وجهة نظر..حضور العقل والفكر والنزاهة ضروري لمعالجة اختلالات كرة القدم الوطنية..

 

لو كانت جامعة كرة القدم تفكر بعمق، لعملت ما في وسعها من أجل إنصاف الرجاء والوداد، وتعزيز حضورهما في المشهد الكروي الوطني والعربي والإفريقي، وحتى العالمي..
إن فريقي الرجاء والوداد الرياضيين هما الفريقان المرجعيان لكرة القدم الوطنية، بحكم تاريخهما المتجدر في التربة المغربية، وبإشعاع إفريقي وعربي وعالمي، ولهما تاريخ مليء بالألقاب والبطولات والانجازات على جميع المستويات، وحتى جمهورهما فرض نفسه بإبداعاته وتواجده وحضوره الدائم في المدرجات، ما جعله يحضى بالاهتمام العالمي، لأنه يبدع. وما ينتجه هذا الجمهور من فرجة وما ينشره من رسائل زلزلت عشاق المستديرة في العالم، وجعلت صوت المغرب عالياً في المحافل الدولية كديبلوماسية رياضة منتجة، تعطي إضافة قوية إلى الديبلوماسية السياسية، وتجعل المغرب في صورة يعرف العالم بأسره ملامحها، وخاصة بعد البروز الجيد للمنتخب الوطني في مونديال قطر..
إن ما نشاهده في زمننا الحالي حول الفريقين يندى له الجبين، حيث نجد معاول الهدم للكيانين بارزة للعيان وبشكل ممنهج (نتمنى أن لا تكون قصة الرجاء والوداد مثل أكلت يوم أكل الثور الأبيض(الثيران الثلاثة…)
ربما البعض يغيظه تألق الناديين، وله حساسية منهما، لذلك يلعب وبشكل دنيء على التفرقة وخلق القلاقل والشكوك بين مناصري الناديين، مع توجيه جزء من الإعلام إلى خلق أسباب التنافر بين الفريقين ومكوناتهما، وخاصة مناصري الناديين، حيث يتم تحريض القاصرين والباحثين عن البوز في مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا يجد فيها المتتبع أو القارئ سوى الكلمات النابية والسب والشتم والنيل من الناس، عوضا النقاش الهادئ المسؤول، الذي يحترم الاختلاف وأدب الحوار..
الرجاء والوداد منذ تأسيسهما كانت تجمع بينهما روابط الكيان الواحد والأخوة والصداقة والاحترام والتنافس الشريف مكانه الملعب فقط.. فما هو الفرق بين الأمس واليوم ..؟ وهل في زمننا الحالي يتم هدم كلما شيده رجال وأبطال ورموز وعقلاء الفريقين عبر تاريخهما؟.. ثم هل أصبحت الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الناديان محلياً، عربياً، إفريقيا وعالميا، تقلق وتزعج بعضهم،عوض استثمار ذلك من طرف القائمين على شؤون كرة القدم الوطنية وخاصة الجامعة ورئسها، بشكل سيعطي بلا أي شك إشعاعا وقوة لكرة القدم المغربية، وبالتالي يتم رفع قيمة البلد على المستوى العالمي؟.. أما الحسابات الفارغة والضيقة فهي لا تنفع في شيء، لا المنافسة الشريفة ولا الجمهور ولا المسؤولين.. لأن ديربيات الرجاء والوداد تقترب من الرقم 140، وتنتهي عادة إما بفوز أحد الفريقين أو التعادل.
يجب أن يعلم رئيس الجامعة أن قاطرة كرة القدم الوطنية، التي تشق طريقها بإصرار، هي الرجاء والوداد ومعهما باقي الفرق، وجمهورهما العالمي الذي يؤثث ملاعب التباري بإبداعات قل نظيرها..
إن على السيد رئيس الجامعة أن يفكر بعمق في تنظيم ندوة أو اجتماعات يكون فيها النقاش مستفيضاً وصريحا ومتنوعاً، ينتج قرارات في الصالح العام لكرة القدم الوطنية بهيكلة جديدة لتدبير شؤونها على أساس الوضوح والشفافية، بمؤسسات قوية نزيهة في قراراتها وتنبذ التدبير الفردي والكولسة وخطاب الهدم ..
كما على الجميع أن يعي جيداً، وينتبه إلى أن المغرب أصبح متابعا من المهتمين في العالم، وأن منافسات بطولتنا، وخاصة بين كبار أنديتها كالدربيات والكلاسيكيات، اهتمام جاء بفضل أن المنتخب الوطني، الذي خلق الحدث وسجل اسم المغرب في دفتر كرة القدم العالمية، باحتلاله الرتبة الرابعة في كأس العالم قطر 2022 ..
وخلاصة القول، إن الأخطاء القاتلة، والتي تسيء لكل منافسة شريفة، كان بطلها حكم مباراة الرجاء – الوداد، تبين بكل وضوح أن التحكيم المغربي مصاب بمرض مزمن، يحتاج العلاج اللازم وخلق مناخ إصلاحه وتطويره .. ولعل مخلفات ذلك خلقت جواً من التوتر وعدم الثقة، ومع ذلك، يحبذ أن لا تتأثر العلاقات التاريخية المتجدرة بين الرجاء والوداد وبين جمهورهما، حيث يبقى التنافس الشريف في الملعب والمدرجات هو المطلوب فقط، وغير ذلك يعتبر عبثاً، حيث أن ما وقع يجب أن لا تكون له جوانب سلبية على المصالح المشتركة بين قطبي كرة القدم البيضاوية، وبالتالي الحفاظ على إشعاعهما العالمي ومكانة المغرب والعاصمة الاقتصادية، التي يمثلانهما في كل مكان يتواجدان فيه. فثقافة الحوار والتلاحم والتعاون وترسيخ التقارب بينهما أساس نجاحهما معاً، كما هي أساس قوة كرة القدم الوطنية، وبهذه الثقافة الأخوية يستطيعان التعاون والتصدي لكل الجبهات التي تسعى لتوجيه المتربصين لخلق النفور بينهما، وجعل جمهورهما يستعدي بعضه البعض، عوضاً عن التعاون بينهما كما كان عليه الأمر سابقاً، وأيضا التصدي للمشوشين من الجانبين، لأن ما نسجله ونراه يريد القضاء على كل نقط الضوء المتبقية، وخاصة في الدار البيضاء، ويجعل السواد هو الهدف، لان الخفافيش لا تعيش إلا في الظلام الدامس..


الكاتب : مولاي الحسن باجدي ..

  

بتاريخ : 10/04/2023