هشاشة

 

لستُ أمزحُ
كانَ لديّ أكثر من سببٍ
لأشدّ الوادي إلى البخارِ الصّاعدِ
من رأْسي
وحولي إخوةٌ يجْرحون الغيْمَ
بما اسْتطاعوا من حبقٍ
لكنّي لم أفعلْ
تركتُهُ يجري بين العواصمِ، والشّعابِ
وحيداً، وخائفاً من إخْوتي
إلى الأبدِ
كان بمقْدوري
أن أغْمسَ القمرَ الأنيقَ
في كأسي
وأعيدَه مبلّلا، إلى رؤوسِ الأشجارِ
فيفرح المارّةُ بالمَطرِ القادمِ
في غير موعدِه
لكني لم أفعل
وتركْته يخبطُ
في ظلامِ الأقاصي
وحيداً، وخائفاً من كأْسي
إلى الأبدِ !

كان من الممكن جدّا
أن أجُرّ البرقَ من ضفيرته
إلى عزْلتي
وأجرحَ الظنونَ التي تأخذه
إلى أقصى المداخنِ
لكني لم أفعل
وتركتُه يحرثُ الفراغَ الفاصلَ
بين ريحٍ، وريحٍ
وحيدا، وخائفا من عزْلتي
إلى الأبدِ !

كان من الممكن جدّا
أن تكبرَ العتماتُ بين أسناني
ويعْلقَ العائدون من الحربِ
بسهْو السّبايا، وأول الرّعاف
وتسقطَ الأعْوامُ منهم، والذّكْرياتُ
كان بوسعي أن أدُلّ الضّالين منهمْ
على حافة البئرِ المسْنونةِ في كفي
غير أني نجّيتُهم من عرقِ الخيولِ
وألْسنةِ الغرْقى
وتركتُهم يرْتقونَ تمْتماتِ الجندِ
خيمةً، خيمةً
مرتبكينَ، وخائفينَ من عتَماتي
إلى الأبدِ !


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 19/02/2021