مع كل بطولة كبرى، يتحمس الجمهور لمتابعة المباريات في أجواء احتفالية تجمع بين الإثارة الرياضية وروح التشجيع الجماعي. لكن في بعض الأحيان، يتحول هذا الشغف إلى فخ للنصب والاحتيال، خاصة من قبل بعض أرباب المقاهي والفنادق الذين ينظمون حفلات لمتابعة نهائيات كأس إفريقيا، دون الالتزام بما وعدوا به الزبناء، رغم المبالغ الكبيرة التي يدفعها هؤلاء لمتابعة المباريات في ظروف مريحة وجميلة.
وهذا ما وقع بالضبط ليلة افتتاح كأس إفريقيا حيث توافد المئات من الزبائن إلى إحدى الوحدات الفندقية بالدار البيضاء (فندق أ.ب قرب شارع الجيش الملكي)، بعد وقوعهم تحت تأثير إشهار مقنع على وسائل التواصل الاجتماعي.
إحدى الزبونات، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، قالت:
«دفعت مبلغا كبيرا من أجل متابعة المباراة النهائية مع أفراد أسرتي في قاعة مريحة، (450 درهم لثلاثة أفراد) لكن ما وجدناه كان بعيدا كل البعد عن ما تم الإعلان عنه. لا خدمات طعام أو ماء كما وعدوا أو كما رأيناه في الإعلانات والإشهارات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي صورت واقعا مغايرا لما وجدنا أنفسنا في مواجهته، لقد وقعنا ضحية نصب جماعي. حتى الماء حرمنا منه بل إن المنظمين كانوا يقومون بإدخال الزبائن وأخذ المال منهم وهم يعرفون مسبقا أن لا مكان لهم ولا كراسي و لا طعام أو ماء فقط الجشع هو ما كان يدفعهم.»
وتضيف أن عددا كبيرا من الحاضرين وفدوا من مدن أخرى بعد حجز موائدهم عن بعد لكنهم لم يجدوا حتى الكراسي للجلوس مما حول حماسهم لمتابعة المباراة مع العائلة إلى تجربة سيئة وغير منتظرة، فقد كان المكان مكتظا وغير منظم، والخدمات غائبة.
وتقول أخرى : «دفعنا المال وكان ثمن التذكرة 149 درهما لكنهم أخذوا منا 150 درهما كاملة، أي أنهم استولوا على درهم فوق الحساب، دون أن يقدموا لنا مقابلا لهذا المبلغ». بعد اصطدامهم بهذا الواقع سيعم الإحباط وسط الزبائن لينتفضوا مطالبين مسؤولي الفندق بالتعويض أو الوفاء بما التزموا به في الإشهارات والإعلانات التي نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي لكنهم لم يجدوا أي مسؤول ليتواصلوا معه.» كل من كان يتواصل معنا ندل الفندق الذين زادوا من تأجيج الوضع بل إن واحدة منهم بخست من المبلغ المدفوع وقالت إنه لا يساوي شيئا فلماذا كل هذه الفوضى! ؟ « تضيف المتحدثة .
هذه الحالات تثير أكثر من سؤال حول من يمنح الترخيص لمثل هذه المبادرات، ومن يراقبها ويضمن حقوق الزبناء. فعلى الرغم من أن القانون المغربي ينص على حماية المستهلك ومكافحة الاحتيال، يبدو أن هناك فراغا في الرقابة العملية، خاصة عند تنظيم أنشطة مؤقتة مثل متابعة المباريات الرياضية الكبرى.
الجمهور الحاضر أو الزبناء تعرضوا لاستغلال واضح، داخلا هذه الوحدة الفندقية وتطورت الأوضاع إلى مشادات كلامية ومطالبات باسترجاع المبالغ المدفوعة لكنهم لم يجدوا مخاطبا أو مسؤولا سوى بعض المكلفين بالخدمة القلائل الذين عوض أن يمتصوا غضب الزبائن زادوا من منسوب الغضب إلى درجة أنهم عوض أن يوزعوا قارورات الماء بشكل لائق بعد الإلحاح الشديد من قبل الزبناء عمدوا إلى رميها في وجوههم وتوزيع بعض الحلويات و»البريوات» الباردة في مناديل ورقية على الحضور الغاضب، ورغم حضور رجال الأمن إلا أن المشكل لم يحل وكان الرابح الأكبر أصحاب الفندق الذين جنوا أكثر من ستة ملايين سنتيم في ليلة واحدة دون تقديم مقابل لها للزبائن الغاضبين الذين تم استغلال شغفهم بكرة القدم ورغبتهم في تجربة احتفالية مميزة وتشجيع منتخبهم الوطني في ظروف لائقة واحتفالية غير أن العكس هو الذي وقع .
هذه الممارسات لا تضر الزبناء فقط، بل تمس سمعة الفنادق والمقاهي التي تحرص على تقديم خدمات حقيقية، هذا الحادث لم يكن منفردا بل تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أن نفس المشكل وقع في أمكنة أخرى ما يجعل من الضروري إرساء آليات تنظيمية واضحة لهذه المبادرات، بما في ذلك ترخيص مسبق، شروط وضوابط للخدمات، وضمانات لحماية حقوق الزبناء.
العديد من المتضررين طالبوا بتدخل السلطات ومحاسبة المتلاعبين:
«نحن لسنا ضد الفرح والمتابعة الجماعية للمباريات، لكن نريد ضمانات، ووجود جهة تشرف على هذه الأنشطة حتى لا نكون ضحايا مرة أخرى.»
في النهاية، الجمهور المغربي الذي يعيش شغف كرة القدم، يحق له أن يحتفل بأمان، ويستمتع بالمباريات دون خوف من النصب أو الاحتيال. والرسالة واضحة: يجب أن يكون هناك تأطير قانوني وتنظيمي واضح لمثل هذه المبادرات، مع وضع آليات واضحة للتعويض ومحاسبة المخالفين، لضمان أن يبقى شغف الجماهير بالمباريات مصدرا للفرح وليس للأذى والاحتيال، وأن لا تخدش مثل هذه الممارسات صورة كأس ينظمها المغرب، لذا يجب تشديد المراقبة على تلك الفضاءات وإلزام أصحاب المقاهي والفنادق بما يروجون له من عروض، ومراقبة الأثمنة مع تفعيل آليات الزجر القانوني في حق كل من يثبت تورطه في النصب أو الإخلال بشروط الخدمة.
هل تتحول مباريات كأس إفريقيا إلى فخ للنصب في المقاهي والفنادق؟
الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 24/12/2025


