ياسين عدنان: الخروج عن النص

لم أكن أعتقد أنّني سأضطر يومًا للتضامن مع رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو الذي يتعرّض للقصف السياسي والنسف الإعلامي من قبل الملك بيبي وزبانيته التي باتت تتهّمه بـ»دعم الإرهاب». وذلك لأنّه جرُؤ على الدعوة إلى وقف المجازر ضدّ المدنيّين في غزّة.
ألكسندر دي كرو، خلال زيارته إلى معبر رفح رفقة رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، عبّر عن بديهيّة صغيرة مفادُها أنّ إسرائيل لا تحترم القانون الدولي، وآخذ دولة الاحتلال على القتل العشوائي لآلاف الأطفال في غزّة. فعلَ ذلك في استجابةٍ، مُتأخّرةٍ ربّما، لوخز ضميرهِ الإنساني أمام هول ما رأى. وعبّر عن ذلك بكلماتٍ منتقاةٍ في حدود المسموح به سياسيًّا وديبلوماسيًّا. لكنّ ردّ دولة الاحتلال جاء عنيفًا. ومع ذلك من حقِّ الإسكندر البلجيكي الأصغر أن يحمد ربَّهُ على أنّهم لم يُلصقوا به التهمة الأكبر: «معاداة السامية».
مشكل ألكسندر دي كرو، وأمثاله من الزّعماء الأوروبيّين، هو أنّهم اصطفّوا بعماءٍ ومنذ البداية وراء سردية الاحتلال، التي لا تقبل من جوقة الكورال، أدنى خروجٍ عن النّصّ.
قبل حوالي شهر من الآن، لم يتضامن الأوروبيّون مع الأمين العام للأمم المتّحدّة أنطونيو غوتيرِيش الذي قدّرَ بنزاهةٍ أنّ هجمات السابع من أكتوبر «لم تأتِ من فراغ»، وأنَّها «لا تُبرِّر القتل الجماعي الذي تشهده غزّة». وفي غياب تضامُنِ زعماء أوروبا مع الإسكندر البلجيكي ونظيره القشتالي، سيُدركون متأخِّرين وبعد فوات الأوان قصّة المثل العربي القائل: أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض.


بتاريخ : 29/11/2023