هل تعيد الانتخابات المهنية للمحاماة وقارها وجلالها ونبلها؟

 

خلال هذا الشهر، سيكون المحاميات والمحاميين على موعد مع تجديد هياكل المهنة، بانتخاب النقباء وأعضاء مجالس الهيئة على الصعيد الوطني، وعددها سبعة عشر هيئة (17 هيئة) من ما مجموعه تقريبا 17 ألف ممارس وممارسة من المنتسبين إلى أصحاب البذلة السوداء.
وسيكون على نقيب الهيئة للانتخاب المزمع إجراؤها في شهر دجنبر الحالي ، الحصول على أكثر من النصف للفوز بمنصب النقيب، وإذا تعذر ذلك، سيتم التوجه إلى الدور الثاني للتباري بين الأول والثاني للحسم في انتخاب النقيب.
وتعيش مهنة المحاماة اليوم، في صراع مع وزارة العدل حول العديد من الملفات الحارقة (الضريبة، امتحان الأهلية، الملف الإجتماعي، مشاريع قوانين تتعلق بالمهنة، والمسطرتان المدنية والجنائية، تدني شروط الممارسة المهنية …الخ ) والتي أدت إلى تنظيم وقفات احتجاجية عديدة داخل ردهات المحاكم ورفع شارات وتوقيف العمل بجميع محاكم المغرب، بسب تعنت وزارة العدل في طرح مشروع قانون المهنة في غياب تام لإشراك أصحاب المهنة .
كما أن المحاميات والمحاميين قد تم تغيبهم عن مناقشة العديد من المشاريع التي عرفتها بلادنا ، من بينها غيابهم عن مناقشة مشروع الدستور، ومشروع النموذج التنموي الجديد ومسودة قانون المهنة ومناقشة قانون مدونة الأسرة.
وللأسف، فإن ما تعيشه مهنة المحاماة اليوم، من واقع مرير من التراجعات والتقهقر واللاتوازن في مراكز العدالة، أدى بالعديد من أصحاب البذلة السوداء للتحسر على الماضي المجيد، ومحاولة الحلم بإعادة المهنة إلى وضعها الاعتباري وما ياميز به من جلال ووقار، كما كانت في السابق، والتاريخ الحديث يسجل للمحاميات والمحامين المغاربة الأدوار التي لعبوها في مسار حقوق الإنسان ببلادنا، كفاعلين في النسيج المدني من خلال مساهمتهم في تأسيس كل الفضاءات الحقوقية والمدنية للدفاع عن الحق والقانون.
فقد تعرضت اليوم صورة المحامين إلى الخدش من طرف وزير العدل، بإقصائهم وعدم إشراكهم في وضع مشاريع القوانين الجديدة، ومعاداته لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ذات التاريخ التليد بإغلاق باب الحوار، والتي راكمت تراثا حقوقيا ووطنيا زاخرا، وأنجبت طاقات وطنية وحقوقية شامخة وطنيا وعربيا ودوليا.
كما أن هناك مطلبا يخص التمثيلية النسائية في الاستحقاق الانتخابي (2023/2026) داخل مجالس الهيئات، بتفعيل المادة 19 من قانون المنظم للمهنة التي تتحدث عن المناصفة، حيث نجد تمثيلية نسائية باهتة لمنصب عضو المجلس، ومغيبة تماما من منصب النقيب على صعيد الهيئات 17. وكانت واقعة فريدة لسنة 1966/1968 بانتخاب ماجدولين لوكاس لمنصب نقيبة لهيئة المحامين بالمغرب.
وفي هذا السياق، كان إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد أكد، في المؤتمر الثاني للمحاميات والمحاميين بمراكش أن: «التحديات التي تواجه المحاماة في أداء رسالتها الإنسانية والحقوقية، تقتضي منا جميعا إجراء تقييم موضوعي، لواقعها من أجل استشراف آفاقها، يفرض الأخذ بعين الاعتبار أبعادها المهنية الحقوقية والسياسية، التي لا تنحصر فقط في الأدوار الإجرائية للمحامي، من قبيل المشورة والعمل داخل المكاتب والدواوين والمرافعة في المحاكم؛ بل يجب القيام بتقييم موضوعي ينبني على أدوارها العظيمة المرتبطة أساسا بإرساء أسس عدالة نزيهة ومستقلة؛ فضلا عن حمولتها السياسية لكونها تساهم بشكل أساسي في ترسيخ دعائم المجتمع الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان»
وأضاف: «مقبلون على انتخابات مهنية خلال شهر دجنبر، وهي انتخابات ستفرز مؤسسات مهنية جديدة، مؤسسات يفترض فيها أن تستحضر ما سبق أن أو جزته من تحديات تواجه المهنة حاضرا ومستقبلا، وتدرك أن للمهنة أدوارا حقوقية وسياسية ومجتمعية، وتعي جيدا المهام والالتزامات التي يفرضها واقع المهنة ومعالجة أوضاع المحاميات والمحامين المهنية والاجتماعية.
كما أن هذه المؤسسات الجديدة، نقباء ومجالس، ستكون على موعد مع تجديد هياكل جمعية هيئات المحامين بالمغرب، هذه الجمعية التي شكلت عبر تاريخها صرحا قويا في الدفاع عن المهنة، وفي النضال من أجل الديمقراطية ومن أجل الحقوق والحريات، ومن أجل تحقيق العدالة والإنصاف.. لا شك أن هذه الجمعية واجهت صعوبات في هذه المرحلة، سواء في تفاعلها مع الاحتجاجات المشروعة للمحاميات والمحامين دفاعا عن قضاياهم العادلة والمشروعة، وأيضا في تعاطيها مع تغول السلطة التنفيذية وتنكرها للمقاربة التشاركية التي طبعت دوما علاقة الجهاز التنفيذي في علاقته مع مطالب المحامين وفي صياغة القوانين التي تؤطر مهنتهم. إننا مطالبون، كمحاميات ومحامين منتسبين للاتحاد الاشتراكي أن نكون حريصين على تقويه وتمنيع هذا الصرح المهني، واعتباره دوما الإطار الجامع لكل هيئات المحامين، ولكل المحاميات والمحامين المغاربة بتعدد انتماءاتهم ومشاربهم، وأن نجعل منها أداه للدفع بالمهنة نحو آفاق أرحب، في مجال تأهيل المهنة، وفي المبادرة لتطوير وتحديث التشريعات الوطنية وملائمتها مع المواثيق والآفاق الدولية، وفي مواصلة أدوارها الأصلية في تكريس وتمنيع وتقويه حصانة المهنة، والعمل من أجل معالجة الأوضاع الاجتماعية للمحاميات والمحامين المغاربة».


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 09/12/2023