نجوم الفن السابع وتعاطي الكوكايين .. الإدمان أم براعة التشخيص

– هل هي مجرد أدوار سينمائية يؤديها ممثلون بارعون في مشاهد على درجة عالية من الإتقان والجاذبية؟ أم أنها حالات حقيقية للإدمان ترتبط بمهنة لا تستقيم إلا عبر تعاطي هذا المخدر الذي يرفع درجة التركيز والتفاعل مع الأدوار إلى أبعد الحدود؟
– تعتبر مشاهد تعاطي جميع أنواع المخدرات في معظم الأفلام السينمائية بما فيها الكوكايين الأبيض من الحالات غير المقبول عرضها وتعميمها أدبيا وأخلاقيا لا سيما للمشاهدين الأكثر تأثرا، وعلى السينما كأداة للمتعة والتربية والتلقي الفني والجمالي الامتناع عن إشهارها وتقديم بدائل عبر خلق صيغ فنية وإبداعية يسعف الخيال، لا نشك أن للسينما قدرة تفوق الخيال في إبداعها.
لكن هذه المشاهد المنافية للقيم الأخلاقية التي هي من بين الأهداف الرئيسية للسينما جماليا، وذلك على مستوى تهذيب الذوق، لابد ان تطرح أسئلة صعبة الارتياد بشكلها الواقعي وترسخه كإشكالية مريبة بشكل يبعثر القيم الأدبية والأخلاقية والجمالية للمتلقي وبدرجة عالية من الارتباك يصعب تمثله.
وإذا ما اعتبرنا إدماج الفرد في محيطه السوسيو ثقافي في أفق استثماره إيجابيا ضمن النسيج المجتمعي من الأهداف الرئيسية للتربية والتكوين، فإن تعبيد الطريق أمام السينما للقيام بمثل هذه الأدوار، باعتبارها أداة واسعة الخيال لفتح آفاق أكثر رحابة، أمام العقل كقوة فائقة الابداع ورافعة للسمو بالأخلاق والقيم هو ما تطمح السينما إليه.
من هذا المنطلق، يمكن اعتبار إبراز مشاهد تعاطي المخدرات في سينما الأكشن، والرهان عليها لاستقطاب المشاهدين، ورفع حجم التذاكر اليوم من بين أولويات صناعة السينما في العالم. الأمر الذي جعل أمريكا والمكسيك تتصدران قائمة الدول الأكثر استهلاكا للمخدرات في العالم. وفق أحدث بيانات التقرير العالمي للمخدرات لسنة 2020، تليهما تايلاند والمملكة العربية السعودية”الرابعة عالميا”، ثم المملكة المتحدة وتركيا، فيما تحتل غواتيمالا المرتبة السابعة عالميا، في حين تأتي إندونيسيا وإيران بعدها ثم مصر، التي تحتل المرتبة العاشرة عالميا، تليها الفلبين وهولندا، ثم باكستان وكندا وإسبانيا وفق ذات التقرير..
واحتل المغرب المرتبة رقم 24 عالميا، يليه سيريلانكا وتنزانيا، بينما تعد بيرو وكوستريكا دولا لم تسجل أي استهلاك للمخدرات، وفقا للتقديرات العالمية، التي أوردها تقرير الأمم المتحدة. ولفت التقرير إلى أن عدد مستهلكي القنب فقط عام 2018 يقدر بنحو 192 مليون شخص على مستوى العالم، مشيرا إلى أن المواد الأفيونية هي أخطر أنواع المخدرات التي يساء استخدامها”
وتعتبر كندا ثاني دولة في العالم بعد الأروغواي تقنن استخدام الماريجوانا لأغراض ترفيهية وليس طبية. وبات شراؤه مرخصا وخارج منطق التجريم، بل أكثر من ذلك، فإن طلب المخدر على الإنترنت أصبح متاحا وبشروط مقننة. وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو سبق وأن وعد إبان حملته الانتخابية بأن رفع التجريم عن استهلاك وبيع الحشيش من شأنه، أن يسحب الأرباح الخرافية من أيدي بارونات و مهربي المخدرات. ولكن بنفس الوقت، يخشى المتتبعون من تصاعد حوادث السير المميتة على الطرقات بسبب التعاطي الحر للمخدر.
في السينما العربية، تبرز الظاهرة لكنها أقل حدة، لأسباب قانونية تتعلق بتجريم تعاطي كافة أنواع المخدرات رغم كثير من التحفظات في الآلية والتنزيل. وغالبا ما تسند مثل هذه الأدوار لممثلين مغمورين في أدوار ثانوية ..
ويتعاطى أشهر نجوم السينما العالمية للمخدرات، كأحد مظاهر الارتياح والثقة في النفس والتركيز الشديد على تقمص الدور المسند إليهم. ولا يرون في ذلك جريمة أو انتهاكا أو خرقا لمبدإ ما، فهم فيتناولون كافة أصناف المخدرات أمام عيون ملايين المشاهدين عبر العالم. فأطباق الماريخوانا، الأفيون، القنب الهندي، أو الكوكايين يتم تقديمها كديكور أساسي يؤثث الفيلم ويسمه بالواقعية والموضوعية في آن.
ورغم أن حبكة الفيلم السيناريو في الغالب تنتصر في النهاية لدولة الحق والقانون وتعمل كل ما في وسعها للإطاحة بالشبكات المروجة للمادة المخدرة، وتتغيا قطع دابر الآفة عبر اليد الطولى للقانون الصارم الذي لا يرحم، إلا أن ارتشاء بعض عناصر الدولة ورضوخها لإغراء الشبكات المافيوزية يعقد من صعوبة المهمة. ما يجعل الدولة في حالة استنفار قصوى لمواجهة كافة الاحتمالات. فتغامربكل ما لديها من ترسانة عسكرية وعتاد تكنولوجي لهزم كارتيلات المخدرات وقطع رؤوس زعاماتها التي تنشط حركيتها بشكل يهدد الأمن القومي، لا سيما حين يضعف بعض رجال القانون أمام سلطة إغراء الشبكات التي تغدق الملايين على عملائها من اجهزة السلطة في افق الاستيلاء على أضخم التجمعات الاقتصادية في العالم. لكنها تنجح في الغالب في هذه المهمة انتصارا لدولة الحق والقانون بالقضاء على الشبكة أو اعتقال قادتها وتأبيدهم.
عندما ترى مشهدا سينمائيا تظهر فيه بطلة الفيلم وهي تفرز سطرا من الغبار الأبيض على شكل كتبان مستقيمة فوق طاولة من الزجاج. ثم تشرع في استنشاقه عبر قناة منذورة لذلك، فتركز الكاميرا على السم الأبيض يتسرب إلى الخياشيم ومنها الى سحايا الذاكرة محدثا صوت يشبه فحيح أفعى، يبدو لك أن لا خيار أمامك سوى أن تطرح ذكاء السينما جانبا، وتصدق في ذهول، أن المشهد حقيقي سينمائيا، كما هو حقيقي في أحداث المسحة الهوائية المطلوب حضورها على مستوى تقمص الدور وإتقانه.
هنا يبرز السؤال المركزي كالشمس في كبد السماء. وهذه المشاهد .. هل هي عملية تعاطي وإدمان حقيقية أم براعة المخرج ؟ هذا المبدع الواقف خلف الكاميرا الذي جعل المتلقي يعيش الحدث خيالا، كما لو أنه في الواقع. لا شك أن المتلقي سيعتقد فيما يشبه اليقين أن السينما قادرة على الإدهاش حقا. فالأمر لا يعدو أن يكون مشهدا سينمائيا مدهشا على خلفية براعة الممثل وذكاء المخرج ودهشة السينما .
في موضوع ذي صلة، كشف ‬المخرج ‬الهندي ‬اندراجيت ‬لانكيش ‬عن ‬أسماء ‬تسعة ‬من ‬العاملين ‬في ‬صناعة ‬السينما الهندية متورطون ‬في ‬تعاطي ‬المخدرات، ‬وفق ما ذهبت إليه وكالة” أ ف ب ” من نيودلهي. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬وجاء في مقال بجريدة الزمان أن المخرج الهندي ‬الشهير مثل أمام ‬فرع ‬الجريمة ‬المركزي ‬في ‬مقر ‬الشرطة ‬الهندية، ‬وسجل ‬أقواله بهذا الخصوص.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ ويعتبر الكثير من المتتبعين للسينما الهندية أن هذه الخرجة الإعلامية لأحد الأسماء البارزة في الحقل السينمائي الهندي جاءت في أعقاب ‬اعتقال ‬الممثلة ‬التلفزيونية ” ‬أنيكا ‬دي ” ‬و شخصين آخرين ‬بتهمة ‬تعاطي ‬المخدرات، ‬ويقول ‬المخرج ‬إنه ‬متمسك ‬بأقواله، ‬وطالب ‬مسؤولي ‬الشرطة ‬وأجهزة ‬البحث ‬الجنائي ‬بالتحقيق ‬تفصيلًا.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ وبحسب وثيقة رسمية لوكالة فرانس برس فإن ‬لانكيش ‬ ذكر أسماء ‬تسعة ‬ممثلين ‬وست ‬ممثلات ‬والعديد ‬من ‬الأشخاص ‬الآخرين ‬الذين ‬يُزعم ‬تورطهم ‬في ‬تعاطي ‬المخدرات.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ وأفادت ‬التقارير ‬أن ‬الشرطة ‬قد ‬قدرت ‬رغبة ‬المخرج ‬بالمثول ‬أمام ‬الجهاز ‬الأمني، ‬كما ‬وجه ‬اتهامات ‬ضد ‬ممثلين ‬وممثلات ‬من ‬الصف ‬الثالث ‬بسبب ‬هذه ‬الأوضاع المتردية.
جدير ‬بالذكر ‬أنه ‬في ‬الأشهر ‬الثمانية ‬الماضية، ‬سجلت ‬شرطة ‬مدينة ‬بنغالورو ‬735 ‬حالة ‬تتعلق ‬بتجارة ‬المخدرات ‬لعاملين ‬بالوسط ‬الفني ‬في بوليوود».‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 15/09/2020