نائبة وزير الخارجية الأمريكي: التحالف الدولي ضد داعش ملتزم بالقضاء التام على التنظيم الإرهابي 

 

ناصر بوريطة: إفريقيا تتعرض لـ41 % من إجمالي هجمات تنظيم داعش

حول العالم

 

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أول أمس الأربعاء بمراكش، أن القارة الإفريقية أصبحت الهدف الرئيسي لتنظيم «داعش» الإرهابي، حيث تشكل مسرحا لـ41 في المئة من إجمالي هجماته في جميع أنحاء العالم.
وقال بوريطة، في الكلمة الافتتاحية للاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، إن «داعش يحمل اللقب المقيت بكونه أكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم في عام 2021»، مبرزا أن إفريقيا أصبحت، من جهتها، الهدف الرئيس للتنظيم، حيث كانت مسرحا ل41 % من إجمالي هجماته حول العالم.
ولاحظ الوزير أن أعمال العنف بالقارة الإفريقية سجلت زيادة تتراوح بين 40 و60 في المئة من حيث الوفيات والهجمات، مقارنة بفترة ما قبل الجائحة.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن إفريقيا جنوب الصحراء أحصت 48 في المئة من مجموع الوفيات الناجمة عن الإرهاب حول العالم خلال سنة 2021، بتسجيل 3461 ضحية، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الإرهاب بالمنطقة إلى 30 ألفا على مدار الـ15 عاما الماضية.
ولاحظ الوزير أن منطقة الساحل تأوي جماعات إرهابية تتطور بسرعة هائلة وتتسبب في ارتفاع حصيلة الضحايا حول العالم، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تحصي 35 في المئة من الوفيات الناتجة عن الإرهاب حول العالم خلال 2021، مقابل 1 في المئة فقط قي سنة 2007.
وأعرب بوريطة، في هذا الصدد، عن أسفه «لارتفاع عدد الوفيات بسبب الإرهاب بنسبة تزيد على 1000 في المئة بين عامي 2007 و 2021 في منطقة الساحل» ، مشيرا إلى أن غرب إفريقيا ومنطقة الساحل تعدان المنطقتين الأكثر تضررا في القارة، حيث بلغ عدد النازحين داخليا بسبب الاشتباكات الدامية في هذه البقعة من العالم أزيد من 1.4 مليون شخص.
من جهة أخرى، أبرز بوريطة أن التأثير الاقتصادي للإرهاب كلف القارة الإفريقية خلال العقد الماضي خسائر إجمالية قدرها 171 مليار دولار، وهو غلاف مالي كان يمكن استخدامه لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
وأوضح بهذا الخصوص أنه «تم إدراج 27 كيانا إرهابيا متمركزا في إفريقيا ضمن قائمة عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بصفتها جماعات إرهابية»، مبرزا أن «هذا مؤشر واضح على صلتهم بالجماعات الإرهابية العالمية الكبرى.
وحذر بوريطة من أن التهديد الإرهابي في إفريقيا بلغ في الوقت الراهن سواحل المحيط الأطلسي وممراته البحرية، مؤكدا أن الروابط بين الإرهاب والقرصنة ظهرت في خليج غينيا كما في القرن الإفريقي، وأن الجماعات الإرهابية تسعى أيضا إلى السيطرة على الموارد الطبيعية.
وأبرز الوزير، في هذا الصدد، أن هذا الاجتماع الوزاري يبعث على الكثير من الآمال والتوقعات، الأمر الذي يتضح من المشاركة القوية للدول الإفريقية سواء كانت أعضاء أو مراقبين في التحالف الدولي، مشيرا إلى أن المناقشات ينبغي أن تركز، أساسا، على ضرورة إظهار التضامن الفعال مع القارة الإفريقية في محاربة التهديد الذي يشكله داعش.
وتابع أنه ينبغي التأكيد أيضا على الحاجة إلى تعزيز تملك الدول الإفريقية لسياسات واستراتيجيات فعالة في مجال مكافحة الإرهاب، وكذا على أهمية دعم المبادرات الوطنية ودون الإقليمية القائمة، على غرار تلك الخاصة بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وبعد أن سجل بوريطة أن هذا الاجتماع يمثل تطورا جوهريا في التوجه الاستراتيجي للتحالف، وذلك اعتمادا على ثلاثة توجهات رئيسية، أشار إلى أن القضاء التام على داعش في الشرق الأوسط «يسمح لنا بتوجيه دعمنا بشكل أكبر نحو تعزيز القدرات الوطنية في المنطقة»، مسجلا أن «الاستقرار وتعزيز القدرات المدنية والتواصل الاستراتيجي تبرز بشكل جلي في جميع جوانب التزام التحالف بالقضاء على داعش.
ولفت الانتباه إلى أن التحالف سيكون قادرا على تحديد أولويات استجابته لتطور التهديد الإرهابي في مناطق أخرى من العالم، وذلك بناء على مقاربة شاملة تدعم الآليات الوطنية ودون الإقليمية القائمة.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، يستطرد الوزير، يبقى التفاؤل الحذر «أحد مبادئنا الأساسية»، لاسيما وأن تهديد داعش لم يتضاءل.
ومضى بقوله إن «تقييمنا المشترك للتهديدات الإرهابية المتزايدة بشكل خطير في إفريقيا أدى إلى ظهور مقاربة متكيفة لدعم التحالف في إفريقيا»، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تكرست في اللقاء الذي عقدته مجموعة التركيز الإفريقي (فوكوس غروب)، التي يرأسها على نحو مشترك كل من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية و النيجر وإيطاليا، أمس الثلاثاء بمراكش.
وأكد بوريطة أن رئاسة المغرب المشتركة لهذه المجموعة، تتيح له منصة إضافية لتبادل الخبرات المستمدة من استراتيجيته الشاملة والمتكاملة لمكافحة الإرهاب، والتي طورها تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس.
ومن جهتها أكدت نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، بمراكش، أن أعضاء التحالف الدولي ضد داعش ملتزمون بضمان القضاء التام على داعش في العراق وسوريا، وكذا على مستوى القارة الإفريقية والعالم ككل.
وقالت نولاند، في كلمة ألقتها خلال افتتاح أشغال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، «نتقاسم التزاما مشتركا بضمان القضاء التام على داعش في العراق وسوريا، وكذا على مستوى القارة الإفريقية والعالم ككل»، مشيرة إلى أن عمل التحالف يشمل تحرير الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش في العراق وسوريا وتحديد مناطق العالم التي قد تشكل أرضا خصبة لانتشار الجماعات الإرهابية، ومعالجة الأسباب الجذرية.
وهكذا، تضيف الدبلوماسية الأمريكية، سينكب المشاركون في هذا الاجتماع على تقييم عمل التحالف وأعضائه خلال السنة الماضية في العراق وسوريا والقارة الإفريقية ومنطقة أفغانستان، فضلا عن تحديد الهفوات التي يتعين تلافيها.
وحذرت نولاند من أنه «على مدى السنوات القليلة الماضية، تم إضعاف داعش إلى حد كبير في العراق وسوريا، غير أنها ما تزال تشكل تهديدا، وتتحين الفرص من أجل إعادة بناء نفسها»، داعية إلى التزام اليقظة في مواجهة التهديد الذي تشكله باستمرار في جميع أنحاء العالم، لا سيما في القارة الإفريقية.
وذكرت بأنه انطلاقا من دول الساحل، حيث ارتفع عدد الاعتداءات الإرهابية بنسبة 43 في المئة خلال الفترة 2018- 2021، وصولا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، «سجلنا حوالي 500 اعتداء إرهابي لداعش في عام 2021، أسفرت عن مقتل أكثر من 2900 شخص بالقارة الإفريقية»، مضيفة أن داعش وباقي الجماعات الإرهابية عززت نفوذها وقدراتها في منطقة الساحل، فيما تهدد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الموالية للقاعدة، دول الساحل في غرب القارة.
وبعد أن ذكرت بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة بالتنسيق مع شركائها في غرب إفريقيا لمواجهة التحديات التي ساهمت في تكاثر هذه الجماعات، أشارت الدبلوماسية الأمريكية إلى أن حكومة بلادها تعتزم تعبئة دعم يقدر بأزيد من 119 مليون دولار لصالح إفريقيا جنوب الصحراء، من أجل تحسين قدرات قوات النظام المدني والنظام القضائي، بهدف القبض على الإرهابيين ومقاضاتهم وإدانتهم في جميع أنحاء القارة.
وينعقد الاجتماع الأول للتحالف العالمي ضد داعش في إفريقيا، اليوم الأربعاء بمراكش، بدعوة مشتركة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج وكاتب الدولة الأمريكي، أنطوني بلينكين.
وخلال هذا الاجتماع، يستعرض وزراء التحالف المبادرات المتخذة، في ما يتعلق بجهود ضمان الاستقرار في المناطق التي تأثرت في السابق بهجمات داعش، وذلك في مجال التواصل الاستراتيجي في مواجهة الدعاية إلى التطرف التي ينهجها هذا التنظيم الإرهابي وأتباعه، ومكافحة المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
ويعكس استقبال المغرب لهذا الحدث الدولي الهام، الثقة التي تحظى بها المقاربة المتفردة التي طورتها المملكة، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
كما يؤكد هذا الاجتماع الالتزام الثابت للمغرب بالتنسيق الوثيق مع شركائه لاستئصال التهديد الذي تشكله داعش، وذلك بهدف تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، وكذا التصدي للإرهاب والتطرف في القارة.


بتاريخ : 13/05/2022