنْجِبُ فُرُوعَها الْمُتْرَبَةَ، وَهِيَ تَمْشِي.
مُتْعَبٌ أنَا لَا ثَمِلٌ.
حُلُمِي، صَحْرَاءُ،
أَفْرَطَ في حَرْبِهِ. تَحَلَّلَتْ بَيَاضَاتُهُ، تَعَفَّنَتْ أَقَاصِيهِ وَأَضْربَ عَنِ الْخَلَاصِ. كُنْتُ هَدَّدْتُ أَعْذَارَهُ، فَتَوَارَى مُؤَقَّتاً. أَغْشَى عَلَى قَلْبِي رَذَاذاً أَزْرَقَ …
رَأَيْتُهُ … قَصِيدَةً، أَصَابَتْنِي بِالْوَجَعِ.


الكاتب : جواد المومني

  

بتاريخ : 06/09/2024