بعد مخاض عسير و»محطات نضالية» طويلة امتدت لعقود من الزمن ، يدخل قانون تجريم التحرش الجنسي والعنف ضد النساء، حيز التنفيذ بداية من يومه الأربعاء 12 شتنبر 2018 . تتويج «حقوقي» يتحقق عقب نشر نص القانون رقم 13- 103 في الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1439 / 12 مارس 2018.
قانون تعقد عليه آمال كبيرة لوضع حد لكثير من الممارسات والمسلكيات الشائنة التي تمس بكرامة المرأة وتحط من إنسانيتها ، باعتبار أن التحرش يتم تعريفه بكونه «عنفا ضد المرأة «، يجسده «كل فعل أو قول ذي مرام جنسية» ، سواء ارتدى لبوسا «معنويا أو جسديا «.
وبخصوص قانون «محاربة العنف ضد النساء»، فإنه يهدف إلى «تأمين الحماية اللازمة للنساء ضحايا العنف «، ويتضمن تعريفات محددة للعنف، مع الإشارة إلى « إحداث آليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف».
ويجرّم القانون الجديد بعض الأفعال باعتبارها «عنفًا يُلحق ضررًا بالمرأة، كالإكراه على الزواج، وتبديد أو تفويت الأموال بسوء نية بقصد الإضرار، أو التحايل على مقتضيات مدوَّنة الأسرة المتعلقة بالنفقة والسكن»، وكذا تجريم أفعال تشكل «صورًا من صور التحرش الجنسي»، مع تشديد العقوبات في حالة ما إذا ارتُكب فعل التحرش في ظروف معينة ومن طرف أشخاص محددين، كما هو الشأن بالنسبة للزملاء في العمل، أو أشخاص مكلفين بمسؤولية «حفظ النظام»، أو كان مرتكبه أحد الأصول أو المحارم.
هذا و يعاقب القانون الجديد بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم او بإحدى هاتين العقوبتين، «كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية».
كما «يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهم، إذا ارتكب التحرش من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان الضحية قاصرا».
القانون الجديد « 13 – 103 « نص ، كذلك ، على عقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنة وغرامة من 10 آلاف إلى 30 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، تهم «من أكره شخصا على الزواج باستعمال العنف أو التهديد. وفي هذه الحالة، لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكوى الشخص المتضرر، فيما يضع التنازل عن الشكوى حدا للمتابعة ولآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره».
هذا ويأخذ «التحرش» أشكالا متباينة، تتفاوت وفقا لطبيعة المكان، بين الأماكن المغلقة « مؤسسات إنتاجية ، إدارات، مصانع، معامل، شركات …» أو فضاءات عمومية « حدائق وغيرها « . علما بأنه تطور بشكل سريع جراء تطور وسائل الاتصال، حيث استفحلت تمظهراته ، في السنوات الأخيرة ، بصورة مقلقة على مستوى «الفايسبوك « وغيره ، لدرجة لم تبق معها فئات واسعة من النساء – من كافة الأعمار – في مأمن من أخطاره ذات التداعيات الثقيلة .
وقد يتجسد «التحرش» – حسب بعض الدراسات ذات الصلة – في «التلميحات والتعليقات والنكت ذات الإيحاءات الجنسية، والنظرات الجنسوية، والمضايقة في الشارع، أو من خلال استعمال الهاتف النقال والأنترنت، والتهديد أو المساومة والابتزاز… «.
ووفق المصادر ذاتها فإن «ظاهرة التحرش – داخل العديد من المجتمعات – تنتشر بشكل جلي في أماكن العمل حيث تتمثل «عناوينها» في صور مختلفة تتراوح بين النظرات ذات الإيحاء الجنسي و الوعود بالترقي الوظيفي ومنح امتيازات معينة والابتزاز»، قبل الانتقال إلى مرحلة «التهديد المتعلق بالوضعية الإدارية للمتحرش بها، ثم الاعتداء الجنسي والإهانة في حالة عدم الإذعان…» .
هي ، إذن، «خطوة قانونية» مهمة تم إنجازها بعد انتظار طويل ، يبقى المأمول ألا تظل «مضامينها « وما تنص عليه من تدابير وإجراءات حبيسة « الجريدة الرسمية»، كما هو شأن «نصوص قانونية « سالفة ، في مجالات حياتية عديدة ، استعصى عليها «تغيير» واقع مترد تصر «عقليات مريضة « على تكريسه مع مطلع كل يوم جديد ؟