نهضة الزمامرة… مشروع رياضي احترافي كبير يُبهر المتتبعين الرياضيين

يستعد نادي النهضة أتلتيك الزمامرة لكتابة فصل جديد من التميز الكروي، بعد أن بصم على موسم استثنائي بالبطولة الاحترافية القسم الأول، أنهى خلاله المنافسات في الرتبة السادسة، بعدما ظل طيلة أكثر من عشرين دورة يحافظ على المركز الثاني، مما جعله يُصنّف كأبرز ظواهر البطولة الوطنية خلال الموسم الماضي.
ما يجعل نهضة الزمامرة مختلفاً عن كثير من الأندية هو أنه ليس مجرد فريق ينافس على المستطيل الأخضر، بل هو حامل لمشروع رياضي احترافي متكامل، يقوم على رؤية واضحة واستثمار ذكي في البنية التحتية والتكوين، فالنادي يتوفر على مركز تكوين بمواصفات عالمية يضم ملاعب ذات عشب طبيعي واصطناعي، قاعات متطورة للتدليك وتقوية العضلات، قاعات للاجتماعات، وإدارة تنظيمية محكمة، كل من يزور هذا المركز لا يُخفي انبهاره بالمستوى العالي للتجهيزات والانضباط.
ولعل أبرز ما يميز النادي كونه أول فريق مغربي في تاريخ كرة القدم الوطنية يتوفر على فندق مصنّف خاص به، وهو ما يعزز من استقلاليته التنظيمية واللوجستيكية، كما يمتلك ملعباً جميلاً هو ملعب الشهيد أحمد شكري، الذي يُعد من أفضل الملاعب على المستوى الوطني. ملعب من الجيل الجديد، ويشكل مفخرة حقيقية لسكان منطقة دكالة.
الصورة القوية التي ظهر بها الفريق خلال الموسم المنصرم جعلت عدداً من نجومه محط أنظار أندية كبرى داخل المغرب وخارجه، وهو ما تُرجم إلى صفقات مهمة أنعشت خزينة النادي، فقد انتقل اللاعب كامارا إلى نادي بني ياس الإماراتي، ومصدق إلى نادي الزمالك المصري، فيما حمل وليد الصبار قميص الوداد البيضاوي، والتحق أمين عزري بنادي نهضة بركان، كما أن هناك حديث عن انتقال المهاجم بحرو إلى نادي طلائع الجيش المصري، والمدافع أجاكو إلى إحدى الدوريات الخليجية، كما أن المدرب أمين بنهاشم، الذي قاد الفريق بثبات وتألق، انتقل هو الآخر لتدريب الوداد الرياضي.
وراء نجاح الفريق الأول تقف قاعدة صلبة من العمل القاعدي، إذ يتوفر نادي نهضة الزمامرة على سبع فرق للفئات السنية تمارس ضمن البطولات الوطنية إلى جانب فريق الأمل، الذي يُنافس بالقسم الثاني هواة.
وتُعد مدرسة النادي نموذجاً في إشاعة الرياضة وسط الأطفال، إذ تضم 3500 طفل يتلقون التكوين مجاناً دون أي مقابل مادي، وهو ما يعكس فلسفة النادي في دمقرطة الممارسة الرياضية، ويشتغل بمركز التكوين ومدرسة النادي أطر بكفاءة عالية من فرنسا والسينغال والمغرب، مما يخلق مزيجاً غنياً ومتنوعاً في طرق التكوين.
ورغم قوة المشروع فإن الفريق لا يعتمد على ميزانية ضخمة، حيث لا تتعدى ميزانيته 20 مليون درهم، لكنه يُدبّر موارده بحكمة عالية، ولا يُسجل أي نزاع لدى لجنة النزاعات، ولا أمام محكمة «الطاس»، مما يؤكد نظافة سجله الإداري والمالي.
نهضة الزمامرة لا يُراهن فقط على النتائج الآنية، بل يبني مستقبله بتأنٍّ واحترافية، قوة الفريق ليست في الأسماء العابرة، بل في مركز التكوين، وفي البنية التحتية التي تجعله من بين الأندية الأكثر تنظيماً بالمملكة المغربية، إنه نموذج يستحق أن يُحتذى به، وفريق يواصل صناعة الملحمة موسماً بعد آخر بثبات وكثير من الطموح.


الكاتب :   مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 06/08/2025