يعيش قطاع الصيدلة بالمغرب على إيقاع اختلالات متعددة، قانونية وسلوكية، تتفاقم حدّتها يوما عن يوم، وهي التي تعاظمت بتعاقب السنوات بالنظر إلى الإرث الثقيل التراكمي، الذي تميّز بتفاقم للمعضلات، والذي يرخي بظلاله على يوميات الصيادلة ومساعديهم وأسرهم، على اعتبار أن هذا القطاع الحيوي والبالغ الأهمية، الذي لايقدم خدمات صحية فحسب، بل له وظائف ريادية اقتصاديا واجتماعيا، بات مفتوحا على المجهول، نتيجة لجو القلق العام والتخوف من الغد الذي بات مستشريا في نفوس المهنيين، نتيجة لعدم التوازن وغياب الاستقرار.
قطاع يعمل شرفاؤه على محاولة تصويب الاختلالات التي اعترته، بنفس تشاركي، مع المهنيين ومع عموم المتدخلين، ويسهرون لكي تحتفظ المهنة بنبلها العلمي والأخلاقي، ضدا عن حالة الفوضى التي عاشها القطاع لسنوات متعددة، والتي أدت إلى إفراز عدد من الظواهر المعتلة. مهنيون غيورون على المهنة، يتطلعون إلى وصفة دوائية تمكنه من استرداد عافيته، بعد تشخيص كامل لأعطابه، الظاهرة منها والمستترة، البسيطة والمركبة، الذاتية وتلك التي هي نتاج لعلل قانونية، دون إغفال السيناريوهات التي عملت على فرملة تطور القطاع، وكرّست وشجّعت كل النقائص ووفرت لها شروط الرعاية!
«الاتحاد الاشتراكي» حضرت اجتماع السكرتارية الوطنية لقطاع الصيادلة الاتحاديين بالرباط، صبيحة يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017، وتتبعت بسط أعضائها لأعطاب المهنة، الداخلية والخارجية، وتشخيصهم للعلل المتعددة التي تعاني منها، والحلول المقترحة للنهوض بهذا القطاع، وأعدت ملفا في الموضوع.
إدريس لشكر:
الاتحاد الاشتراكي يتبنى ملف الصيادلة ويحسّ بآلامهم
افتتح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، اجتماع السكرتارية الوطنية لقطاع الصيادلة الاتحاديين بكلمة، أكّد خلالها عن دعم الحزب لقضايا الصيادلة، إيمانا بالدور الاجتماعي والاقتصادي والعلمي الذي تلعبه هذه الفئة في تحقيق الاستقرار، مشيدا بانتماء ما وصفه بالقوة الاقتراحية التي تسعى جاهدة لتصحيح رؤية السياسة الدوائية لدى المسؤولين، وتحرص على أن تجعل المهنة قاطرة للتنمية، لحزب القوات الشعبية.
إدريس لشكر الذي كان مرفوقا بعضوي المكتب السياسي مشيج القرقري وبديعة الراضي، أكّد أن المكتب السياسي تدارس ملف الصيادلة في اجتماعه، وجدّد التأكيد على دعم كل نقاط الملف المطلبي المطروح، مبرزا أن الإرث الثقيل الذي وجدته المجالس أمامها لا يسرّ أحدا، ويتطلب مجهودات كبيرة لتجاوزها، وهو ما أبان عنه المسيرون بعد تقلّدهم لمهامهم بعد انتخابات عرفت مساهمة عريضة للصيادلة بهدف تصحيح الوضع.
وشدّد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي على أن الحزب بقيادته ومناضليه هم على وعي تام بالحالات الاجتماعية الصعبة التي يعيشها عدد ليس بالهيّن من الصيادلة، والتي تتوزع ما بين الإفلاس، التهديد بالسجن والانتحار، مضيفا بأنه ينتظر أول لقاء لاجتماع قادة الأغلبية لوضع ملف القطاع على طاولة النقاش.
واختتم لشكر كلمته بالتأكيد على أن الحزب يحس بآلام الصيادلة المرتبطة بها آلام عشرات آلاف المشتغلين وأسرهم الذين يعيشون من هذه المهنة، التي في ضربها ضرب لكل هذه الأسر وإحداث اختلال في المجتمع، مشيدا بكون اقتراحات المهنيين كانت دائما حريصة على التوازن، وإن كانت تكون أحيانا في المحك أمام شعارات شعبوية، كما هو الحال بالنسبة لقرار تخفيض الأثمنة، الذي لايمكن لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلا أن يكون معه ويدعمه، لكن دون أن يتضرر الصيدلي، وهو مايتطلب من الدولة أن تتحمل مجهودا في هذا الصدد، لتحقق عدالة للجميع.
ابتسام مراس: الفريق الاشتراكي تفاعل مع مطالب الصيادلة بأسئلة كتابية وشفوية وخطوات نيابية
ابتسام مراس، النائبة البرلمانية ومقررة لجنة القطاعات الاجتماعية، أكدت خلال هذا اللقاء أن قطاع الصيدلة في المغرب هو قطاع مهم لكنه يعرف اختلالات جوهرية تمس بالصيدلي بالدرجة الأولى، وكذا بالمواطن المتضرر الأكبر، مبرزة على أنه وبالإضافة إلى الخدمات الصحية والمساندة النفسية، فإن الصيدلي يقدم خدمات مالية للمواطن ويخفف من العبء الصحي على الدولة، في المدن والبوادي والقرى النائية، حيث يلج يوميا أزيد من مليون مواطن إلى الفضاءات الصيدلانية، فضلا عن كون هذا القطاع هو يشغل أزيد من 100 ألف مستخدم، ويساهم أيضا في الوعاء الضريبي.
وأبرزت الطبيبة الصيدلانية خلال هذا اللقاء، أنه على الرغم من هذا الدور الريادي والاجتماعي الذي يلعبه الصيدلاني إلا أنه يعيش حالة من الانكسار ويعاني من جملة من المشاكل الجوهرية، مؤكدة على أن الفريق الاشتراكي عمل على تنبيه وزير الصحة خلال مناقشة الميزانية القطاعية إلى ضرورة معالجة مشكل الصحة بالمغرب في إطار شمولي وباعتماد مقاربة تشاركية مع جميع المتدخلين من أطباء وصيادلة وممرضين وتقنيين وكذا الفاعلين غير المباشرين. وشدّدت مراس على أنه واستجابة للرؤية الملكية كذلك يجب بناء منظومة صحية متقدمة تتماشى مع متطلبات المواطنين، مبرزة أن المنظومة الدوائية تعتبر أهم عناصر المنظومة الصحية، لهذا تبنى الفريق الاشتراكي المطالب العادلة والمشروعة لممثلي الصيادلة داخل المجلس الوطني وكذا الفيدرالية، وتفاعل مع جملة المطالب سواء من خلال الأسئلة الكتابية أو الشفوية، أو بطلب عقد لقاءات مع جميع المتدخلين في هذا القطاع، لكنه سجل تجاوبا سلبيا من لدن وزارة الصحة.
البرلمانية ابتسام، أوضحت أنه تمت المطالبة أيضا من داخل لجان مجلس النواب بإحداث المجلس الأعلى للصحة توكل إليه مهمة وضع رؤية استراتيجية شاملة لواقع الصحة بالمغرب، مضيفة أن الفريق الاشتراكي ينتظر أيضا تفعيل الجهوية عل مستوى المجالس الصيدلانية، مؤكدة أنه سيتفاعل مع هذا الموضوع بما يستحق من أهمية حتى يمكن إخراج القانون إلى حيز الوجود لأهميتها الكبيرة على المستوى التنظيمي، وسياسة القرب وكذا تخليق الحياة المهنية.
واعتبرت مراس، أن تطوير المنظومة الصحية ببلادنا بشكل عام، يتطلب رؤية شمولية تعتمد التوازن ضمانا لعدالة إجرائية تخدم المواطنين والمهنيين على حد سواء، مشددة على أن هناك الكثير من الحلول الجاهزة التي يمكن تفعيلها بقرارات إدارية بسيطة، لكن تجاهلها وتجميدها في الرفوف يرفع من معدلات الفوضى التي لاتضر بالقطاع الصيدلاني فحسب أو تحد من تطور المنظومة الصحية ببلادنا، ولكنها تفتح الباب لكل ما يهدد الأمن الصحي للمغاربة.
السعدية متوكل: الدولة مطالبة بحماية مهنة الصيدلة
من جهتها السعدية متوكل، رئيسة المجلس الجهوي لصيادلة الجنوب، وفي تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أكدت على أن هناك العديد من الإشكالات التي تعترض سبيل تطوير مهنة الصيدلة، وعلى رأسها عدم تطبيق القوانين، كما هو الحال بالنسبة لمدونة الدواء والصيدلة 17.04، وتغييب المراسيم التطبيقية التي تهم عددا من المحاور ومن بينها الشق المرتبط بتحديد مخزون الدواء بالنسبة للمصحات، مبرزة أن الاستثناء في هذا الصدد أضحى هو القاعدة، وبات عدد من الصيادلة يشتكون من ممارسات غير سليمة لبعض المصحات، موضحة أن هذه الأخيرة يفسح لها المجال للتوفر على أدوية من أجل استعمالات خاصة، بالنسبة للعمليات الجراحية وأثناء استشفاء المريض داخلها، لكن يلاحظ أن بعضها يصر على تجاوز ذلك بصرف الدواء المختلفة أنواعه، وليس فقط اللقاحات، وبعض الهرمونات التي توصف في المشاكل التي لها علاقة بالخصوبة، وتلك التي تهم «الراديولوجي»، بفعل عدم إصدار مرسوم يحدد قائمة الأدوية الواجب أن تتوفر في المصحات، مما يفتح الباب لكي يقوم البعض بالتجاوزات، وبالتالي يجد الصيدلاني نفسه أمام منافسة غير مشروعة.
وشدّدت الدكتورة متوكل، على أن غض الطرف عن هذه الممارسة يشكل خطرا على التوازن الاقتصادي للصيدلية، والحال أنه يجب أن تكون صيدلية القرب غير مهددة بالانقراض وألا تكون عرضة للمنافسة من طرف مصحة أو غيرها، مبرزة على أنه عندما تم تحديد مسافة 300 متر ما بين صيدلية وأخرى فذلك جاء من أجل الحفاظ على التوازن الاقتصادي للصيدلية، وتأمين استمرار صرف الدواء للمريض.
ووقفت رئيسة المجلس الجهوي لصيادلة الجنوب عند إشكالية المستلزمات الطبية المعقمة المدرجة منذ 2006 ضمن اختصاص الصيدليات، والحال أنها تباع بالأكشاك لأن دستور الأدوية لم يفرج عنه، مؤكدة أن وزير الصحة ظل يتعهد على امتداد سنتين كاملتين بإخراج هذا الدستور المرجعي إلى حيز الوجود دون أن يتحقق ذلك. وأشارت متوكل، إلى معضلة المسلك غير القانوني للأدوية، الأمر الذي فسح المجال لبعض جمعيات المجتمع المدني التي يجب أن تقوم بدور التحسيس والتوعية، لكنها وخلافا لذلك باتت تقوم بصرف الدواء بشكل قانوني، لتصبح هي الأخرى منافسا غير شرعي للصيادلة، والحال أن القانون يمنع ذلك، بل أن خطواتها هي رهينة ومقيّدة بالشراكة مع مندوبيات وزارة الصحة التي تتحمل كامل المسؤولية في هذا الإطار، بالنظر إلى الخطورة التي قد يكون المواطن عرضة لها، مشددة على أن المشرّع حينما فرض تواجد الصيدلي من التصنيع إلى التوزيع إلى الصرف، فإن ذلك لم يكن اعتباطا، لأنه الوحيد الذي له التكوين العلمي لمواكبة أي خطوة لها صلة بالدواء ضمانا لسلامة المواطن.
وفي السياق ذاته أكدت متوكل، أنه عندما تزيغ الأدوية عن المسلك القانوني فإن الباب يفتح أمام احتمال دخول أدوية غير مضمونة، مزيفة، مهربة، نظرا لأن المسلك الثاني هو غير خاضع للتفتيش وللقانون الجاري به العمل، وبالتالي يشكل تهديدا كبيرا لصحة المواطن. ودعت المتحدثة إلى إعادة النظر في الأدوية التي تصرف بالمستشفيات لفائدة المرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية «راميد»، التي يتعرض كثير منها للتلف، وتكون عرضة لسوء التوزيع، علما أن المستشفيات لا تتوفر برمتها على الصيادلة الذين من المفروض أن يشرفوا على هذه الأدوية، مشددة على أنه ينطبق عليها ما ينطبق على المصحات، إذ أن المريض الذي يعاني من مرض مزمن يجب أن يحصل على الدواء من الصيدلية التي يختارها مجانا، وأن يتكلف الصندوق الخاص بـ «راميد» بتعويض الصيادلة، وهو ما من شأنه تقديم خدمات عديدة، بدءا بمنح المريض الدواء بكامل العناية المرفوقة بالنصيحة والتوجيه تفاديا لأية مضاعفات تكون لها كلفتها الثقيلة هي الأخرى، مرورا بتقليص مصاريف التخزين والتوزيع، مما سيقلص من نفقات الدولة على الاقتصاد الصحي. واختتمت الدكتورة متوكل القول بتأكيدها على ضرورة أن تولي الدولة العناية بالصيدلاني المتواجد بمناطق نائية المفتقدة للعديد من مواصفات العيش، على حسابه الشخصي وأسرته، وأن تعمل على تحفيزه، نظير الخدمة الصحية التي يقدمها ولحرصه على تقريب الدواء للمواطنين في هذه المناطق.
أنور فنيش: نعيش حقبة فيها تهديد لاندثار المنظومة الصحية ككل وليس الصيدلانية فحسب
أنور فنيش، الخبير الصيدلاني، شدّد بدوره على أن المشاكل التي يعيشها قطاع الصيدلة وبالرغم من حدّتها فهي تبيّن على كونه قطاعا حيّا ونشيطا، ويعكس نشاط المؤسسات المسيرة للمهنة، مبرزا أن جميع القطاعات تعاني من مشاكل في المغرب لكن الصيادلة يتميزون بكونهم ومنذ سنوات كانوا سباقين في الميدان التنظيمي، بإثارة جميع الإشكالات، سواء على مستوى القطاع الصيدلاني أو الصحي بشكل عام، وكانت لديهم دائما نظرة مستقبلية وطموحا للرقي بقطاع الصيدلة والصحة عامة، والنهوض بالمنظومة ككل في بلادنا.
وأضاف فنيش، وهو رئيس سابق للفيدرالية، أنه في مجموعة من المجالات، يسجّل بكل أسف في الطرف الآخر أي الإدارة، غياب دينامية مماثلة، وانعدام رؤية مستشرفة للمستقبل في كثير من الحالات، في حين يتم الاعتماد على حلول آنية لعلاجات مجموعة من المشاكل الظرفية أو التي يكون لها انعكاس على صورة المسؤولين، فيعتمدون خطوات ترقيعية في غياب حلول شاملة. وتساءل فنيش، عن النظرة المخصصة للقطاع الصيدلي، الذي هو قطاع صحي، اجتماعي، واقتصادي محض، يساهم في المنظومة الصحية والاقتصادية في المغرب بخلق فرص شغل وله دوره المحوري في دورة النشاط الاقتصادي، معتبرا أن المعادلة أضحت معكوسة، على اعتبار أن الوزارة تنتظر مسيري القطاع الذين يطرحون الإشكاليات والبدائل في غياب رؤية رسمية للمسؤولين الحكوميين.
وأكد فنيش أن هناك اليوم حاجة ملحة لمسؤولين يولون أهمية للقطاع في ظل القدرة التي لديهم، على اعتبار أن الصيادلة لا يطالبون بالمستحيل بل بما هو ممكن، مبرزا أن المهنيين في المغرب كانوا سباقين لإحداث صيدليات، وشركات للتوزيع، وإقرار صناعة دوائية في المغرب، مضيفا بأننا اليوم نعيش حقبة فيها تهديد لاندثار المنظومة ككل وليس الصيدلانية فحسب، وبالتالي يتعيّن على وزارة الصحة باعتبارها الوصية على القطاع أن تتفاعل مع الصيادلة لأن المطالب هي ليست فئوية وإنما تنطلق من نظرتهم كفاعلين قريبين من المواطنين ومن فاعلين آخرين في مجال الصحة، ولديهم نظرتهم التي يجب أن يناقشوا بشأنها، باعتبارهم لايدّعون الحقيقة المطلقة.
ودعا الدكتور فنيش، وزارة الصحة إلى عرض رؤيتها بخصوص السياسة الدوائية في المغرب، وتلك التي تهمّ الدواء الجنيس، مشددا على أنها لايمكن أن تفرض على الصيادلة وعلى عموم المغاربة سياسة ما بطريقة اعتباطية، ونفس الأمر بالنسبة للأدوية باهظة الثمن ومسالكها، التي أبانت فشل المقاربة التي تبنتها وزارة الصحة لمعالجة هذا الملف. وأبرز الخبير الصيدلاني أن الوزارة الوصية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالكشف عما إذا كان لها تصور واضح بالنسبة للتغطية في هذا الصدد، والمستلزمات الطبية، ولكل القضايا التي لها علاقة بالقطاع، مضيفا أنه تم القيام بمجهود من 2004 إلى 2009 بإصدار مدونة الدواء والصيدلة وغيرها من الخطوات التي جاءت تتويجا لنضالات كبيرة، إلا أن الاستمرارية غابت، خاصة في ظل عدم إصدار مراسيم تطبيقية، معتبرا أنه يجب اليوم أن تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي في إطار نقاش متزن يبنى على هدف واحد هو مصلحة المواطنين وضمنهم مصلحة الصيدلي، الذي هو مواطن في الأول والأخير.
حسن عاطش: التشويش يضر بالقطاع والجهوية ضرورة حتمية للنهوض به
بدوره، حسن عاطش، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، أكّد أن المهنة هي ضحية للإشاعات، داخليا وخارجيا، بالنظر إلى أن العديد من الفئات ترى أن الصيدلة هي من القطاعات الراقية ماديا وأن أصحابها من الأثرياء، مما جعل الإدارة تضع مسافة كبيرة مع مطالب الصيادلة، رغم الأصوات التي تندر بواقع مر، يصنف من خلاله 3500 مهني في خانة الموت السريري، إن لم يرتفع العدد إلى نسبة أكبر إذا تم تغيير النظام المتعامل به مع الشركاء في مجال الصناعة والتوزيع، مبرزا في السياق ذاته أن هناك أيضا غايات من أجل خلق الإشاعة، في أوساط صفوف المهنيين، بهدف كسب عطف القاعدة العريضة لا غير، وإن كان أثرها سلبيا على الجميع، سواء على مستوى القطاع أو التنظيم أو على المواطن في البعد المرتبط بالأمن الدوائي، على غرار ما راج خلال فترة عيد الأضحى وغيرها من الإشاعات التي زادت الوضع تأزما، وتسيء إلى سمعة المهنيين وتشكك في جودة الخدمات.
وأوضح عاطش، وهو أيضا الكاتب العام للمجلس الجهوي لصيادلة الشمال، أن التشويش على المجالس لا يخدم قضايا القطاع، ويجهز على المكاسب التي تحققت من خلال المجهودات المبذولة والتي تتسم بالرزانة وبعد النظر، وبأن مردّه تضايق جهات تدفع بالبعض لتشويه الحقائق، معتبرا أن الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجارة، موضحا، أنه عادة ما يتم تجديد بعض المقاعد كل سنتين، بعد استيفاء الأعضاء المعنيين لمدة أربع سنوات كاملة، كما تنص عليه المادة 7 من قانون 1976 المحدث للهيئة، وبالتالي فإن أي مطلب مماثل يدخل ضمن خانة التشويش التي سبقت الإشارة إليها وعرقلة سير مؤسسة دستورية، إذ يعرض صاحبه للمتابعة…
وأكد عاطش، ارتباطا بالوضعية التنظيمية، أن المجالس مستمرة في عطائها ومخططها للحد من الفوضى وتثبيت النظام الذي من شأنه إعادة الهيبة للمهنة وبريقها، وجعل سفينة الإقلاع هدفها، من خلال الدفع بعجلة النهوض وتحسين ممارسة الصيدلة وتأهيل القطاع التي يناضل من أجل تحقيقها الصيادلة عبر تحيين القوانين واسترجاع حقوقهم ومكاسبهم المشروعة، وتحصين المهنة التي تعيش حالة احتقان وتمرد وعصيان، خاصة بعدما تم التطاول الذي لم يحترم فيه لا اختصاص الصيدلي ولا وجود الوزارة الوصية ولا مؤسسة الجمارك، حيث أصبحت الأدوية المهربة تشهر وتباع علنا عبر الانترنيت وعلى صفحات بعض المنابر الإعلامية، في خرق سافر لمدونة الدواء والصيدلة.
وإذا كانت الترسانة القانونية المتقادمة، قد أسهمت بحظ وافر في تردي وضعية القطاع الصيدلي، فهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية أدت بدورها إلى تصاعد وتيرة اختلال التوازن الاقتصادي والمالي للصيدلية، يعلق حسن عاطش، مبرزا أن النظام الجبائي المطبق على نشاط الصيدلي هو نفسه المطبق على باقي الأنشطة التجارية الأخرى، وهو ما يؤثر سلبا على تعاطي الصيدلي مع قانون الصحة وأخلاقيات المهنة وفي الوقت نفسه يخضع لقانون التجارة في ثنائية معقدة، معللا أن الصيدلة ليست نشاطا تجاريا محضا، بل هي ممارسة لمهنة طبية، مما يجعلها من المهن الأكثر تأطيرا بالقوانين والأكثر شفافية تجاريا، فالأسعار غير حرة ومحددة الهامش بقانون.
وشدّد عاطش على أن الأمانة العامة للحكومة هي شريك أساسي لتخليق الحياة المهنية، وهي مدعوة للتفاعل مع قرارات وتوصيات الهيئة والمجالس الرامية إلى تخليق الممارسة المهنية، من خلال تنزيل الأحكام الصادرة في حق المخالفين، وتجريم كل من انتحل مهمة صيدلي المشار إليه في المادة 30 من القانون، أو تفعيل توصيات المنظمة العالمية للصحة، بخصوص صيدلية لكل 5000 نسمة، مع حصر لائحة للأدوية التي يجب أن تصرف في المصحات وإخراج دستور الأدوية الذي هو حبيس الرفوف، بالرغم من أهميته التي تشكل مدخلا أساسيا لضمان جودة وسلامة الأدوية وركيزة ضرورية لسياسة دوائية تراعي دمقرطة الحق في العلاج.
ودعا المتحدث إلى تعديل الترسانة القانونية، إذ اعتبر أن قانون 1976 الذي ينظم الهيئات، لا يتماشى لا مع الدستور الحالي ولا مع مضامين الخطابات الملكية الأخيرة التي تتحدث عن سياسة القرب، إذ لا يعقل أن يسير مجلسان 12 ألف صيدلانيا وطنيا، مؤكدا أنه بات إلزاميا اعتماد الجهوية لتدارك النقاط التي أغفلها هذا القانون، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة الصحراء، مبرزا أن كل منطقة يجب أن تتوفر على مجلسها نظرا لخصوصيات كل واحدة على حدة.
إدريس العسري: تطوير الترسانة القانونية وتنفيذ قرارات المجالس التأديبية من شأنها الرقي بالصيدلة
إدريس العسري، عضو المجلس الجهوي لصيادلة الشمال، أكّد خلال هذا اللقاء أنه بعد حوالي سنتين من عمل هذا المجلس، كان من الضروري أن يقوم أعضاء المجلس بعملية التقييم المرحلي لعمله بطريقة موضوعية وعلمية، مع استحضار الإكراهات الكبيرة التي يعيشها الصيادلة ومؤسسة المجلس كذلك. إكراهات، يرى العسري، أنها تعيق أي طريقة لإصلاح القطاع، وإعطائه المكانة التي يستحقها في المجتمع، وخص بالذكر تجاهل الوزارة الوصية لمطالب الصيادلة والمجلس، وتماطلها في إصدار مجموعة من النصوص التنظيمية، خاصة أن المهنة تعرف تقادما للنصوص، القانون المتعلق بالمواد السامة (الذي صدر سنة 1922 في فترة الحماية)، القانون 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة الذي صدر سنة 2006، والذي أصبح بدوره متجاوزا، والقانون المتعلق بإحداث هيئة للصيادلة الصادر سنة 1976، الذي لم يعد متناغما مع الإصلاحات الدستورية لسنة 2011 ، وضد مبادئ الحكامة الجيدة، هذه العوائق التي اعتبرها من أكبر الإكراهات التي يعرفها القطاع.
وشدّد العسري، وهو نائب لرئيس فيدرالية نقابات الصيادلة، على أن مهنيي القطاع يطالبون بإصدار دستور الأدوية المرجعي، متسائلين عن السر الكامن في استمرار تجميده، بالنظر إلى أن خطوة مماثلة هي بسيطة وسهلة، لكونها مسطرية وإدارية فقط، على اعتبار أن أصعب مرحلة والتي تخصّ الاختيار قد تم تجاوزها بنجاح، مشيرا إلى أن اللجنة الوطنية لاختيار دستور الأدوية قامت بمجهود جيد في هذا الصدد، لهذا بات جميع شرفاء القطاع يستفسرون عن الجهة التي تفرمل نشره، وتعيق هذه الخطوة الإدارية المسطرية.
وأكّد الدكتور العسري، أن النهوض بقطاع الصيدلة ومنحه الإشعاع الذي يستحقه يتطلب إعمال جهوية المجالس التي هي المدخل الأساسي لأي إصلاح، مطالبا من جميع المتدخلين العمل على تسريع إصدار مشروع قانون في هذا الصدد يعطي صلاحيات مهمة للمجالس لتنظيم القطاع مع أدوات الحكامة الجيدة، مستنكرا في نفس الوقت ما تشهده المهنة من تقزيم لدور المجالس والعمل على إحباط المشرفين عليها ومن خلالهم الصيادلة الشرفاء، من خلال عدم نشر الأحكام من قبل الأمانة العامة للحكومة والتماطل في القيام بذلك، مشددا على أنه من غير المعقول أن تعقد مجالس تأديبية طبقا للمساطر القانونية وتصدر في حق المخالفين للقانون أحكام فلا تنشر ولا تنفذ، واصفا ذلك بكونه يعتبر رسالة سلبية تشجع المخالفين للقانون على التمادي في خرقهم له مما يهدد صحة المواطنين.
وعبر الدكتور العسري عن ألمه الكبير وأسفه الشديد لوضعية الاحتقان والغليان التي يعيشها الصيادلة بسبب الاختلالات الاقتصادية التي تعرفها الصيدليات بسبب ضعف التغطية الصحية للمواطنين وتعطل المسالك القانونية لصرف الأدوية مما أثر سلبا على الظروف الاقتصادية والاجتماعية للصيدلي وأصبحت تحط من كرامته وتهدد حرمة المهنة وشرفها .
واختتم العسري تصريحه بالتأكيد على أن المجالس يمكن لها أن تلعب دورا أكثر فاعلية في المجتمع، سواء في تطوير عمل الصيدلاني، سواء في مجال تأطير التكوين المستمر للصيدلي وتطوير كفاءاته وقدراته لكي يستجيب لاحتياجات المواطنين وفق تحديات بلدنا في مجال الصحة، وتحسين جودة عمل الصيدلاني، إضافة إلى اكتشاف خدمات جديدة يستفيد منها المواطن المغربي على غرار دول أخرى، والاستعمال المعقلن للدواء، وكذا الاحتراز الدوائي ، التي اعتبرها أدوارا يمكن أن يقوم بها الصيدلي المغربي إذا ما تم تطوير الترسانة القانونية ومنح قوة أكبر للمجالس من خلال تنفيذ الأحكام التي تصدرها المجالس التأديبية.
الدكتور حمزة اكديرة، رئيس المجلس الوطني للصيادلة : رغم دوره الريادي صحيا، اقتصاديا واجتماعيا
القطاع الصيدلي يتخبّط في دوامة من المشاكل التي تحدّ من آفاق تطوره
بعد سنوات على تفعيل قرار تخفيض أسعار الأدوية، ما هي آثار هذه الخطوة؟
أولا أريد التذكير بحدث رئيسي كان له أثره في مسار الدواء في المغرب، والذي يعود إلى زمن حكومة التناوب، والمتمثل في إقرار التغطية الصحية الإجبارية الذي كان قرارا سياسيا مهما، وتلته خطوات مهمة في مجال الصناعة الدوائية في المغرب التي عرفت تطورا وقفزة مهمة، بحيث أصبحنا نصنّع داخليا حوالي 80 في المئة من حاجياتنا من الدواء، وبالتالي كنا نسير في خط تصاعدي نحو المستقبل خلافا للوضع اليوم، إذ صرنا نعيش حالة من النكوص، بسبب قرار تخفيض أسعار الأدوية الذي اتخذ في 2014 والذي كان هو أيضا قرارا سياسيا لكن بتعبات سلبية، علما أن ثمن الدواء في المغرب كان دائما بين يدي وزارة الصحة انطلاقا من مرسوم 1969.
قرار تخفيض الأدوية الذي كان يسعى لتلميع صورة هيئة أو هيئات سياسية، انخرطنا فيه بكل إيجابية وبعيدا عن أي تحفظ، وبالتالي أبان الصيادلة عن موقف مواطناتي، وصاحبوا هذه الخطوة التي تطلبت سنتين من المفاوضات، في انتظار تفعيل الإجراءات المصاحبة والمواكبة التي تم الالتزام بها، بالنظر إلى أننا كنا نعي بأن خطوة من هذا القبيل ستكون لها انعكاساتها على المهنة والمهنيين، وهو ماوصلنا إليه اليوم في ظل التنصل من تنفيذ كل التزام سابق من طرف الإدارة.
إن القطاع الصيدلاني بشكل عام اليوم هو أمام تحديات كبيرة وكثيرة، من بينها أن المختبرات مطالبة بأن تواكب الاستراتيجية الملكية بإفريقيا لحاجتنا لإخوتنا وحاجتهم إلينا، مع ضرورة الاهتمام بمكوّن التوزيع من الصيدلانيين الذي هو ربح كبير للدولة والذي يضمن وصول الدواء وتوزيعه وطنيا، على اعتبار أن 12 ألف صيدلية موزعة على الصعيد الوطني، هي فضاءات تقدم خدمات متعددة للمواطنين، يتم ولوجها بالرغم من كل الإكراهات، إذ يقدر المترددون عليها بمليون و 200 ألف مواطن يوميا.
هذا الدور الريادي صحيا، اقتصاديا واجتماعيا، لاينسجم والوضعية الحالية التي يعشها قطاع الصيدلة والتي تعرف وجود 3 آلاف صيدلاني في وضعية إفلاس شاملة، والتي من بين أسبابها الرئيسية أن سوق الدواء هو محدد على مستوى الاستهلاك بمعدل 400 درهم للمواطن في السنة، تنضاف إليها الوضعية الخجولة للتغطية الصحية التي تتراوح ما بين 54 و 56 في المئة، إضافة إلى وضعية المنخرطين في نظام المساعدة الطبية «راميد» الذين يبلغ عددهم 9 ملايين مواطن، يعانون من الهشاشة والعوز الاجتماعي، هذا النظام الذي وجب اليوم إعادة النظر فيه وبشكل مستعجل، وبالتالي نكون أمام قطاع صيدلاني محدود الآفاق.
نبهتم غير ما مرة إلى أن المؤشرات الاقتصادية تدل على أن سنوات الصيدلة المقبلة ستكون عجافا، كيف ذلك؟
إنها الوضعية الفعلية لما يعيشه قطاع الصيدلة اليوم، ولما سيكون عليه في السنوات المقبلة، بناء على الأرقام التي تقدمها مؤسسات دولية لها مصداقيتها ومكانتها على المستوى الدولي، كما هو الحال بالنسبة لـ IMS، التي تشير إلى أنه انطلاقا من هذه السنة وإلى غاية سنة 2021 لن يتجاوز نمو السوق الدوائية المغربية في كل سنة 2 في المئة، مقارنة بدول مماثلة للوضع بالمغرب، كما هو الحال بالنسبة لمصر، الجزائر، تونس والأردن التي ستحقق نموا يتراوح مابين 7 و 11 في المئة، وبالتالي فنحن أمام آفاق غير وردية بتاتا.
سبق وأن وقعتم على اتفاقية الثالث المؤدى التي منحت نفسا دوائيا للمرضى لكنكم اليوم تنتقدونها، ما هو تعليلكم؟
بالفعل، كما سبق وأن أشرت، فإن الصيادلة انخرطوا انطلاقا من بعد مواطناتي في كل الأوراش التي تمكن المواطنين من الولوج للدواء، ومن ضمنها التوقيع على الاتفاقية التي تخص الثالث المؤدى لصالح الأدوية الباهظة الثمن، حتى تكون في متناول المرضى، وكنا نترقب أن يتم تطويرها، لكن النظام المعتمد بالكيفية التي يشتغل بها بيّن عدم نجاعته وأبرز العديد من الاختلالات والنقائص، التي نرى بأن تجاوزها يكمن في اعتماد الرقمنة.
ماهي أبرز العوائق التي تعترض قطاع الصيدلة؟
هي جملة من العوائق المتعددة، في مقدمتها ماهو مرتبط بالجانب التشريعي، فنحن نشتغل اليوم في 2017 بقوانين تعود إلى 1922، كما أن ظهير 1976 الذي يخص المجالس بات متجاوزا، وفي هذا الصدد عملنا على تحسيس الأمانة العامة للحكومة ووزارة الصحة بأهمية إطلاق لقاءات تشاورية جديدة بهدف إخراج مشروع القانون الذي اشتغلنا عليه جميعا إلى حيز الوجود، والذي من بين مفاتيحه الأساسية الجهوية، إضافة إلى أن مدونة الأدوية والصيدلة 17.04 هي أيضا يجب إعادة النظر في عدد من تدابيرها كما هو الشأن بالنسبة لحق الاستبدال وغيرها.
إكراهات تتعدد أوجهها، ولا تقف عند حدود تخفيض أسعار الدواء، الذي نجدد التأكيد على أننا مع خطوته، لكن بمقاربة شمولية لا تستثني طرفا، ومن بينها استعادة حق الامتياز، وهو مايتطلب العمل على نشر دستور الأدوية المرجعي المجمّد، ومحاربة الظواهر الشائنة بتفعيل القانون كي يصرف الدواء داخل الصيدليات وضمنه المستلزمات الطبية، والأدوية البيطرية، وغيرها، في الوقت الذي نجد فيه أن الدواء بات في متناول بعض الجمعيات التي تتاجر فيه، التي وجب مواجهتها، فضلا عن ممارسات غير مسؤولة لبعض مهنيي الصحة بخصوص اللقاحات وغيرها، وأن يكون للصيدلي حق الاستبدال، مع مايعني ذلك من تشجيع على صرف الدواء الجنيس.
ماهي أبرز الاقتراحات التي تقدمونها للنهوض بهذا القطاع؟
نتيجة للنهج البطيء الذي تعتمده وزارة الصحة في التعامل مع ملف الصيادلة توجهنا إلى رئيس الحكومة الذي استقبلنا وبسطنا على طاولته ملف القطاع الصيدلاني وإشكالاته، مع تقديمنا للمقترحات التي نرى بأنها يمكن أن تمنح القطاع نفسا جديدا، كما هو الشأن بالنسبة للشق الضريبي، إذ طالبنا بأن يتضمن قانون المالية لسنة 2018 بعض التدابير التي ستسمح بمنح جرعة أوكسجين للمهنة، كما هو الحال بالنسبة لخطوة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة التي تخص الدواء، وفي هذا الصدد تجب الإشارة إلى أن الأدوية الباهظة التي يتجاوز ثمنها الألف درهم، في إطار اتفاقية الثالث المؤدى، فإن هامش الربح يؤدى في بعض الحالات كله للضريبة خاصة بالنسبة للأدوية ذات الكلفة المرتفعة جدا.
والتمسنا تقديم تحفيزات مادية للصيادلة الذي يفوق سنهم 65 سنة، الذين يرغبون في التقاعد بعد بيعهم لصيدلياتهم، وأن تكون هناك إعفاءات ضريبية بالنسبة للصيادلة الذين يبيعون صيدلياتهم من أجل استثمار المبلغ في القطاع، إلى جانب منح متنفس على مستوى السعر بالنسبة للأدوية التي يقل ثمنها عن 23 درهما وغير مدرجة ضمن لوائح الأدوية المعوض عنها، والتي نتيجة لذلك تنقطع من السوق ويحرم المرضى منها.
إلى جانب ذلك فقد دعونا للتفكير في مصير 15 ألف طالب هم مشاريع صيادلة يجب الإعداد لمستقبلهم بشكل قبلي، علما أننا فتحنا كمجلس ملف الصيادلة المساعدين داخل الصيدليات الذي سيمكن من فتح آفاق جديدة، وطالبنا بأن يتم توظيف الصيادلة بعدد من الإدارات والمؤسسات، كالجمارك والجماعات وغيرها، لمواجهة تهريب الأدوية من جهة، ولأن كل الفضاءات التي يحضر فيها الدواء يجب بالضرورة أن يكون فيها صيدلاني.
لقد كان اللقاء برئيس الحكومة إيجابيا وننتظر منه تفعيل الاقتراحات التي تقدمنا بها، ومن بينها كذلك، تشكيل لجنة مكونة من القطاعات الوزارية التي لها علاقة بقطاع الصيدلة والأدوية إلى جانب المجلس الوطني والفيدرالية، من أجل العمل على إعداد نظرة جديدة عن القطاع تسمح بإعادة تأهيله.
كيف هو اليوم وضع المجالس الممثلة للصيادلة؟
لقد تحملنا المسؤولية بعد فراغ دام لمدة 10 سنوات، فتح المجال لكل أشكال الفوضى، ووجدنا وضعا مؤلما وليس فقط مؤسفا، خلّفه صيادلة كانوا يسيرون قبلنا، أساؤوا للمهنة على مختلف الأصعدة، ماديا ومعنويا، إذ تم صرف أموال الصيادلة بشكل غير قانوني، وقد عملنا ومازلنا على بناء علاقات جديدة مع كل الأطراف المتدخلة في قطاع الصيدلة، تكون مبنية على الشراكة والمسؤولية.
نحن في المجلس الوطني للصيادلة نشتغل يدا في يد مع فيدرالية نقابات الصيادلة بالمغرب، التي تضم 58 نقابة مهنية محلية، وتمثل كل الصيادلة، ونسعى ما أمكن لنفرض جوا من التخلق على مستوى الممارسة المهنية، وقد عقدنا مجالس تأديبية كخطوة تلت ماقمنا به من عمل بيداغوجي مع كل الأطراف، وأصدرنا قرارات للأسف عدد كبير منها لا يزال مجمّدا عند الأمانة العامة للحكومة، علما بأن نشرها هو كفيل بوضع حد لجملة من الاختلالات، والقطع مع ممارسات غير قانونية تضر بالصيادلة الذين يحترمون القانون، وبالتالي وجب تفعيلها ضمانا لعدم سيادة الفوضى وتزكيتها. خطوات من المؤكد أنها لن تروق للبعض لكننا نناشد من لا يتقاسمون معنا وجهة نظرنا، للتحلي بالمسؤولية، والابتعاد عن أساليب شائنة مسيئة لهم، كاعتماد السب والقذف واختلاق الأكاذيب وترويجها، لأن ممارسات من هذا القبيل لا تخدم المهنة ولا المعلومة التي تُمنح للمواطن.
وختاما أود التأكيد على أنه منذ تحملنا للمسؤولية على رأس المجلس الوطني الجديد عملنا على أن يعود للمغرب دوره الريادي على المستوى الدولي، الإفريقي، العربي والمغاربي، وفي هذا الصدد أود الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية، تتمثل في حضورنا في ماي المنصرم في فعاليات لقاء هام حضره حوالي 3 آلاف مشارك، رفع خلاله الأشقاء الجزائريون ورقة إحداث الوكالة الإفريقية للأدوية التي هي هيئة لها طابع استراتيجي ستسهل ولوج الأدوية التي تخص الدول المصنعة بالقارة الإفريقية إلى كل دول قارتنا، وعليه فإني أحث الحكومة المغربية للسهر على خلق الوكالة الوطنية للأدوية في المغرب، حتى تقوم بدورها على مستوى الوكالة الإفريقية، الأمر الذي يمكن أن يقوّي ويتماشى مع الاستراتيجية الملكية في إفريقيا.
بلاغ السكرتارية الوطنية لقطاع الصيادلة الاتحاديين
عقدت السكرتارية الوطنية لقطاع الصيادلة الاتحاديين صبيحة يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 اجتماعا لتدارس القضايا المهنية ومستجدات الملفات الراهنة، بحضور الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأخ إدريس لشكر، الذي عبر عن دعمه لقضايا الصيادلة، إيمانا بالدور الاجتماعي والاقتصادي والعلمي الذي تلعبه هذه الفئة في تحقيق الاستقرار، منوها لوجود ضمن صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قوة اقتراحية تسعى جاهدة لتصحيح رؤية السياسة الدوائية لدى المسؤولين، وحرصها على جعل المهنة قاطرة للتنمية.
خلال هذا الاجتماع نوه الدكتور هشام العلمي في كلمته الافتتاحية بالانسجام الذي يطبع طريقة العمل المشترك والتنسيق الوطيد بين ممثلي الهيئات المهنية والفدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب والنقابات، الذي نسعى إلى الحفاظ عليه والارتقاء به إلى مستوى المنطق التشاركي، بهدف تحصين وحماية المهنة، وتطويرها لما فيه مصلحة المواطن كما أنها تروم لاسترجاع كرامة الصيدلي وتوفير الظروف المواتية لكي يبدع المهني في اختصاصه ويسهم في رقي الصحة ببلدنا، معلقا على إخفاق وزارة الصحة في رؤيتها التي كانت عكس ما كانت تتوقعه، بعد إصدار قرار تخفيض أسعار الأدوية، بهدف تسهيل ولوجية المواطنين إلى الأدوية، بحيث أن استراتيجيتها لم تصب هدفها لأن قيمة الوصفة ليست إلا جزءا صغيرا من كلفة العلاج، زجت بالقطاع في أزمة خانقة تزيد وضعيته تعقيدا، لاعتبارات لا يمكن جزمها في بعد واحد، والتي تصل في بعض الحالات إلى درجة التقاضي والإغلاق والإفلاس التي يعتبر جزءا من السياسة الممنهجة من الدوائر المسؤولة التي لا تعير أدنى اهتمام لمثل هذه القطاعات الحيوية، في حين أن إصلاحات جوهرية عميقة لا تحتاج إلا للجرأة السياسية والتحلي بالمسؤولية عند اتخاذ القرار، مما جعل المهنة تواجه لوحدها مستقبلا مجهولا يزيد غموضا أمام مسألة اختفاء أدوية من حين لآخر وفقدانها بالصيدليات دون أي تحرك يذكر من مختلف الجهات، سواء الحكومية، رغم أهميتها وضرورتها بالنسبة للمريض الذي يكون بغيابها مخيرا بين الحياة والموت أو الاستعانة بالأدوية المهربة رغم خطورتها، وتدخل المهنة والقطاع في غيبوبة ستؤثر بلا محال على كل الفاعلين المرتبطين بالمجال الصحي أو الدوائي.
ومن أجل إخراج المهنة من هذا المستنقع والنهوض بأوضاع المهنيين، شدد الصيادلة الاتحاديون على:
• اعتماد جهوية المجالس انسجاما مع خطابات جلالة الملك، على أساس أنه يستحيل الاشتغال بمجلسي الشمال والجنوب لوحدهما، خاصة وأن عدد الصيادلة في القطاع الخاص يصل إلى 12 ألف صيدلي.
• إخراج دستور الأدوية كمدخل أساسي لضمان جودة وسلامة الأدوية وركيزة ضرورية للسياسة الدوائية.
• وضع لائحة محصورة للأدوية التي يجب أن تصرف في المصحات مع تجريم كل من انتحل مهمة صيدلي المشار إليه في المادة 30 من القانون.
• تفعيل توصيات المنظمة العالمية للصحة، بخصوص صيدلية لكل 5000 نسمة مع الاحتفاظ بمكتسب قياس المسافة بين الصيدليات المعتمد حاليا.
• إشراك المهنيين في اتخاذ القرارات في أي تعديد أو تحيين في القوانين المقترحة من لدن الإدارة، مع المطالبة باستقلالية مهنة الصيدلة من حيث المزاولة.
• تمكين الصيدلي من «حق التبديل».
• رفض أن يتحمل الصيدلاني وحده سياسة خفض ثمن الدواء بدون أي إجراءات مواكبة.
• بمراجعة النظام الجبائي المطبق على أنشطة الصيدلي، خصوصا الجانب منه المرتبط ب T3, T4, واعتماد مقترحات تعديلات الهيئة الوطنية للصيادلة المغرب بالقانون المالي لسنة 2018.