عرفت مدينة أولاد تايمة ندوة متميزة نظمها أساتذة مادة الفلسفة بالثانوية التأهيلية عبد الله الشفشاوني، بتعاون مع إدارة المؤسسة وجمعية آباء وأمهات التلاميذ، ومساهمة المجلس الجماعي للمدينة، في موضوع «الفلسفة واليومي»، وذلك يوم الجمعة 20 أبريل 2018 بالقاعة المتعددة الاختصاصات بالثانوية. وقد عرفت الندوة حضورا متميزا، حيث غصت القاعة بأساتذة باحثين وتلاميذ الثانوية ذكورا وإناثا.
وجاءت كلمات كل من السيد ممثل الإدارة التربوية، وممثل جمعية اباء وأمهات التلاميذ، والسيد منسق الندوة، منوهة بمدى أهمية الأنشطة الثقافية والتربوية الهادفة، ودورها في تنمية الحس النقدي للمتعلمين والمتعلمات. وتميزت الأمسية بثلاث مداخلات رئيسية، تمحورت الأولى حول موضوع «ماهية الفلسفة كتفكير نقدي» ألقاها الدكتور محمد الأشهب أستاذ الفلسفة بجامعة ابن زهر بأكادير، الذي انطلق من كون موضوع الفلسفة قضية شمولية، وخيارا مجتمعيا لا محيد عنه. كما أشار صاحب كتاب « أخلاقيات المناقشة» إلى أن الاهتمام الفلسفي اليوم يهم قضايا معاصرة وراهنية بالأساس من قبيل فلسفة البيئة، النقد وحقوق الإنسان. واختتم الدكتور مداخلته القيمة بالتأكيد على أننا نحتاج إلى ما يخلق المعنى في عالم يعج بكل أشكال التمثلات السلبية والجاهزة التي أصبحت تغزو حياة الإنسان في ظل عالم متسارع بفضل هيمنة التكنولوجيات الحديثة.
أما المداخلة الثانية، فقد تناول فيها المؤطر التربوي لمادة الفلسفة بالمديرية الإقليمية بتارودانت سمير عبلة، موضوع « الفلسفة في مواجهة التفاهة»، منطلقا من فكرة مفادها أن مهمة الفلسفة تتمثل في فهم العالم، ومقاومة تفاهة الحياة اليومية ولما هو سائد ومألوف.
ومن وجهة نظر ديداكتيكية وبيداغوجية، أشار الباحث في «سوسيولوجيا الفقر والهشاشة»، إلى أن هدف درس الفلسفة بالمدرسة المغربية هو تعليم التلاميذ قدرات تساعدهم على التفكير الفلسفي، كالأشكلة والمفهمة، والمحاججة، فضلا عن كونه درسا في التربية على القيم. وفي ختام مداخلته الوجيهة أشار سمير عبلة إلى أن البلاهة بما تحمله من كل أشكال التفاهة واللاتفكير هي الخصم العنيد للفلسفة في وقتنا الراهن. ولهذا تكمن وظيفة الفلسفة، بما هي إبداع وإنتاج للمعنى، في مقاومة مأزق المألوف والمتداول، ومحاربة العنف، بحسب تعبير الفيلسوف اريك فايل.
وفي المداخلة الثالثة، ارتأى الباحث وأستاذ مادة الفلسفة بالثانوي التأهيلي سعيد الشرقاوي أن يتحدث عن «واقع الفلسفة بالمغرب» واصفا إياه بالمعطوب بالنظر إلى عدة إكراهات، سياسية تمثلت في غياب مناخ ديموقراطي يسمح بانتعاش الفكر الحر، واجتماعية ثقافية، ترجع للبنية «المركبة» للمجتمع المغربي. وأخيرا تربوية تعليمية أنتجت بنية معطوبة لم يسلم منها الدرس الفلسفي نفسه، بمقرراته ومضامينه التي أفرغت من محتواها المعرفي والنقدي.وختم الأستاذ مداخلته بالدعوة إلى المصالحة بين الفلسفة والحياة اليومية للإنسان، وذلك عبر ترسيخ ما سماه ب» الحق في الفلسفة»، داعيا مدرسي الفلسفة للسعي وراء توليد المعنى والحفاظ على هوية الفلسفة وتحقيق الإبداع في الدرس الفلسفي.
بعد ذلك، فتح باب المداخلات الذي شهد مشاركة العديد من تلاميذ الثانوية بأسئلتهم وإضافاتهم التي أضفت رونقا على مضمون الندوة، وأزاحت الكثير من الغموض حول العديد من القضايا العالقة في أذهانهم.