تتعدد صور معاناة متقاعدي السنوات الأخيرة في زمن «الإصلاح» الذي فُرض عليهم، والذي ترتبت عنه تداعيات قاسية متعددة الأوجه، أرخت بظلالها عليهم كأفراد وعلى أسرهم، خاصة الذين من لايزال لديهم فلذات أكباد يتابعون دراستهم، وأولئك الذين تنتظرهم «استحقاقات» أسرية تتطلب جهدا ماديا ليس بالهيّن، وذلك بعد قرار الرفع من سنوات العمل في مرحلة عمرية يعاني فيها الكثير من الموظفين والموظفات من مجموعة من الأمراض المزمنة، وكذا من تبعات التقليص من «عائدات» التقاعد، في زمن تستعر فيه نيران الغلاء وتواصل فيه الأسعار ارتفاعها مصرة على عدم «النزول» مرة أخرى.
معاناة وإن اختلفت أوجهها وكان مصدرها واحد بالنسبة لكل المتقاعدين، فإن هناك فئة منهم تعيش محنة إضافية بسبب عوامل أخرى تزيد من وقع وتبعات هذا الوضع، بعد أن أفنوا سنوات عمرهم في خدمة الإدارة والمرتفقين، ليلا ونهارا، وفي وضعيات جد مختلفة، كما هو الحال بالنسبة لعدد من الممرضات والممرضين، الذين ظلوا يرفعون شعار خدمة الوطن والمواطنين، مجندين في المستعجلات والمركبات الجراحية وعموم مصالح المستشفيات لخدمة الصحة العامة، ليجدوا أنفسهم بعد إحالتهم على التقاعد يئنون دون أن يكون هناك من يتدخل للتخفيف من آلامهم وعلاج الأعطاب التي طالتهم.
ومن بين هذه الفئة التي لها «احتياجات خاصة» في علاقة بالصندوق المغربي للتقاعد، هناك ممرضين تمت تسوية وضعيتهم الإدارية بعدد من المراكز الاستشفائية الجامعية في الرباط ومراكش وغيرهما، بترقيتهم من السلم التاسع إلى العاشر، أو من العاشر إلى الحادي عشر، أو خارج السلم، وذلك حسب وضعية كل ممرض وممرضة. لكن المؤسف أن الترقية تمت في زمن الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، وبالتالي هناك من ترقى في 2018 وتقاعد إما في 2019 أو 2020، بعضهم تمت تسوية وضعيته المادية مركزيا أو جهويا، على مستوى مصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لكنهم بعد زمن تقاعدهم الذي دخل بالنسبة للبعض السنة الخامسة، لم يتم إلى حدّ اليوم تصحيح تقاعدهم بتضمينه لمستحقاتهم المادية ذات الصلة بالترقية، وهو ما يعني استمرار حرمانهم من مبالغ مالية هي من حقهم بشكل يرى المنتقدون بأنه يطرح أكثر من علامة استفهام؟
وأكد عدد من المتضررين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» أنهم ظلوا يترددون ما بين المقر المركز للصندوق المغربي للتقاعد ومقراته الجهوية، كما هو الحال بالنسبة للمقر المتواجد في زنقة أكادير بمدينة الدارالبيضاء، مع ما يعني ذلك من تكبد لعناء التنقل ومصاريف السفر، فضلا عن ساعات الانتظار لتبليغ شكواهم، دون أن تتم معالجتها. وأوضح بعض المتقاعدين المنتقدين لهذه الوضعية، الذين أدلوا للجريدة بالوثائق المتعلقة بهم، بأنهم اصطدموا في مرحلة سابقة بإضراب لمستخدمي الصندوق دام لحوالي شهر، ثم ظلوا يتلقون الوعود تلو الوعود في الفترات اللاحقة التي تفيد بأنه سيتم تسريع تصحيح وضعياتهم، دون أن يتحقق ذلك.
وطالب المتضررون من خلال تصريحاتهم لـ «الاتحاد الاشتراكي» الصندوق ومعه كل المتدخلين المعنيين للعمل على تمكينهم من حقوقهم المادية وهم على قيد الحياة، لا أن يتم منحها لاحقا لذوي الحقوق أو الاحتفاظ بها في حال لم يكن لأحدهم قريب يرثهم، معتبرين أن مايعيشونه اليوم في ظل هذه الوضعية يؤلمهم ماديا ومعنويا، لأنهم كانوا ينتظرون تقديرا وإنصافا نظير ما قدموه للوطن وللمواطنين، فإذا بهم يصطدمون بعراقيل جعلتهم يعيشون محنا متعددة الأشكال.
يطالبون بـ «عائدات» ترقياتهم قبل وفاتهم .. ممرضون يشتكون تماطل الصندوق المغربي للتقاعد في تسوية وضعيتهم

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 22/04/2025