هل يمنع قرار محكمة العدل «إسرائيل» من مواصلة جرائمها في غزة؟.. تعليق17 دولة لتمويلها لـ»الأونروا» سيؤثر على المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة

 

نشرت صحيفة «فزغلياد» الروسية مقالا للكاتب إيليا لاكستيغال، جاء فيه أن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، الذي ألزم إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، هو قرار مهم ولكن الأهم منه هو فتح هذا الملف في حد ذاته.
وتقول الصحيفة في هذا التقريرإن محكمة العدل الدولية في لاهاي أصدرت في 26 كانون الثاني/ يناير قرارا مؤقتا، بناء على الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا بشأن انتهاكات إسرائيل لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، في قطاع غزة. وبحسب نص القرار، فإن إسرائيل ملزمة باتخاذ جميع التدابير لمنع وقوع إبادة جماعية في القطاع، وهو قرار حظي بدعم 15 من أصل 17 قاضيا، وتم بثه بشكل مباشر من الموقع الرسمي للمحكمة.
هذا القرار يفيد بأن محكمة العدل الدولية على علم بحجم المعاناة الإنسانية وتشعر بالقلق من تواصل فقدان الأرواح في غزة، وهو ما قد يدفع بالأوضاع نحو مستويات أخطر، حتى قبل إثبات ارتكاب إبادة جماعية من طرف دولة إسرائيل.
وقد جاء في نص القرار أنه «على الأقل بعض الأعمال تبدو أنها على الأرجح مشمولة باتفاقية منع الإبادة الجماعية، لهذا فإن المحكمة قررت أن جنوب أفريقيا المتقدمة بالدعوى لديها الحق في المطالبة بإصدار أمر مؤقت باتخاذ إجراءات لحماية حقوق سكان قطاع غزة، قبل صدور القرار النهائي للمحكمة».
وقد وافقت أغلبية ساحقة من قضاة المحكمة على أن إسرائيل ملزمة بالتصرف وفق التزاماتها المنصوص عليها في معاهدة منع الإبادة الجماعية، وبالتالي فإن الدولة اليهودية ملزمة بتجنب قتل الفلسطينيين أو التسبب في ضرر جسدي وعقلي لهم، أو تعمد خلق أحوال معيشية يقصد بها إهلاكهم الكلي أو الجزئي، أو اتخاذ إجراءات تستهدف منع الإنجاب داخل سكان القطاع.
ومن بين أشياء أخرى ألزمت بها المحكمة إسرائيل، فإن تل أبيب مطالبة أيضا باتخاذ كل الإجراءات التي في وسعها منع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. ومن الأمثلة على هذه التصريحات، أشار قرار المحكمة إلى كلام وزير الدفاع يوآف غالانت الذي قال في بداية الحرب إن إسرائيل تواجه حيوانات بشرية. وإلى جانب منع أعمال تهدد بحدوث إبادة جماعية، فإن إسرائيل مطالبة أيضا باتخاذ تدابير ملموسة لمنع تدمير وضمان المحافظة على الأدلة المتعلقة بأعمال مشمولة بمعاهدة منع الإبادة الجماعية.
ونص قرار المحكمة على أن إسرائيل مطالبة في غضون شهر واحد بتقديم تقرير للمحكمة يفيد بكل الإجراءات التي تم اتخاذها لتنفيذ هذا القرار، مع التأكيد على أنه يبقى قرارا مؤقتا، وأن جنوب أفريقيا وإسرائيل، كل منهما لديه الحق في مواصلة تقديم الأدلة التي تدعم موقفه.
وتشير الصحيفة إلى أن جنوب أفريقيا كانت قد تقدمت بهذه الدعوى ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في 29 ديسمبر الماضي، وقد انطلقت جلسات الاستماع في 11 يناير. وفي نص الدعوى المكونة من 84 صفحة، تقول جنوب أفريقيا إن أعمال إسرائيل في قطاع غزة تعتبر إبادة جماعية. كما أنه جاء فيه أن أعمال الإبادة الجماعية تتضمن قتل المدنيين والتسبب لهم في ضرر جسدي وعقلي خطير، وتعمد خلق أحوال معيشية يقصد بها الإهلاك الفعلي للفلسطينيين كمجموعة.
وبرأي ليودميلا سامرسكاسا، الباحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية في موسكو، فإنه من وجهة نظر سياسية، لن يكون القرار المؤقت للمحكمة في لاهاي أكثر أهمية من الضربة التي تلقتها سمعة إسرائيل بمجرد فتح هذا الملف. وتضيف هذه الباحثة أن تل أبيب كانت منذ البداية تشعر بحساسية شديدة تجاه دعوى جنوب أفريقيا والدفوعات التي تقدمت بها أمام المحكمة.
يذكر أن إسرائيل كانت بشكل عام ملتزمة بعديد التوصيات إلى حد معين، وهذا ينطبق مثلا على السماح بدخول وتوزيع المساعدات الإنسانية ومحاولة منع وقوع إصابات بين المدنيين. وعلى كل حال فإن هذا القرار مؤقت والنظر في هذه الدعوى سيتواصل. وفي الوقت الحالي فإنه في حد ذاته لا يمثل أي ضرر حقيقي على سمعة إسرائيل.
في المقابل، يرى سيرغاي غلاندين، من مؤسسة بي جي بي الروسية للاستشارات القانونية، أن التجارب السابقة في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بناء على معاهدة منع الإبادة الجماعية، تظهر أن استخدام الدول لهذه الورقة عادة ما يكون ناجحا. وقرار اتخاذ إجراءات مؤقتة هو في حد ذاته دليل على أن الدعوى الجنوب أفريقية وبشكل مبدئي تبدو مبررة، وهذا سيكون محددا لحظوظها في النجاح. ويضيف هذا المحامي أن هذا القرار التي أصدرته المحكمة يظهر ولو بشكل غير مباشر وغير صريح، أنه تم اعتبار إسرائيل قد خالفت التزاماتها بموجب معاهدة منع الإبادة الجماعية للعام 1948.

الأمم المتحدة: «تل أبيب» لم تقدم الوثائق الداعمة

إلى ذلك أكدت الأمم المتحدة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم حتى الآن وثائق خطية، تبرهن مزاعمه ضد عدد من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا».
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك خلال مؤتمر صحفي، إن «حكومة تل أبيب لم تقدم حتى الآن ملفا يتعلق بالاتهامات الإسرائيلية ضد موظفي أونروا».
وأشار إلى أن «إسرائيل نقلت للأونروا مزاعمها بتورط 12 من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر من العام الماضي»، مبيناً أن عمليات إنهاء المهام، والتحقيق تمت في ضوء هذه المعلومات.
وشدد دوجاريك على أن «إسرائيل لم تقدم لهم بعد ملفا خطيا بشأن هذه الاتهامات»، منوها إلى أن الأونروا شاركت سابقًا قائمة موظفيها في البلدان التي تعمل فيها مع الدولة المضيفة، كما أنها شاركتها أيضا مع تل أبيب ولم يتم التعبير عن أي مخاوف حولها.
يذكر أن الأونروا فتحت تحقيقا الجمعة الماضي، في مزاعم ضلوع عدد من الموظفين في هجمات 7 أكتوبر.
ويتعمد الاحتلال منذ بداية الحرب على غزة، اتهام موظفي الأونروا بالعمل لصالح «حماس»، في ما اعتُبر «تبريرًا مسبقًا» لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين.
ومنذ 26 يناير، قررت 17 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لـ»أونروا»، بناء على مزاعم «إسرائيل» بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بغلاف غزة. ويتعلق الأمر بـ( الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاند وآيسلندا ورومانيا وإستونيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي).

20 منظمة دولية تنتقد معاقبة «الأونروا»..

شددت منظمات إغاثة دولية، على أن تعليق عدة دول تمويلها للوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، «قرار متهور يهدد حياة الفلسطينيين وخاصة سكان غزة الذين يواجهون المجاعة»، وذلك في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي.
جاء ذلك في رسالة مشتركة، الاثنين، وقعتها 21 منظمة دولية بينها «أنقذوا الأطفال» و»أوكسفام» و»كاريتاس الدولية» و»أطباء العالم» بفروعها في فرنسا وإسبانيا وسويسرا وكندا وألمانيا، بحسب وكالة الأناضول.
وأعربت المنظمات عن «القلق والغضب العميقين من أن بعض أكبر المانحين اتحدوا لتعليق تمويل الأونروا، الجهة الرئيسية التي تقدم المساعدات لملايين الفلسطينيين في غزة والمنطقة، وسط كارثة إنسانية تتفاقم بسرعة في غزة».
وأكدت أن تعليق التمويل «سيؤثر على المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من مليوني مدني في غزة، أكثر من نصفهم من الأطفال، يعتمدون على مساعدات الأونروا».
وذكّرت بأن «السكان في غزة يواجهون المجاعة وتفشي الأمراض في ظل استمرار القصف الإسرائيلي العشوائي والحرمان المتعمد من المساعدات في غزة».
ورحبت المنظمات في الرسالة «بالتحقيق السريع الذي تجريه الأونروا في التورط المزعوم لعدد صغير من موظفي الأمم المتحدة في هجمات 7 أكتوبر».
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم الفلسطينيين في غزة عبر المنظمات الشريكة، وأبرزها «الأونروا».
وفي رسالتها، حثّت المنظمات «الدول المانحة على إعادة تأكيد دعمها للعمل الحيوي الذي تقوم به الأونروا وشركاؤها لمساعدة الفلسطينيين في البقاء على قيد الحياة في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في عصرنا»، منتقدة الخطوة الغربية بالقول: «صدمَنا القرار المتهوّر بقطع شريان الحياة لشعب بأكمله، من قبل بلدان دعت إلى زيادة المساعدات في غزة وحماية العاملين في المجال الإنساني».
والجمعة، قالت «الأونروا»، إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر.
والاتهامات الإسرائيلية للوكالة «ليست الأولى من نوعها»، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى اتهام موظفي الأونروا بالعمل لصالح «حماس»، في ما اعتُبر «تبريرا مسبقا» لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين.
وتأسست «أونروا» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
وسيؤثر تعليق تمويل وكالة «الأونروا» على عملياتها في قطاع غزة الذي يتعرض لكارثة إنسانية.
وقال متحدث باسم الوكالة، الاثنين، إنها لن تتمكن من مواصلة العمليات في قطاع غزة والمنطقة «بعد نهاية فبراير»، إذا لم يُستأنف التمويل الذي أوقفته دول غربية.

مدير «رايتس ووتش» والهجوم على «أونروا»

من جهته، استهجن المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كينيث روث، الاتهامات المفاجئة من الاحتلال، لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».
وتحدث روث عن اتهامات الناطق باسم حكومة الاحتلال، إيلون ليفي لـ»أونروا» بأنها «واجهة لحركة حماس، وتسمح بغسيل المعلومات لجماعة إرهابية».
وتساءل روث في مشاركة عبر حسابه على موقع إكس: «هل تشعر إسرائيل بالانزعاج لأن محكمة العدل الدولية استشهدت بالأونروا في حكمها بشأن الإبادة الجماعية؟».
وكانت الأمم المتحدة أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم حتى الآن وثائق خطية، تبرهن مزاعمه ضد عدد من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا».
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي، إن «حكومة تل أبيب لم تقدم حتى الآن ملفا يتعلق بالاتهامات الإسرائيلية ضد موظفي أونروا».
وأشار إلى أن «إسرائيل نقلت للأونروا مزاعمها بتورط 12 من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر من العام الماضي»، مبيناً أن عمليات إنهاء المهام، والتحقيق تمت في ضوء هذه المعلومات.
وشدد دوجاريك على أن «إسرائيل لم تقدم لهم بعد ملفا خطيا بشأن هذه الاتهامات»، منوها إلى أن الأونروا شاركت سابقًا قائمة موظفيها في البلدان التي تعمل فيها مع الدولة المضيفة، كما أنها شاركتها أيضا مع «تل أبيب» ولم يتم التعبير عن أي مخاوف حولها.
يذكر أن الأونروا فتحت تحقيقا الجمعة الماضي، في مزاعم ضلوع عدد من الموظفين في هجمات 7 أكتوبر.
الصحة العالمية: مجرد جدل لصرف النظر

أكدت منظمة الصحة العالمية، أن الجدل المستمر بشأن عمل وكالة «الأونروا» بعد زعم الاحتلال أن بعض موظفيها شاركوا في عملية «طوفان الأقصى»، «يصرف النظر عن التركيز على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة».
وأشار الناطق باسم المنظمة، كريستيان ليندماير، عبر مؤتمر صحافي، في جنيف، إلى أنه «لا يجب أن تمر الأفعال الإجرامية دون عقاب. لكن النقاش الحالي لا يؤدي إلا إلى صرف النظر عما يحدث فعليا كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة في غزة».
وأضاف: «دعونا لا ننسى المشاكل الحقيقية على الأرض»، مشيرا إلى أن «المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس قد دعا المانحين إلى عدم تعليق تمويلهم للأونروا في هذه الفترة الحرجة جدا لأن ذلك لن يؤدي إلا للإضرار بسكان غزة الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة».
وأعرب ليندماير عن أسفه لأن يكون هذا النقاش حول الأونروا «رغم أهميته يصرف الانتباه عن القتلى البالغ عددهم 27 ألفا تقريبا 70 في المئة منهم من النساء والأطفال».
إلى ذلك، قالت «الأونروا»، الجمعة، إنها «فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
واتهامات الاحتلال الإسرائيلي للوكالة «ليست الأولى من نوعها»، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمد الاحتلال إلى اتهام موظفي «الأونروا» بالعمل لصالح «حماس»، في ما اعتُبر «تبريرًا مسبقًا» لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين..


الكاتب : الاتحاد الشتراكي - وكالات

  

بتاريخ : 01/02/2024